حكاية علاء الدين والفانوس السحري
حكاية علاء الدين والفانوس السحري 1349
تروي العديد من الكتب والمجلات القصة على هذا النحو: "يُحكى في قديم الزمان أنّه كان هناك شاب فقير اسمه علاء الدين، وله عم يتصف بالطمع والأنانية، ولا يُحب الخير لغيره.
وفي يوم من الأيام ذهب علاء الدين إلى عمه كي يُساعده على البحث عن الكنز الموجود داخل المغارة السحرية، وعندما نزل إلى المغارة لينتشل الكنز منها أغلق باب المغارة بشكل مُفاجئ، وكان عم علاء الدين لم يدخل المغارة، إذ حاول أن يفتح باب المغارة لكنه لم يقدر فتركه وذهب ولم يُعر أي اهتمام لأمره. بقي علاء الدين محبوساً بالمغارة، وراح يسير بين الكنوز الشديدة اللمعان، وفجأة لفت انتباهه مصباح شديد القدم فأمسك به، ومسح عنه الغبار، وحينها بدأ المصباح بالاهتزاز، وخرج منه مارد كبير جداً، شكر المارد علاء الدين لأنّه أخرجه من المصباح، وقال له مُرني أفعل لك ما شئت مُقابل تحريري من المصباح، ودونما تفكير طلب علاء الدين منه إخراجه من المغارة وفعل المارد ما طلبه منه. كان علاء الدين يعيش في مدينة اسمها (قمر الدين)، وكانت فيها أميرة جميلة تُعرف باسم ياسمين، وكان علاء يُراقبها باستمرار عندما تجلس بشرفة قصرها لأنّه وقع في حبها إلا أنّه لم يُفكر بالارتباط بها يوماً لأنّه شاب فقير، وهي بالتأكيد لن تقبل به، وسيرفض والدها تزويجها إياه لفقره، وعندما رجع علاء الدين إلى بيته أخبر والدته بالقصة، بعد ذلك طلب من المارد الكثير من المال والمجوهرات والهدايا كي يتقدم إلى خطبة الأميرة ياسمين، غير أنّ السلطان رفض ذلك، وقال لعلاء إنّ الأميرة مخطوبة لابن الوزير. في يوم زفاف ياسمين على ابن الوزير أمر علاء الدين المارد أن يجعلها ترى ابن الوزير على حقيقته أنّه شاب مغرور وأحمق كي تمتنع عن الزواج به، وفعلاً فقد قام المارد بذلك وانتهى الاحتفال دون أن تتزوج الأميرة ياسمين منه، وحينها تقدم علاء الدين إلى خطبتها مرة أخرى، فوافق السلطان بشرط واحد وهو أن يبني علاء الدين قصراً كبيراً للأميرة، وأمر علاء الدين المارد ببنائه، وقام المارد بذلك، فتزوج علاء الدين من الأميرة ياسمين، وسكن القصر برفقتها. علم عم علاء الدين بالذي حدث، وتنكر في صورة بائع مصابيح، ثمّ ذهب إلى قصر علاء الدين، وأقنع الأميرة باستبدال المصباح القديم بمصباح جديد لامع، ووافقت الأميرة على هذا الاقتراح دون علمها أنّ المصباح سحري، وعندما رجع علاء الدين إلى القصر، وعلم بحدوث ذلك عرف أنّ عمه قام بذلك وأخبر ياسمين بالقصة، ثمّ ذهب إلى عمه بحجة أنّه يُريد أن يطلب مُسامحته، وخلال ذلك أرجع علاء الدين المصباح من عمه دون أن يعرف، وأخرج المارد منه، فأخبر المارد علاء الدين أنّه لا يريد الحرية، ويريد أن يخدمه بشكل دائم؛ لأنّه شاب صادق، وحسن الخلق، وشديد العطف، فعاش علاء الدين، وياسمين، ووالدته، والمارد في أمان وسلام."
وتعود هذه الحكاية الى حكايات "ألف ليلة وليلة" ويقول الكاتب ريتشارد ليا : السورية الفرنسية ياسمين سيل هي أول امرأة تقوم بترجمة كاملة لكتاب "ألف ليلة وليلة" من مصادره الفرنسية والعربية، ويشير الكاتب إلى أن قصة علاء الدين والمصباح السحري نشرت للمرة الأولى في العام 1712، ضمن كتاب ألف ليلة وليلة للأديب الفرنسي أنطوان غالاند، وقد ظهرت معلومات تؤكد أن رحالة وأديبا سوريا مارونيا يدعى حنا دياب، يذكره غالان بصفته مصدر قصة علاء الدين وأيضا قصة علي بابا
وترى ياسمين سيل أن هذا الاكتشاف يعني أن حكاية علاء الدين هي منتوج حلبي، يأتي من هذه المدينة ، تمتاز بالثراء والازدهار الثقافي والاجتماعي والعلمي،
وبالنسبة للباحث باولو ليموس هورتا، الذي أنجز دراسة بعنوان "اللصوص الرائعون"، فحص فيها تلاقي الحضارات الذي أسفر عن ألف ليلة وليلة، فإن "مساهمة حنا دياب لا تعكس فقط الموروث السوري الذي حمله معه، بل أيضا انبهاره الكبير بالبلاط الفرنسي. إذ إن هذا الرحالة السوري التقى بأنطوان غالان في 1907 بعد أن جاب البحر الأبيض المتوسط مع جامع تحف فرنسية"
ويضيف هورتا أن "حنا دياب روى هذه القصص إلى غالاند في نهاية رحلته، التي كانت تهدف للبحث عن الكنوز والتي ميزتها زيارته بلاط الملك الفرنسي لويس الـ14"

إذ إن دياب في إحدى كتاباته يروي عظمة الملك الفرنسي والهالة المحيطة به، وقد تأثر كثيرا بملابس ساكني قصر فرساي، والنمط المعماري الذي تميز به القصر
أن الاكتشافات الأخيرة دحضت كل الشكوك التي كانت تحوم حول دور حنا دياب في صياغة ورواية قصة علاء الدين، ويأتي هذا خاصة بعد اكتشاف قصة مشابهة لها باللغة العربية مكتوبة قبل ظهور مؤلف غالاند
يؤكد الباحث روبرت إيروين "ما رواه حنا دياب كان بالأساس قصة تقليدية عربية. ولكن من الواضح أن غالاند أو دياب، أو ربما كلاهما، قام بفرنسة هذه القصة بكل الأشكال الممكنة من خلال إضفاء طابع فرنسي على الحوار والنمط المعماري والطقوس والبلاط الملكي وما إلى ذلك"
ويضيف إيروين أن "ذكر كلمة الصين يرمز إلى قصر بعيد جدا ورواية خيالية، ولكن هذه الحكاية ظهرت بالكامل في منطقة عربية. وقد أضاف إليها غالاند أو ربما ذياب المزيد من التفاصيل المتعلقة بالجانب النفسي والدوافع والحوارات بين الأبطال، بدقة تفوق ما تعوّد عليه القصاصون العرب"
ترجمة علاء الدين
بيد أن ياسمين سيل تؤكد أن هذه المعلومات والتطورات لم يكن لها تأثير كبير على ترجمتها، باعتبار أن النص الوحيد المتوفر حول قصة علاء الدين يعود إلى أنطوان غالاند، وهو الذي اشتغلت عليه. ولكن معرفة جذور هذه الحكاية تجعل منها وثيقة تبادل ثقافي، وترجمة على عدة مستويات، وإنتاجا للأدب العربي والفرنسي
وتقول ياسمين "ما يهمني فعلا ليس ما إذا كانت هذه القصة من ابتكار رجل فرنسي أو سوري، بل ما تعكسه هذه التفاصيل حول تلك الفترة الزمنية، إذ إن الرجلين الفرنسي والسوري جاءا من مدينتين كانتا تمثلان منارة التقاء للحضارات"
واليوم بعد 300 عام على نشر أنطوان غالاند هذه القصة للمرة الأولى، تعتقد ياسمين سيل أن مغامرة علاء الدين تطرح أسئلة لا تزال قائمة ومهمة حتى يومنا هذا، تتمحور حول العلاقة بين الأب والابن، والجانب الأخلاقي في الثراء السريع، وثنائية الإغراء والرضا
ولكن ربما أن سر استمرار نجاح هذه القصة لا يكمن فقط في التنوع الثقافي الذي تحمله في داخلها، بل أيضا في أحداثها التي تروي التغير الجذري في حياة علاء الدين، الذي كان ولدا عاديا، ثم خاض تجارب وتحولات مذهلة، وفي الواقع الجميع يعشقون مثل هذه التحولات
من حلب إلى باريس
وبخلاف ما ذكره عنه المستشرق الفرنسي أنطوان غالاند في يومياته ودوره في "ألف ليلة وليلة"، كتب دياب أيضا نصا طويلا عام 1766 روى فيه تفاصيل سفره إلى باريس بين العامين 1708 و1710
وتجدر الإشارة بدايةً إلى أن هذا النص بقي مجهولا إلى أن اكتشف الباحث الفرنسي جيروم لانتان مخطوطته الوحيدة في مكتبة الفاتيكان عام 1993. ونظرا لقيمته الأدبية والتاريخية، تعاون لانتان مع بول فهمي تييري وبرنار هيبيرجي سنوات طويلة لنقله إلى الفرنسية، قبل أن تصدر هذه الترجمة عن دار "أكت سود" الباريسية بعنوان "من حلب إلى باريس"
ولا عجب في انتماء هذا النص إلى أدب الرحلة الذي كان ممارسا في سوريا في القرنين الـ17 والـ18، خصوصا من قبل المسيحيين، كما يشهد على ذلك نص بطريرك الروم الأرثوذكس ماكاريوس الزعيم عن سفره إلى جورجيا، أو نص ابنه بولس عن سفر والده إلى موسكو، أو نص الكاهن العراقي إلياس الموصلي عن إقامته الطويلة في أميركا، بحسب تقرير سابق للجزيرة نت
لكن ما يميز نص "من حلب إلى باريس" عن هذه النصوص وغيرها هو أن صاحبه إنسان عادي لم يكن لديه أي طموح في ممارسة هذا النوع الأدبي واحترام مميزاته، فبخلاف النصوص المذكورة، أو نص شيخ دمشق عبد الغني النابلسي، أو نص رفعت الطهطاوي الشهير "ذهب باريس"، لم يسعَ دياب إلى إثراء نصه بمراجع ثقافية غزيرة أو باقتباسات وأبيات شعرية، كما لم يسعَ إلى الكتابة بأسلوب أدبي منمّق، بل استعان بلغة هي عبارة عن مزيج من اللغة الفصحى واللغة المحكية في حلب، مسقط رأسه
وما يميّز دياب أيضا عمن سبق ذكرهم هو أنه لم يقم برحلته تأديةً لمهمة، كما هي حال الطهطاوي ومحمد أفندي، أو بهدف التقصي في "بلاد المسيحيين"، كما هي حال الموصلي والزعيم وعدد كبير من رجال الكهنوت الشرقيين، فسفره هو نوع من الرحلة المسارية لشاب كان يبحث عن طريقه، ونصه مكتوب كتأمل في الحياة التي منحته في شبابه فرصا مختلفة لم يعرف أو لم يشأ اغتنامها

وفي هذا السياق، يبدأ دياب نصه بسرد تجربته راهبا مبتدئا في دير بجبل لبنان لن يلبث أن يعود إلى حلب بعد شكّه في دعوته. وحين يفشل في العثور على عمل ويقرر العودة إلى الدير، يلتقي بالرحالة الفرنسي بول لوكا الذي يأخذه مساعدا في سفر يقودهما إلى بيروت وصيدا، ثم إلى قبرص ومصر وليبيا وتونس، قبل أن يعبرا المتوسط ويتنقلا بين ليفورن وجنوى ومرسيليا وباريس
أما رحلة العودة فستتم من دون لوكا، ويتوقف دياب خلالها في مرسيليا وإزمير وإسطنبول حيث يبقى فترة طويلة، قبل أن يعبر الأناضول مع قافلة في اتجاه حلب

المصدر : الجزيرة – الجارديان وموقع موضوع ومواقع الكترونية



https://alhawadeth.net/ReadNews.aspx?Lang=ar&Style=blue&ArtID=T3fhtYByaCQ%3D&CatID=QqFt392%2F8ps%3D&CatNewsID=NEH8Le9Vb5E%3D&fbclid=IwAR1Jj6BYhMwysPEkl_4GwqcqsGg0GniZE3w_3_DpT99mWqFxWhmgp4WRPMM#.Yv9rO01ng30.facebook