1- هل أسماء الأنباط عربية ؟

الأنباط ليسوا عربا2 646


 
3- هل حمل ملوك الأنباط أسماء عربية ؟
ستسمع عن 3 أسماء هي : الحارثة ، عبادة ، جميلة و سيصمت من يقول بهذه الحجة و لن يكملوا لك أسماء الملوك الآخرين ، لكن قبل أن نوردهم دعونا نبحث هل كانت وردت هذه الأسماء حقاً هكذا ؟
لم يرد في أي نقش نبطي اسم الحارثة بل حرتت ، و حتى في أكثر خيالاتنا جنحاً بافتراض أن لغة الأنباط عربية فهي لم تكن عربية فصيحة كما لدى بعض قبائل شبه الجزيرة العربية ، فحتى قريش بذاتها لم تكن لهجتها فصيحة فكيف باسم نبطي أن يكون على وزن فاعلة ، مبالغة اسم فاعل قبل مئات السنين من تشكل العربية كلغة و تشكل لهجتها الفصيحة ؟
ثم إننا لا ندري ما المغزى من تسمية شخص يعيش في صحراء في أرض قاحلة (و خاصة من يسمى حارثة الأول حيث كان المجتمع النبطي أقرب للبداوة) أن يكون اسمه من الفعل حرث المتعلق بحراثة الأرض و الزراعة و هم في أرض بوار قاحلة لا زرع فيها ؟
قد ورد هذا الاسم في نقش ثمودي سنة 156 ميلادي إلا أن هذا النقش استخدم العديد من الكلمات الآرامية أي أنه في الواقع نقش آرامي-ثمودي و قد ترجمه عالم اللغويات الألماني إينو ليتمان (انتبهوا هذا ليس نقش نبطي بل آرامي-ثمودي) :
و النقش يقول :
دنه قبور صنعه كعبو بر حرتت للقص برث عبد منوتي أمه دو هلكت في الحجر شنة ماه وشتين وترين بيرح تموز ، ولعن مرى علما من يشنا القبور ومن يفتحه حشى يلده ، ولعن من يغير دا على منه
و ترجمته للعربية :
هذا القبر صنعه كعب بن "حارثة" للقيط بنت عبد مناة أمه التي هلكت في الحجر سنة مئة واثنتين وستين من شهر تموز ، ولعن رب العالمين من غيّر هذا القبر ، ومن فتحه يمس بأولاده ولعن من غيّر الذي كتبه اعلاه
و ضعنا حارثة بين معترضتين لأننا لا نتحفظ على هذه القراءة
و إليكم الكلمات الآرامية فيه (بر ، برث ، شنا ، شتين ، ترين ، بيرح ، تموز ، مرى ، علما ، حشى ، يلده)
إذاً الأشخاص المسمين أو المرتبطين بشخص اسمه حرتت مرتبطين كذلك باللغة الآرامية حتى أنه سمى نفسه كعب بر حرتت و ليس كعب بن حرتت (بن هي عبرية و عربية بينما بر هي آرامية) و كذلك نطرح سؤال بخصوص اللغة ، هذا نقش ثمودي و لكن فيه كلمات آرامية و هناك العديد من النقوش الثمودية هكذا فهل نقول أن لغة كتابة العرب في الشمال هي عربية لكنهم تكلموا الآرامية بدليل وجود كلمات آرامية في كتاباتهم ؟
و فوق هذا فإن جذر "ح ر ت" الذي أتى منه حرتت في الآرامية السريانية هو ܚܪܬ و في العبرية חרת يعني حفر و نقش و هو ملائم أكثر لطبيعة نبطيا و خاصة البتراء التي حفرت بناياتها في الصخور و نقشت عليها
لا أقول أن عبدت و حرتت و جميلت أسماء بالضرورة غير عربية فالشعوب تتأثر ببعضها و لغاتهم كذلك ، لكن حارثة الرابع أطلق على نفسه لقباً آرامياً هو "راحم عامه" أي محب شعبه
و لكن!
هناك ملوك أنباط حملوا حصراً أسماء آرامية
فالعديد من الملوك حملوا اسم رابيل/ربئيل و هو اسم آرامي ܪܒܐܝܠ المكون من شقين "رب" و تعني عظيم و "إيل" يعني الله فيكون الاسم "الله عظيم" و هو اسم تمجيدي آرامي بامتياز مثل "حزائيل" و "فاصيئيل" و "عمونائيل" و "چبرئيل" و غيرهم بينما في العربية رب إيل يعني أن الملك هو رب الله ؟ اسم غير منطقي و على كل الأحوال لم يعرف للعرب أنهم تسموا بهكذا اسم
و كذلك الملك "ملخو" الذي يعربونه "مالك" و لكن ورد في النقوش باسم ملكو أو ملخو ، في الآرامية الكاف ممكن أن تلفظ "ك" أو "خ" و نجد أن الرومان كتبوا اسمه Malichus أي مليخوس بالخاء ، و هذه ليست من خصائص العربية ، و بكل الأحوال العرب لا تسمي باسم "ملك"
و كذلك الملكة شقيلات و التي يعود اسمها للجذر "ش ق ل" في الآرامية ܫܩܠ و تعني الحاملة أو الآخذة
و من الأسماء الملكية الأخرى الغير عربية اسم الملكة هلدو و الملكة هچرو أو هاچيرو..
4- أن كل من جوزيفس فلاڤوس (مؤرخ يهودي) و كذلك الرومان أطلقوا عليهم عرب
كما شرحنا سابقاً أن تسميتهم بعرب لا تعني أنهم عرقياً أو قومياً عرب ، لطالما أطلقت هذه الكلمة على شعوب غير عربية ، في الواقع جوزيفوس يقول أن أبناء اسماعيل ال 12 سكنوا المنطقة بين نهر الفرات و البحر الأحمر و أسموها نبطين و كانوا أمة واحدة و هم (قديار و إدوما و نبيوت و غيرهم...) لكننا نعلم أن هذا تاريخياً غير صحيح ، لم يعش القيداريون و الأدوميين و الأنباط كأمة واحدة بل كانت ممالكهم في أزمنة مختلفة كما لما يحكموا من نهر الفرات إلى البحر الأحمر كما لم يكن الأدوميون عرباً بل أقرب للعبرانيين و الفينيقيين كما يقول اسمهم
الدكتور جان ريتسو في كتابه يؤكد أن الكثير من أقوال الرومانيين تؤكد أن الأنباط ليسوا عرباً و أن جوزيفوس قلد الرومان في تسمية كل من يعيش في إقليم عربيا حسب الرومان باسم عربي حتى لو لم يكن عربياً فالرومان كانوا يسمون الشعوب بأسماء مناطقهم حتى لو كانوا قومياً مختلفين كما يؤكد أن صخرة العرب المذكورة في كتابات الرومان و جوزيفوس ليست هي البتراء الأردنية 
5- هل تعبد الأنباط لآلهة عربية ؟
ذكر القرآن الكريم 3 إلهات هن اللات و مناة و العزى و قد عبد الأنباط هذه الآلهة كذلك لذا فتلقائياً اعتبر البعض أن الأنباط عرب تعبدوا لآلهة عربية
لكن! المصادر العربية نفسها تقول غير ذلك
حسب الأخباريات العربية و كتب الرواة و المؤرخين المسلمين فإن العكس هو ما حصل ، العرب هم من أخذوا عبادة الآلهة عن الأنباط و الشاميين و ليس العكس ، و فوق هذا ذكروا أنهم شعب أعجمي انتقلت عبادة الآلهة من عندهم إلى العرب و فعلاً فإنه لا يوجد أي أثر يؤكد عبادة الآلهة اللات و مناة و العزى لدى العرب الحجازيين بل يوجد فقط لدى الأنباط ، و كذلك فإن الآلهة لم يكن اسمها اللات و مناة و العزى بل لت و منوتو و عزايا! (للتأكد يمكنكم الرجوع لكتاب ديل ريو سانشيز)
لت هي الإلهة الأم لدى الساميين الغربيين و قد كانت معبودة لدى الكنعانيين باسم إلت (إيلات) و هو لقب للإلهة عشيرات ، نجد أن صيغ الأسماء النبطية متقارب جداً مع الغرب سامية الكنعانية و الآرامية و نعلم أن المنطقة كانت تحت التأثير الديني الكنعاني/الفينيقي و كانت الأردن مليئية بالمدن الكنعانية فكان التأثير مباشراً على الأنباط الآراميين
أما الإلهة عزايا فاسمها ذو صيغة آرامية واضحة بألف الإطلاق المعتادة
و منوتو اسمها يحوي الواو النبطية الآرامية و تشبه الإله الكنعو-عبري ميني في اسمها
أما الإله دوشرا أو دو شرا الذي يعرب اسمه إلل ذو الشرى و يحكى أن اسمه مرتبط بسلسلة جبال عند البحر الميت ، و رغم أنه شبه منطقي كون الأنباط رؤوا في المناطق المرتفعة أماكن مقدسة و أقاموا عليها المعابد لكن المصادر تشكك في أصل التسمية هذا على اعتبار أن عبادة هذا الإله يبدو أنها انتشرت في حوران ذات اللغة الآرامية من جهة و لعدم وجود ارتباط مادية (معابد و نقوش) بين هذا الإله و بين سلسلة الجبال تلك
دوشرا يذكر على أنه الإله القومي و الأعلى لدى الأنباط ، في مدينة الحجر يذكر بصيغة آرامية مع "ألهايا كلهوم" أي الآلهة كلهم
و يذكر عرشه كذلك بصيغة آرامية (موتبه - ܡܘܬܒܗ) و الذي يشير ربما إلى زوجته (و هنا نسأل لماذا ما يتعلق بكبير آلهة الأنباط مكتوب باللغة الآرامية و ليس العربية ؟ حتى صفاته و عرشه و ما يتعلق به ؟ ألا يعني هذا أن لسانهم آرامي ؟)
لذا إن كان كل ما يتعلق بهذا الإله مذكور بالآرامية أليس من الأفضل البحث عن اسمه باللغة الآرامية ؟
بما أن الإله دوشرا هو كبير الآلهة النبطية و إلههم القومي فربما من المنطقي أن يكون أكثر من إله جبال
في الآرامية دوشرا يعني صاحب المبدأ أو سيد البدء أو بمعنى أدق ذاك الذي له (يملك) البداية و كذلك ذاك الذي ابتدأ ، و هو اسم يليق بالإله القومي أو الرئيس أن يكون الذي ابتدأ العالم و كان لملكه البداية ، فـ "دو" هي مشتركة بين الآرامية و العربية لكن عكس الآرامية فالعربية تتبدل حسب الإعراب "ذو ، ذا ، ذي" لكن الآرامية السريانية تبقى ثابتة "د" و في الآراميات القديمة لعل الواو أضيفت أو أنها الواو النبطية الشهيرة ، في مطلق الأحوال "شرا" هي كلمة آرامية ܫܪܐ
كما تعبد الأنباط لآلهة آرامية مثل بعل شمين و قد ذكر في نصوص يونانية من الحقبة الآرامية النبطية إذ جعلت عبادته متماهية مع الإله زوس هيليوس المرتبط برمزية الشمس و قد ورد في النص :
"و عندما حل عليهم الجفاف رفعوا أيديهم إلى السماء تجاه الشمس إليه وحده باعتباره الرب سيد السماوات دعوه باسمه بعل شمين"
و عثر في الأردن ما يدل على عبادة الإله الآرامي حدد ، و تعبدوا كذلك للإله الأدومي قوس و للإله قيشا و هبل (هبلو؟
بالنسبة للإله هبل فسنتركه للقادم لأنه ورد في حديث يدل على أن العرب اعتبروا الأنباط من العجم و تحديداً من الشعوب الكنعو-آرامية-أمورية
كما تعبدوا للإلهة السورية الآرامية أترغاتيس و الإله الحوراني الآرامي Aara
مما ظهر فإن الأنباط لم يتعبدوا لآلهة عربية بل لآلهة نبطية محلية العديد منها آرامية ، ثم أتى العرب و أخذوا عبادة بعض هذه الآلهة منهم
الآن لنأتي على أدلة آرامية الأنباط من المصادر العربية
بالإضافة لحقيقة أن الأنباط كانت حضارتهم و ثقافتهم آرامية فمثلاً كان التقويم النبطي هو تقويم بابلي آرامي و يستخدمون أسماء الشهور (نيسان ، آب و غيرهم..) (و لا ندري هل سيقول دعاة عروبتهم أن ذلك بداعي التواصل مع الأمم الأخرى ؟ لأنه في الواقع معظم الأمم الأخرى لم تستخدم هذا التقويم و التقويم شيء يخص الشعب أكثر من الحضارات الأخرى و خاصة أنها كانت تؤرخ بسنين ملوكها فالأصح أنهم ذوي ثقافة آرامية لأنهم آراميون) و تقول ويكيبدييا أنه رغم أن الأنباط كانوا مندمجين بحضارة آرامية إلا أنهم كانوا عرباً فنسأل من أين تعلموا هذه الحضارة و لماذا حتى شهورهم و تقويمهم آرامي و لم يحتفظوا بأي دلالة تقول بأنهم عرب.. فوق هذا لدينا أدلة عربية و إسلامية تؤكد آرامية الأنباط
يذكر العرب الأنباط قبل الإسلام و بعد الإسلام على أنهم قوم من العجم ، بل و يضربون بهم المثل في جهالة النسب لأن الأنباط ينتسبون لقراهم بينما العرب لقبائلهم ، و لذا من النادر أن نجد في نقوش الأنباط ذكر لقبيلة ، بل يذكرون أسماء مناطقهم إن فعلوا
و قد أصبحت كلمة أنباط هي الكلمة التي يستخدمها العرب و يطلقونها على الآراميين
و قد أورد المسعودي تعريف الأنباط في كتابه "التنبيه و الإشراف" بأنهم "السريان الذين يسكنون العراق و الجزيرة و الشام" و نحن نعلم أن الشام هي سوريا و الأردن و لبنان و فلسطين و يقول كذلك في مروج الذهب أن النبط و السريان في نينوى من جنس واحد و دم واحد و يتكلون لغة واحدة لكن مع اختلاف بسيط (يقصد أن السريانية هي آرامية شرقية بينما النبطية هي آرامية غربية)
و إليكم هذه الوثيقة المؤلفة من لغتين و لكن النص هو ذاته ، تسمى هذه الطريقة بالكرشوني أي يكتب النص بالسريانية و إلى جانبه بالعربية لكن العربية تكتب بأحرف سريانية لأن الخط العربي لم يكن منتشراً ، فالنص السرياني على اليمين هو ذاته النص العربي على اليسار ، نجد الكلمة المحددة بخط أزرق على اليمين أنها "نعمن آراميا" أي نعمان الآرامي ، و لكن ترجمته على اليسار بالعربية هي "نعمان النبطي"!!! هذا يعني و يتفق مع ما يؤكده الباحثون أن كلمة نبطي أصبحت الكلمة التي يطلقها العرب على الآراميين!!
كما نجد الأنباط القدماء يعرفون عن أنفسهم كآراميين و أدوميين و لكن لم يقولوا أي مرة أنهم عرب و هذا نقش نبطي في منطقة تيماء التي من المفترض أن شعبها عربي يعرف النبطي عن نفسه بينهم على أنه آرامي و هناك نقش أورده الكتاب لشخص يعرف عن نفسه أنه أدومي
و ها هو طرا بر أرشو الآرامي
من كتاب الأستاذ سليمان بن عبد الرحمن محمد الذيب
لكن البعض يدعي أن هؤلاء الأنباط المذكورين مختلفون عن الأنباط سكان البتراء فهل هذا صحيح ؟
دعونا ننظر إلى أدلة تؤكد أنه شعب واحد
الدليل الأول : التسمية.
نطرح سؤالاً هو لماذا اختار العرب تسمية أنباط و نبط ليطلقوها على الآراميين من بين كل الكلمات ؟ لماذا لم يقولوا ببساطة آراميين لماذا هذا التشابه.. أو بالأحرى التطابق بين الاسمين ؟ هذا لأنهم احتكوا بالأنباط الآراميين و رؤوا أنهم يتكلمون الآرامية و يعرفون عن أنفسهم كآراميين لذا أخذوا الكلمة و عمموها على كل من شابههم من الشعوب كآراميي العراق و الشام (و من ضمنها الأردن موطن الأنباط) و الجزيرة (و من ضمنها المناطق التي توسعت إليها مملكة نبطيا) و إلا فمن أين أتوا بهذه التسمية ؟
ثانياً : لا فارق زمني.
نعلم أن المسلمين دخلوا ولاية عربيا بتريا سنة 629 ميلادي و نعلم حسب الموسوعة العربية أن المسلمين لم يقوموا بتهجير الآراميين بل بقي الآراميون غالبية هناك
و لحسن الحظ أن لدينا دليلاً من شعر جرير يؤكد عجمية أنباط المملكة القديمة
فجرير ولد سنة 653 ميلادي و توفي سنة 728 لذا فإنه عاش بفترة كانت التسمية النبطية ما زالت موجودة فلا يعقل أن ينسى قوم اسمهم خلال 50 أو 100 سنة أو يظهر الشعب الذي قال عنه المسعودي أنهم سريان الشام الذي أسماهم نبطاً فجأة مكان أنباط آخرين!
و بما أن جرير دعى أنباط حوران الذين هم حتماً أنباط المملكة القديمة بالعجم فهذا دليل على عدم عروبتهم حتى أن العرب كانوا يذمون الأنباط المستعربين كما سنرى
 في ( معجم الشعراء )(523) لابن المرزباني :
قال جرير يهجو ميجاش بن نعيم البرجي : 
إني لأعلم يا ميجاش انكم 
اولاد أحمر من أنباط حوران 
نحن نعلم أن حوران كانت مركزاً للملكة النبطية القديمة و فيها عاصمتهم المنقولة بصرى
فما الفائدة من هذا الشعر الذي يقول فيه جرير لنبطي حوراني أنه من أولاد أحمر ؟
الفائدة هي أن لقب أولاد أحمر تعني العجم لدى العرب
قال التبريزي في ( شرح ديوان الحماسة ) (2/891) : العرب تسمي العجم الحمراء .
و هذا وارد و منقول عن أحد النسابين العرب
بل و حتى حسان بن ثابت أورد في أشعاره تسمية النبط (كما سنرى في نهاية المقال) في إشارة إلى نبط العراق ، و حسان بن ثابت ولد عام 564-565 و توفي سنة 674 ميلادي فهو أقدم من جريري أي أنه عاش في فترة قبل دخول المسلمين إلى نبطيا و هذا يعني أن تسمية نبط على أنهم قوم مختلف عن العرب سواء في العراق أو الشام كانت معروفة لدى العرب حتى قبل دخول المسلمين لبلاد الأنباط
لدينا دليل آخر من مملكة الرها السريانية الآرامية التي حكمتها السلالة الأبجرية ، تعود السلالة الأبجرية حسب كل المصادر (و يمكنكم التأكد من العديد من الموسوعات) إلى مملكة الأنباط فهم أنباط هاجروا شمالاً و وصلوا إلى مملكة الرها الآرامية و حكموها ( الشعب أساساً كان آرامياً من شمال سوريا لكن السلالة الأبجرية وفدت لاحقاً و حكمت) و قد وصفوا لأنهم أنباط بأنهم عرب يحكمون مملكة آرامية
إذا لو أثبتنا أن هؤلاء الأنباط كانوا يدعون بآراميين و ليس بعرب إذاً فسنكون قد أضفنا دليلاً يثبت أن أنباط المملكة القديمة هم آراميون و هم نفسهم الأنباط الآراميون و السريان ساكنوا العراق و الشام و الجزيرة و إليكم هذا الدليل الذي ورد في عظة سريانية لمار يعقوب أورد فيها اسم الملك أبجر أوكاما (أبجر الأسود/المظلم بالسرياني) أول ملك سوري مسيحي و قال : 
ظلام العالم و سواد أبجر (من اسمه أبجر أوكاما) ابن الآراميين ، ظلام العالم أصبح نوراً عبر أبجر في المسيح"
الوثيقة المعنية
هذا دليل واضح أن الشعب كان يعرف أن الأباجرة كانوا آراميين ، فحتى كلمة ابن الآراميين ܒܪ ܐܪܡܝܐ (بر أرميي) التي أوردها تعني في الواقع ليس فقط أنه ابن الآراميين بل أنه آرمي ، ففي اللغة السرياني كلمة بر (ابن) تعني كذلك الانتماء لشيء أو لكذا.. مثلاً في السريانية عندما نريد أن نقول إنسان نقول ܒܪܢܫܐ و التي تعني حرفياً ابن الإنسان لكنها تعني في الواقع تعني إنسان
لذا فهذا دليل آخر أن أنباط المملكة القديمة هم نفسهم من كان يطلق عليهم آراميين
 كما وصف الرها و قال "ابنة الآراميين ، و إن كانت بمعزل ، قد سمعت بمعرفته"
دعونا نرى قصة عبادة الإله هبل في شبه الجزيرة العربية و التي تؤكد من خلال المصادر العربية أن الأنباط ليسوا عرباً و قد أورد هذه القصة العديد من الأخباريين العرب و رووه كما هو متعارف و متناقل عن العرب و سنجد الدقو فيه كذلك و عدم احتمال أن يكون صدفة ، و هذه القصة كما نقلها موقع Islamweb
"وكان أول من غير ملة إبراهيم ودعا إلى عبادة الأصنام، عمرو بن لحي الخزاعي ، حين قدم بلاد الشام فرآهم يعبدون الأصنام والأوثان من دون الله، فاستحسن ذلك وظنه حقاً، وكانت الشام آنذاك محل الرسل والكتب السماوية، فقال لهم: ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون؟ قالوا له: هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا، فقال لهم: ألا تعطوني منها صنما فأسير به إلى أرض العرب فيعبدونه، فأعطوه صنماً يقال له هبل فقدم به مكة فنصبه وأمر الناس بعبادته وتعظيمه"
من القصة نعرف أن عمرو بن لحي ذهب الى الشام و رأى أهلها على ثقافة مختلفة عن ثقافة العرب و هذا أول دليل على اختلاف الشعبين ، لكن أي موضع من الشام تحديداً ؟ إنه الشعب الذي يعب الإله هبل و هم الأنباط! بل و سنجد في نسخة أخرى من الحديث ما يؤكد كون الأردن هو وجهة عمرو بن لحي الخزاعي
ثم سألهم عمرو بن لحي الخزاعي أن يعطوه تماثيل للآلهة ليسر بها إلى أرض العرب!! هذا يعني أن الأنباط مختلفون تماماً عن العرب و أن أرضهم غير أرض العرب ، و إلا لقال أعطوني أسير بها إلى الحجاز أو إلى قبيلة كذا لكن أن يقول العرب و يذكرهم بصيغة الغائب فلغوياً هذا دليل أن الأنباط من غير جنس العرب
و إليكم النسخة الأخرى من الحديث :
"قال ابن هشام حدثني بعض أهل العلم أن عمرو بن لحي خرج من مكة إلى الشام في بعض أموره فلما قدم مآب من أرض البلقاء ، وبها يومئذ العماليق ، وهم ولد عملاق ويقال ولد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح رآهم يعبدون الأصنام فقال لهم ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون ؟ قالوا له : هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا فقال لهم : ألا تعطوني منها صنما فأسير به إلى أرض العرب فيعبدوه ؟ فأعطوه صنما يقال له : هبل فقدم به مكة فنصبه ، وأمر الناس بعبادته وتعظيمه ."
إذاً خرج عمرو بن لحي الخزاعي إلى مآب من أرض البلقاء و هي مدينة الكرك في الأردن اليوم و رأى فيها من يعبد الإله هبل (هبلو في النقوش النبطية) و كان القوم من العماليق و هم شعب غرب سامية و تحديداً الكنعانيون و الآراميون و الأموريون و يفهم من النص مجدداً أنهم مختلفون عن العرب ثقافياً و عرقياً و قومياً
و قد كانوا بدون شك أنباطاً فهم يعبدون الإله النبطي هبل ، إذاً مجدداً فالأنباط من غير جنس العرب حسب الروايات العربية نفسها
و أخيراً إليكم ما قاله الباحثون عن الأنباط :
أحمد الجلاد رغم قوله بأن الأنباط تكلموا العربية (و هو ما قمنا بدحضه) يقول أن الأنباط ليسوا بالضرورة عرب و هم حتماً لا يمتون للقومية العربية بشيء و أنهم لم يهاجروا من شبه الجزيرة العربية (المصدر : سلسلة تغريداته عن لغة الأنباط من هنا)
جان ريتسو : يؤكد أن الأنباط مختلفون كلياً عن العرب و أن كلمة عرب أطلقت أساساً على أناس شرسين ذوي أسلوب حياة حربي بينما كان الأنباط شعباً مسالماً و هو يفند الادعاءات القائمة على المصادر الغريكو-رومانية و أقوال جوزيفوس (المصدر : كتابه The Arabs in Antiquity: Their History from the Assyrians to the Umayyads)
دي ريو سانشيز :  في نهاية كتابه يؤكد أن العرب كانوا جزءاً واحداً من أجزاء عديدة من المجتمع النبطي و أن الأنباط لا علاقة لهم قومياً و إثنياً بالعروبة و أنه من المحتمل أن يكونوا من القبائل الآرامية الـ 38 الوارد ذكرها في بابل (المصدر : كتابه NABATU THE NABATAEANS THROUGH THEIR INSCRIPTIONS FRANCISCO)
كاترمير Quatremère في كتابه Mémoire Sur Les Nabatéens يؤكد أن الأنباط آراميين من بابل
الدكتور خزعل الماجدي في كتابه الأنباط : التاريخ ، المثولوجيا ، الفنون يؤكد أن الأنباط آراميون من بلاد الرافدين و كانوا حلقة وصل بين الحضارة الآرامية و العربية
Armand Pierre Caussin de Perceval (آرماند بييب كوسان دي بيرسفال) يقول أن الأنباط آراميون و غير عرب
موسوعة Britannica تسمي الأنباط "شعب غربي سامي" و لا تسميه بالعربي و العديد من الموسوعات فعلت ذلك و هي أكثر مصداقية من ويكيبيديا
و في النهاية إن لم يسكن الأردن آراميين فلماذا لهجاتها ما زالت غزيرة بها ؟ لماذا أسماء المدن و القرى الأردنية هي آرامية (و كنعانية) ؟ الأردن نفسها اسم آرامي ، نهر أرنون ، الكرك ، السلط ، كفرنجة ، عينون ، عجلون ، الرمثا ، غريسا ، أم الجمال (اسمها الأصلي قبل التعريب بيثا جامول) أو كناثا ، إيلا (التي عربت و أصبح اسمها العقبة) ، حشبون (كلمة موآبية) ، عمان (كلمة عمونية من مملكة عمون الأردنية) ، حوشا ، سحم ، جرش ، بريشتا ، كفر عوان ، بيرين ، بل حتى عاصمة الأنباط الأولى "رقمو" و غيرها الكثير... من أين أتت هذا التسميات الآرامية إن لم يكن في الأردن مجتمع آرامي قوي و كثيف ؟ لماذا أسماء مدن الأنباط هي آرامية ؟
تقول موسوعة Encyclopedia.com أن الأنباط تكونوا من عدة شعوب تحديداً الآراميين جنوب سوريا و قد كتبوا الآرامية و تحدثوا بها لكن لعلم الحكام وحدهم من كانوا من سلالة عربية (و نحن إن قبلنا بهذا فسنقول أنها مختلطة بين العرب و الآراميين لوجود حكام ذوي أسماء آرامية) و أن العربية كلغة تمركزت لدى بعض المسؤولين في بترا و في الجنوب و الشرق و هي مناطق أساساً خارج بلاد الشام و الأردن و كانت عربية خضعت لسيطرة الأنباط ، فالشعب إذاً آرامي بامتياز
نترككم أخيراً مع رأي النسابين العرب في عروبة الأنباط من و كل ما يلي بين معترضتين منقول مع تحفظنا على أسلوب الكتابة الذي يستصغر فيه من الأنباط :
"الكاتب:أحمد ابوبكرة الترباني
 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ـ علية الصلاة والسلام ـ وبعد :
من العجائب التي نسمعها اليوم من بعض أدعياء المعرفة في الأنساب وكذلك دعاة العربية , أنهم يقولون في أبحاثهم ومقالاتهم أن ( الأنباط من العرب ) , ويفتخرون في هذا !!
وهذا يدل ان هؤلاء لا يعرفون تاريخ العرب ولا يعلمون من علوم الأنساب والعربية غير إسمها .
وقد نقلت في هذه الرسالة أدلة قوية تثبت للعاقل اللبيب ان الأنباط من العجم , والأنباط يضرب بهم المثل في جهالة النسب , ولهذا حذر عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ حيث قال : تعلموا أنسابكم ولا تكونوا كالنبط إذا سئل احدهم عن أصله قال : من قرية كذا .
فعلم الأنساب أشتهرت به العرب , خلافا لغيرها من الأمم وخاصة ( الأنباط ) 
بل تقول العرب للرجل الذي لا يعرف نسبه يقال عنه : ( نبطي ) وهي مذمة , فكيف يدعي هؤلاء بأن الأنباط من العرب , سبحان الله والله المستعان .
ونذكر لكم ادلة قوية تثبت أن الأنباط من العجم 
باب ـ ( الأنباط من العجم ) 
ذكر الحافظ ابوموسى الأصفهاني في ( مجموع المغيث )(2/397) : سأل عمر بن الخطاب عمر بن معد يكرب عن سعد ـ رضي الله عنهم ـ فقال : خير أمير , نبطي في حبوته , عربي في نمرته .......... 
قلت : وهذا دليل واضح على ان الانباط من العجم , حيث ذكر عمر بن معد يكرب ان سعد ـ رضي الله عنهم ـ كان نبطي في جلسته , عربي في لباسه , وهذا تفريق واضح بين جنس النبط وجنس العرب فأنتبه رحمك الله .
وذكر الأصفهاني في ( مجموع المغيث ) (3/132) عن أبن هبيرة قال : أعوذ بلله من شيطان مستغرب ومن نبطي مستعرب .
وجاء في ( معجم الشعراء )(523) لابن المرزباني :
قال جرير يهجو ميجاش بن نعيم البرجي : 
إني لأعلم يا ميجاش انكم 
اولاد أحمر من أنباط حوران 
قلت : أولاد أحمر هم العجم من الأنباط .
قال التبريزي في ( شرح ديوان الحماسة ) (2/891) : العرب تسمي العجم الحمراء .
قلت : وذلك لأن الغالب على العجم أنهم حمر الوجوه زرق العيون .
ومما يدل ايضا على أن الأنباط من العجم قول حسان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ :
لكميت كأنها دم جوف 
عتقت من سلافة الأنباط 
وأخرج ابن عبدربة في ( العقد الفريد )(4/57) : قال احمد بن ابي دواد لمحمد بن عبدالملك الزيات عند الواثق : أضوي ـ أي أسكت ـ بالنبطية فقال له : لماذا ؟ والله ما انا بنبطي ولا بدعي . انتهى 
قلت : وهذا محمد الزيات يرد على ابن ابي دواد بأنه عربي وليس نبطي .
وأخرج السبكي في ( طبقات الشافعية الكبرى ) (3/221) قصيدة لابن حزم يقول فيها :
فعرب وأحبوش وترك وبربر 
وفرس بهم قد فاز قدح المساهم
وقبط وأنباط وحزر وديلم 
وروم رموكم دونه بالقواصم 
قلت : وهذا تفريق واضح بين هذه الأجناس وبين جنس العرب , والأنباط من جنس العجم .
وأخرج ابن عبدربة في ( العقد الفريد ) (4/181) قول عيسى بن لهيعة حين ذكر ان بعض الكتاب كتب الى بعض الملوك , فوقع الملك في اسفل الكتاب : والله لو عطست ضبا ماكنت عندنا الا نبطيا , فأقصر عن تنطعك وسهل كلامك .
علق ابن عبدربة على هذا القول وقال : لو عطست ضبا يريد ان الضباب من طعام الأعراب وفي بلدهم , فقال : لو عطست فنثرت ضبا من عطاسك لم تلحق بالأعراب ولم تكن الا نبطيا . انتهى 
قلت : وهذا تشبيه حسن , فإن هذا نراه اليوم من أصحاب الوجوه الحمر , تجدهم يتصنعون ويتكلمون بلهجات البدو , وهذا الصنف لو عطس من أنفه بعيرا لم يكن عندنا الا أحمر من أصحاب البرذون .
قال الحريري في ( المقامة التاسعة والأربعون ) : وإني اوصيك بما لم يوص به شيث الأنباط ولا يعقوب الأسباط ........ .
قال الشريشي في ( شرحه للمقامات ) (3/445) : الأنباط قيل سموا انباطا لأستنباطهم البناء واستخراجهم المياه , والنسابون يزعمون انهم من ولد يافث بن نوح .
أخرج ابن عبدربة في ( العقد الفريد ) (3/307) عن سعيد بن المسيب قال : ولد نوح ثلاثة أولاد , سام وحام ويافث , فولد سام العرب وفارس والروم , وولد حام السودان والبربر والنبط , وولد يافث الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج .
قلت : ولا خلاف في هذا بأن الأنباط من يافث او من حام المهم انهم من العجم وهذا هو المقصود من هذا السرد .
قال الإمام النووي في ( رياض الصالحين ) ( باب النهي عن تعذيب العبد ) : الأنباط الفلاحون من العجم .
قال ابن دريد كما عند الشريشي في ( شرح المقامات ) (3/445) : النبط جيل من الناس معروف وهم النبط والانباط والاسباط بنو يعقوب عليه السلام .
وذكر ابن المرزباني في ( معجم الشعراء ) (508) لما قتل كسرى النعمان بن المنذر أغارت العرب على السواد ـ اي الانباط ـ فقال مفروق وهو من بني شيبان وكان أحد من أغار :
أنزى بأنباط السواد وساقه
إلي وأودى رجلتي وفوارسي
وفي نهاية هذه الرسالة , إعلم رحمك الله ان الأنباط من العجم يضرب بهم المثل في جهالة النسب , فلا تلتفت رحمك الله الى الأقوال الشاذ الركيكة , فأنتبه هداك الله وألزم غرس أجدادك العرب ."
انتهى الاقتباس
الكاتب يؤكد في كتابه أن نبط العراق و نبط الشام كلاهما شعب واحد أعجمي عن العرب
إليكم رابط تصفح هذه الفقرة من الكتاب (من هنا)
و نضيف أن موسوعة Encyclopedia تصنف كل من تدمر و نبطيا على أنهما ممالك آرامية
و سنعود إليكم قريباً في مقالات عن الأنباط من أهمها نقش النمارة : مسمار في نعش عروبة الأنباط
 
https://syrianethnicity.blogspot.com/2020/10/blog-post.html