دعونا نرى قصة عبادة الإله هبل في شبه الجزيرة العربية و التي تؤكد من خلال المصادر العربية أن الأنباط ليسوا عرباً و قد أورد هذه القصة العديد من الأخباريين العرب و رووه كما هو متعارف و متناقل عن العرب و سنجد الدقو فيه كذلك و عدم احتمال أن يكون صدفة ، و هذه القصة كما نقلها موقع Islamweb
"وكان أول من غير ملة إبراهيم ودعا إلى عبادة الأصنام، عمرو بن لحي الخزاعي ، حين قدم بلاد الشام فرآهم يعبدون الأصنام والأوثان من دون الله، فاستحسن ذلك وظنه حقاً، وكانت الشام آنذاك محل الرسل والكتب السماوية، فقال لهم: ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون؟ قالوا له: هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا، فقال لهم: ألا تعطوني منها صنما فأسير به إلى أرض العرب فيعبدونه، فأعطوه صنماً يقال له هبل فقدم به مكة فنصبه وأمر الناس بعبادته وتعظيمه"
من القصة نعرف أن عمرو بن لحي ذهب الى الشام و رأى أهلها على ثقافة مختلفة عن ثقافة العرب و هذا أول دليل على اختلاف الشعبين ، لكن أي موضع من الشام تحديداً ؟ إنه الشعب الذي يعب الإله هبل و هم الأنباط! بل و سنجد في نسخة أخرى من الحديث ما يؤكد كون الأردن هو وجهة عمرو بن لحي الخزاعي
ثم سألهم عمرو بن لحي الخزاعي أن يعطوه تماثيل للآلهة ليسر بها إلى أرض العرب!! هذا يعني أن الأنباط مختلفون تماماً عن العرب و أن أرضهم غير أرض العرب ، و إلا لقال أعطوني أسير بها إلى الحجاز أو إلى قبيلة كذا لكن أن يقول العرب و يذكرهم بصيغة الغائب فلغوياً هذا دليل أن الأنباط من غير جنس العرب
و إليكم النسخة الأخرى من الحديث :
"قال ابن هشام حدثني بعض أهل العلم أن عمرو بن لحي خرج من مكة إلى الشام في بعض أموره فلما قدم مآب من أرض البلقاء ، وبها يومئذ العماليق ، وهم ولد عملاق ويقال ولد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح رآهم يعبدون الأصنام فقال لهم ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون ؟ قالوا له : هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا فقال لهم : ألا تعطوني منها صنما فأسير به إلى أرض العرب فيعبدوه ؟ فأعطوه صنما يقال له : هبل فقدم به مكة فنصبه ، وأمر الناس بعبادته وتعظيمه ."
إذاً خرج عمرو بن لحي الخزاعي إلى مآب من أرض البلقاء و هي مدينة الكرك في الأردن اليوم و رأى فيها من يعبد الإله هبل (هبلو في النقوش النبطية) و كان القوم من العماليق و هم شعب غرب سامية و تحديداً الكنعانيون و الآراميون و الأموريون و يفهم من النص مجدداً أنهم مختلفون عن العرب ثقافياً و عرقياً و قومياً
و قد كانوا بدون شك أنباطاً فهم يعبدون الإله النبطي هبل ، إذاً مجدداً فالأنباط من غير جنس العرب حسب الروايات العربية نفسها
و أخيراً إليكم ما قاله الباحثون عن الأنباط :
أحمد الجلاد رغم قوله بأن الأنباط تكلموا العربية (و هو ما قمنا بدحضه) يقول أن الأنباط ليسوا بالضرورة عرب و هم حتماً لا يمتون للقومية العربية بشيء و أنهم لم يهاجروا من شبه الجزيرة العربية (المصدر : سلسلة تغريداته عن لغة الأنباط من هنا)
جان ريتسو : يؤكد أن الأنباط مختلفون كلياً عن العرب و أن كلمة عرب أطلقت أساساً على أناس شرسين ذوي أسلوب حياة حربي بينما كان الأنباط شعباً مسالماً و هو يفند الادعاءات القائمة على المصادر الغريكو-رومانية و أقوال جوزيفوس (المصدر : كتابه The Arabs in Antiquity: Their History from the Assyrians to the Umayyads)
دي ريو سانشيز :  في نهاية كتابه يؤكد أن العرب كانوا جزءاً واحداً من أجزاء عديدة من المجتمع النبطي و أن الأنباط لا علاقة لهم قومياً و إثنياً بالعروبة و أنه من المحتمل أن يكونوا من القبائل الآرامية الـ 38 الوارد ذكرها في بابل (المصدر : كتابه NABATU THE NABATAEANS THROUGH THEIR INSCRIPTIONS FRANCISCO)
كاترمير Quatremère في كتابه Mémoire Sur Les Nabatéens يؤكد أن الأنباط آراميين من بابل
الدكتور خزعل الماجدي في كتابه الأنباط : التاريخ ، المثولوجيا ، الفنون يؤكد أن الأنباط آراميون من بلاد الرافدين و كانوا حلقة وصل بين الحضارة الآرامية و العربية
Armand Pierre Caussin de Perceval (آرماند بييب كوسان دي بيرسفال) يقول أن الأنباط آراميون و غير عرب
موسوعة Britannica تسمي الأنباط "شعب غربي سامي" و لا تسميه بالعربي و العديد من الموسوعات فعلت ذلك و هي أكثر مصداقية من ويكيبيديا
و في النهاية إن لم يسكن الأردن آراميين فلماذا لهجاتها ما زالت غزيرة بها ؟ لماذا أسماء المدن و القرى الأردنية هي آرامية (و كنعانية) ؟ الأردن نفسها اسم آرامي ، نهر أرنون ، الكرك ، السلط ، كفرنجة ، عينون ، عجلون ، الرمثا ، غريسا ، أم الجمال (اسمها الأصلي قبل التعريب بيثا جامول) أو كناثا ، إيلا (التي عربت و أصبح اسمها العقبة) ، حشبون (كلمة موآبية) ، عمان (كلمة عمونية من مملكة عمون الأردنية) ، حوشا ، سحم ، جرش ، بريشتا ، كفر عوان ، بيرين ، بل حتى عاصمة الأنباط الأولى "رقمو" و غيرها الكثير... من أين أتت هذا التسميات الآرامية إن لم يكن في الأردن مجتمع آرامي قوي و كثيف ؟ لماذا أسماء مدن الأنباط هي آرامية ؟
تقول موسوعة Encyclopedia.com أن الأنباط تكونوا من عدة شعوب تحديداً الآراميين جنوب سوريا و قد كتبوا الآرامية و تحدثوا بها لكن لعلم الحكام وحدهم من كانوا من سلالة عربية (و نحن إن قبلنا بهذا فسنقول أنها مختلطة بين العرب و الآراميين لوجود حكام ذوي أسماء آرامية) و أن العربية كلغة تمركزت لدى بعض المسؤولين في بترا و في الجنوب و الشرق و هي مناطق أساساً خارج بلاد الشام و الأردن و كانت عربية خضعت لسيطرة الأنباط ، فالشعب إذاً آرامي بامتياز
نترككم أخيراً مع رأي النسابين العرب في عروبة الأنباط من و كل ما يلي بين معترضتين منقول مع تحفظنا على أسلوب الكتابة الذي يستصغر فيه من الأنباط :
"الكاتب:أحمد ابوبكرة الترباني
 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ـ علية الصلاة والسلام ـ وبعد :
من العجائب التي نسمعها اليوم من بعض أدعياء المعرفة في الأنساب وكذلك دعاة العربية , أنهم يقولون في أبحاثهم ومقالاتهم أن ( الأنباط من العرب ) , ويفتخرون في هذا !!
 وهذا يدل ان هؤلاء لا يعرفون تاريخ العرب ولا يعلمون من علوم الأنساب والعربية غير إسمها .
 وقد نقلت في هذه الرسالة أدلة قوية تثبت للعاقل اللبيب ان الأنباط من العجم , والأنباط يضرب بهم المثل في جهالة النسب , ولهذا حذر عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ حيث قال : تعلموا أنسابكم ولا تكونوا كالنبط إذا سئل احدهم عن أصله قال : من قرية كذا .
 فعلم الأنساب أشتهرت به العرب , خلافا لغيرها من الأمم وخاصة ( الأنباط ) 
 بل تقول العرب للرجل الذي لا يعرف نسبه يقال عنه : ( نبطي ) وهي مذمة , فكيف يدعي هؤلاء بأن الأنباط من العرب , سبحان الله والله المستعان .
 ونذكر لكم ادلة قوية تثبت أن الأنباط من العجم 
 باب ـ ( الأنباط من العجم ) 
 ذكر الحافظ ابوموسى الأصفهاني في ( مجموع المغيث )(2/397) : سأل عمر بن الخطاب عمر بن معد يكرب عن سعد ـ رضي الله عنهم ـ فقال : خير أمير , نبطي في حبوته , عربي في نمرته .......... .
 قلت : وهذا دليل واضح على ان الانباط من العجم , حيث ذكر عمر بن معد يكرب ان سعد ـ رضي الله عنهم ـ كان نبطي في جلسته , عربي في لباسه , وهذا تفريق واضح بين جنس النبط وجنس العرب فأنتبه رحمك الله .
 وذكر الأصفهاني في ( مجموع المغيث ) (3/132) عن أبن هبيرة قال : أعوذ بلله من شيطان مستغرب ومن نبطي مستعرب .
 وجاء في ( معجم الشعراء )(523) لابن المرزباني :
 قال جرير يهجو ميجاش بن نعيم البرجي : 
 إني لأعلم يا ميجاش انكم 
اولاد أحمر من أنباط حوران 
 قلت : أولاد أحمر هم العجم من الأنباط .
 قال التبريزي في ( شرح ديوان الحماسة ) (2/891) : العرب تسمي العجم الحمراء .
 قلت : وذلك لأن الغالب على العجم أنهم حمر الوجوه زرق العيون .
 ومما يدل ايضا على أن الأنباط من العجم قول حسان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ :
 لكميت كأنها دم جوف 
عتقت من سلافة الأنباط 
 وأخرج ابن عبدربة في ( العقد الفريد )(4/57) : قال احمد بن ابي دواد لمحمد بن عبدالملك الزيات عند الواثق : أضوي ـ أي أسكت ـ بالنبطية فقال له : لماذا ؟ والله ما انا بنبطي ولا بدعي . انتهى 
 قلت : وهذا محمد الزيات يرد على ابن ابي دواد بأنه عربي وليس نبطي .
 وأخرج السبكي في ( طبقات الشافعية الكبرى ) (3/221) قصيدة لابن حزم يقول فيها :
فعرب وأحبوش وترك وبربر 
وفرس بهم قد فاز قدح المساهم
وقبط وأنباط وحزر وديلم 
وروم رموكم دونه بالقواصم 
 قلت : وهذا تفريق واضح بين هذه الأجناس وبين جنس العرب , والأنباط من جنس العجم .
 وأخرج ابن عبدربة في ( العقد الفريد ) (4/181) قول عيسى بن لهيعة حين ذكر ان بعض الكتاب كتب الى بعض الملوك , فوقع الملك في اسفل الكتاب : والله لو عطست ضبا ماكنت عندنا الا نبطيا , فأقصر عن تنطعك وسهل كلامك .
 علق ابن عبدربة على هذا القول وقال : لو عطست ضبا يريد ان الضباب من طعام الأعراب وفي بلدهم , فقال : لو عطست فنثرت ضبا من عطاسك لم تلحق بالأعراب ولم تكن الا نبطيا . انتهى 
 قلت : وهذا تشبيه حسن , فإن هذا نراه اليوم من أصحاب الوجوه الحمر , تجدهم يتصنعون ويتكلمون بلهجات البدو , وهذا الصنف لو عطس من أنفه بعيرا لم يكن عندنا الا أحمر من أصحاب البرذون .
 قال الحريري في ( المقامة التاسعة والأربعون ) : وإني اوصيك بما لم يوص به شيث الأنباط ولا يعقوب الأسباط ........ .
 قال الشريشي في ( شرحه للمقامات ) (3/445) : الأنباط قيل سموا انباطا لأستنباطهم البناء واستخراجهم المياه , والنسابون يزعمون انهم من ولد يافث بن نوح .
 أخرج ابن عبدربة في ( العقد الفريد ) (3/307) عن سعيد بن المسيب قال : ولد نوح ثلاثة أولاد , سام وحام ويافث , فولد سام العرب وفارس والروم , وولد حام السودان والبربر والنبط , وولد يافث الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج .
 قلت : ولا خلاف في هذا بأن الأنباط من يافث او من حام المهم انهم من العجم وهذا هو المقصود من هذا السرد .
 قال الإمام النووي في ( رياض الصالحين ) ( باب النهي عن تعذيب العبد ) : الأنباط الفلاحون من العجم .
 قال ابن دريد كما عند الشريشي في ( شرح المقامات ) (3/445) : النبط جيل من الناس معروف وهم النبط والانباط والاسباط بنو يعقوب عليه السلام .
 وذكر ابن المرزباني في ( معجم الشعراء ) (508) لما قتل كسرى النعمان بن المنذر أغارت العرب على السواد ـ اي الانباط ـ فقال مفروق وهو من بني شيبان وكان أحد من أغار :
 أنزى بأنباط السواد وساقه
إلي وأودى رجلتي وفوارسي
 وفي نهاية هذه الرسالة , إعلم رحمك الله ان الأنباط من العجم يضرب بهم المثل في جهالة النسب , فلا تلتفت رحمك الله الى الأقوال الشاذ الركيكة , فأنتبه هداك الله وألزم غرس أجدادك العرب ."
الكاتب يؤكد في كتابه أن نبط العراق و نبط الشام كلاهما شعب واحد أعجمي عن العرب
و نضيف أن موسوعة Encyclopedia تصنف كل من تدمر و نبطيا على أنهما ممالك آرامية
و سنعود إليكم قريباً في مقالات عن الأنباط من أهمها نقش النمارة : مسمار في نعش عروبة الأنباط
إرسال بالبريد الإلكترونيكتابة مدونة حول هذه المشاركة‏المشاركة في Twitter‏المشاركة في Facebook‏المشاركة على Pinterest 
العرب و العروبة و شبه الجزيرة العربية : ترجمة في كتابات عالم الآثار و اللغات أحمد الجلاد



الأستاذ و العالم أحمد الجلاد هو اختصاصي و باحث في النصوص الصفوية و كذلك تاريخ لغات الشرق الأدنى قبل الإسلام و تطور اللغة العربية , لدى الدكت...