اكتشاف ثقب أسود “وحشي” يبلغ أضعاف الشمس هو الأقرب إلى الأرض حتى الآن
اكتشاف ثقب أسود “وحشي” يبلغ أضعاف الشمس هو الأقرب إلى الأرض حتى الآن 1333 
رغم التطور الكبير والمتسارع في دراسة وأبحاث علوم الفضاء، وانتشار المراكز العالمية المخصصة لها وارسال البعثات الفضائية لهذه الغايات..
إلا أن هذا الكون الفسيح ما زال مليئا بأسراره الغامضة والتي على ما يبدو بأن الإنسان لم يعلم منها إلا الشيء اليسير، كان آخرها ما صرحت به الدكتورة “سوكانيا تشاكرابارتي” الباحثة واستاذة الفيزياء في جامعة ألاباما في هانتسفيل(UAH), حول اكتشاف ثقب اسود وحشي يقع على مسافة ١٥٥٠ سنة ضوئية منا وتبلغ كتلته نحو ١٢ ضعفا من كتلة الشمس.
وقد جاء تصريحها ذلك في ورقة بحثية نشرتها مجلة Astrophysical Journal: “إنه أقرب إلى الشمس من أي ثقب أسود آخر معروف، موجود على مسافة 1550 سنة ضوئية منا. لذا، فهو عمليا في الفناء الخلفي لموطننا”.
ومن الصعب اكتشاف الثقوب السوداء في الظلام الدامس للفضاء. وغالبا ما يمكن رصدها من خلال إلقاء الضوء في أثناء التهامها للغبار والغاز، أو ابتلاعها النجوم، أو اصطدام بعضها ببعض.
وعلى الرغم من أن النجوم والأجسام الأخرى الموجودة في جوارها تشعر بقوة جاذبيتها بوضوح، إلا أنه لا يمكن لأي ضوء الهروب من الثقوب السوداء، لذلك لا يمكن رؤيتها بنفس الطريقة التي تُرى بها النجوم المرئية.
وتوضح الدكتورة تشاكرابارتي: “في بعض الحالات، كما هو الحال بالنسبة للثقوب السوداء الفائقة الكتلة في مراكز المجرات، يمكنها دفع تشكل المجرات وتطورها. ولم يتضح بعد كيف تؤثر هذه الثقوب السوداء غير المتفاعلة ذاتيا على ديناميكيات المجرة في مجرة ​​درب التبانة. فهي، إذا كانت عديدة، قد تؤثر على تكوين مجرتنا وديناميكياتها الداخلية”.
وللعثور على الثقب الأسود “الوحشي”، قامت الدكتورة تشاكرابارتي وفريق من العلماء بتحليل بيانات ما يقارب 200 ألف نجم ثنائي تم رصدها خلال الصيف من مهمة غايا الفضائية، التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية.
وتمت متابعة المصادر المثيرة للاهتمام بقياسات طيفية من تلسكوبات مختلفة، بما في ذلك Automated Planet Finder في كاليفورنيا، وتلسكوب ماجلان العملاق في تشيلي ومرصد كيك في هاواي.
وإذا كان هناك ثقب أسود، فيمكن اكتشافه لأن تأثيره الثقالي الهائل يؤثر على طيف ضوء النجم أثناء مداره. وباستخدام هذه الطريقة، لفت انتباههم نظام واحد على وجه الخصوص – نجم مرئي كتلته أصغر قليلا من الشمس، يدور حول شيء أكبر بنحو 12 مرة من كتلة الشمس. ويكمل مداره مرة كل 185 يوما.

وتقول الدكتورة تشاكرابارتي: “يمكن تحديد سحب الثقب الأسود على النجم المرئي الشبيه بالشمس من خلال هذه القياسات الطيفية، والتي تعطينا سرعة خط الرؤية بسبب تأثير دوبلر”.
وتأثير دوبلر هو التغير في تردد الموجة بالنسبة للمراقب، مثل كيفية تغير نغمة صوت صفارات الإنذار مع مرور سيارة الطوارئ.
وتابعت: “من خلال تحليل سرعات خط الرؤية للنجم المرئي – وهذا النجم المرئي يشبه شمسنا – يمكننا استنتاج مدى ضخامة رفيق الثقب الأسود، وكذلك فترة الدوران، ومدى انحراف المدار. وأكدت هذه القياسات الطيفية بشكل مستقل تحليل غايا، الذي أشار أيضا إلى أن هذا النظام الثنائي يتكون من نجم مرئي يدور حول جسم ضخم جدا”.
ويجب الاستدلال على الثقب الأسود من خلال تحليل حركات النجم المرئي لأنه لا يتفاعل مع النجم المضيء. ولا تحتوي الثقوب السوداء غير المتفاعلة عادة على حلقة دائرية الشكل من الغبار والمواد المتراكمة المصاحبة للثقوب السوداء التي تتفاعل مع جسم آخر. ويجعل التراكم نوع التفاعل أسهل نسبيا للرصد بصريا، ولهذا السبب تم العثور على المزيد من هذا النوع.
وتشير شاكرابارتي: “عندما تسقط المادة من النجم الآخر على جهد الجاذبية العميقة هذا، يمكننا رؤية الأشعة السينية”.
وتميل هذه الأنظمة المتفاعلة إلى أن تكون في مدارات قصيرة المدى، كما تقول الدكتورة تشاكرابارتي: “في هذه الحالة، ننظر إلى ثقب أسود وحشي، لكنه يدور في مدار طويل مدته 185 يوما، أو نحو نصف عام. إنه بعيد جدا عن النجم المرئي ولا يحرز أي تقدم تجاهه”.
ويجب أن تطبق التقنيات التي استخدمها العلماء لإيجاد أنظمة أخرى غير متفاعلة أيضا.
وبحسب تشاكرابارتي: “تشير التقديرات البسيطة إلى أن هناك نحو مليون نجم مرئي لها ثقوب سوداء رفيعة في مجرتنا. ولكن هناك مائة مليار نجم في مجرتنا، لذا فإن الأمر يشبه البحث عن إبرة في كومة قش. لقد سهلت مهمة غايا بقياساتها الدقيقة بشكل لا يصدق، من خلال تضييق نطاق البحث”.
ويحاول العلماء فهم مسارات تكوّن الثقوب السوداء غير المتفاعلة.

ويقول الدكتور تشاكرابارتي: “يوجد حاليا العديد من الطرق المختلفة التي اقترحها المنظرون، لكن الثقوب السوداء غير المتفاعلة حول النجوم المضيئة هي نوع جديد جدا من سكان الكون. ولذلك، من المحتمل أن يستغرق الأمر بعض الوقت لفهم التركيبة السكانية الخاصة بها، وكيف تتشكل، وكيف تختلف هذه القنوات – أو إذا كانت متشابهة – عن المجموعات الأكثر شهرة في التفاعل، ودمج الثقوب السوداء”.
فهل ستقتصر معرفتنا عن عالم الثقوب السوداء عند هذا القدر من المعلومات أم أن هناك معلومات يتكتم العلماء عنها ويمكن أن تنشر وتعرف في الأيام والسنوات القادمة
 






المصدر:مواقع ألكترونية