"من أروع أعمال الفنان البولندى " توماس كوبيرا" لوحة "الشرود عن القطيع"
لوحة "الشرود عن القطيع" 13-67
وهى لوحة رائعة تعبر عن مدى صعوبة أن يتحرر الفرد من ثقافة القطيع المفروضة عليه من مجتمع الجهالة والتخلف.
وفى الصورة يبدو أحد الأشخاص يحاول أن يستقل بذاته ويفر من العبودية وسيطرة القطيع، والرجل يصرخ من الألم وتعبيرات وجهه مملوءة بالمعاناة الشديدة ، ولكنه يقاوم بإصرار وعناد ،وعيناه مثبتتان على شيء ما يراه بعيدا ، قد يكون نجمه الهادي وحلمه الكبير الذي يسعى لبلوغه كي يصبح إنسانا حرا متميزا عن القطيع.
ويبدو فى الصورة عدد لا نهائي من الجموع الحاشدة ، يمسكون بتلابيبه لمنعه من الفرار ، وإجباره على الانصياع لقوانينهم , وهذه الجموع يجمعها نفس اللون ونفس الشكل ونفس الطبيعة ونفس الصفات ونفس الأفكار وكأنهم قوالب متشابهة ونمط واحد متكرر
و لا أحد يعرف من أطلق هذا الاسم على اللوحة ، هل النقاد أم الفنان نفسه.
وفى وصف القطيع يقول المفكر الفرنسي "أتيان دولا بواسيه" فى كتابه "العبودية الاختيارية": يعيش القطيع فى عالم مستقل خاص به وتنحصر اهتماماته فى: ( لقمة العيش - كرة القدم - الجنس - الدين ..)
والدين عند القطيع ليس له علاقة بالفضيلة أو الحق أو العدل ، وإنما هو مجرد استيفاء للشكل والمظهر) لحية ، جلباب ، نقاب ، مكبرات صوت...إلخ) وفى المقابل فإن القطيع لا يهتم بالأخلاق أو السلوك , فهو بلا حرج يكذب و يسرق و يرتشى، ويغش في الامتحانات ، ويتهرب من الضرائب ، و يتحرش بالأنثى و لا يتقن عمله.
والعجيب أن القطيع لا يشعر بالذنب وتأنيب الضمير ، إلا فقط حين تفوته إحدى الصلوات!
وفى كتاب "سيكولوجيّة الجماهير" يقول عالم الاجتماع الفرنسى الشهير "چوستاڤ لوبان":
لوحة "الشرود عن القطيع" 1---1200
إن قناعات الجماهير لا تتشكل بالإقناع ولا العقل ولا المنطق ، ولكن بالعاطفة فقط , فالأفكار نفسها لا تؤثر في الجماهير ، ولكنها تتأثر بطريقة عرض هذه الأفكار.
ويستمر چوستاڤ لوبون فى وصف الجماهير فيقول:
أنها عاطفية وسهلة الانقياد وتتصرف بشكل لا واعي وأفعالها غير نابعة من العقل ويمكن خداعها بسهولة، وأن لديها القابلية لتصديق الإشاعات حتى لو كانت غير منطقية وغير عقلانية , والجماهير شديدة التطرف فى عواطفها فهى إما أن تقبل الفكرة قبولا تاما بلا قيد أو شرط ، وإما ترفضها رفضا كاملا مطلقا فلا وسط لديها وهى شديدة التناقض وتنتقل من الرأي إلى نقيضة بمنتهى السهولة..
فيوما ما نجدها ترفع اللاعب الفلاني إلى أعلى عليين باعتباره نموذج للشاب المكافح الذى شرف وطنه ..إلخ ) وفى اليوم التالي تسبه وتلعنه وتهبط به إلى أسفل سافلين !!
•• يحدد عالم النفس البولندى "سولمون أس" مفهوم "عقلية القطيع" فيقول:
"هى قيام الفرد بفعل غير منطقى وليس له مبرر ، وذلك فقط لمجرد أن جميع من حوله يفعلون ذلك" ويقول: "إن الأغلبية لديها تأثير كبير على الفرد وتحد من استقلاليته، وفى المقابل فإن الفرد بطبيعته يميل للتقليد، ولديه نزعة الخضوع والطاعة العمياء وتعطيل العقل وعدم التفكير النقدى"..
والقطعان تقدس رموزها الدينية وترفعهم إلى درجة العبادة، وتصدق كل ما يقولونه
حتى لو تعارض مع العقل والمنطق ..

يتمثل سلوك القطيع أصدق تمثيل فى واقعة عجيبة حدثت في تركيا عام 2005 ،
وملخصها ( أن خروفا قرر القفز من أعلى جبل ظنا منه أنه سينجو ، وفورا وبلا تردد تبعه باقي الخرفان حوالى 1500 خروف) وقفزوا جميعاً دون تفكير وماتوا كلهم
اقرأ وفكر وتعلم واستخدم عقلك،واكسر قيودك وكن نفسك ولا تكن واحدا من القطيع..


المصدر : مواقع ألكترونية