هذه شهادة القبطان شارل مونتبيلو يؤكد فيها أن فرنسا المحتلة كانت تبحث عن تعريب الأمازيغ أكثر من بحثها عن تمزيغ العرب لأهداف خبيثة على المدى البعيد لجعل الجزائر كحالة أمريكا وكندا وتسويق أنها بلاد بلا شعب أصلي وكل الساكنين فيها مجرد وافدين إليها مثلهم مثل الأروبيين ومثل العرب والعثمانيين ولا يحق لأحد أن يطالب بملكيتها.

حيث يقول القبطان شارل أن فرنسا يساعدها أكثر تعريب الأمازيغ لأنهم سكان أصليين ومتعلقين جدا بأرضهم وتاريخهم.
هناك مسألة جديرة بالاهتمام وهي أنّ الاستعمار الفرنسي ساهم في تعريب الهوية واللسان والأسماء في الحالة المدنية ففي منطقة الأوراس لا تسجّل الأسماء بصيغتها البربرية مثل موحند وامحند وآيت … بل سجّلت بالعربية، وهذا قد يثير استغراب البعض من الذين أشاعوا فكرة الفرنسة، وأكثر من ذلك استحدثت ما أسمته المكاتب العربية التي تعني في الواقع مكاتب الأهالي، وهؤلاء الأهالي وصمتهم الكتابات الفرنسية بالعروبة، فكلّ ما هو ليس أوربيا هو عربي بالضرورة: النبات والحيوان والإنسان، والاستعمار بهذا العمل كان يرسّخ الهوية العربية، أليس نابوليون الثالث هو صاحب مشروع المملكة العربية في الجزائر. (48) -Marçais(W.), « Comment l’Afrique du Nord a été arabisée », Annales de l’Institut d’études orientales d’Alger, t. IV, 1938, pp. 1-22 et t. XIV, 1956, pp. 6-17. (49) نلاحظ أنّ لغة الحديث تختلف من ليبيا وتونس إلى الجزائر والمغرب اختلافا بيّناً، رغم تسلّل بعض المفردات والصيغ إلى الحدود الجزائرية الشرقية مثل : توّا (أي الآن) التي تقابلها كلمة ضرك لدى المستعربين في الجزائر وهي كلمة محرّفة عن دا الوقت ، أمّا في المغرب فلا تزال الكلمة البربرية دابا هي المستعملة لدى الجميع مستعربين ومحافظين. (50) في هذا المجال يشير الأنثروبولوجيون أنّه يمكن أن نجد أمازيغ خلّصا من جهة الآباء إناثا وذكورا ولكن لا يمكن أن نجد في المطلَق عربا خلّصا لأن الأنساب اختلطت بالمصاهرة أمّا العائلات المرابطية التي لا تدخل امرأة من غير النسب المرابطي في تكوين أسرها فقد ثبت بأنّها عائلات أمازيغية وما النسب الشريف التي يلوّح به أبناؤها إلاّ نسب روحي في أحسن الحالات وهو ردّ فعل على الأعراب فإذا استعلى عليهم الأعراب بالنسب العربي ردّ عليهم المرابطون بالنسب الشريف. (51) – Chaker (S.), Arabisation, in Encyclopédie berbère : VI, 1989, ؛ أمّا المنطقة الشاوية فتشهد استعرابا حثيثا وأكثر من ذلك اختزل العامّة هناك الانتماء إلى الأصل الأمازيغي في اللغة توهّما منهم أنّ البربري هو من يتكلّم الشاوية لا غير وهذه الفكرة الساذجة تقودها الجماعات العشائرية والحضرية التي استعربت منذ أجيال ظنّا منها أنّ الوضع الذي هي فيه أرقى ولا يمكن لها أن ترجع إلى الوراء بعد أن حقّقت ذلك الرقي العظيم ولذلك نرى هؤلاء يصطنعون لأنفسهم الانتماء إلى المدن التي يقيمون بها مع أنّ الانتماء إلى مدينة هو انتماء إقامة وليس انتماء إثنيا أي أنّه انتماء لا يلغي الانتماء الإثني . . 



شهادة القبطان شارل مونتبيلو  1022