خرافة الأسماء العربية في نقوش سوريا القديمة
لا شك أنه عند قراءة الشواهد التاريخية بتجرد و معرفة كيف عرفت الشعوب القديمة عن نفسها نلاحظ عدم وجود تعريف عربي في سوريا بتاتاًإذ لم يذكر أي شخص في سوريا في أي نقش أو كتابة أو تصريح ذاتي أنه عربي ، لكن عندما نقرأ كتابات بعض المستشرقين و الباحثين فإننا نجد مبالغة فائقة التصور حول العرب وصل بالبعض إلى القول أن نصف أسماء التدمريين عربية إذاً سنتوقع وجود لغة عربية قوية في تدمر و أناساً كثيرين يعرفون عن أنفسهم كعرب فهذه عادة العرب الأصليين القدماء و المعاصرين فهم لا يتركون مناسبة إلا و يذكرون بها أنهم عرب حتى في سلاماتهم و افتخارهم بأنسابهم و ذكرهم للغتهم و فصاحتهم ، بنيما لا نجد أي من هذه في المجتمع التدمري (و لا النبطي) و أنا قلت "بعض" الباحثين لأن العديد منهم لا يسيرون حذوهم و يتبعون النهج الصحيح بسرد التاريخ بواقعيته أمثال خافيير توكسيدور الذي يؤكد أن تدمر آرامية و من المستحيل أن تكون عربية
في كتاب THE PALMYRENE PROSOPOGRAPHY
لـ
Palmira Piersimoni
يتم سرد أسماء التدمريين الواردة في النقوش التدمرية "الآرامية" و يتم تصنيفهم إلى عائلات آرامية و عربية و عبرية و يونانية و غيرهم... اعتماداً على الأسماء و أحياناً الآلهة المكرس لها في النقش ، و طبعاً بعض هذه الآلهة تعتقد الكاتبة أنها عربية مع أننا أثبتنا بالأدلة أنها ليست كذلك (لقراءة المقال من هنا) لذا بقي فقط حجة كون أسمائهم عربية ، و هذه حجة واهية جداً لأن كل هذه الأسماء يمكن فهمها بأي لغة سامية فضلاً عن أنها تقع في مشكلة فأحياناً تصنف الاسم لكونه عربياً إذا تشابه مع أسماء نبطية و تارة مع سبئية (السبئيون كانوا يذكرون العرب كقبائل معادية) و تارة مع نقوش شبه الجزيرة الأخرى ، و من هنا يبدأ أول ضعف في الأسلوب فمن المفترض لو اعتبرت أن كل هذه الشعوب واحدة أن تتشابه أسماؤهم على الأقل و أن يوجد تجانس بينهم و حتماً لا يمكن اعتبار كل هذه الشعوب عربية لأنها هي أنفسها لم تعتبر أنفسها عربية ، عدا عن فكرة أن اعتبار شخص ما من إثنية معينة فقط بسبب الاسم هي فكرة ساذجة لأن الكاتبة نفسها تسرد شجرة عائلة تقول مثلاً أن اسم الجد آرامي و اسم الأب عربي و الابن اسمه يوناني!!! و هذا يدل على أنه لا يمكن أخذ الأسماء لتدل على قومية أو إثنية إن لم تدعمها عناصر أخرى على الأقل
لكن المشكلة التي نريد أن نضيء عليها هي فكرة كون أي اسم بالأساس "عربي"
لأن كلمة "عربية" لم تطلق على لغة إلا لبعد القرن السابع الميلادي و قبل هذا لم تستخدم هذه الكلمة للإشارة إلى أي لغة ، حتى القيداريون ذكرت لغتهم في الأدب الرباني اليهودي باسم "لشان قيدار" أي اللغة القيدارية أما الأنباط فقد ذكر العرب أنفسهم أن لغتهم هي الآرامية و ليس العربية لذا و كما يقول الدكتور أحمد الجلاد أن لغات شبه الجزيرة قبل الإسلام غير متجانسة و لا تدل على أنها لغة واحدة و بالتالي لا يمكن اعتبار أن أي لغة هي عربية فقط لأنها كانت محكية في شبه الجزيرة (التي أخذت اسم Arabia من قبل اليونانيين و الرومان بالمناسبة - لقراءة المقال من هنا) و من أشهر الأمثلة اللغة الدادانية اللحيانية و لغات اليمن التي لا تصنف أنها عربية
و حتى إن وجدت لغات "تشبه" العربية فلا يمكن القول أنها لغات عربية لأنها ببساطة أقدم من العربية و لا يمكن نسب القديم للجديد بل العكس فمثلاً لا يمكن القول أن اللغات الآرامية هي لغات سريانية لأن السريانية هي فرع من الآرامية حديث نسبياً بل ننسب السريانية للآراميات و نقول أنها لغة آرامية، و لذا قبل القرن السابع الميلادي (و بشكل أدق حتى بعده) لا يمكن القول أن أي شخص تكلم العربية لأنها لم تتبلور و لم تخترع إلا بعد ذلك التاريخ و وجود أسماء أشخاص قد تبدو لك عربية لا يعني أنها عربية بل هي من لغات سامية انقرضت قد تشبه العربية و معظمها يمكن فهمه أساساً من الآراميات و من هذه الأسماء مثلاً چملو الوارد في نقوش تدمر الذي تقول الكاتبة أنه اسم عربي لأنه من أصول نبطية (و الأنباط أساساً ليسوا عرباً - لقراءة المقال من هنا) و هي تعيده لكلمة جمل و لكن في الواقع هذه الكلمة موجودة في الآرامية و في العبرية و في كل اللغات السامية بنفس المعنى فلماذا الاستنتاج أنه عربي ؟ إنها محاولة لخلق تاريخ طارئ على أرضنا
إن تقسيم هذه الأسماء لا يجب أن يكون على اعتبارها عربية أو غيرها بل على أساس المناطق... تدمر كانت في البادية لذا من الطبيعي أن تكون أسماء سكانها مشابهة لأسماء الأقوام الساكنة على طول البادية السورية الأردنية العراقية و التي قد احتكت ببعضا و انتمت لإثنيات شبيهة و لا دخل للغة العربية فيها و نعود لنذكر أن الأسماء لوحدها لا تكفي لتعيين إثنية و سنناقش إثنية التدمريين قريباً في مقال منفصل


خرافة الأسماء العربية في نقوش سوريا القديمة 1927




https://syrianethnicity.blogspot.com/2021/04/blog-post.html?m=1&fbclid=IwAR2w3IFFX5o0t__KEwhgm9iLDsIiHL1wnTHcbtafBNeu-GIv9nRCfPCDOrQ