مدينة ورڨلة الأمازيغية عبر التاريخ ،  تأسيسها وتسمياتها .


مدينة ورڨلة الأمازيغية عبر التاريخ ،  تأسيسها وتسمياتها . 8dfe3c2bf73fdd1197c3c811bf0c08e1_M


نتحدث في هذا النص عن  الجذور التاريخية لمدينة من مدن الصحراء الجزائرية العتيقة ، وهي تسمى حاليا ورڨلة  نتاول تأسيسها وتسميتها ، حسب المصادر والمراجع ، وكتابات  المؤرخين و الرحالة .
هي قبيلة بني وركلا  الزناتية الأمازيغية , التي حطت رحالها جنوب غرب بسكرة على بعد ثمانية مراحل حسب رأي بن خلدون ، في منطقة  تتوفر على الماء و الكلأ , فنزلت بربوة عالية و خالية من السكان ، و شيدت عليها قصورها ، وشرعت في غرس النخيل بمحيطها حتى تكونت واحة , وأصبحت تنعت باسم القبيلة ، ونطقت هذا الاسم كل جهة بلسانها ومن ضمن الأسماء التي أطلقت عليها ووصلتنا نذكر :  ( واركلة ،  واركلا  ، وارجلان ،   وارجلن ،  وارقلة   ورقلة، .... ).
كما وردت في كتاب المغرب في ذكر بلاد إفريقيا و المغرب للمؤرخ المغربي عبد الله البكري الذي عاش في القرن الخامس الهجري الحادي عشر ميلادي ،باسم وارجلان حيث قال: (فانك تسير في الصحراء خمسين يوما إلى وارجلان وهي  سبعة حصون للبربر. وبين وارجلان و قلعة أبي الطويل مسيرة ثلاثة عشرة يوما .) فالبكري هو بدوره لم يعط تفسيرا لمدلولات الاسم و لم يحدد متى أطلق عليها، ولكنه قدم وصفا دقيقا للمدينة حيث قال:( إنها تتكون من سبعة حصون وهي بلد يسكنها البربر و تقع في الصحراء.).


مدينة ورڨلة الأمازيغية عبر التاريخ ،  تأسيسها وتسمياتها . Z


 أما صاحب الموسوعة الكبرى معجم البلدان، ياقوت الحموي الذي عاش في القرن السابع الهجري الثالث عشر ميلادي يذكرها باسم ورجلان حيث قال:( ورجلان ، بفتح أوله و سكون ثانيه وفتح الجيم و آخره نون،  هي كرة بين افريقية و بلاد الجريد ضاربة في البر كثيرة النخيل و الخيرات يسكنها قوم من البربر )
أما في مطلع القرن التاسع الهجري الخامس عشر ميلادي , فقد تعرض لها العلامة عبد الرحمن بن خلدون بنوع  من  التفصيل و التعليل, حيث ذكرها باسم واركلا، بكاف مكسورة  وبدون نون أو تاء مربوطة في الأخير، وذكر أن الذين أسسوها هم  قبائل بني واركلا  الزناتيين، القادمين من منطقة الزاب، حيث قال: (  بنو واركلا هؤلاء أحد بطون زناته كانت مواطنهم قبلة الزاب ، واختطوا المصر المعروف بهم لهذا العهد على ثماني مراحل من بسكرة ،في القبلة منها ميمنة إلى الغرب ، بنو قصورا متقاربة الخطة ، ثم إستبحر عمرانها  فائتلفت وصارت مصرا ...) ، ويتضح لنا من خلال طرح بن خلدون أن المؤسس الحقيقي للمدينة هو بطن أي فرع من قبيلة زناتة الأمازيغية التي حلت بالمنطقة ، وأسست هذه المدينة من العدم أي لم تجد مدينة قبلها, لكنه لم يحدد لنا التاريخ الذي قدمت فيه هذه القبيلة و أسست المدينة.


مدينة ورڨلة الأمازيغية عبر التاريخ ،  تأسيسها وتسمياتها . Images?q=tbn:ANd9GcSWPM7pdf85P1x1g9OQWWlOtcorcjbyVfdsEw&usqp=CAU


أما الرحالة المغربي الحسن بن  محمد الوزان ،الذي عاش في القرن العاشر الهجري السادس عشر ميلادي ، فقد ذكرها باسم  وركلة  بنصب الواو وسكون الراء و تنقيط الكاف بثلاثة نقاط إلى الأعلى مع تسكينه و نصب اللام, و أعطى وصفا ممتازا للحاضرة  من حيث  البناء المستعمل فيه مادة الآجر الني ، ومن حيث الفلاحة و النخيل، كما وصفها بكونها كبيرة و ثرية ، ويحيط بالمدينة عدد كبير من القصور، بالإضافة إلى القرى النائية، حيث قال: (وركلة مدينة أزلية بناها النوميديون في صحراء نوميديا، لها سور من الآجر الني و دور جميلة وحولها  نخل كثير ويوجد بضواحيها عدة قصور وعدد لا يحصـى من القرى ).  إ ن المتتبع لما قال الحسن الوزان يستنتج من كلامه أنها كانت مملكة قوية و محصنة بسور له أبواب، وعاصمة لمجموعة من القصور والقرى المجاورة لها،
أما المصادر والمراجع المعاصرة ،فقد ذكرت اسمها في صورتين فقط : وارجلان و ورقلة. فالشيخ إبراهيم أعزام المتوفى بورقلة سنة 1385هـ ـ 1965م فقد ذكرها في مخطوطه غصن ألبان في تاريخ وارجلان  باسم وارجلان حيث قال : (إن لها أسماء عديدة ولكن الأصح هو اسم وارجلان)  و من جملة ما قال : ( كانت وارجلان قديما عامرة بالبربر و بفاتح القرن الثاني وهي عامرة بالاباضية من البربر و غيرهم.) ، ويفهم من كلامه أنها كانت موجودة قبل القرن الثاني للهجرة و تحمل نفس الاسم  وعامرة بالسكان .


مدينة ورڨلة الأمازيغية عبر التاريخ ،  تأسيسها وتسمياتها . Images?q=tbn:ANd9GcRwDbuo2pXs1IqL5Y3OCUc_LM2ELiVyMp6Olg&usqp=CAU
كما تعرض لها الشيخ احمد توفيق المدني في كتابة  كتاب الجزائر حيث قال: (ورقلة اسمها الأصلي  بني وارجلان قصر من أبدع القصور البربرية  في الجنوب الجزائري.وكانت وارجلان محط رجال الإباضية عندما تشتت الدولة الرستمية  في القرن العاشر الميلادي.)
ويذهب الشيخ عبد الرحمن الجيلالي، في كتابه تاريخ الجزائر العام ،إلى أن ورقلة كانت موجودة قبل القرن الثالث الهجري وتسمى بني ورجلان، وإنما المؤسس الجديد هو سدراته أو ما يعرف عند الأمازيغ بإسدراتن  ، عند تعرضه لهجرة الإباضية من تيهرت إلى ورقلة  حيث قال : (.. دخلوا مدينة بني وارجلان  وهناك على بعد أربعة كيلومتر جنوبا  اخذوا في تأسيس عاصمتهم الجميلة سدراتة المعروفة  عند البربر بإسدراتن ذات المدنية العظيمة)
أما الرحالة والمغامرون والمستكشفون والأثريون الأوروبيون الذين زاروا  ورقلة في القرن التاسع عشر في مهمات مختلفة فقد ذكروها في مصنفاتهم من كتب و تقارير باسم  ورقلة Ouargla ( دون أن يقدموا توضيحا حول أصل الكلمة ، وكل ما قالوا عنها : ورقلة مدينة بربرية صحراوية قديمة و ضاربة في القدم ) .


مدينة ورڨلة الأمازيغية عبر التاريخ ،  تأسيسها وتسمياتها . Ouargla


لم تقدم تفاسير  للمصطلح  ماعدا عبد الرحمن بن خلدون الذي  ارجع تسمية المدينة  نسبة إلى قبائل بني واركلا الزناتيين  ..
كما ذكرت بأسماء مختلفة في المصادر غير الإباضية ، حيث سميت وارقلان و واركلان و واركلا و واركلة  ، أما في القرنيين التاسع عشر و العشرين فقد كتبت في صورتين وارجلان وورقلة  لكن يرجح جمهور المؤرخين أن كل هذه الاختلافات مردها اختلاف في النطق وفي ألسنة القوم ، بينما التسمية مصدرها واحد هو قبيلة واركلة الزناتية ، كما فسرها عبد الرحمن بن خلدون .