الشفقة الرومانية .. أو عندما ينتصرُ الحُبّ على الموت !
  الشفقة الرومانية .. أو عندما ينتصرُ الحُبّ على الموت ! 11130
لا علاقة لهذه الرسومات بـ «صحيح» البخاري وحديثه المُخجِل حول مسخرة "إرضاع الكبير"  ..  وإنما هي نماذج لسلسلة طويلة من اللوحات الفنية تندرج تحت عنوان (الشفقة الرومانية)، حاول فيها أصحابُها - طيلة قرون النهضة الأوروبية وإلى حدود القرن التاسع عشر - إعادة تمثيل أسطورة (بيرو وسيمون) التي أوردها المؤرخ الروماني القديم «فاليريوس ماكسيموس» في القرن الأول للميلاد ..
  الشفقة الرومانية .. أو عندما ينتصرُ الحُبّ على الموت ! 14114
تحكي الأسطورة عن سجين يُدعى «سيمون» حُكم عليه بالموت جوعا داخل زنزانته الانفرادية، ولم يبق أمام ابنته الوحيدة «بيرو» سوى التوسّل لدى هيئة المحكمة كي يسمحوا لها بزيارة والدها يوميا إلى حين وفاته ..  استجابت المحكمة لرغبة الابنة شريطة ألا تحمل معها في زياراتها أية وسيلة لإطعام السجين أو إروائه  !!
وأثناء انفرادها به داخل قبو الزنزانة،  لم تكن تجد «بيرو» ما تسدّ به رمق والدها المُشرِف على الهلاك غير أن تُلقمه أحدَ ثدييها،  وتُقاسمَه حليبَ رضيعها  ..
  الشفقة الرومانية .. أو عندما ينتصرُ الحُبّ على الموت ! 1516
وبعد مرور أيام وأسابيع، لاحظ الحُرّاس أن حالة السجين مُستقرّة،  ولا أثر عليه للهُزال أونقصان في الوزن  ..  ارتابوا من أمر المرأة، ووضعوها تحت مجهر المراقبة المشدّدة،  ليكتشفوا في النهاية بأنها تقوم كل يوم بإرضاع السجين  !!
رفعوا تقريرا إلى هيئة المحكمة يدينون فيه التصرّف الأهوك للمرأة،  لكن القضاة كانوا أرحم من السجانين،  فتعاطفوا مع الابنة «بيرو» وقرّروا العفو عنها وإطلاق سراح والدها «سيمون».

هذه الأسطورة،  تمّ تجسيدُها لحد الآن فيما لا يقلّ عن ثلاثمائة لوحة فنية؛  أشهرها نسخة الإيطالي «كارافاجيو» 1606، ونسخة الألماني «بيتر بول روبينز» 1612، ونسخة الإسباني «غاسبر دي كراير»  1620، ونسخة الفرنسي «جول لوفيبر»  1863، وغيرها من النسخ الموزعة بين مختلف المتاحف الأوروبية،  والتي لا تكاد تختلف فيما بينها إلا ما كان من بعض تفاصيل الحكاية الأسطورية.