بمناسبة للذكرى السنوية لمعركة عين جالوت سنقوم بتصحيح بعض المغالطات حول هذا الحدث الذي تم تضخيمه  :
1 - هل كانت معركة كبرى كما روج لها الإسلاميون :


هل كانت عين جالوت معركة كبرى كما روج لها الإسلاميون؟ 7114


- عين جالوت هي معركة صغيرة وقعت سنة 1260 بين جيوش المماليك بقيادة السلطان قطز ضد جيش صغير من المغول بقيادة كتبغا نويان ، و قد قدرت جيوش المسلمين بأكثر من خمسين الف مقاتل بينما بلغ جيش المغول في أكثر التقديرات عشرين ألف مقاتل ، و رغم هذا الفارق العددي الهائل فقد عرف عن المغول تفوقهم على جيوش فاقتهم عددا و عدة مثل معركة نهر كالكا التي كانت ضد الروس و قد بلغت اعدادهم سبعين الف مقاتل و لم يتعدى عدد المغول عشرين الفا و مع ذلك تمكنوا من سحق الروس ، و معركة جبل كوسة التي هزم فيها نويان المسلمين رغم اعدادهم الهائلة و قلة عدد مقاتليه...و حتى في معركة عين جالوت كانت الهزيمة ستلحق بالمماليك بسبب استبسال المغول في القتال لولا الخطة المحكمة التي وضعها قطز لتطويقهم و لسخرية القدر فقد استقى السلطان خطته من المغول انفسهم و طبق نفس اسلوبهم في الحرب القائم على التظاهر بالفرار حتى يقع العدو داخل الكماشة...و قد انطلت على المغول تلك الحيلة التي اخترعوها !!!
- في الواقع فان الجيش الذي واجهه قطز هو مجرد فرقة صغيرة تركها هولاكو خان لحماية الشام  ، و قد انسحب هولاكو بجيشه الضخم الذي قدرته المصادر بأكثر من مئة و خمسين الفا إلى بلاد فارس حتى يكون قريبا من العاصمة المغولية ، ذلك أن اخاه مونكو خان قد توفي ووقعت حرب داخلية و فتنة بين المغول بعد وفاته ، و قد شارك هولاكو في هذه الفتنة و كان مشغولا عن قتال المماليك و كان همه الأكبر آنذاك هو محاولة الوصول إلى منصب الخان الأعظم...


هل كانت عين جالوت معركة كبرى كما روج لها الإسلاميون؟ 69554cbeac60a36ebbca7a62085d3046


2 - هل تسببت المعركة في سقوط المغول كما يروج لذلك الإسلاميون :
- معركة عين جالوت كما ذكرنا كانت مجرد هزيمة صغيرة ضمن السجل العسكري للمغول ، و لم تأثر على دولتهم باي شكل من الأشكال ، و لم تسقط الإمبراطورية الا بعد أكثر من مرور مئة عام على المعركة أي بعد القضاء على الإمبراطورية المغولية في الصين بعد أن طردهم الصينيون من بلادهم ، و استمرت إمبراطوريتهم قائمة في الهند إلى أن غزاهم الانجليز...
- الحدث الذي تسبب في بداية ضعف الإمبراطورية و انقسامها بعيد كل البعد عن مجرد معركة صغيرة ، فبعد وفاة مونكو خان كما اشرنا سابقا دخلت الإمبراطورية في دوامة من الصراعات بين كبار القادة و الأمراء الذين ينحدرون من سلالة جنكيز خان ، و صادف موت الإمبراطور وقوع المعركة المذكورة في نفس السنة ، و قد ذبح المغول بعضهم بعضا و انسحبت جيوشهم من أوربا و الشام للمشاركة في القتال حول العرش ، و كان هولاكو خان من بين الأمراء الذين شاركوا في تلك الفتنة ، و قد تولى الإمبراطور القوي قوبلاي خان حكم البلاد بعد أن قتل بعضا من اخوته و نقل عاصمة المغول إلى الصين و لم يكن حول هذا الإمبراطوري اجماع من طرف المغول ، فقد أعلن هولاكو استقلاله و اسس إمبراطورية مغولية ضمت إيران و العراق و الكويت و تركيا سميت بالدولة الالخانية ، و بقي تابعا بشكل رمزي لقوبلاي خان مع عدم وجود تبعية حقيقية فقد أصبح الخان المغولي الأكبر في الصين يشبه الخليفة العباسي في ايامه الأخيرة عندما كان الأمراء المسلمون يدينون بالتبعية الرمزية للخليفة مع عدم وجود تبعية حقيقية ، و في شرق أوربا و بلاد الروس أسس القائد المغولي بركة خان إمبراطورية مغولية منفصلة عن قوبلاي خان و هي التي سميت فيما بعد بالقبيلة الذهبية...
- بعد عودة هولاكو إلى المنطقة كانت الفرقة الصغيرة التي يقودها كتبغا نويان قد ابيدت على يد المماليك ، و رغم أن هولاكو قد قام ببعض الغارات ضد المماليك فإن اهتمامه كان موجها إلى الشمال حيث يقبع ابن عمه بركة خان الذي كان يهدده باكتساح دولته،  فدخل القريبان في معارك طاحنة شغلت هولاكو عن اتمام غزو العالم العربي ، و ما انقذ مصر من الخضوع لسلطان هولاكو هو ابن عمه القوي بركة خان و ليس معركة عين جالوت ...
- بالاضافة إلى الصراعات السياسية بين ابناء العائلة المالكة يمكن أن نضيف سببا آخر لضعف المغول و هو تسامحهم الديني ، فعلى عكس الغزاة السابقين الذين كانوا متعصبين لدينهم كان المغول "علمانيين" ، و بسبب هذا النظام الذي اتبعوه اعتنق الأمراء المغول اديانا متعددة مما جعلهم ينخرطون في الصراعات الدينية لرعاياهم الجدد ، و اهم مثال على ذلك هو بركة خان الذي اعتنق الإسلام فخان قومه ووقف إلى جانب المماليك و العباسيين و الاتراك و هاجم هولاكو في عقر داره مما شغل هذا الأخير عن الانتقام لعين جالوت...
- في المحصلة ، يمكننا أن نقول بأن هناك سببين لضعف و تقهقر الإمبراطورية المغولية :
- أولا  : الصراعات حول العرش و السلطة بعد وفاة الإمبراطور مونكو خان و انقسام الإمبراطورية الكبرى إلى اربع إمبراطوريات متناحرة فيما بينها...
- ثانيا : التسامح الديني لدى المغول و الذي تسبب في وقوع فتنة بين أفراد العائلة المالكة بسبب اختلاف اديانهم...
3 - هل تعد عين جالوت أول هزيمة للمغول كما جاء في الصورة اسفله :
- منذ بداية التوسع المغولي و المغول يتلقون الهزيمة تلو الاخرى و يتبعونها بنصر يمحوا عار تلك الهزيمة ، و قد تلقوا عدة هزائم على يد المسلمين كهزيمتهم في معركة بروان في افغانستان حيث قتل اكثر من 40 الف مغولي و هو رقم أكبر من عدد المشاركين في معركة عين جالوت ، لكن عاد جنكيز خان و هزم جلال الدين الخوارزمي و اجتاح أفغانستان ،  و انهزم المغول امام العباسيين قرب اسوار بغداد ، لكن عاد القائد بايجو نويان و تمكن من سحق القوات العباسية...و رغم هزيمتهم في عين جالوت فقد بقيت القوات المغولية مسيطرة على العراق و تركيا و القوقاز و باكستان و افغنستان و دول وسط آسيا المسلمة...بل عادوا في عهد تيمورلنك و تمكنو من احتلال بلاد الشام و الانتصار على المماليك.
4 - ما هو مصير المشرق لو اتفق المغول على حاكم واحد و لم تحدث الفتنة بينهم :

- أولا فكلمة لو غير موجودة في التاريخ لأن هذا الأخير محكوم بقوانين صارمة...لكن لنفرض جدلا أن قوبلاي خان اخضع جميع المغول لسيادته كما وقع في عهد سلفه مونكو خان ، كان هولاكو سيعود إلى الشام و لن يجد بركة خان في طريقه ، لأن هذا الأخير سيكون ميتا أو خاضعا لارادة الخان الأعظم في الصين ، و لن يجد المسلمون اي حليف قوي كبركة خان لانقاذهم ، و بالتالي فان مصير الشام محتوم : تدمير جميع المدن و تسويتها بالأرض و ذبح معظم سكانها ...و  لن يكون مصير القاهرة بأفضل من مصير دمشق ..و قد يفكر هولاكو بالزحف نحو المغرب العربي حيث توجد بعض الدول البربرية الضعيفة كدولة الحفصيين و الموحدين و بني عبد الواد ، جميعها ستكون لقمة سائغة للمغول...



معركة عين جالوت | شاهد خطة سيف الدين قطز و كيف قهر المغول (التاريخ الهجري)