من الآلهة الأنثوية الرحيمة فى العصور القديمة إلى الإله الإبراهيمى الغاضب
من الآلهة الأنثوية الرحيمة فى العصور القديمة إلى الإله الإبراهيمى الغاضب 1-2903
على المستوى الأنثربولوجى مفهوم الإله الغاضب كان دوما حاضرا فى كافة التصورات البشرية عن الآلهة منذ الأزل، فهى دوما تمتلك زمام الأمر وتبقى مطلقة القوة والسلطة والعلم، بيدها مقادير كل شيء فى حياة البشر، تتحكم بالطبيعة بمختلف ظواهرها ومكوناتها، وإذا رضيت عن البشر منحتهم أسباب الحياة والبقاء فى عالم دائم التقلب، مثل المطر والماء وخصوبة الأرض والطرائد الوفيرة، وإذا ما غضبت منهم ، حبست عنهم المطر وأورثتهم الجذب والقحط وقطعت عنهم سل البقاء، هاته الآلهة تنتظر دائما القرابين والأضحيات من المؤمنين بها لترضى عنهم وتغفر لهم، وفى هذا السياق شكلت الظواهر الطبيعية وخاصة الفلكية منها ترجمة لتعبير هذه الآلهة عن حلول موعد تقديم هاته القرابين، مثل الكسوف والخسوف وموعد الإنقلاب الشتوى أو الصيفى، فى البداية كانت هذه القرابين بشرية، ثم تطورت لتصبح تضحية بالحيوانات فى الديانات الإبراهيمية أو جزءا من محاصيل الأرض تقدم لمقام الآلهة مثلما يحصل عادة مع الديانة الهندوسية اليوم.
مفهوم هذه الآلهة الغاضبة والقادرة على إفناء الحياة بكل مكوناتها، متجذر فى عمق التاريخ البشرى ويعود لأولى المجتمعات البشرية القديمة فى نهاية العصر الباليوليثي الأعلى، فقبل ذلك كان الإنسان يتصور الآلهة فى شكل أنثوى يتمثل بالأم التى تحمل سر الحياة وتمنحها وتهبها لبقية القبيلة، فدورة الحيض عندها مرتبطة بالقمر ومتأثرة به، وتتابعها على رأس كل شهر يمثل وجودا دورة من الخصوبة تشبه تعاقب الفصول فى الطبيعة، والحمل والولادة ثم الرضاعة كانت تشكل قدرات إعجازية فى الفهم البسيط والبدائى لدى الإنسان بالإضافة إلى كون الأم كانت تمثل أساسا ثابتا يلتف حولها الجميع فهى تبقى أقرب أفراد العائلة للطبيعة وأكثرهم معرفة بظواهرها ومكوناتها، مثل نوعية الثمار الصالحة للأكل أو تلك السامة التى يجب الإبتعاد عنها، أو كيفية إعداد اللباس من فرو وجلود الحيوانات، أو معرفة الأعشاب الدوائية التى يمكن إستخدامها لعلاج حالات مرضية مختلفة، ولذلك كانت الأم تمثل الأساس الذى تجتمع حوله العائلة فى أولى تمظهراتها، مما دفع البشر حينها لتصور شكل بدائى أنثوي للآلهة التى تسير الطبيعة، هذا الشكل كان هو نفسه شكل المرأة الممتلئة خصوبا وعطاء فائضا لا ينتهى، ولعل هذا هو ما يفسر كل المنحوتات القديمة للآلهة الأم التى إكتشفها علماء الأركيولوجيا فى مختلف أنحاء العالم والتى تعود للعصر الباليوليثى الأعلى والنيوليثى، وهى منحوتات متكررة لنفس التصور عن “الآلهة الأم”، عبارة عن جسد إمرأة ذات حوض عظيم وثديين ضخمين بارزين من الصدر، وهذا تصور يرمز للخصوبة الدائمة والعطاء المتواصل فى أبلغ شكل تعبيرى ممكن, وقد يتساءل البعض عن دور الذكر فى هذه المقاربة، والإجابة المنطقية هى كونه قد ترك للمرأة موقع الريادة إحتراما لمدى تقاربها مع الطبيعة فى دورة الطمث ومدى معرفتها بمكوناتها التى توفر له سبل البقاء، وهاته الإلهة الأم قد إستمر حضورها فى الوعي البشرى حتى بعد الإنقلاب الذى تم من العصر الأنثوى للعصر الذكورى، وهى التى إنبثقت عنها تصورات أخرى لأشكال متعددة من الآلهة الأنثوية مثل عشتار وإنانا وليليث ونينورساغ الرافدية، وإيزيس وحاتحور المصرية القديمة وأرتميس وأفروديت وأثينا اليونانية، وصولا لمريم العذراء المسيحية واللات ومناة والعزى لدى العرب ما قبل الإسلام.
من الآلهة الأنثوية الرحيمة فى العصور القديمة إلى الإله الإبراهيمى الغاضب 1--1452
مع مرور الوقت إتسعت المجتمعات البشرية وتطورت لمنظومات إجتماعية أكبر، مما نتج عنه تزايدت الإحتياجات الحياتية، من مأكل وغذاء وحاجة للدفء واللباس وضرورة توفير منابع أكبر للماء ومجالات صيد اكثر وفرة، وهذا ما شكل أولى أسباب الصراع والمواجهة بين المجتمعات البشرية، فبدأت القبائل تتصارع فيما بينها وتتقاتل من أجل الموارد المتوافرة والتى تزداد بإطراد بتزايد أعداد أفرادها، وهنا إنتقل مركز ثقل العائلة من الأم نحو الأب وهو المكلف بتوفير مصادر الغذاء من حيوانات أو طرائد وهو الذى يحمى العائلة التابعة له والمنبثقة عنه بأفرادها الأضعف مثل الأطفال والنساء، وهو من يتصدى للذكور المعتدين أو المهاجمين من قبائل أو تجمعات بشرية أخرى، وشيئا فشيئا تحول هذا الذكر لمركز العائلة، وتحولت المعرفة الحيوية بالطبيعة وما توفره من سبل للعيش والبقاء من الأم الكبرى للذكر الأكبر والأقوى، الذى صار زعيم العائلة / القبيلة. (فى هذه النقطة بالتحديد يمكن الرجوع للنظريات التى تقول بأن رجل النياندرتال قد تعرض للإبادة من طرف الهومو سابيانس بعد صراع طويل بين النوعين حول الموارد الغذائية وذلك خلال العصر الباليوليثى الأوسط)، وهذا الصراع الذى تميز بالعنف المطلق بين أفراد التجمعات البشرية الأولى ظهرت معه ممارسات معينة تطورت هى أيضا عبر التاريخ، حيث تم تسجيل كون الإنسان البدائى قد مارس أكل لحوم البشر فى ما بينه، سواء بحاجة غذائية لتوفير البروتينات الحيوانية خلال الفصول الباردة التى تقل فيها الموارد الغذائية ويقل الصيد بسبب غياب الطرائد التى تدخل فترة السبات الشتوى، أو كطقس مارسه فى إطار معتقدات بدائية حيث كان يتخيل أن أكل لحم عدوه أو خصمه يجعله يكتسب قدراته الجسدية، وهذه يمكن إعتبارها نتيجة منطقية تماما للتحول الذى شهدته البشرية بالإنقلاب بين المجتمع الأنثوي الذى تحتل فيه المرأة أو الأم مكانة الصدارة.
هذا الزعيم الأول الذى مر عبره هذا التحول صار هو الجد الأكبر، الذى تجمت لديه منابع الحكمة والمعرفة، فهو الذى بات يحدد الصيد ويحدد المواسم والمناطق المناسبة لصيد الطرائد الوفيرة وإلتقاط الثمار، وبعد موته كان من الطبيعي والمنطقي جدا أن يتحول لرمز مقدس أو طوطم Totem فى الوعي الجمعي للقبيلة، هذا الرمز بات حينها مصدرا أزليا ودائما لتلك الحكمة والمعرفة التى تمكن أفراد القبيلة من مواجهة الطبيعة بكل صعوباتها ومخاطرها، وموته لا يعنى نهايته وإندثاره التام من الوجود، فأفراد القبيلة قد رفعوا روحه لمقام من السمو والتقديس يجعله حاضرا معهم بشكل أبدى، يرعاهم بحكمته من عالم الأرواح، ويستطيعون الإتصال به عبر طقوس معينة تتشكل من رقصات معينة وترديد لتعاويذ خاصة، وتشمل هذه الطقوس لدى بعض الشعوب عملية تناول نباتات ذات تأثير مباشر وقوى على الوعى بحيث تولد حالات من النشوة عبر التأثير الكيميائي الذى تسببه المادة في المخ والجهاز العصبي مما ينتج عنه حالة من الهلوسة المتواصلة طيلة ساعات، ولا زالت هذه الطقوس تستخدم اليوم عند عدة قبائل فى العالم، نذكر منها مثلا :
– خلطة الأعشاب المسماة أياهواسكا Ayahuasca لدى قبائل Shipibo Conibo فى منطقة الأمازون وهى تتكون من خليط مطبوخ بين نبتة Banisteriopsis Caapi ونبتة Psychotria Veridis.
– خلطة لحاء شجر إيبوغا Tabernanthe Iboga لدى قبائل غرب ووسط إفريقيا.
– خلطة نبتة صبار البيوتل Peyotl أو Lophophora Williamsii المعروفة ب Mescaline لدى هنود أمريكا الوسطى وجنوب أمريكا الشمالية.
نبتة صبار البيوتل Peyotl التى تستخرج منها خلطة شراب الميسكالين Mescaline المهلوسة الذى يستخدمه شامان قبائل أمريكا الوسطى فى طقوسهم الدينية.
وباللجوء لهذه الطقوس يمكن لساحر القبيلة أو الشامان Shaman أن يتصل بعالم الأرواح وبروح سيد القبيلة ليسأله ويدعوه لأن يلف ببركته أفراد القبيلة، وهاته الممارسات لا زالت موجودة ومتبعة حتى اليوم لدى القبائل والشعوب التى ذكرت أعلاه، فهاته التجمعات البشرية لا زالت لم تفقد صلتها القوية بالطبيعة مثلنا نحن اليوم، وفى إطار هذه الممارسات، تحضر الحاجة الضرورية للقربان الذى يجب تقديمه لسيد القبيلة الذى بات إلها يعبده الجميع، وهو يحتاج للتضحية فى العالم الأخروى لكى يرضى على القبيلة، هذا القربان يتم تقديمه للمقام المقدس الذى أقيم له فى شكل طوطم أو مذبح يجتمع حوله افراد القبيلة عادة فى الليالى المقمرة الباردة فى فصل الشتاء، حيث عادة ما يقل الغذاء وتختفى الطرائد هربا من البرد، وذلك لرواية قصص البطولة والصيد الوفير الذى كان يجلبه الأب الأكبر فى الأزمنة السابقة، ولعل هذه المرويات المتوارثة بين افراد القبيلة قد شكلت فى وعى الإنسان أولى تمظهرات الأساطير التى نعرفها اليوم ونحاول عبرها إكتشاف شكل الحياة لدى المجتمعات البشرية القديمة.
شيئا فشيئا يتحول هذا الطوطم إلى تصور دائم للإله الحاضر دوما فى الوعى الجمعى والمتصل أبديا بأفراد القبيلة بكل مكوناتها، كراع لها يتجاوز سياق الزمان والمكان، ومع تعدد الأجداد وتعدد الظواهر الطبيعية تكاثرت الآلهة وتعددت وتشعبت بلا عدد أو حصر، ثم بدأت تحاك حولها القصص والأساطير والملاحم التى تروى الصراع الأزلى فيما بينها وسط عالم يتجاوز حدود الوعى البشرى (مثل ملحمة جلجامش السومرية وإينوما إليش البابلية والماهابهاراتا الهندية والإلياذة والأوديسا الإغريقية) وهى كلها تمثل مستويات تطور مختلفة فى تصور الإنسان للآلهة بصفات إنسانية بحتة مثل الغضب والغيرة والشر.
ووصولا الإله الإبراهيمى نجده يمثل بكل تمظهراته أحد مستويات هذا التطور، بحيث يظهر فى اليهودية ونصوصها فى العهد القديم بصورة الإله النزق والغاضب دوما من كل شيء والمستعد لإفناء البشرية كلها بأبشع الكوارث الممكنة من أجل معاقبتها على عصيان تعليماته، كما يبدو في نفس الوقت متعصبا بشكل لا منطقي لشعبه المختار ومستعدا لقتل وسحق وتدمير جميع اعداءه المفترضين، كما يأمر أبناء شعبه المحبوب بقتل أعدائهم ونساءهم وحتى أطفالهم وحيواناتهم، بل ويصرح بأنه خلقهم ليكونوا عبيدا وخدما لهم.
ثم نجده يتطور نسبيا فى العهد الجديد، و يتحول لإله مسالم وهاديء وأقرب لتلك الرؤية المسالمة والطيبة للعالم التى تبناها عيسى المسيح، لكنه ومثل باقى الآلهة يصر على القربان والتضحية، فتنشأ بذلك عقيدة الصلب والفداء فى المسيحية، ويتحول عيسى المصلوب بكل عذابه المؤلم لقربان يفتدى به الله ذنوب البشر.
من الآلهة الأنثوية الرحيمة فى العصور القديمة إلى الإله الإبراهيمى الغاضب 1-2904
وبالوصول للإله الإسلامى نجده فى البداية قريبا بعض الشيء من إله العهد الجديد، وحينما نتمعن فى السور المكية من القرآن، نجده يخاطب البشر بمنتهى الحلم والهدوء ويحثهم على الإيمان به بالموعظة والكلمة الحسنة، ويرغبهم بدعوات الرحمة المطلقة التى تسع كل شيء والغفران الممتد للذنوب جميعا ويميل كثيرا لإستخدام أسلوب مناداة مسالم فى آياته حين يفتتح آياته بجمل من قبيل : “يا أيها الناس أو “يا بنى آدم” وهو يتعمد بهذا الأسلوب عدم وضع التصنيفات التى تقسم البشر إلى كفار ومؤمنين بشكل واضح، بينما يستخدم أسلوبا مختلفا للنداء فى السور المدنية حيث يكثر من جملة : “يا أيها الذين آمنوا ..”، وهو بذلك يقسم البشرية إلى قسمين، جزء يؤمن به وبدينه الحق ويتوجه إليه بلائحة طويلة من الأحكام والتشريعات التى عليه الإلتزام بها، وجزء آخر كفر به وبدينه، وهذا الأخير يتوعده بحساب عسير فى الآخرة وبعذاب قاس و مقيم أبدا.
وفى هذا التصور الجديد والنهائى للإله الغاضب، نجده يصر على مفهوم القربان والتضحية، مثل العيد الأضحى وطقوس ذبح الحيوانات فى تاريخ محدد سلفا وكل ما يرافقها من احكام وتشريعات، لكن يبقى هناك جانب مهم فى مفهوم القربان قلما نتعرض له بالتحليل والدراسة، وهو الجانب المرتبط بما يسمى بالحدود وهى مجموعة تشريعات وعقوبات محددة جاءت واضحة فى نصوص قرآنية تصر على تطبيقها حرفيا دون جدال ولا نقاش، متى توفرت الظروف والحيثيات التى تفرض تطبيق الحد، والمثير فى الأمر هو أن أهمية تطبيق الحدود فى الشريعة الإسلامية تمثل بوضوح كبير مفهوم التضحية، من حيث كونه يربط مفهوم الرزق الوفير بمفهوم الإيمان القطعى، والذى لا يتم ولا يتحقق إلا بالإلتزام بتطبيق حدود الله إلتزاما شاملا لا جدال فيه، وفى نفس السياق نجده يصر ويتوعد البشر بصب جام غضبه عليهم فى شكل زلازل وآفات ونقص فى الرزق والثمرات إن لم يلتزموا بهذه الحدود العنيفة، والتى نعلم تمام العلم أنها موروثة من أحكام وتشريعات وتقاليد موروثة من ديانات أخرى مثلما هو الحال مع عقوبة الرجم فى الزنا التى أخذت من اليهودية وعقوبة قطع يد السارق الموروثة من تقاليد العرب قبل مجيء الإسلام, هذا الإصرار على الحدود يتجاوز مفهوم العقوبة بالنسبة لتصرف خارج عن نطاق المباح فى الدين، ليتحول لضرورة محكمة ومفروضة على المؤمنين؛ بل يتم تهديدهم بغضب إلهى مقيم إن هم تركوا تطبيقها، فتتحول بذلك هاته الحدود من تشريعات وأحكام إجتماعية إلى طقوس ثابتة ومكملة للدين بشكل أوسع.
ومن الآيات التى توضح هذا التصور فى القرآن نجد ما يلى :
حيث جاء فى سورة الأعراف : ” وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) “.
وفى سورة النساء – الآية 14 : “وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ”.
وفى سورة الطلاق – الآية 1: “وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ”.
وفى سورة البقرة – الآية 187: “تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا” .
وقال النبى محمد فى حديثه : “حد يعمل فى الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا ثلاثين صباحًا”.
وفى حديث آخر أمر محمد بإقامة الحدود، فقال: “أقيموا حدود الله فى القريب والبعيد، ولا تأخذكم فى الله لومة لائم”.
وفى هذه المقاربة يبقى الإسلام مجرد مرحلة أخرى من مراحل تطور الأديان فى الوعي البشرى تمتد منذ ما قبل العصر النيوليثى وحتى اليوم، وهذا التطور الذى بدأ بضرورات فرضتها الطبيعة بمكوناتها وظواهرها وما توفره من سبل بقاء للبشر، قد تحول مع توال العصور من عبادة الجد الأكبر الذى يرعى القبيلة من عالم الأرواح، إلى عبادة الإله المطلق القوة والمعرفة الخالق لكل شيء، بينما يتشابه الإثنان في ذلك الغضب المتواصل والمشتعل دائما وأبدا ضد الأتباع والذى لا ينطفيء إلا باللجوء للقرابين.


المصدر : مواقع ألكترونية