العديد من الكتب والأحاديث التي تنسب للشيعة الإمامية بشّرت بظهور المهدي المنتظر، "الغائب"، الإمام الثاني عشر وآخر الأئمة من سلالة علي بن أبي طالب، الموجود حالياً في الغياب، وأنه سيعود من غيبته الكبرى مثلما عاد من "غيبته الصغرى"، وحسب العقيدة الإمامية، لكل إمام أو ظهور لله "باب" هو باب الله أو باب الدين، وهو مفهوم عرفاني يرتبط بالعقائد الباطنية، ويعتقد أن سلمان الفارسي، على سبيل المثال، هو "الباب" للاسم "علي بن أبي طالب"، حسب العقيدة العلوية. وبالتالي، كانت إيران في تلك الفترة بيئة خصبة للتصديق بعودة الإمام وإعلان الدعوة الجديدة، وكان العديد يؤمنون بضرورة عودة الإمام الغائب.
أول الدعوة

البهائية من الديانات التوحيدية التي تؤمن بالإله الواحد وأنبيائه مثل موسى وعيسى ومحمد كما تؤمن أيضاً أن كونفوشيوس وبوذا وبراهما وزرادشت مظاهر لله، وهي بذلك تدعو لوحدة الأديان دون تكفير أي دين أو اتهامه بالابتعاد عن "الحق".

البهائية من الديانات التوحيدية التي تؤمن بالإله الواحد وأنبيائه مثل موسى وعيسى ومحمد كما تؤمن أيضاً أن كونفوشيوس وبوذا وبراهما وزرادشت مظاهر لله، وهي بذلك تدعو لوحدة الأديان دون تكفير أي دين أو اتهامه بالابتعاد عن "الحق"
في عام 1844م أعلن الميرزا علي محمد رضا الشيرازي، المولود في مدينة شيراز الإيرانية 1819م، أنه الباب لمن "يظهره الله"، وقد آمن بدعوته تلك 18 شخصاً لقبوا لاحقاً بـ "حروف الحي"، بينهم امرأة واحدة عرفت بـ "الطاهرة" أو "قرة العين"، وكانت معروفة بالعلم والذكاء وحسن السيرة، وتعتبر رائدة من رائدات حقوق المرأة.

ينسب البعض الديانة البهائية إلى الإسلام، بينما يصرّ أتباعه على أنه دين سماوي مستقل، له كتبه ومبادؤه وأحكامه، ومعترف به وبأتباعه في العديد من دول العالم، ويؤمن البهائيون برجوع الصفات وليس رجوع الذات في اختلاف عن فكرة التناسخ عند العديد من العقائد الشرقية، كالعلوية والاسماعيلية والهندوسية والبوذية، وهي حلول روح واحدة في أجساد متعددة، وتذكر بعض المصادر أن الباب قال: "كنت في يوم نوح نوحاً، وفي يوم إبراهيم إبراهيماً، وفي يوم موسى موسى، وفي يوم عيسى عيسى، وفي يوم محمد محمداً وفي يوم علي علياً".

بعد رواج الدعوة البابية وازدياد أعداد أتباعها، قامت السلطات الإيرانية بتحريض من رجال الدين بسجن الباب في قلاع أذربيجان، وملاحقة أتباعه وتعذيبهم، وفي نهاية المطاف تمّ إعدامه رمياً بالرصاص في عام 1850م أمام العامة.
الطاهرة: رائدة التحرر النسوي

زرين تاج، ويعني بالفارسية ذات الشعر الذهبي، هي فاطمة الباراغاني، ولدت في قزوين وهناك حلاف على تاريخ ولادتها وأغلب الظن أنه 1817م، كانت المرأة الوحيدة بين الأتباع الثماني عشر الذين آمنوا بالباب في أول الدعوة، والذين سموا بـ "حروف الحي".

لقبها السيد كاظم الرشتي وهو من علماء إيران، بـ "قرة العين" كما منحها حضرة بهاء الله لقب "الطاهرة"... من هي زرين تاج التي آمنت بالدعوة البابية وأصبحت رائدة في التحرر النسوي؟

لقبها السيد كاظم الرشتي وهو من علماء إيران، بـ "قرة العين" كما منحها حضرة بهاء الله لقب "الطاهرة".
والدها محمد صالح باراغاني، عرف بترجمته للقرآن وتشدده في أحكام الدين الإسلامي، ولكن، نظراً لذكائها الشديد، قرر تعليمها بنفسه وسمح لها بحضور دروسه الدينية من خلف ستار، فتعلمت اللاهوت والفقه والأدب الفارسي.

رغم نبوغها في الشعر والأدب إلا أنها رضخت للعادات وتزوجت من ابن عمها في سن الرابعة عشر، وأنجبت ثلاثة أطفال، وتعرفت على الدعوة البابية وبدأت بمراسلة السيد كاظم الرشتي الذي انتقلت للإقامة عنده بعد طلاقها وهي في سن السادسة والعشرين، وبمراسلاتها مع الباب آمنت بالدعوة البابية.
أثناء وجودها في كربلاء اكتسبت صيتاً حسناً وأتباعاً عديدين ونتيجة ضيق رجال الدين الشيعة منها نقلتها الحكومة إلى بغداد، ثم صدرت تعليمات من السلطات العثمانية بإعادتها إلى إيران.

في حزيران وتموز 1848 التقى عدد من القادة البابيين في صحراء دشت في مؤتمر لإعادة ترتيب الصفوف وتنظيم الدعوة للاعتصام لإطلاق سراح الباب من السجن، وفي المؤتمر ألقت خطباً بليغة على الحاضرين، وقامت بنزع النقاب عن رأسها لتبيان انفصال الدين البهائي عن الإسلام، ما سبب ضجة عظمى بين صفوف المجتمعين، ليلقى عليها القبض لاحقاً وتخييرها بين الإعدام أو الرجوع عن معتقداتها الدينية.

يؤمن البهائيون بفكرة الحلول والاتحاد، أي حلول روح واحدة في أجساد متعددة، وتذكر بعض المصادر أن الباب قال: "كنت في يوم نوح نوحاً، وفي يوم إبراهيم إبراهيماً، وفي يوم موسى موسى، وفي يوم عيسى عيسى، وفي يوم محمد محمداً وفي يوم علي علياً"

حكم عليها بأن تحرق حية بتهمة الفساد في الأرض، لكن الجلاد خنقها قبل أن تحرق في عام 1852، ويقال إن خادمها الحبشي خنقها ورمى جثتها في أحد الآبار.
كتبت الطاهرة العديد من القصائد وأظهرت كتاباتها معرفة بالأدبين العربي والفارسي، وبعد مقتلها دمرت أسرتها المعادية لمعتقداتها أغلب كتاباتها، لكن بعضها نجت وانتشرت في أنحاء إيران، وتعتبر محاججاتها مع رجال الدين حول حرية النساء من أول الدعوات النسوية في المنطقة، وقد صرّحت قبل موتها: يمكنك قتلي متى تريد، لكن لا يمكنك إيقاف تحرر النساء".
ينسب البعض الديانة البهائية إلى الإسلام، بينما يصرّ أتباعه على أنه دين سماوي مستقل، له كتبه ومبادؤه وأحكامه، ومعترف به وبأتباعه في العديد من دول العالم.
الانقسام

كتب الشيرازي العديد من الكتب التي توضح الدعوة من أشهرها "البيان" الذي يعتبر ناسخاً للقرآن، وأيضاً "كتاب العهد والميثاق"، الذي يوضح فيه صراحة أن الخلافة بعده ستكون للميرزا يحيى نوري المازندراني الملقب بـ "صبح الأزل".

استمرت الحكومة الإيرانية باضطهاد البابيين وقياداتهم، ثم حبست الأخ الثاني لصبح الأزل وهو الميرزا حسين علي نوري المازندراني المعروف بـ "بهاء الله"، ونفتهم إلى العراق، ثم بتحريض من السلطان الإيرانية قامت السلطة العثمانية بنفيهم إلى إستنبول ثم إلى أدرنة.

ازدادت الخلافات بين الزعيمين الروحيين، كل منهما يقول إنه المقصود بالدعوة البابية، وانتهى الخلاف بإعلان بهاء الله العلنية في عام 1866، وأنه من بشر الباب بقدومه بجملة "من يظهره الله" وموعد الظهورات التي سبقته، ورفض صبح الأزل الأمر وأعلن أن الباب هو من بشر به صراحة.

ازدادت الخلافات والمناوشات بين أتباع الفرقتين، الأمر الذي دعا السلطات العثمانية إلى نفي صبح الأزل مع أتباعه إلى جزيرة قبرص، ونفي بهاء الله وأتباعه إلى سجن عكا.

وانقسم البابيون إلى ثلاث فرق. البابيون الخلّص وهم الذين لم يتبعوا إحدى الفرقتين، الأزليون وهم أتباع صبح الأزل، والبهائيون الذين اتبعوا بهاء الله بأنه المبشر به من قبل الباب والمفسّر الوحيد للتعاليم التي أتى بها، وهم الأكثر انتشاراً وعدداً.

توفي صبح الأزل في فاماغوستا في قبرص في عام 1912، ويقال إن أتباعه لم يتجاوزوا المائة أو المائتين، وتوفي حضرة بهاء الله في عكا في 16 إيار/مايو، بعد ما خرج من السجن وعاش في ظروف سيئة فرضتها السلطات عليه، وفي وصيته عيّن ابنه عبد البهاء خلفاً له.

صورة المقال مزار بهائي في مدينة سانتياغو في تشيلي

 البهائية... طائفة إسلامية أم دين سماوي مستقل؟ Aoioo10