أقدم شاهدة قانونية
أقدم شاهدة قانونية 2682
اللوحة في الصورة تحوي اقدم مواد قانونية بقيت لنا من العالم القديم ،ضمن  مرسوم ذو طبيعة قانونية  اصدره الملك المصري ( نفر ار كا رع ) ثالث ملوك الاسرة الخامسة من عصر الامبراطورية القديمة  حوالي العام 2500 قبل الميلاد، اي منذ 4500 عام تقريبا ،وهو كما يقول العلماء دليل علي اسبقية الحضارة المصرية في نشوء و سن القوانين و وجود محاكم متطورة تسبق مثيلاتها في حضارة اخري بقرابة الف عام .
تضمن المرسوم هذا ثلاث مواد قانونية اصدرها الملك لتعالج حالة محددة  و هي الحفاظ علي حرية فلاحي وكهنة معبد مدينة ابيدوس المقدسة  و تجنيبهم القيام باية خدمات الزامية للدولة   ، وهذه هي الينود القانونية الثلاثة :
١- بالنسبة لأي شخص ( من المسؤولين ) في المقاطعة ،يقوم بأرغام اي  من  رجال الدين الذين ينتمون للأرض المقدسة ( المعبد )، و يؤدون لها الخدمات ،ليقوموا باعمال الزامية ( للدولة ) او داخل المقاطعة ،يتم اقتياده الي المحكمة العظيمة ،و يحكم عليه بالعمل في محاجر الجرانيت ،و القيام بحصاد القمح و الشعير .
٢- أي شخص من المقاطعة ( المسؤولين ) ،يقوم بأرغام اي فلاح من الفلاحين العاملين في الأرض المقدسة ( المعبد ) ،ليؤدوا اعمال الزامية للدولة ،او اي عمل داخل المقاطعة ،يتم اقتياده إلي المحكمة العظيمة ،حيث يحكم عليه بالعمل في محاجر الجرانيت. و أعمال حصاد القمح والشعير .
٣- اي موظف تابع للدولة ، او أي قريب من الملك ( اي فرد مم العائلة الملكية )، او اي مسؤول عن التقديمات ،يعيق ما اصدره الملك في هذا المرسزم ،تصادر ممتلكاته و يقوم هو بتأديه الأعمال الالزامية للدولة .
يلاحظ في هذه البنود القانونية الاقدم ورغم كونها تتعلق بحالة خاصة انها تكشف عن سبق مصري في مجال القانون والعدالة و نشأة المحاكم و كونها المكان الذي يطبق القوانين ،إذ نري ذكر المحكمة العظيمة التي يتم فيها الحكم وفق ما اصدره الملك المصري وهو المشرع الذي يسن القوانين ، كما يلاحظ ان حتي اقرباء الملك انفسهم يخضعون للقانون مثلهم مثل بقية الشعب .
يذكر المختصون أن اقدم ادلة علي ظهور القانون والمؤسسات القضائية كان بمصر القديمة و يعود إلي خمسة آلاف عام ،حيث تخبرنا النصوص ان اقدم قاضي معروف برجع لعصر بداية الاسرات ،و اقدم  ذكر للمحاكم برجع لبداية عصر الامبراطورية القديمة حوالي 2700ق م ،وكان هناك مؤسستين ،محكمة تسمي : المحكمة العظيمة ، و اخري اكبر و اكثر تعقدا تعرف ب: محكمة القاعات الست العظيمة .
كما ان اقدم مشرع مصري  ذكره المؤرخون القدماء هو الملك ( مينا ) او نعرمر المشهور و الذي اسس اول النظم و الف بين قوانين جنوب مصر وشمالها ، و قد بلغ  عمق وعظمة و عدالة ورقي واسبقية القانون المصري  درجة جعلت الملك الفارسي داريوس الاول  يقوم باصدار اوامر مشددة بعد غزوه مصر ، بان يتم جمع كل المدونان القانونية المصرية منذ عهد بداية الاسرات وحتي عهد الملك المصري احمس الثاني الذي عاش قبيل الغزو الفارسي في نهاية القرن السادس ق م ،و تكتب بالخط.المصري الديموطيقي ثم تترجم إلي اللغة الآرامية ،وهي لغة كانت عالمية بعصر الامبراطورية الفارسية و تنشر قوانين مصر في كل ارض تحت حكم الفرس ،مثل الشام و بلاد النهرين و حتي اليونان ،و لهذا ورغم ان لتلك الاقطار قوانينها الخاصة  إلا ان ما فعله داريوس من ترجمة قوانين مصر التي جمعت في ثمانية كتب كبيرة ضمت آلاف القوانين كما يقول العلماء قد جعل القانون المصري هو الاساس ليس فقط لتلك البلاد آنذاك ،بل -  كما يقول نيكولاس فان بليرك -: بل جعل هذا مصر هي مهد القوانين التي يعرفها العالم اليوم ". وهذا ما يؤكد عليه المؤرخ القانوني الامريكي ( جوزيف مانينج ) في بحثه :تمثيل العدالة في مصر القديمة  ، إذ يقول " ان مصر في الحقيقة هي المكان الحيوي الذي تعود إليه الافكار والتقاليد القانونية المعروفة اليوم في العالم الغربي " .
المصادر:
١- تطور نظام العدالة في مصر القديمة ،من المملكة القديمة وحتي المملكة الوسطي ،اليكسندر اليكسندرزڤيتش .
٢- ظهور القانون في مصر القديمة : دور ماعت ، نيكولاس ڤان بليرك .
٣- تاريخ قانون الشرق الأدني ، ريتشارد جاسنو .
٤- تمثيل العدالة في مصر القديمة ،جوزيف مانينج .