هذا ما قاله مؤرخ العالم القديم هيرودوت عن الأمازيغ الأوائل!
هذا ما قاله مؤرخ العالم القديم هيرودوت عن الأمازيغ الأوائل! 1---41
أطلق الأمازيغ على أنفسهم لقب "الرجال الأحرار"، أو "إيمازيغن" كتحدٍ لإمبراطوريات قوية ابتلعت نصف أراضي العالم القديم. لُقبوا بـ"البربر"،من طرف أمم أخرى لشدتهم في مقاومة خصومهم أو لبعدهم عن تقافة الآخرين وأحيانا "الموريتانيين". وفي كتب أخرى لمؤرخين قدامى، يظهرون بأسماء مثل "الليبيين" أو "الأفارقة" .
لقد حمل الأمازيغ ألقابا عديدة، بعضها يحمل نعوتا جغرافية لشعب وقع على الدوام على هامش الإمبراطوريات الكبرى، لكن تسميات أخرى تحمل "دلالات قدحية" معروفة لدارسي التاريخ، فـ"المنتصر يقهر المغلوب حتى في بطون الكتب".
مؤرخ العالم القديم هيرودوت (حوالي 484 ق.م - 425 ق.م)، فضّل وصف الأمازيغ الأوائل بـ"الليبيين"، وهي تسمية كانت تُطلق على كل شعوب شمال أفريقيا (رُحّل وغير رُحّل) خلال الفترة التي ألّف فيه كتابه الضخم "تاريخ هيرودوت".
"شعوب بأبدان هائلة"
يقول هيرودوت "بلا شك، لا أعرف أناسا أصحاء أكثر من الليبيين"، مضيفا أن شعوب هذه المناطق المحاذية لمصر "يُقدّمون الأضاحي للشمس والقمر، لكن لا يعبدون آلهة أخرى غيرهما. عبادة الشمس والقمر شائعة ومشتركة بين كل الليبيين".
هذا ما قاله مؤرخ العالم القديم هيرودوت عن الأمازيغ الأوائل! 1-684
ويفسّر أسباب تمتّع شعوب منطقة شمال أفريقيا ببنية عضلية قوية لا تستسلم للأمراض، قائلا "عندما يبلغ أطفالهم سن الرابعة، يحرقون أوردة في مقدمة رؤوسهم بصوف الأغنام. البعض يقوم بهذا الطقس حول المعابد". "يقولون إن هذا هو السبب في كونهم أكثر صحة بكثير من شعوب أخرى"، يقول هيرودوت، مضيفا "لا أستطيع أن أؤكد هل هذا العلاج هو سر الصحّة التي يتمتعون بها، لكنهم بالفعل أصحّاء".
وتحدث هذا المؤرخ - الذي لقّبه خطيب روما والفيلسوف الشهير شيشرون بـ"أب التاريخ" - عن عادات تشييع الموتى لدى الأمازيغ، قائلا "يدفنون موتاهم وفقا للأسلوب الإغريقي باستثناء النسامونيين (رُحل أمازيغ). هؤلاء يدفنون موتاهم في وضعية الجلوس".
وكان الإغريق يُشيّعون موتاهم خلال فترة هيرودوت - أي بعد 1100 قبل الميلاد- "في قبور فردية بدلاً من مقابر جماعية. لكن أثينا رغم ذلك مثلت استثناء مهما، إذ كان الأثينيون يحرقون موتاهم ويضعون رمادهم في جرة".
وعن مساكن الأمازيغ، يقول إن بيوت بعضهم مصنوعة من "أغصان شجر البروق وأعشاب الأسل. يمكن حملها من مكان لآخر"، مضيفا، في موضع آخر، أن "ليبيين آخرين يحرثون الأرض ويعيشون في منازل. يتركون شعورهم لتكبر طويلة على الجانب الأيمن من رؤوسهم، بينما يحلقون الجانب الأيسر".
وعن نسائهم، كتب هيرودوت أنهن يشاركن في الحروب مع الرجال، وتقتصر مهمتهن على قيادة العجلات الحربية.
هذا ما قاله مؤرخ العالم القديم هيرودوت عن الأمازيغ الأوائل! 1----30
وقد اخترع المصريون القدامى هذا السلاح الفتاك عند هجوم الهكسوس على مصر حوالي 1650 قبل الميلاد.
اليوم، تُعتبر "العجلة" أول عربة مدرعة في التاريخ البشري، إذ ساهمت في تغيير مجرى الكثير من الحروب.
تأثير الأمازيغ على الإغريق
يعترف هيرودوت بأن الإغريق اقترضوا مجموعة من العادات من الليبيين، إذ يقول "الفستان الذي يزيّن تماثيل مينيرفا Minerva وأيضا دِرْعها استمدّهما الإغريق من نساء ليبيا".
ومينيرفا، هي إلهة يونانية، أدمجها الرومان لاحقا مع إلهة إغريقية أخرى هي أثينا، فأصبحت "إلهة العقل والحكمة وربة جميع المهارات والفنون".
هذا ما قاله مؤرخ العالم القديم هيرودوت عن الأمازيغ الأوائل! 1---151
ولا تزال تماثيل مينيرفا تزيّن الكثير من المتاحف الأوروبية اليوم.
ويضيف هيرودوت: "ملابس النساء الليبيات مصنوعة من الجلد. باستثناء ذلك، فالثياب لدى الإغريق والليبيين متشابهة تماما"، ويظهر هذا أيضا في ملابس المعبودة اليونانية الأخرى بالاس Pallas، "فلباس تماثيلها جاءت من ليبيا".
وفي هذا الجزء الذي خصصه للأمازيغ الأوائل، يترك هيرودوت الحديث عن الأشياء التي تأثر بها الإغريق ليتحدث عن المرأة الأمازيغية، قائلا "بالنسبة للمرأة الليبية، ترتدي الجلود (خاصة جلود الماعز)، مهذبة على الحواف وملونة بالقرمزي"، مضيفا "أعتقد من جهتي أن النحيب الذي نُطلقه خلال طقوسنا المقدسة جاء أيضا من هناك (ليبيا)؛ لأن المرأة الليبية بارعة في هذا النحيب وتلفظه بلطف شديد".
وفي مجال الفروسية، يقول "تعلم اليونانيون كذلك من الليبيين أن يشدوا أربعة خيول إلى عربة واحدة".
وفي المجمل، هيرودوت مؤرخ ابن حضارة مهيمنة على العالم القديم، ولكونه كذلك فقد جاء كتابه حاملا لهموم الإغريق أساسا. وعلى الدوام، جاءت الشعوب المغلوبة على الهامش، ولهذا لم يذكر تفاصيل كثيرة عن الأمازيغ القدامى سوى ليرجع للحديث عن حروب قوتين عظيمتين في تلك المرحلة: الفرس واليونان.
هذا ما قاله مؤرخ العالم القديم هيرودوت عن الأمازيغ الأوائل! 1--288
في الأخير، رغم أن هيرودوت يوصف بـ"أب التاريخ"، إلا أن مؤلفه الضخم لم يسلم من الانتقادات، فالكتاب يتضمن - بلا شك- بعض الأساطير والخرافات المنتشرة في ثقافة عصره، أما هو فيُصّر على أنه قليلا ما اعتمد على مصادر أخرى غير مشاهداته وتجربته الخاصة.

محمد أسعدي


المصدر:مواقع ألكترونية