«نعم، ولكن ...» اينشتاين والله والخليقة
هناك نقاش دائر منذ زمن طويل بين العلماء وبين من مثلنا يصنفون أنفسهم كمتدينين مؤمنين بمسألة الخلق. غالبا ما يتم النظر إلى هاتين الفئتين كمعسكرين متضادين: فإن كنت تؤمن بالعلم لا يمكنك الإيمان بمسألة الخلق وإن كنت تؤمن بمسألة الخلق لا يمكنك الإيمان بالعلم. كنت دائما أود الرد على كل فئة بعبارة «نعم، ولكن ...» وكأني أريد بذلك القول لهم أن هذا النقاش برمته عن الخلق معقد جدا.
هل تمت عملية الخلق في ستة أيام كما يعتقد المسلمون وبعض المسيحيين؟ هل بدأ كل شيء ب «انفجار كبير» (بيغ بانغ)؟ هل نحن كما نحن نتيجة تطور استغرق ملايين السنين، أم خلقنا في أحسن تقويم كما نبدو في شكلنا اليوم؟
قرأت مؤخرًا مقالًا عن ألبرت أينشتاين. لقد كان هذا الرجل واحدا من أعظم علماء القرن الماضي، حيث انشغل خلال حياته كثيرا بالتفكير في كيفية نشوء الكون. لكنه لم يحدث أن رفض الله، بل كان يذكره مرات عديدة في حديثه وكتاباته. مع ذلك، وبعد قراءتي المزيد عن هذا الرجل، تأكدت أنه كان سيجيب أيضًا بعبارة «نعم، ولكن ...» عن كل سؤال متعلق بعملية الخلق.
ففي سنة 1926، على سبيل المثال، كتب إلى عالم فيزيائي آخر اسمه ماكس بورن قائلا: «إن ميكانيكا الكم علم عظيم يعد بالكثير. لكن صوتا داخليا يخبرني أن هذا العلم لم يقترب بعد من الحقيقة. فالنظرية تقدم الكثير، لكنها تقربنا بالكاد من أسرار الخالق الأزلي. أنا، على أية حال، مقتنع أنه لا يمارس لعبة النرد». أينشتاين يشير هنا إلى«الصوت الداخلي» للخالق الذى وصفه ب «الكائن الأزلي».
بل إن أينشتاين تساءل عما إذا كان كل شيء مقدر سلفا، أم أن هناك فسحة خيار في المخطط الكوني: «ما يثير اهتمامي حقًا هو سؤال إمكانية خلق الله للعالم بشكل مختلف؛ بعبارة أخرى، إمكانية سماح البساطة المنطقية بهامش من الحرية.» «هامش الحرية » هذا هو الذي يمنحنا الخيار بين العناية بالأرض أو تدميرها!
رغم ذلك سوف أقول لأينشتاين نفسه «نعم، ولكن ...»
لقد كان أينشتاين معجبا بالفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا، وقد كتب: «أنا أؤمن بإله سبينوزا، الذي يكشف عن نفسه في انسجام قوانين الكون، لا بإله يهتم بمصير وأفعال البشرية.»
نعم، ولكن ... فالله طبعا يهتم بنا كبشر، ويهتم بالعالم الذي خلقه، ويهتم بكيفية تعاملنا مع خليقته التي هي هبته لنا.
فلنتذكر ونحن نحتفل بموسم الخلق أن الله تعالى يحبنا ويتوق إلى التواصل معنا كأب روحي لنا.



«نعم، ولكن ...» اينشتاين والله والخليقة Oaooa11