البطالمة هم عائلة من أصل مقدوني استوطنت مصر بعد وفاة الإسكندر الأكبر سنة 323 ق.م، حيث تولى حكم مصر أحد قادة جيش الإسكندر الأكبر وهو "بطليموس" الأول
بعد تقسيم ميراث الأسكندر المقدوني  2411
فبعد موت الإسكندر  احتدم صراع عنيف بين قادته استمر حتى عام 302 ق.م واسفر بعد ذلك  عن  :
1:black_small_square:︎ سيطرة القائد سلوقس ( 356 - 280 ق.م)  على سورية الشمالية وآسيا الصغرى والرافدين والهضبة الإيرانية .
 2:black_small_square:︎ سيطرة القائد بطليموس ( 367 - 283 ق.م)  على مصر وقورينايئة (برقة بليبيا ) وبعض جزر البحر الإيجي إضافة إلى فلسطين .
3:black_small_square:︎ سيطرة القائد أنتيغونوس (306 -301 ق.م ) على بلاد اليونان  (*1)
 إهتم بطليموس الأول ببناء مدينة الإسكندرية التي أسسها الإسكندر الأكبر قبل مغادرته مصر في حملة عسكرية إلى بلاد الفرس وأفغانستان والهند.
وجعل بطليموس الأول الإسكندرية عاصمة لمصر وظلت أسرة بطليموس تحكم مصر حتى دخلها الرومان في عام 31 ق.م، بعد معركة أكتيوم البحرية(عام 31 ق.م )عندما انتصر  أوكتافيوس الروماني على أنطونيوس وكليوباترا في ممعركة أكتيوم ؛ وتلى ذلك انتحار هذه الملكة وسقوط دولة البطالمة ، و لتصبح مصر ولاية رومانية منذ ذلك التاريخ . 
حمل جميع ملوك البطالمة الذكور إسم بطليموس.بينما حمل الإناث أسماء كليوباترا غالبا؛  و كان النساء يحكمن بجانب الرجال و كان معظم زواج ملوك البطالمة من أخواتهم و محارمهم   .. وآخر ملوك البطالمة كانت الملكة  كليوباترا  السابعة وابنها بطليموس الخامس عشر (قيصرون).
 وقد صل نفوذ الدولة البطلمية إلى فلسطين، و قبرص ؛ وشرق  ليبيا، وقد عرفت ازدهارا خلال عهود بطليموس الأول و الثاني وبطليموس الثالث.
 ورغم كون البطالمة من أصول إغريقية فقد تشبعوا بالتقاليد والعادات المصرية، فمعمارهم مصري ومعابدهم وضعت للآلهة المصرية وطريقة عيشهم  كانت مصرية وساعد على ذلك تزاوجهم من المصريين.
تتكون أسرة البطالمة من 16 حاكما إذا أضفنا إبن كليوباترا السابعة وابنها بطليموس الخامس عشر (قيصرون) إبن  يوليوس قيصر   (51 ق.م - 30 ق.م)
-----------------------‐--------------
مصر قبيل الفتح المقدونی
أطلق المؤرخون على الفترة التي تمتد ما بين (1070 - 332 ق.م ) إسم العصر المتأخر ؛ وكانت الأسرة الفرعونية الحادية والعشرين أسرة ضعيفة و امتد حكمها ما بين عامي (1078 - 945 ق.م) .
وجاءت نهاية حكم هذه الأسرة على يد أحد الزعماء الليبيين ، الذي نجح في إقامة أسرة ظلت تحكم ما بين عامي ( 945 - 720 ق.م) ، وحاول هذا الزعيم الليبي أن يعيد الوحدة إلى مصر ، وأن يدعم مكانتها الخارجية.
وبعد وفاته عانت البلاد من حالة من الضعف والتفكك ، دامت خلال عصر الأسرتين الثالثة والعشرين والرابعة والعشرين .
وفي ذلك الوقت كانت هناك دولة قرية في النوبة ، راح حكامها يعملون على الاستفادة من ضعف حکام مصر . وكان زعماء النوبة قد تأثروا بالحضارة المصرية ، واعتنقوا عبادة الإله المصري آمون ؛ مما جعلهم يشعرون أنهم في مكانة الفراعنة المصريين .
 وقام أحد ملوكهم ويدعى"وهنغي" بالسير من بلاده على رأس جيشه ، وتقدم شمالا حني منف ، واستولى عليها . وأعلن قيام أسرة حاكمة جديدة ، هي الأسرة الخامسة والعشرين ، وتوج فرعونا على مصر في عام( 720ق.م) (*2). واستمر حكم النوبيين لمصر حتى عام (663 ق.م ) .
جاء سقوط حكم النوبيين لمصر على يد الملك الآشوری آشور بانيبال ، وما هو جدير بالذكر أن الدولة الآشورية هي واحدة من الدول التي قامت في بلاد الرافدين ، واستطاعت أن تبسط سيطرتها على هذه البلاد ، وما لبثت أن واصلت توسعها في الشام ومصر . وتمكن اعظم ملوکها آشور بانيبال من.احتلال منف في مصر . ثم تقدم جنوبا نحو طيبة عاصمة مصر الخالدة ، وقام بتدميرها ، واحتل الآشوريون مصر لبعض الوقت لم تلبث مصر أن نفضت عن نفسها غبار الاحتلال الأشوری،.... (*3)
 وجاءت هذه الخطوة على يد أمير مصري من أصل لیبی يدعی إبسماتيك الأول (663 - 609 ق.م)، تمكن من تطهير الدلتا من الآشوريين ، وقام بتوحيد مصر تحت رايته ، متخذا من مدينة سايس Sais (صا الحجر ) عاصمة له ، وهي مدينة تقع على فرع رشيد في غرب الدلتا المصرية حاليا تتبع مركز بسيون محافظة الغربية . لذا عرف بالعصر الصاري(أو الصايصي) وهو عصر الأسرة السادسة والعشرين .
شهد عصر الأسرة السادسة والعشرين طفرة في العلاقات بين مصر وبلاد الإغريق ، وذكر المؤرخ الإغريقي هيرودوت، أن المرتزقة الإغريق ساعدوا ما تجب في اعتلاء العرش (*4).
 ومن ذلك الحين إزدادت أهمية الإغريق في مصر (*5)؛ فأنزل ملوك العصر الصارى جنودهم الإغريق في مستعمرات خاصة ، مثل مستعمرة دافنی Daphne في شمال شرق الدلتا ، وذلك من أجل الدفاع عن المدخل الشرقي لمصر ، الذي ظل يمثل الخطر الأكبر على مصر دوما .
 كما استخدم الفرعون نخاو الثاني (610 - 595 ق.م ) المرتزقة الإغريق في حملاته الأسيوية ، وهي الحملات التي تمكن بمقتضاها هذا الفرعون من تحقيق السيادة المصرية ، على أجزاء من بلاد الشام فيما بين عامي( 608 - 605 ق.م )، إلى أن تمكن الملك البابلي "نبوخذ نصر" من إلحاق
الهزيمة به في موقعة " قرقميش" (605 ق.م ) ..(*6).
ومن الأعمال الهامة التي تنسب إلي الفرعون نخاو قيامه بحفر قناة تصل ما بين الفرع البلوزى للنيل والبحر الأحمر ..(*7) .
وقد استمر فراعنة العصر الصاری في استخدام المرتزقة الإغريق في جيوشهم ، وشارك هؤلاء المرتزقة في حملات الملك إبسماتيك الثاني على النوبة في عام 593 ق.م ..
 وفي عهدالفرعون آپریس Apris ؛ (588 - 586 ق.م)  استأثر المرتزقة الإغريق بمكانة رفيعة في مصر،.ما أدى إلى إثارة حنق الجنود المصريين ، فثاروا بقيادة أحمس ( أمازيس Amasis ) ولقي الفرعون أبريس حتفه في هذه الثورة ، وأعقب ذلك اعتلاء أحمس للعرش ،..
 وعلى الرغم من أن هذا القائد تزعم ثورة ضد النفوذ الإغريقي : فإنه عندما تولى العرش رأى أنه من الأفضل أن يعمل علی کسب صداقة الإغريق . وشهد عهده الذي امتد ما بين عامي( 568 - 525 ق.م) . نمطا فريدا من تشجيع الإغريق على الاستقرار في مصر ..
 لذا أطلقت المصادر الإغريقية على الفرعون أحمس الثاني لقب " صديق الإغريق (Philohellenes) ...(*8)
 واستمر وجود المرتزقة الإغريق في صفوف القوات المصرية ، فقاتلوا إلى جانب هذه القوات في عهد الفرعون بسماتيك الثالث في بیلوزیون (عام 525 ق.م ).
 وكذا في المعركة التي لقي فيها الفرعون هزيمة على يد الملك الفارسي قمبيز ، وكانت بداية الاحتلال الفارسي لمصر ..
ولا يفوتنا أن نذكر أن الوجود الإغريقي في مصر : لم يقتصر على الجنود المرتزقة فقط ، بل شمل إلى جانب هؤلاء فئات أخرى ، مثل التجار ، وكان الفرعون إبسماتيك الأول ، قد
بادر بفتح أبواب مصر مصر أمام التجار الأجانب ، ومنهم الإغريق ... (*9).
بعد ازدياد النشاط التجاري للإغريق في مصر ، قام التجار الإغريق بإنشاء مدينة نقراطيس Naucratis وموقعها في محافظة البحيرة حاليا . وظلت هذه المدينة مركزا تجاريا وحضاريا مهما ، إلى أن احتلت الإسكندرية هذه المكانة فيما بعد. وقد تعرضت هذه المدينة لمحنة خلال الثورة التي وقعت في عهد الملك أبريس ضد النفوذ الإغريقي ، ولكنها استردت عافيتها وشهدت المزيد من التوسع والازدهار في عهد الملك أحمس الثاني ، وإلى جانب المرتزقة والتجار توافدت على أعداد من ذوي الخبرة في بعض المجالات ، مثل رجال البحرية الذين ساعدوا الفرعون نخاو في بناء الأسطول ، كما ذكر المؤرخ هيرودوت ...(*10).
 وكانت مصر ر أيضا مثارا لاهتمام رجال العلم والفلاسفة الإغريق ، فأخدوا في التوافد إليها ، ومن أشهر هؤلاء الفيلسوف طاليس Thales (624 - 546 ق.م) ، وأفلاطون ، أما هيرودوت أبو التاريخ فقد زارها في عام (450 ق.م) ، إبان الحكم الفارسي . وخصص الكتاب الثاني من مؤلفه للحديث عن مصر .
ولم تقتصر العلاقات بين مصر وبلاد الإغريق قبل الفتح المقدوني على الأفراد ؛ بل تعدي ذلك لكي تشمل العلاقات بين مصر ودويلات المدن الإغريقية .
ومما هو جدير بالذكر أنه في أعقاب ارتقاء الملك الفارسي ارتكسرکسيس الأول Artaxerxes عرش الإمبراطورية الفارسية في عام (465 - 464ق.م) . سادت الإمبراطورية حالة من الاضطراب . ورغبت الكثير من الولايات في التخلص من الحكم الفارسي ، وكانت مصر من بين الولايات التي شقت عصا الطاعة ... (*11).
وقاد التمرد فيها أمير ليبي بدعی ایناروس Inaros إبن بسماتيك . الذي نجح في السيطرة على منطقة غرب الدلتا ، وهرع إلى مدينة أثينا طالبا مساعدتها في ثورته ضد الفرس .
وتلقفت اثينا هذا الطلب ، وأبدت حماسة في مساعدة هذا الثائر ، لأن هذا الموقف يخدم السياسة الأثينية التي كانت على الدوام ترمي إلى بث القلاقل في أرجاء الإمبراطورية
الفارسية ، العدو التقليدي للإغريق .
وقد أرسلت أثينا أسطولا لمؤازرة إيناروس ، وتمكن هذا الثائر بفضل هذه القوة الأثينية ، من تحقيق نصر باهر . واستطاع أن يدحر الحملة الفارسية التي أرسلت لقمع التمرد . إلا أن
الفرس لم يستسلموا للهزيمة : فأرسلوا جيشا جرارا في عام (458 - 457 ق.م)...
 وفي هذه المرة تمكن الجيش الفارسي من حصار إيناروس وحلفائه الإغريق . ولم يجد إيناروس مناصا سوی الإستسلام ، حيث جرى إعدامه . أما الإغريق فقد لقي الكثيرون منهم حتفهم ، بينما تمكن الباقون منهم من الهروب إلى قورینی ( برقة ) في شكل مهين , ...
وعلى الرغم من المصير الذي حاق برجالهم . لم يتعظ الأثينيون ؛ فبادروا بمد يد المساعدة إلى ثائر آخر يدعی أمیرتايوس Amyrtaeus ، و قد باء الفشل أيضا ،
وقد نعمت مصر بالاستقلال في عهد الأسرات الثامنة
والعشرين والتاسعة والعشرين والثلاثين .. (*12).
 ولكن في عام (358 ق.م). تولى عرش الإمبراطورية الفارسية الملك أرتاكسركيس الثالث وقرر إعادة مصر إلى حظيرة الدولة الفارسية. وتمكن في عام( 843 ق.م)  من هزيمة ملك مصر نكتنبر الثانی Nectanebo الذی هرب إلى الصعيد ، وعادت مصر مرة أخرى إلى حوزة الإمبراطورية الفارسية ...(*13).
---------------
الإسكندر الأكبر في مصر
في خريف عام ۳۳۲ ق.م. تقدم الإسكندر نحو مدينة غزة ، فسلمت له بعد أن حاصرها لمدة شهرين . وأصبح على مشارف مصر ، فبلغ مدينة بيلوزیون Pelosion ( تل الفرما الحالية . شرقی بورسعيد ) وهي بوابة مصر الشرقية ، وكانت أنباء انتصارات الإسكندر قد سبقته ؛ فسارع الوالي الفارسي بالاستسلام للفاتح المقدوني .
كما رحب به المصريون ترحيبا حارا فقد راجت شائعات حول ارتباط الإسكندر بالإله آمون ، وانحداره من صلب آخر فراعنة مصر الذي يدعی نکتنبو الثاني Nectanenbo ). وأنه جاء لكي يحرر مصر من الاحتلال الفارسي . (*14)
ولما كان المصريون يحلمون بالتخلص من الفرس ؛ فقد سرتهم هذه الأنباء ، ومما هو جدير بالذكر أن المصريين كانوا قد ثاروا أكثر من مرة ، وذلك من أجل استخلاص حريتهم من الفرس ، إلا أن الفرس تمكنوا من إخماد هذه الثورات وإبقاء مصر تحت سيادتهم ، ولما كان الإغريق قد مدوا يد العون للمصريين خلال هذه الثورات ؛ فإن المصريين تصوروا أن الإسكندر
قادم في هذه المرة على رأس الإغريق لتحريرهم .
أبحر الإسكندر في الفرع البلوزی لنهر النيل (*15) ، ووصل إلى مدينة منف مقر عبادة الإله بتاح ، وحرص على إظهار احترامه للديانة المصرية ، فقدم القرابين للآلهة ، وحرص على إبداء احترامه للكهنة ، ومن المرجح أنه توج فرعونا طبقا للطقوس المصرية (*16).
ومن ناحية أخرى فإنه أراد أن يؤكد كونه رسول الحضارة الإغريقية إلى الشرق ! فأقام مهرجانا رياضيا وموسيقيا في منف ، على الطريقة الإغريقية (*17).
 وبعد أن فرغ الإسكندر من كل ذلك : أبحر في الفرع الكانوبي لنهر النيل ، حتی مصب هذا الفرع عند مدينة كاتوب ( أبو قير الحالية )،
وسار بعد ذلك برا قاصدا مدينة تورینی Cyrene ، وهي مستعمرة بناها الإغريق على ساحل ليبيا مكانها الحالي قرية شحات محافظة الجبل الأخضر  . وكانت تابعة للفرس .
وفي أثناء سير الإسكندر بمحاذاة شاطىء البحر المتوسط ، لفت انتباهه موقع قرية صغيرة.بسكنها الصيادون المصريون ، تدعى راقودة Rhacotis ، وتقع قبالتها في البحر جزيرة
صغيرة تسمي فاروس  Pharos ؛ فقرر إقامة مدينة في هذا الموقع ، ويأتي ذلك في إطار رغبته في تخليد إسمه من خلال إقامة المدن ، ومن ناحية أخرى فقد أراد إقامة ميناء يكون قادرا على أن يسلب مدينة صور الأهمية التي تتمتع بها من الناحية التجارية ...(*18).
 وعهد إلى.مهندس يدعی دینوکراتیس Deinocratis بأن يقوم بتخطيط المدينة ، وتم إقامة جسر يصل ما بين اليابسة وجزيرة فاروس وقد حملت المدينة الجديدة إسم الإسكندرية  .
وبعد أن قام الإسكندر بوضع حجر الأساس لمدينته الجديدة ، واصل سيره في اتجاه الغرب .
وعندما بلغ مدينة برايتونيون Paraetonion وهي  مرسي مطروح الحالية ؛  التقى وفدا من مدينة تورینی جاء لمبايعته وتقديم الهدايا له ....(*19).
فلم يعد هناك إذن  ما يدعوه إلى مواصلة السير إلى تورینی ، وقرر أن يخترق الصحراء جنوبا إلى واحة سيوة ؛ حيث يوجد معبد الإله آمون ، وهو معبد نال شهرة عالمية آنذاك باعتباره من أشهر معابد الوحي في العالم ... (*20)،
وقد أراد الإسكندر من خلال هذه الرحلة أن يحقق عدة أهداف ، أولها إثبات إنتسابه للإله آمون ، كما أراد من ناحية أخرى أن يسأل الوحي عن مدى نجاح خططه المستقبلية .
وكانت رحلة الإسكندر ورفاقه إلى واحة سيوة محفوفة بالمخاطر ، فلم تكن لدي الإغريق خبرة بالسير في دروب
الصحراء . ومن الجدير بالذكر أن بعض المصادر القديمة بالغت في الحديث عن المعجزات التي صاحب هذه الرحلة .
وعندما بلغ الركب نهاية الرحلة ، تقدم الإسكندر نحو معبد الإله آمون فاستقبله كبير الكهنة قائلا " أهلا بابن آمون"، ودعاه إلى دخول قدس الأقداس ، وكان الإسكندر يرغب في سماع هذا الاعتراف من كبير الكهنة . ثم دلف بعد ذلك إلى قاعة قدس الأقداس بمفرده ، وليس من المعروف على وجه التحديد فحوى الحوار الذي دار في داخل هذه القاعة ، لأن كبير الكهنة أفهم الإسكندر بأن ما دار داخل قدس الأقداس ؛ هو نوع من الأسرار لا ينبغي البوح به للآخرين، ولكن الإسكندر كتب إلى والدته بأنه سوف يخبرها بتفاصيل هذا الحوار عندما يلتقي بها ..(*21) .
ومن ناحية أخرى حرص على أن يخبر رفاقه المقربين ببعض أطراف هذا الحوار ، وبخاصة الجانب الذي يهمه أن يعرفه الآخرون ، فقال لهم إن السؤال الأول الذي ترجمه به إلى
الوحي هو من قتل أبي " فأجابه الوحي قائلا أنه لا يجوز ترجمه هذا السؤال لأن أباك إله" 
فرد الإسكندر قائلا بأنه يريد معرفة قتلة فيليب ، وكانت إجابة الوحي بأن تاتل فيليب قد نال العقاب الذي يستحقه . وقد أراد الإسكندر من وراء ترديده لهذا الجانب من الحوار ، أن يزيل الشك الذي كان يراود البعض ، فيما يتعلق بأصابع الاتهام التي راحت تشير إليه هو وأمه أوليمبياس ، حول مؤامرة اغتيال فيليب .
كما أن الوحي طمأنه على نجاح خطته المستقبلية لغزو الفرس .
بعد أن فرغ الإسكندر من زيارة سيوة ، عاد إلى وادي النيل ، وحرص على أن يعلن للجميع عن دخول الحضارة الإغريقية إلى مصر، لكي تكون توأما للحضارة المصرية . ولكنه حرص على الإبقاء على النظم الإدارية المصرية القدية، أما الإدارة المالية فقد عهد بها إلى الإغريق، وجعل على رأس هذه الإدارة مواطن إغريقي من مدينة تقراطيس ، ويدعی(کلیومینیس Cleonenes), وأبقي على منف عاصمة لمصر (*22).
ومن الناحية الإدارية قسم مصر إلى قسمين هما الوجه البحرى ، والوجه القبلي ؛ وجعل على كل قسم منها حاكما من
أبناء البلاد ....
وبعد أن فرغ الإسكندر من تنظيم أحوال مصر ؛ غادرها في عام (۳۳۱ ق.م). متجها إلى مدينة صور ، تمهيدا للزحف إلى قلب الإمبراطورية الفارسية ، ولم يكن أمام الملك الفارسی بعد أن رفض الإسكندر عرضه السخي ، سوى أن يستعد للمواجهة العسكرية ، ...

-----------------------------
العصر الهللينیستی
و هو ذلك العصر الذي يمتد ما بين وفاة الإسكندر الأكبر في عام (۳۲۳ ق.م ) ، وحتى قيام الإمبراطورية الرومانية على يد الإمبراطور أوغسطس في عام ۳۱ ق.م ....( *23).
وكلمة هللينيستي هي لفظة ؛ إستخدمها العلماء لتمييز هذا العصر عن العصر السابق عليه ، أي العصر الهلليني ، الذي سادت فبه الحضارة الإغريقية الكلاسيكية ، وترجع بداية استخدام هذا المصطلح إلى أوائل القرن التاسع عشر
...(*24)
--------------------
مؤتمر بابل وتقسيم ميراث الإسكندر
كانت المشكلة التي واجهت القادة المقدونيين في بابل بعد وفاة الإسكندر ، هي ولاية العرش . فقد مات الإسكندر دون وريث ، وكانت زوجته روکسانا لم تضع جنينها بعد ، وكان
له أخ غير شقیق ، يدعی أرهيدايوس Arrhidaeus ، كان مريضا بالصرع . ويقال أن الإسكندر حین سألوه وهو على فراش الموت لمن يؤول العرش  قال " للأقوی".. (*25) .
وهي إجابة غامضة أوقعت القادة المقدونيين في كثير من الحيرة . وطبقا للتقاليد المقدونية فإن إعلان الملك لجديد هو شأن من شئون الجيش  ..
إختلفت قادة الجيش حول هذا الأمر ، وما هو جدير بالذكر أن رجال الفرسان الذين كانوا قد تشبعوا بفكر الإسكندر ، حول المساواة بين البشر و تحمسوا لفكرة الانتظار حتى تضع روكسانا جنينها ، ثم المناداة به ملكا في حال كونه ذكرا ، أما المشاة المتعصبون ذوى النظرة الضيقة ،.فقد رأوا أن أرهیدایوس أحق بالعرش ، لكونه مقدونيا خالصا ، على الرغم من مرضه ،
وكاد.الاشتباك أن يقع بين الفرق المختلفة في بابل ، وقد سارع بومينيس Burenes سكرتير الإسكندر بتقديم اقتراح ، ما لبث أن لقى قبولا لدى الأطراف المختلفة ، ويقضي هذا الاقتراح بأن يتولى أرهيدابوس العرش تحت اسم فيليب ، على يكون من حق جنين روكسانا مشاركته العرش إذا كان ذکرا   ...(*26)
كما تقرر في مؤتمر بابل تعيين پردیکاس Perdicas وصيا على العرش ، وما هو جدير بالذكر أن الإسكندر وهو يحتضر ، أعطی پردیکاس خاتم الملك لکی يختم به الأوامر الملكية ،
لذلك كان هذا القائد يرى أنه أعلى مرتبة من باقي القادة (*27).
وقد اتخذ بردیکاس من بابل مقرا له .
 أما ولايات الإمبراطورية فقد تقرر تقسيمها بين كبار قادة الجيش ليقوموا بادراتها.باسم البيت المالك ،
:black_small_square:︎ فتولی بطلميوس بن لاجوس ولاية مصر ،
:black_small_square:︎وعين أنتيجونوس Antigonos مشرفا على آسيا الصغرى ،
:black_small_square:︎و لاوميدون Laomedonos على سوريا .
وأسند إلي أنتيباتروس  Antipatros  مهمة الإشراف على بلاد اليونان ، بالإضافة إل القادة الآخرين الذين أسندت
إليهم ولايات أخرى .
وقبل أن يبارح القادة بابل ، وضعت روکسانا ذكرا ، أطلق عليه اسم الإسكندر الرابع ، وتقرر أن يشارك فيليب أرهيداير في العرش ....(*28)
----------
 وإلى الحديث عن بطلميوس الأول و سولیر، في الفقرة القادمة ان شاء الله نلقاكم على خير .. ونرجو منكم المساهمة في النشر بالتعليقات و المشاركات و نسألكم الدعاء لنا
-----------------------------------------‐------------‐--------------
(☆) *بتصرف : تاريخ مصر في عصري البطالمة و الرومان / د. أبو اليسر فرج كلية إداب عين شمس مصر / الطبعة الأولى / عين للدراسات..  ٢٠٠٢ /  ص٢٤-٣٩ ..
------‐----------
* الإضافات :
(*1)تاريخ الإغريق منذ فجر بزوغه حتى نهاية عصر الإسكندر المقدوني  /د.ابتهال عادل ابراهيم الطائي ص ١٧٠ -١٧٢ طبعة دار الفكر عمان الأردن
(*2)ص27 ج -Jaunt op.sit (1)
(*3) ص٢ :A.K: Egyxafar tbs Paraobs -لندن1986
.
(*4) أحمد فخری ، مصر الفرعونية ، ص ۰۷.
(*5) عن العلاقات بين مصر وبلاد الإغريق قبيل الفتح المقدوني انظر : أبو اليسر فريح . النيل في المصادر
الإغريقية . القاهرة ۱۹۹۹ ،ص ۹- ۳
(*6) عبد العزيز صالح : المرجع السابق ، ص ۳۰۳
(*7) أبو اليسر فرح : المرجع السابق ، ص ۱۹۱.
(*8) هيرودت ،( II، 180 )
(*9) Diodoros. 66.8.67.9.
(*10) Herolot. II. 159
(*11) Edda Bresciani; Egypt and the Persian Empire ( The Greeks and the Persians) London.
1972 pp. 333. ft.
(*12) أحمد فخري : المرجع السابق ، ص ۳۸ - .1 .
(*13) إيدا بريسياني ؛  مرجع سابق  استشهد.  ص 350.
(*14) بومان.  أ. ك.  مصر بعد الفراعنة لندن 1986 ص22.
(*15) في ذلك العصر كان لنهر النيل سبعة فروع ، فيما يتعلق بأسماء هذه الفروع وخط سيرها أنظر : أبو اليسر فرع . المرجع السابق .
(*16) إبراهيم نصحي : تاريخ مصر في عصر البطالة جدا . القاهرة ۱۹۸۰ ، ص ۲۰.
(*17)  آريان آران III 1.4.
(*18)من الإسكندر إلى كليوباترا.  العالم الهيليني
.  Grant.Mلندن.  1982. ص.  37.
(*19) جوجيت Jouguet P  ص.  29.
(*20) عن هذه الرحلة انظر تارن . المرجع السابق ص۸۰ - ۸١.
(*21) لم يقدر للإسكندر أن يرى والدته مرة أخرى ، فقد قضى نحبه في بابل وهو في طريق العودة واختفت معه أسرار زيارته لوحي الإله أمون .
(*22) بومان.  ك.  ص.2 -
(*23) يطلق الدكتور لطفي عبد الوهاب على هذا العصر اسم العصر التاغرت أيضا : انظر : لطفی عهد الوهاب یحیی . دراسات في العصر الهللينتي : بیروت ۱۹۸۸ م ص ۱۱
(*24) جون جوستان دروسون لعب دورا مهما في صياغة هذا المصطلح في الفترة مابين ۱۸۳۰ - ۱۸٥٠
(*25)عن مؤتمر ومشكلة وراثة العرش انظر : ابراهيم نصحي ، المرجع السابق ج ۱، ص 44 - 49 .
(*25) ديود ، 4. XV III  Diod ؛
(*26) والبانك .  Walbank .  العالم الهيلينيستي ، لندن ، 1992.ص 48 و 39 .
(*27) ديود XVIII .4.  Diod
(*28) سيد الناصري : المرجع السابق ، ص ۹۷