اليوم سأقدم لكم كنزا نادرا .....
العديد يطلب مني وثائق و مراجع ما أكتبه في الصفحة .... المراجع كثيرة جدا لكن يجب البحث للوصول إليها ، و يجب خاصة أن تكون لدينا الأدوات اللازمة لفهمها و استخلاص كنوزها و تصفيتها و غربلة المعلومات المتواجدة فيها وتنقيحها وتقديمها في قالب رصين جامع موحد .... و بما أن الصفحة صفحة تعريفية تثقيفية و ليست صفحة أكاديمية ، اخترت نشر المعلومات دون الإشارة إلى المراجع غالبا .... اليوم سأقدم لكم مثلا عن هذه المصادر ، يقدم معلومات تخص منطقتنا
شهادة موثّقة تاريخيا و ذات وزن أكاديمي ثقيل ،  تبرز بوضوح أنّ سكان جبال شمال شرق ولاية المدية  ( وزرة ، بني بويعقوب ، بني مسعود ) كانوا يتكلّمون الأمازيغيّة في القرن 19 م ، من أحد أكبر علماء اللسانيات عبر التاريخ : روني باسي  René Basset الذي عاش بين سنتي 1855 و 1924
مقتطف من كتاب " La Zenatia de l'Ouarsenis - زناتية الونشريس " لعالم اللغات الشهير René Basset ( روني باسي ) الذي كتبه في القرن 19م ، بعد رحلات عديدة في جبال الظهرة و الونشريس ، لدراسة اللهجات الأمازيغية التي أخذت تندثر آنذاك ، مثل :
- لهجات جبال الظهرة الشرقية كلهجات بني مناصر و بني فرح و زاتيمة التي لا تزال متداولة إلى اليوم 
- لهجات الظهرة الغربية مثل لهجة عشعاشة ( حدود مستغانم و شلف ) التي اندثرت للأسف
- لهجة جبال فرندة عند عرش أولاد بلحليمة على الحدود بين تيارت و معسكر و سعيدة اليوم ،  التي اندثرت اليوم للأسف
- لهجة وارسنيس الأوسط عند أعراش مطماطة و هراوات و بطحية التي تكاد تندثر للأسف  
تشكّل أبحاث روني باسي كنزا حقيقيا لمعرفة الهجات الأمازيغية التي كانت مستعملة في الجزائر ، الكتاب سماه : زناتية الونشريس ، لأنه جعل من لهجة عرش أولاد بلحليمة ( بن حليمة ) مرجعا لمقارنة اللهجات الأخرى ، كلمة زناتية نسبة لقبيلة زناتة ، و هي إحدى أكبر القبائل الأمازيغية و أعرقها عبر التاريخ ...... حاليا تسمية " زناتية " لا يزال يحافظ عليها عرش إمظماظن ( مطماطة ) إلى اليوم ، بشرق جبال وارسنيس على حدود ولايات عين الدفلى و تيسمسيلت و المدية  ، الذي يسمي أبناؤه لهجتهم الأمازيغية : جاناث ( زناتية ) ، لكن في القرن 19 كانت كل اللهجات المستعملة غرب الجزائر العاصمة حتى الحدود المغربية تسمى " زناتية " ، بما فيها لهجات الظهرة و الأطلس البليدي ، و التسمية موثقة علميا عند أعراش بني مناصر و بني فرح و بني صالح و بني راشد مثلا  ......
 تعتبر اللهجات الزناتية أكثر اللهجات الأمازيغية انتشارا في العالم إلى اليوم إذ نجدها في واحة سيوة  بمصر و جبل نفوسة و زوارة بليبيا و جربة و تامزرت بتونس و جبال أوراس و القصور و مزاب و ورڨلة و واد ريغ و ڨورارة و توات و الظهرة و جبال تلمسان بالجزائر و الريف و جنوب وجدة بالمغرب و شرق الأطلس الأوسط و شمال نيجر .... إلخ ، انتشار راجع لنمط حياة قبائل زناتة التي كانت من البدو الرحل ، و كذلك كون قبائل زناتة أسست عدة دول و إمارات أمازيغية في الماضي مثل ممالك لجدار و الجيتول و الرستميين و بني مرين و الزيانيين و بني وطاس ... الخ ، للإشارة فإن بعض الأعراش غير زناتية ( من هوارة و صنهاجة  مثلا ) تستعمل اليوم لهجات زناتية ..... كما يمكننا أن نقول أن لهجات الدارجة الجزائرية تقترب كثيرا من الزناتية ، كونها تستخدم نفس النظام الصوتي و نفس طريقة النفي : أو زريغش / ماشفتش ، أو سليغش / ماسمعتش مثلا ، أي النفي باستعمال حرف شين في آخر الفعل .....
إليكم ترجمة المقطع المتواجد في الصورة  ، وهو من الكتاب المذكور ، الصفحة 11 .... تجدون في أول تعليق رابطا لتحميل الكتاب و الاطلاع عليه :
" ..... تبيّن إلى أين كانت تمتدّ الزناتية ( لغة قبيلة زناتة الأمازيغية ) قبل انتشار الدارجة العربية، حدود أراضيها تبيّنها لنا قبائل عشعاشة ( قبيلة في بلدية كاساني - سيدي علي حاليا، ولاية مستغانم- شمال الظهرة ) ، بلحليمة ( شرق معسكر، بلدية فرندة المختلطة ) ، بطحية - جنوب عين الدفلى - و بني بوخنّوس - جنوب شلف - ( بالونشريس ) ، و الهراوات قرب ثنية الحدّ، الذين يقابلون عرش آيث فرح ( الخربة، العامرة حاليا شمال عين الدفلى ) و بني مناصر، بعد ذلك يجب دراسة لهجة عرش مطماطة ( بين عين الدفلى و تيسمسيلت ) قرب جندل، جيران الهراوات ، و التأكّد إن كان ينتمي إلى هذه العائلة ( اللغة الزناتية ) ، أم إلى عائلة لهجات أعراش وزرة ، الزعاطيط ( بني مسعود ) ، بني بو يعقوب و المراشدة، الذين يتواجدون في السفوح الجنوبية للأطلس البليدي، و الذين تقترب لهجتهم من لهجة زواوة ، بمنطقة القبائل الكبرى "
في المقطع أكبر دليل على أن أعراش وزرة و بني بو يعقوب والمراشدة كانوا يتكلمون الأمازيغية آنذاك ، وهي حقيقة تؤكدها شهادات كبار السن في المنطقة ، و أسماء الأماكن و العادات و التقاليد و ألقاب العائلات التي لا تزال أمازيغية في مجملها إلى يومنا هذا !!
و فيها دليل آخر أن لهجات الأطلس البليدي تشكل مجموعة لغوية مسقلة بين لهجات الظهرة و الونشريس من جهة ، و لهجات منطقة القبائل من جهة أخرى .... و لو أن الأبحاث التي أجريت بعد أبحاث روني باسي أكدت أن لهجات الأطلس البليدي أقرب للهجات الظهرة و وارسنيس نطقا و نحوا و صرفا ...... وتشكل جسرا لغويا حقيقيا بين منطقة واد شلف ومنطقة القبائل
تراث رائع نحاول نفض الغبار عليه و التعريف به .... كي لا ننسى ..... كي نقوي وحدة شعبنا .... كي نربط الإنسان بالأرض .... أرض الأجداد الغالية المسقية بدماء الشهداء و الأبطال ......



تحيا الجزائر
شهادة موثّقة تاريخيا و ذات وزن أكاديمي ثقيل  723


شهادة موثّقة تاريخيا و ذات وزن أكاديمي ثقيل  822