شاع في الأيام الأخيرة فيديو بعنوان "حقائق صادمة عن البخاري" نشَره موقع "أصوات مغاربية" وشاركه موقع "قناة الحرة"، وهو ما أثار عددًا من التساؤلات دفعت بعضهم إلى طلب توضيحات علمية حول محتوى الفيديو.وقد وقع التشكيك في أربع نقاط وهي كما يلي: اعلان
(1) بينه وبين الرسول حوالي 200 سنة وهي مدة طويلة مات خلالها كل الصحابة.
(2) رحلات البخاري إلى بغداد ومكة ومصر كانت قصيرة ولم تكن كافية للسماع من كل الرواة.
(3) معظم أحاديث البخاري تساعيات بينه وبين الرسول تسعة رواة ما يوسع مجال النسيان والتدليس أو الكذب والتلفيق.
(4) أن 16 سنة مدة وَضْعه لكتابه لا تكفي لتنقيح 600 ألف حديث للتحقق من شرطه وهو العدل والصدق وعدم التدليس، وبحسبة بسيطة يحتاج إلى أكثر من 200 سنة لكي ينقح 600 ألف أي 15 دقيقة لكل حديث وهي غير كافية للقاء الرواة وتطبيق المعايير!
كيف جمع البخاري 600 ألف حديث في 16 سنة؟!
كتبه: محمود داود – القاهرة
ازاي البخاري جمع 600 ألف حديث في 16 سنة ؟ ده على كده مكنش بينام ولا بياكل ولا بيشرب وبيشتغل 24 ساعة في اليوم بقى عشان يقابل رواة الأحاديث و يسافر و يروح و يجي ..وجاب منين الأحاديث دي كلها أصلا .. هكذا قالوا .. والرد:
أولاً:البخاري لم يقل ذلك أطلاق . بل قال البخاري:
فتح الباري – ابن حجر (1/ 489)
(وَعَن البُخَارِيّ قَالَ صَنّفتُ الْجَامِعَ من سِتّمائَةِ ألفِ حَدِيث فِي سِتّ عشرَة سنة)
يعني البخاري استغرق في كتابة صحيح البخاري 16 سنة وانتقى أحاديثه من 600 ألف حديث خلال الـ 16 سنة, لكن لم يقل أنا جمعت 600 ألف حديث وقابلت الرواة في 16 سنة ! بيكذبوا الكذبة وبيبنوا فوقها كذبات أخرى ودي عادتهم
ثانيًا: العلماء بيحسبوا وبيعدوا كل طريق من طرق الأحاديث بيعتبروه حديث . يعني لو مثلا: لو النبي قال ( انما الاعمال بالنيات ) .. و رواه عنه واحد من الصحابة لخمسة من التابعين . كده يعتبر 5 أحاديث. طيب التابعين كل واحد منهم رواه لعشرة آخرين مثلاً . كده الحديث ده يتحسب كام ؟ يتحسب 5 * 10 = 50 حديث.
طيب إيه الدليل على كده ؟ الدليل من صحيح البخاري نفسه , احنا قلنا أن عدد أحاديث صحيح البخاري حوالي 7300 حديث بالمكرر(يعني أحاديث تم تكرارها). هتلاقي منهم حديث ( إنما الأعمال بالنيات ) البخاري رواه في صحيحه 7 مرات وهتلاقي الحديث بـ 7 أرقام مختلفة عن 7 أشخاص مختلفين ( الحميدي , بن مسلمة , محمد بن كثير , مُسدد , يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ , قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ , أَبُو النُّعْمَانِ) ومع أنه نفس الحديث لكن احنا إلى الآن لما بنيجي نعد أحاديث صحيح البخاري بنحسبه 7 أحاديث وبنقول أن البخاري فيه 7300 حديث بالمكرر يعني بالأحاديث اللي اتكررت .
وعلامة علم الحديث ( عمرو بن الصلاح يقول ):
مقدمة ابن الصلاح (ص: 10): ( قال ( البخاري ) : أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح.. إلا أن هذه العبارة قد يندرج تحتها عندهم آثار الصحابة والتابعين . وربما عد الحديث الواحد المروي بإسنادين حديثين )
يعني الحديث المروي بإسنادين , بيتم احتسابه بحديثين, رغم أنه في الحقيقة نفس الحديث مش حديث غيره . وبمثل هذا الكلام قال الإمام النووي نقلاً عن العراقي في تدريب الراوي (1/ 99) للنووي .
يعني الـ 600 ألف حديث دي داخل فيهم أحاديث مكررة , وقلنا الأحاديث المكررة يعني أحاديث تم تكرارها لكن بأسانيد مختلفة, لكن الحديث نفسه اللي هو الكلام اللي في الحديث نفسه اللي اسمه (المتن) بيكون واحد, ومع ذلك العلماء ممكن يعدوه ويحسبوه كذا حديث بعدد الطرق التي جاء بها الحديث.
ثالثًا: طيب البخاري بدأ دراسة الحديث امتى ؟ و درس كام سنة؟ و اتولد امتى وكتب صحيح البخاري امتى ؟
سير أعلام النبلاء (12/ 393)
قَالَ: أُلْهِمْتُ حِفْظَ الحَدِيْثِ وَأَنَا فِي الكُتَّابِ. فَقُلْتُ: كم كَانَ سِنُّكَ؟ فَقَالَ: عشرُ سِنِيْنَ، أَوْ أَقَلّ
فالبخاري اتولد 194 هـ , و بدأ داراسة الحديث لما كان عنده 10 سنين يعني سنة 204 هجريًا
ولما وصل 18 سنة عمل كتاب ( التاريخ الكبير ) وده كتاب مهم جدا في علم الرجال. يعني معرفة أحوال رواة الأحاديث
سير أعلام النبلاء (12/ 400)
(فَلَمَّا طَعنْتُ فِي ثَمَانِ عَشْرَةَ، جَعَلتُ أُصَنِّفُ قضَايَا الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ وَأَقَاويلَهُم، وَذَلِكَ أَيَّامَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى. وصنَّفْتُ كِتَابَ (التَّارِيْخِ) إِذْ ذَاكَ عِنْدَ قَبْرِ رَسُوْلِ اللهِ.)
وبالمناسبة كتاب التاريخ الكبير أصعب بكثير من صحيح البخاري, لأن البخاري ترجم في هذا الكتاب للصحابة والتابعين وأتباع التابعين والآخذين عنهم. و رتبهم ترتيب هجائي , وذكر شيوخ كل واحد منهم , وذكر تلاميذ كل واحد منهم , ويتكلم فيهم جرحًا و تعديلاً ويذكر كلام الأئمة فيهم , ويذكر الأحاديث التي رواها كل واحد منهم… وبالتالي الكتاب ده سَهّل مأمورية الإمام البخاري جدا لما جيه يكتب صحيح البخاري.
طيب البخاري بدأ في كتابة صحيح البخاري امتى ؟ بدأ في 216 هجريًا . وقلنا انه بدأ في الدراسة 204 هجريًا = يعني البخاري درس 12 سنة قبل كتابة صحيح البخاري + 16 سنة كتب فيهم صحيح البخاري = 28 سنة
فمحدش يفتكر ان البخاري صحي من النوم في يوم من الأيام وقال انا هبدأ أجمع الأحاديث و أسافر للبلاد عشان أجمعها و أكتبها و أدرسها و أنقحها و أكتب صحيح البخاري وكل ده في 16 سنة ! ده كذب.
هل أصلا الـ 600 ألف حديث محتاجين كلهم للدراسة ؟ لا أبدًا. وتعالوا نعمل تجربة عملية ونشوف بعض الأحاديث هتستغرق وقت قد إيه .
مثال(1): في حديث إسناده هو ( عن الحسن البصري عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول .. ) ..من غير ما تعرف الحديث, الحديث ده بالطريق ده ضعيف لأن الحسن البصري تابعي ولم يلقى النبي فكيف يروي عنه ؟
مثال(2) في حديث إسناده ( عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول … )
من غير ما تعرف الحديث ولا تكمله الحديث بالطريق ده ضعيف , ببساطة: الزهري تابعي ولم يلقى النبي فالحديث ضعيف لان فيه انقطاع
مثال(3)في حديث إسناده هو ( عن الواقدي عن …. ) قبل ما تكمل الحديث, الحديث ضعيف بهذا الطريق, لأن الواقدي شخص متروك الحديث
يعني بالصلاة على النبي 3 أحاديث كل حديث لم يستغرق سوى ثانية واحدة فقط للحكم عليه ! فما بالكم بقى بالإمام البخاري اللي صنف كتاب ( التاريخ الكبير) اللي كان فيه دراسة شاملة وافية لأحوال الرواة والكتاب ده عمله قبل ما يكتب صحيح البخاري ! .. وبالتالي هنلاقي ان 16 سنة عشان ينقح فيهم الإمام البخاري عدد 600 ألف حديث بعد ما يحذف منهم المكرر والمعلق واللي ملهوش إسناد واللي ظاهره الضعف والكذب ألخ ألخ .. هتلاقي ان 16 سنة ده عدد سنوات كافية جدا جدا بعد كل اللي قلناه
ويتبقى سؤال: البخاري جاب 600 ألف حديث منين أصلا وبيستغرقوا وقت قد ايه عشان يكتبهم ؟
ببساطة: شيوخ الإمام البخاري وهم ( الحميدي – ابن راهوية – أحمد بن حنبل ) وكل واحد فيهم عنده مُسند خاص به, عندك مثلا مسند أحمد فيه 40 الف حديث بالمكرر وطبعا فيهم الصحيح والضعيف وهكذا , وكذلك مسند الحميدي و مسند إبن راهويه . فالبخاري بسهولة جدا يقدر يقرأ المسانيد دي وممكن يطلع منهم بما لا يقل عن 100 ألف حديث مثلا !
مثلا:واحد من شيوخ البخاري وهو ( يحيى بن معين ) كتب بيده 600 ألف حديث
تاريخ بغداد ت بشار (16/ 263)
(سألتُ يَحْيَى بْن معين: كم كتبت من الحديث يا أَبَا زكريا؟ قَالَ: كتبتُ بيدي هذه ست مائة ألف حديث.)
أهو شيخ واااااااحد فقط من شيوخ البخاري كان كاتب 600 ألف حديث ! يعني لو عملنا عقلنا بعقل الطاعنين وقلنالهم البخاري جاب الـ 600 ألف جاهزين من يحيى بن معين , هيقعدوا يشدوا في شعرهم 😀
يبقى اتضح ان الإمام البخاري لم يخترع هذه الأحاديث, بل هذه الأحاديث موجودة ومكتوبة ومحفوطة من قبل مولده , وكان الإمام البخاري بيسافر البلاد عشان يسمع ويكتب الأحاديث دي بنفسه من شيوخه, ده غير الأحاديث اللي كان الإمام البخاري حافظها ودي أصلا متكلمناش عنها .
ممكن واحد يستشكل ويقول طيب هو سمع وكتب 600 ألف حديث من شيوخه في وقت قد ايه ؟
سهلة جدا . بيحصل مجالس تحديث أو مجالس إملاء أو مجالس سماع للأحاديث . وموجودة أيضًا على اليوتيوب , هتلاقي شيخ بيقرأ وبيحدث عن رسول الله .. هتلاقيه بيحدث في الساعة الواحدة تقريبا 100 حديث . ناخد مثلا منها على سبيل المثال المجلس اللي في الصورة دي ((الصورة في التعليقات)) .. الشيخ بيحديث بأحاديث صحيح البخاري من حديث رقم 3754 لحديث رقم 3871 = 117 حديث , في مدة قد إيه بقى ؟ في 53 دقيقة فقط
احنا هنفرض ان في الساعة بيتم التحديث بـ 100 حديث فقط
يعني لو 600000 ألف حديث / 100 حديث في الساعة = 6000 ساعة = لو هيشتغل 10 ساعات فقط في اليوم هيبقى 6000ساعة /10 ساعات = 600 يوم يعني أقل من سنتين فقط .. هل ده مستحيل عقلا أو نقلا ؟ . ولاحظوا حضراتكم اننا ضربنا لكم مثال واقعي في الوقت الحاضر بمجالس السماع.
ودي نفس المجالس اللي كانت بتتعمل قديمًا ,فالبخاري لحرصه كان بيسافر بالسنوات عشان يجمع الأحاديث دي بنفسه . فالبخاري مكنش محتاج 200 سنة عشان يجمع 600 ألف حديث … و شكرا






طرح إشكالية البخاري  Sans_176