مولود أث معمري
مولود أث معمري  1--281
ولد الروائي مولود معمري في 28 ديسمبر 1917 بقرية تاوريرت ميمون بآث يني - ولاية تيزي وزو
نشأ وسط أسرة ذات جاه وعلم مهدت له ظروفا مواتية لإحتضان العلم والأدب، حيث تلقى تعليمه الإبتدائي بمدرسة القرية، وهي المنطقة التي كانت ملهما قويا لمختلف الأعمال الأدبية التي أصدرها فيما بعد ..
و في العام 1928 التحق بالمملكة المغربية وهو لم يتجاوز الحادي عشر من عمره، ودرس بمدينة الرباط في كنف عمه الذي كان من الشخصيات المقربة للملك المغربي محمد الخامس آنذاك ، و في العام 1932 عاد معمري إلى أرض الوطن، فإلتحق بثانوية بوجو (ثانوية الأمير عبد القادر حاليا) بباب الواد بالعاصمة، ثم انتقل إلى ثـانوية لويس الأكبر بباريس فيما بعد
و في العام 1939 تم تجنيده من طرف السلطات الإستعمارية، غير أنها سرعان ما أخلت سبيله سنة 1940 فكانت فرصة للإلتحاق بجامعة الجزائر بكلية الأداب ..
- وفي نفس السنة، نشر بمجلة ''أكـدال'' المغربية مجموعة هامة من المقالات المتعلقة بالمجتمعات الأمازيغية، والتي تناولها في بعد انتروبولوجي زاد من وتيرة ترقية اللغة والثقافة الأمازيغتين، كما شارك أيضا في الحملة العالمية لمناهضة الحرب العالمية الثانية ..
وفي العام 1942 أعيد تجنيده بعد الإنزال الأمريكي، فترشح غداة نهاية الحرب إلى مسابقة توظيف أساتذة الآداب، ليعود إلى الجزائرسنة 1947 وخلال هذه المرحلة، كان مولود معمري مدرسا بالمدية، ثم ببن عكنون بالعاصمة، فكانت مرحلة هامة لوضع أولى اللبنات لروايته الأولى ''الهضبة المنسية'' التي صدرت عام 1952 وهو العمل الأدبي الذي ارتقى بالكاتب إلى مصف العظماء، وقد نالت إعجاب كبار الكتاب آنذاك، حيث تمنى الأديب (طه حسين) أن تكون كتبت بالعربية ليطلع عليها القراء العرب لما تحمله من قيم جمالية وفنية رائعة ..

و في العام 1955 أصدر الكاتب عملا روائيا جديدا بعنوان " نوم العادل '' فأخذت شهرته تكتسح الأصقاع وازداد الطلب على روايتيه لما تحملانه من بعد إنساني حضاري يرتبط ارتباطا وثيقا بالإرث الثقافي للأمازيغ ..
كان الروائي مناضلا ثقافيا أسس للسانيات الأمازيغية وأنجز عملا كبيرا في النحو الأمازيغي أسماه '' تـاجرومـت '' و يعد أول عمل أكاديمي لساني في تلك الفترة بشمال افريقيا ..
و مع تسارع الأحداث، تفطنت الإدارة الفرنسية لأمر الكاتب فقررت ملاحقته واستهدافه، وقد كان كاتبا فذا ينبذ الإستعمار ويتغنى بالسلم والحرية، فكان عليه أن يغادر الجزائر وهو ما كان فعلا حين اتجه إلى مدينة الرباط سنة 1957 وكانت تلك محطة هامة لإنجاز دراسات تتناول اللسانيات الأمازيغية في سياق أكاديمي منسق، زادته ثراءا مع احتكاك الكاتب بأمازيغ المغرب، وهو ما أسس لأولى المحاولات لتأسيس قاموس أمازيغي موحد بين دول المغرب الكبير ..
غداة الإستقلال عاد الروائي مجددا إلى الجزائر وأصدر في العام 1965 رائعته ''الأفيون والعصا''
وخلال المرحلة الممتدة ما بين 1965 و 1972 أشرف على تدريس اللـغة الأمازيغية بالجامعة في إطار خلية الإتنوبولـوجيا التي كان يشرف عليها، غير أنه منع في العديد من المرات من إلقاء دروس خاصة بهذه اللغة، وكان يجبر على الحصول على ترخيص لإلقاء تلك الدروس، وامتد الأمر كذلك إلى غاية سنة ,1973 حيث تقرر خلالها حذف وحدة الإتنولوجيا من المقرر على أساس تصنيفها ضمن الوحدات الموروثة عن الإستعمار .... روايات معمري تختلف اختلافا جذريا عن الأعمال الأدبية التي كتبت بالفرنسية منذ بداية القرن العشرين، ولقد اتضح منذ البداية أنه مشروع روائي يوازي فكر الأدباء الذين انصهروا في سياسة الاندماج والمثاقفة من قبل، وتبين جليا أن رواياته لم تكن إلا دعوة صريحة إلى أدب وطني أصيل.
في سنة 1965 جمع الكاتب ونشر مجموعة قصائد الشاعر ''سي محـند أومـحـند''، فساهم بذلك في وضع لبنة أخرى في سياق الحفاظ على التراث الشفوي للشاعر بعد تلك التي قام الكاتب مولود فرعون ، وخلال الفترة الممتدة ما بين عامي 1969 و 1980، أشرف ''الـدا المولود'' على رئاسة المركز الوطني للأبحاث الأنتروبولوجية والدراسات ما قبل التاريخ والإتنولوجيا، حيث أصدر مجلة ليبيكا التي اتسمت بدراساتها ذات الطابع العلمي، كما نشر سنة 1973 مجموعة قصصية موسومة'' موظف البنك'' والتي تضمنت أيضا مقالات ثقافية إنسانية ..

الـــــــربـيــــع الأمـــازيـــــــغــــــــــي:
- في سنة 1980 تلقى الكاتب دعوة إلى إلقاء محاضرة بجامعة تيزي وزو بعنوان ''الأدب الشعبي القبائلي'' غير أن السلطات الجزائرية قررت يوم 10 مارس 1980 إلغاء المحاضرة، مما ألهب الأجواء الطلابية وتسارعت الأحداث فولدت مواجهات مؤسفة يوم 20 أفريل 1980 وهي الأحداث التي أصبحت تسمى بـ ''الربيع الأمازيغي ''· وفي نفس العام، لم تتوقف آلة الكاتب من تلفظ ما كانت تدونه من أعمال أدبية، حيث أقدم على تجربة نشر ما جادت قريحته من شعر، فكان ديوان ''أشـعار القبيلة ''مولودا أدبيا مميزا في تلك السنة ، و في سنة 1982 يعود ''الـدا المولود'' إلى العمل الروائي فينشر روايته الرابعة الموسومة ''العـبور''.
- وفي نفس السنة، أسس بباريس مركز الدراسات والأبحاث الأمازيغية و كذا أنشأ مجلة '' أوال '' التي تعني الكلمة·
- وفي العام 1988 تم تكريم مولود معمري بالدكتوراه الفخرية منحتها له جامعة السوربون نظير ما قدمه من أعمال أدبية إنسانية خالدة .