حملة كاسيليوس ميتيلوس سنة 109 ق.م: إستراتيجية يوغرطة في حرب العصابات و الإنتصار في زاما
حملة كاسيليوس ميتيلوس سنة 109 ق.م: إستراتيجية يوغرطة في حرب العصابات و الإنتصار في زاما 1591
بعد معركة الموثول إنسحب يوغرطة إلى مناطق محصنة طبيعيا و جمع جيشا جديدا أكبر من السابق لكنه ضعيف و خبير بأمور الزراعة أكثر من الحرب ، عندما رأى ميتيلوس أن يوغرطة يخطط لحرب جديدة و أن معنوياته لا زالت مرتفعة و أن الإنتصار يكلفه أكبر بكثير مما يكلف يوغرطة عند الهزيمة لذلك قرر تغيير طريقة الحرب فتقدم إلى المناطق الغنية و نهب الحقول و أحرق القرى و أمر بقتل كل من يمكنه حمل السلاح أدى ذلك إلى إستسلام العديد من المدن للرومان ، أثارت هذه الأفعال غضب الملك يوغرطة و بدلا من التراجع قرر اللحاق بالأعداء و تحين اللحظة المناسبة للهجوم
حملة كاسيليوس ميتيلوس سنة 109 ق.م: إستراتيجية يوغرطة في حرب العصابات و الإنتصار في زاما 1-386
وقد كانت إستراتيجية يوغرطة مهاجمة الفرق الرومانية المنفصلة عن الجيش الرئيسي و إبادتها و يذكر سالوست مثال عن إحدى هذه الكمائن بالقول " : أمر يوغرطة القسم الأكبر من جيشه بالبقاء في ذات المكان بينما هو نفسه تبع ميتيلوس مع فرقة مختارة من الفرسان و سار ليلا وسط الممرات السرية و إنقض فجأة على الرومان حين لم يتوقعوا ذلك ، تم ذبح أغلبهم و أسر الكثيرون و لم ينجوا أي أحد و قبل وصول المساعدة من المعسكر إنتشر النوميديون في الجبال القريبة كما أمرهم الملك " ،
حملة كاسيليوس ميتيلوس سنة 109 ق.م: إستراتيجية يوغرطة في حرب العصابات و الإنتصار في زاما 1-103
بعد هذه الهجمات إزداد خوف ميتيلوس و حذره و تخلى عن إستراتيجية النهب و الحرق العشوائي إلا عند الضرورة القصوى و قسم جيشه إلى قوتين منفصلتين الأولى بقيادته و الثانية بقيادة ماريوس ، في هذه الأثناء كان يوغرطة يتبع مسيرة الأعداء على إمتداد الجبل و في جميع الأماكن التي سمع أن الرومان سيمرون منها كان يحرق المؤن و يسمم مصادر المياه القليلة و يظهر أمام ميتيلوس و أحيانا أخرى أمام ماريوس و يهاجم الحراسة الخلفية للجيش و يتراجع إلى الجبال و تسبب برعب كبير في وسط الرومان و منع الأعداء من التحرك بحرية و تنفيذ خططهم
حملة كاسيليوس ميتيلوس سنة 109 ق.م: إستراتيجية يوغرطة في حرب العصابات و الإنتصار في زاما 1-387
وهكذا غرق الرومان في حرب عصابات طويلة أثرت بشدة على معنوياتهم خصوصا إشارة سالوست إلى وجود العديد من الفارين الرومان الذين إنضموا إلى يوغرطة ، عندما أدرك ميتيلوس أنه يتضرر من إستراتيجية يوغرطة دون أن يحرز هو أي تقدم قرر محاصرة مدينة كبيرة إسمها زاما و هي أهم حصن ملكي من أجل جر يوغرطة إلى معركة مباشرة لكن يوغرطة عرف بهذه الخطة من الجنود الرومان الهاربين و سار إلى هناك و حرض السكان على المقاومة بكل قوة و قال لهم أنه سيكون حاضرا بجيشه للقتال معهم ، بعد أن جهز كل شيئ تراجع إلى موقع محصن عندها علم أن ماريوس ذهب إلى سيكا لجلب القمح سار إلى هناك و هاجم الرومان عند خروجهم و طلب المساعدة من السكان لكن ماريوس إنسحب في الوقت المناسب ،

خلال ذلك أنهى ميتيلوس الإستعدادت و بدأ بالهجوم على المدينة ، ظل النوميديون مستعدين للمعركة دون أي إرتباك ، كان الرومان يحفرون الخنادق و يحاولون تجاوز الأسوار بينما كان المدافعون يرمون الأسهم و الحجارة و منعوهم من التقدم و أصيب الكثير بالجروح ، و بينما الأمور هكذا فجأة هاجم يوغرطة بقوة كبيرة المعسكر الروماني هرب البعض بينما قتل و جرح الكثيرون و شكل 40 جنديا رومانيا مساحة للدفاع حتى وصول المساعدات ، عند ذلك وصل بعض الهاربين إلى ميتيلوس و علم منهم ما حدث و أرسل جميع الفرسان إلى المعسكر و أمر ماريوس أن يتبعه مع كتائب الحلفاء متوسلا إياه بالدموع ألا يسمح بهذه الإهانة ،
حملة كاسيليوس ميتيلوس سنة 109 ق.م: إستراتيجية يوغرطة في حرب العصابات و الإنتصار في زاما 1--47
أعاقت تحصينات المعسكر تحركات يوغرطة و كان جنوده يتزاحمون و يسقطون الواحد تلو الأخر و إضطر للإنحساب إلى موقع حصين ، في اليوم التالي نشر ميتيلوس كل سلاح الفرسان لحراسة المعسكرات كي لا يتكرر هجوم يوغرطة السابق ثم تقدم إلى المدينة و هاجم الأسوار ، في أثناء ذلك قام يوغرطة الذي كان متخفيا بهجوم مفاجئ آخر و ذعر الرومان الذين كانوا هناك لكن هب الباقون لنجدتهم ، لم يستطع النوميديون المقاومة لفترة طويلة لكن بدلا من إستراتيجية الفرسان النوميديين الذين كانوا يثقون في قوة المشاة في الهجوم والتراجع قاموا بالإندفاع على الرومان و كسروا صفوفهم و ألحقوا خسائر فادحة ، أثناء ذلك إشتدت المعركة حول أسوار زاما كان صوت صيحات الحماس و الفرح و الأنين تسمع و يعلو إصطدام الأسلحة في السماء و تسقط القذائف على الجانبين لكن عندما يخفف الرومان من الهجوم حتى لوقت قصير فإن المدافعين عن السور كانوا يواصلون المعركة مع الفرسان و يشجعونهم و يزيدون حماستهم ،

عندما لاحظ ماريوس ذلك تظاهر بالتراجع تاركا المدافعين يشاهدون معركة الملك و بعدها قام بهجوم مفاجئ محاولا إقتحام الأسوار لكن المدافعين إنتبهوا في الوقت المناسب و أسقطوا المهاجمين بجروح بليغة ، عندها حل الليل و إنتهت المعركة من الجانبين ، عندما رأى ميتيلوس فشل محاولاته و خططه قرر سحب جيشه و الإحتماء في المقاطعة الرومانية بإفريقيا و وضع حاميات بالمدن التي إنضمت إليه و هكذا إنتهت الحملة الرومانية ضد يوغرطة سنة 109 ق.م بهزيمة كبرى حتى مع أقوى و أكفئ القادة و الجنود بسبب شجاعة يوغرطة لذلك فإن هذا الفشل جعل ميتيلوس يستعمل سلاح المؤامرة و الخيانة للقبض على يوغرطة

الصورة تعبيرية

المرجع:
1_ Sallust , The War Against Jugurtha 54.... 61