كيف أجعل طفلي يحترمني ويطيع أوامري؟ كيف أستطيع أن أعاقب طفلي من دون أن يكرهني؟ لا أكاد أخطو خطوة من دون أن تقابلني هذه التساؤلات من أمهات فقدن السيطرة على أبنائهن! أقول لكِ عزيزتي الأم، إما أن تسيطري أنتِ أو يتولى طفلكِ هذه المهمة بشكلٍ أوتوماتيكي، وإياكِ ثم إياكِ أن تعتقدي أنكِ سوف تفقدي حب طفلكِ بتمسككِ بمقاليد الأمور، على العكس تمامًا.. إنما كلما تركتِ الأمور للطفل دون نظام محدد وحدود يجب الالتزام بها وعدم تخطيها، كلما استهان بكِ الطفل ولم يحسب لكِ حساب.

فى واقع الأمر إن حياتنا مع الطفل يمكن تقسيمها لجزأين: الأول هو الجزء الذي تكون فيه الحياة وضعها الطبيعي، وهو ما أحب أن أسميه بالهدنة حيث يكون بينكِ وبين صغيركِ حالة من اللا سلم واللا حرب غير المتفق عليه نصًّا، والثانى عندما يعكر صفو السياق الطبيعي بعض سلوكيات الطفل الخاطئة الناتجة عن مسببات معينة (والتي سوف نتطرق لها في وقتٍ لاحق) وهنا يبدأ الصراع!

والغريب أن الجزء الذي تهتم به الأمهات أكثر هو الجزء الثاني بينما إن فكَّرن جيّدًا فسوف يجدن أن معرفتهن بالجزء الأول قد تغنيهن عن الكثير مما يعانينه من سلوكيات غير مرغوبة من الطفل، لذا إليكِ عزيزتي الأم بعض النصائح والإرشادات التي تعينكِ في التعامل مع صغيركِ؛

الجزء الأول
وقت الهدنة يجب عليكِ في هذا الوقت الآتي:

الإكثار من الاحتضان، وذكر مميزاته، وإخباره بمدى حبكِ له وفخركِ به.
إمضاء الكثير من الوقت معه في الألعاب التي يحبها، وقراءة الكتب التي تخدم القيم التي تودين غرسها في طفلكِ.
أشيدي به أمام والده والأهل والأصدقاء، فإن ذلك يحفز ثقته بنفسه ويدعم علاقته بكِ.
مارسي معه العبادات؛ كالصلاة، وقراءة القرآن، والصدقة وشجعيه عليها كثيرًا، واذكري له نعم الله وعلميه التفكر فيها.
خصصي له وقتًا ثابتًا بينكِ وبينه -يفضل أن يكون يوميًّا- تستمعي فيه إلى مشاكله وتساعديه على حلها، وتتعرفي فيه على أكثر ما يسعده وأكثر ما يؤلمه، من هم الأشخاص المقربين إليه؟، المواقف والأحداث التى مر بها فتفسري له بعض المواقف، وكيفية التعامل معها. ويفضل أن تعودي الطفل على هذا الوقت منذ الصغر مثلًا (3 سنوات) سن مناسب للبدء، فهو يقرب المسافات بينكم بشكلٍ كبير، كما يساهم في بث كم كبير من الأمان في نفس الطفل.
الجزء الثاني
(وقت الصراع) عندما يخطئ طفلكِ تذكري الآتي:

ضعي مجموعة من القواعد والتعليمات التي لا يُسمح للطفل بتجاوزها ووضحيها له مثل: ممنوع الضرب أو الشتيمة، الاستئذان قبل فتح الباب وغيرها من القواعد الهامة التي تريدين الحفاظ عليها في بيتكِ.
اختاري العقاب الذي يتناسب مع الموقف، فلا تبالغي أو تتهاوني مع الموقف، ولكن تصرفي بما يتلائم والخطأ الذي حدث. كذلك يجب عند اختيار العقاب مراعاة الفروق الفردية لدى الأطفال، فما يعتبره طفل عقاب يكون بالنسبة لآخر ثواب. فمثلًا إذا قررتِ عقاب ابنكِ بحرمانه من الذهاب لتمرين السباحة يجب أن يكون حريص على الحضور ويهمه الأمر وإلّا فلن يعد ذلك عقابًا.
العد ويكون بعد التهديد وقبل تنفيذ العقاب مباشرةً، حيث تقومين بالعد من واحد حتى ثلاثة قبل أن تعاقبي وهو مفيد في إعطاء الطفل مُهلة للتراجع عن خطئه كما أنه يشعره أن القرار بيده وهو الذي يختار.
توقفي عن التهديد وابدأي بالتنفيذ، حيث أجد كثير من الأمهات يقفن عند مرحلة التهديد فلا يؤثر تهديدها في الطفل، لأنه لم يجرب العقاب الفعلي وإنما جربه قولًا فقط فنجده لا يصدق أمه ويستهين بها ولا يحترمها أو يحسب لها حسابًا.
لا تظهري للطفل خوفكِ أو توتركِ من سلوكه، بل حافظي على ثقتكِ بنفسكِ وهدوئكِ الانفعالي فعليهما تبنين ثقة طفلكِ بكِ.
لا تهدديه بعقاب غير قابل للتنفيذ. بعض الأمهات يخفن العقاب أكثر من الطفل وذلك عندما يبالغن في التهديد، ما يجعلهن يتوقفن عند مرحلة التهديد، خاصةً إن كانت تعلم أنه تهديد لن تستطيع فعله. وفي الواقع إن ذلك يظهر للطفل بشكل جلي فيصبح التهديد غير فعال، لذا يجب أن تختاري عقاب تستطيعين تنفيذه فعلًا، وليس مجرد كلام تنفثين به عن غضبكِ، فمثلًا لا تهدديه بعدم الذهاب إلى جدته وأنتِ تعرفين أن ذلك غير ممكن.
ابتعدى كل البعد عن الضرب أو الصراخ في وجه طفلكِ كوسيلة للعقاب فغير أنها غير فعالة في تعديل السلوك هي أيضًا مظهر من مظاهر الضعف التي تسقطكِ من نظر طفلكِ، كما أنها تدمر العلاقة بينكما.
عند استخدام التجاهل كوسيله لتعديل السلوك، يكون التجاهل للسلوك وليس الطفل. فمثلًا إذا ارتمى طفلكِ على الأرض وبدأ يبكي ويصرخ اعتراضًا على عدم إعطائكِ إياه شئ يريده، تجاهلي تمامًا السلوك ولكن يمكن أن تحاولي إيجاد بدائل مثل؛ إحضار لعبة أخرى أو كتاب، وبمنتهى الهدوء تخبريه أنكِ سوف تشاركيه اللعب أو القراءة، ويستحسن أن تجعليه يختار بين أمرين فيرضى بذلك غروره، فإذا استمر أو زاد في الصراخ أخبريه أنكِ على استعداد للّعب معه حين ينتهي من البكاء.. فأنتِ هنا فقط تخبريه أن البكاء لا يمثل عامل ضغط عليكِ على الإطلاق.
اعلمي أنكِ باتخاذ قرار العقاب سوف تكونين محل اختبار الطفل، حيث أنه سوف يحاول وبشتى الطرق إثنائكِ عن هذا القرار، فإياكِ والتراجع ولكن اثبتي له أنكِ جادة ولن تتهاوني مع خطئه أو تتهاوني معه.

رقية مجدى
اخصائيه نفسية

المصدر: muglatte.com


طفلي لا يسمع الكلام.. كيف أجعله يحترمني و يطيعني و يسمع كلامي؟ Oooo_a19