كيف بدأ عرب الجزيرة يعبدون الأصنام قبل ظهور الإسلام؟ حكاية بنات الله 3\3
بعدما عرضنا في الجزأين الأول والثاني قصة انتقال وانتشار عبادة الأصنام والأوثان في شبه الجزيرة العربية ,وتطرقنا إلى حكايات
أشهرها كهبل واللاة والعزة… في هذا الجزء، الثالث والأخير، نجيب عن سؤال: كيف أنهى الإسلام أسطورة “بنات الله”؟
“بنات الله”، أسطورة انتهت على يد الإسلام..
هكذا، كان السواد الأعظم من شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام يعبدون الأصنام، بل ويصنعونها بأيديهم أحيانا. يقول البخاري في هذا الصدد أن أبا رجاء العطاردي روى عن ذلك فقال: “كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا أخْير منه ألقيناه وأخذنا الآخر، فإذا لم نجد حجرا جمعنا كومة من التراب ثم جئنا بالشاة فحلبناها عليه ثم طفنا به”.
لكن لماذا إساف ونائلة اللذان ذكرناهما أعلاه مسخهما الله؟ من يكون الله هذا الذي كان يؤمن به هؤلاء في مكة؟ كان البعض يعتقدون أنه “إله القمر”، وقد تزوج الشمس التي هي أيضا إله آخر، فأنجبا ربات ثلاث، هن كما أشرنا سابقا اللات والعزى ومناة، والوصول إلى الله كان يمر عبر بناته؛ أي أن هذه الأصنام شفيعة لهؤلاء أمامه. وقد جاء ذلك في وقت كان ينبذ فيه عرب الجزيرة الإناث فكانوا يئدونهن.
وقد جاءت في القرآن آيات كثيرات، تتحدث عن ذلك، مثل الآيات من 19 إلى 22 من سورة النجم: “أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ … وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَىٰ … أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَىٰ … تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ”. هنا نجد أن الله يتساءل كيف يختار هؤلاء الذكور ويعطونه الإناث فهي إذن قسمة غير عادلة، خصوصا وأنهم لا يحبون الإناث.
هذا ما أشير له مرة ثانية بالقرآن، في الآيات 57، 58 و59 من سورة النحل “وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ ۙ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ … وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ … يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ”.
وقد نفى القرآن أسطورة كون الله، إله قمر، أو أن هناك آلهة أخرى، إذ دعا عرب الجزيرة إلى عبادة الله وحده دون شمس أو قمر، وهو ما نجده في سورة فصلت في الآية 37 منها: “وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ”.
يذكر أن عمرا بن الخطاب في أيام خلافته كان أحيانا يبكي أمام الناس وأحيانا يضحك لوحده دون سبب ظاهر، فلما سألوه عن السبب، قال إن بكاءه حزن شديد على بنت وأدها في الجاهلية (القصة أطول من هذا)، أما عن سبب ضحكه فقال: “أتذكر أني خرجت يوما من مكة فنسيت أن آخذ معي حجرا أعبده، فلما جئت أصلي وأتعبد وأنا لا أملك حجرا من مكة، وجدت عندي تمرا فصنعت منه تمثالا وأخذت أعبده، فلما انتهيت وجعت بطني ولم يكن لدي إلا ذلك التمر، فأكلت ربي”.
يذكر في الأخير أن البخاري ومسلم رويا عن الرسول محمد، أنه قال: “رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار”، والقصب هنا تعني الأمعاء، وذلك لأنه كان أول من بدل أديان العرب التوحيدية وأدخل عليها عبادة الأصنام والأوثان.


كيف بدأ عرب الجزيرة يعبدون الأصنام قبل ظهور الإسلام؟ حكاية بنات الله 3\3 Sans_127