العلاقة بين تسمية المناطق و تسمية المؤسسات و دورها في الحفاظ على الهوية و ابراز الشخصية الجزائرية !
العلاقة بين تسمية المناطق و تسمية المؤسسات و دورها في الحفاظ على الهوية و ابراز الشخصية الجزائرية !  2-87
في الماضي قبل وجود شيئ اسمه مؤسسات كان الانسان يسمي المناطق حسب شكلها و تضاريسها ( غيل / ايخف / ..) او حسب سكانها ( حسب القبيلة نجد ايث/آه فلان او حسب شخص) و كانت التسمية باللغة الأصلية للإنسان و حينما يسمع الغريب ان تسمية المنطقة هي ايث فلان او غيل كذا يفهم تلقائيا بأن سكان المنطقة من القبيلة الفلانية و من اصل امازيغي و كانت تلك التسميات موحدة شفهيا و معروفة لدى كل عابر سبيل إلى أن تطور و استقر الانسان و رسم الخرائط و وضع ايضا لافتات كتب فيها تسمية المنطقة امام كل مدخل و مخرج لها .
 و لإظهار أهمية هذه التسميات نلاحظ انه في حالة تعرض المنطقة للاستعمار يكون اول تصرف يقوم به المستعمِر هو محو هوية السكان المحليين بما فيها تغيير اسماء المناطق الى لغته حتى تكون له شرعية في تلك الارض و نلاحظ هذا في قراءة التاريخ ان المدينة الواحدة حملت عديد التسميات بالعديد من اللغات عبر القرون .
لاحقا استطاع علماء الانثروبولوجيا ان يؤسسوا علم جديد الا وهو الطوبونيميا ( علم تسمية المناطق ) الذي بفضله حافظ الانسان القديم على هويته و تاريخه و الذي ساعده على اضافة شرعية على انه صاحب الارض الحقيقي .
و منذ بداية عصر المؤسسات صارت لها هي ايضا تسميات مثل المناطق تماما و ايضا توضع لها لافتات تعلق على جدرانها و بالخط العريض نقرأ مؤسسة الشهيد فلان ابن فلان كمثال .. و اغلب الشخصيات التي تسمى عليها المؤسسات هي شخصيات مؤثرة و لها تاريخ مشرف مثل : شهداء ، مجاهدين ، رجال دين او سياسيين او نجدها تحمل اسم المنطقة بحد ذاتها او تاريخ له دلالة و هذه التسميات تعكس هوية و ماضي و فكر ابناء المنطقة التي تنتمي اليها المؤسسة فمثلا نجد :  بالجزائر و بالضبط الأوراس مؤسسة تحمل لافتة مكتوب عليها معهد الموسيقى عيسى الجرموني
العلاقة بين تسمية المناطق و تسمية المؤسسات و دورها في الحفاظ على الهوية و ابراز الشخصية الجزائرية !  1-1088
تحليل بسيط سيعقب هذه التسمية : اولا سيتعرف الجميع و حتى السواح على الشخصية بحد ذاتها و سنخلدها ، ثانيا و بعد ان نتعرف على الشخصية سنفهم من هذه التسمية فكر السكان المحليين هل هذه الشخصية تمثلهم حقا ؟ هل هم شاوية يفتخرون بأصلهم و سلفهم ؟ هل يهتمون بالفن الشاوي ؟ هل لهم تاريخ فني عريق ؟ هل هم احرار في التصرف بشؤونهم ؟ الاجابة ستكون اكيد طبعا طالما التسمية هي معهد عيسى الجرموني الفنان الشاوي الجزائري و ليست على اسم فنان غريب عن هذه الارض .
و في نفس سياق الحديث عن تسمية المؤسسات نلاحظ بلبلة تحدث حاليا حول تسمية ملعب تيزي وزو حيث العداء واضح من بعض الاطراف المغتربة هوياتيا و التي تسعى ان لا تكون تسميته باسم شخصية محلية و هذا طبعا لطمس رموز و تاريخ و شخصية سكان المنطقة .
و ربما يقول البعض : سميه قدور سميه وش تحب هذا موضوع تافه و ليس مهم ! اذا خلي نبسطلك الفكرة يا صديقي بهذه القصة القصيرة و ركز بلي عندها بُعد دولي لشخصية الجزائر و ليس محليا فقط !!
القصة :
حينما زار أحد الأجانب مدينة "بسكرة" الجزائرية فرأى تمثال عقبة بن نافع...
سأل : من هذا ؟
قالوا له : هذا نصب سيدنا عقبة!
سأل : من عقبة؟
قالوا : هذا أحد الفاتحين قاد جيشََا من شبه الجزيرة العربية و أتى ليفتح شمال إفريقيا.
قال : و لماذا ؟ هل كانت شمال إفريقيا مقفلة؟
قالوا : لقد أتى بالجيش لمجابهة جيش إكسيل
قال : و من أكسيل؟
قالوا : هو أحد الملوك الامازيغ من شمال إفريقيا
قال : يعني أن أكسيل كان يدافع عن أرضه و عرضه...و أين تمثال أكسيل؟
‏قالوا : لا...أكسيل خائن و هو من قتل عقبة
قال: هل أنتم أيضََا جئتم مع عقبة من شبه الجزيرة العربية؟
قالوا: لا...نحن السّكان الأصليين لهذه الأرض (شمال افريقيا)
قال: كان يدافع عن أرضكم و عرضكم ... كيف خان؟ من خان؟ أنتم الخونة لأنّكم تضعون تمثالا لمستعمر و تسمّون من دافع عن أرضكم و عرضكم خائن ."
العلاقة بين تسمية المناطق و تسمية المؤسسات و دورها في الحفاظ على الهوية و ابراز الشخصية الجزائرية !  1---224
المغزى من هذه القصة انه لا يجب علينا الاستهتار فيما يخص تسمية المناطق و المؤسسات ولا الشواهد لانها تعكس هويتنا و شخصية الدولة الجزائرية امام بقية الدول حتى لا تتطاول علينا كما فعلت فرنسا مؤخرا و قالت اننا بدون تاريخ بسبب تهجم بعض المحسوبين على هذا الوطن و المغتربين هوياتيا على تاريخ الجزائر الامازيغي و نفيه ( اي انهم يعطون شرعية اكثر لفرنسا على انها لم تستعمر الجزائر بل وجدتها منطقة بدون تاريخ ولا حضارة و اتت دون مقاومة !) نحن لا نعلم نية هؤلاء من عدائهم للهوية الامازيغية لكن المتأكد منه انهم يقدمون خدمات لأعداء الامس و الغد لذا وجب علينا النضال كما ناضل من قبلنا و نقول ان هذه ارضنا دزاير أمازيغية بهويتها و شخصيتها وليست فرنسا الجنوبية و لا المغرب العربي حتى نجد اسماء غريبة تطلق على مناطقنا و مؤسساتنا .. فمن هو جاهل بأصله و مغترب هوياتيا بفعل الطمس الذي حدث بفعل فاعل سابقا سنعلمه و سنوعيه وهذا واجب علينا نحن كنشطاء ان نساهم في نشر الوعي و اقناعه بضرورة الهوية الامازيغية في شخصية الدولة الجزائرية لأنه لا روح وطنية بدون هوية الاصل اما تركة ديڨول اصحاب النية الخبيثة تجاه هذا الوطن فواجب علينا التصدي و محاربة امثالهم .
و بخصوص الاضافة العلمية التي يمكنني اضافتها بما انني حامل لشهادة ماستر في الانثروبولوجيا هي اقتراح بسيط كالآتي :
العلاقة بين تسمية المناطق و تسمية المؤسسات و دورها في الحفاظ على الهوية و ابراز الشخصية الجزائرية !  2-88
مع العلم مسبقا يوجد علم يدرس تسميات المناطق يدعى toponymie الذي يدرس اسماء المناطق دون المؤسسات التي صارت اكثر اهمية في تسميتها بحكم كثرتها فالمنطقة الواحدة و مع العلم انه لا وجود لعلم يدرس تسميات المؤسسات و الشواهد ، فقط توجد مراسيم رئاسية تترك الخيارات مفتوحة و بدون ضوابط علمية اكثر و هنا سأقول هل يمكننا نحن ان نضع علما له أسُس ؟ سواء كجزء من toponymie بحكم ان المنطقة الواحدة تحتوي على العديد من المؤسسات او إن افترضنا وجود مؤسسات وهمية على شبكة النت سيكون عِلما مستقلا بذاته و حول تسميته سيكون بسيطا établinymie المشكل من كلمتين établissement + nome و بهذا العلم يمَكننا ان ندرس التسمية المثلى للمؤسسة بالاعتماد على نوع المؤسسة سواء رياضي او ثقافي ام اجتماعي .. الخ و تصنيف الشخصيات حسب نوع المؤسسة و ايضا اللغة المستخدمة في التسمية ( اللغة الاصلية للمنطقة ان كانت المؤسسة عمومية ام محلية خاصة ) و ايضا الأبعاد و الإضافة التي يمكن يقدمها هذا الاسم في شخصية الجزائر كدولة .
و يمكن لهاذا العلم ان يوفر علينا البلبلة التي تحدث بسبب عشوائية و فردية القرارات في التسمية مثلما نرى في كل مناسبة ( شخص واحد مسؤول و نجده مغترب هوياتيا يمكنه ان يسمي مؤسسة كبيرة تمثل منطقة بتسمية لا تعني شيئا لنوع المؤسسة ولا تاريخ المنطقة ) ! و التي غالبا ما تكون هذه القرارات الفردية لا تقدم الصورة الافضل لتلك المؤسسة و لا المنطقة و لا السكان .
العلاقة بين تسمية المناطق و تسمية المؤسسات و دورها في الحفاظ على الهوية و ابراز الشخصية الجزائرية !  2--48
و سيمكِّن هاذا العلم الأجيال القادمة من معرفة طريقة تفكيرنا بتحليل تسميات المؤسسات مثلما نفعل نحن الآن بالضبط حينما نحلل تسمية منطقة حتى نفهم فكر الإنسان القديم .


بقلم : رمزي تلالي .