العدد الجديد من جريدة الأوراس نيوز ليوم الخميس 02 سبتمبر 2021
البروفيسور:الحاج احمنة دواق دعا الشاوية إلى استئناف الحفاظ على لسانهم الشاوي الماسيلي


على الشاوية استئناف الحفاظ على لسانهم الشاوي الماسيلي 997


حاورته : فوزية قربع ـــــــــــــــــــــــــ
في البداية، هل يمكن أن تحدثنا عن واقع توثيق التراث الشاوي في الأوراس وماذا عن جهودكم في هذا الميدان؟
من وجهة تاريخية انتربولوجية، فالمعجم الأمازيغي بالمتغير الشاوي كان التفكير فيه قديما، انطلاقا من عمل ماسينيسا ثم استأنفه حفيده يوبا الثاني بعدما أدت ظروف القهر التاريخي نتيجة الحروب إلى توقف هذا المشروع، حيث تملكنا شعور بخصوص هذا العمل الذي كان موجودا قبل قرون وليس وليد الفراغ أو اليوم، حيث نريد من خلاله خلق رمزية الارتباط بالعمق التاريخي الأمازيغي الشاوي، لأنها في القراءة التاريخية يعتبر الشاوية من نبلاء الامازيغ، فالقضية متعلقة الآن بالبقاء والاستمرار أو الإنقراض والاستسلام وترك اللغة تموت، ومن وجهة الشرعية العقدية الدينية، فالإسلام لا يعادي ذلك بل بالعكس الدين الاسلامي يحتضن هذا التنوع ويأتي ذلك في الآية الكريمة من سورة الروم الآية 22 لقوله تعالى “ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين”، ونحن نعتبر اللسان الأمازيغي بالمتغير الشاويالماسيلي آية من آيات الله وخشينا أن نتسبب في جريمة تاريخية وهي أمانة تناقلت لعشرات القرون من طرف أجدادنا وعندما تصل لنا نحن نقوم بقتلها، وثالثا فيتوجب على الامازيغ بذل المزيد من الجهود خاصة أن القبائل وبني ميزاب قد مشوا لخطوات كبيرة وبجهود جبارة، ونحن الشاوية لدينا حلين، فإما استئناف الحفاظ على لساننا أو نتركه ينتهي ويندثر، فماذا ينتظر الشاوية ليحافظوا على تراثهم اللغوي ولسانهم الشاوي الماسيلي؟
شعارنا لإنقاذ اللسان الشاوي “أنسشهو غرنغ أونتبداش غرنغ” أي “نبدأ عندنا ولا نتوقف عندنا”، بمعنى المتغير الشاوي الماسيلي “لآيث منعة” من جبال الشلشلع من السفوح الشمالية الغربية للأوراس سيتم توثيقه والحفاظ عليه في معجم خاص في انتظار الجهود الأخرى من مختلف مناطق الشاوية التي سنلتقي معها يوما ما لاستكمال عملنا، فالمادة اللغوية اللسانية التي يمكننا السير وفقها يجب أن تكون حاضرة وموثقة، إن لم تكن كذلك فكل منطقة تتحمل مسؤوليتها تجاه تراثها اللغوي.
أستاذ دواق، تحدثت عن جهودك في الحفاظ على المتغير الشاوي لمنطقة آيث منعة بمروانة، ماذا عن بقية مناطق الشاوية؟
في منهج العمل العلمي ومنطقيا، نحن نملك حلا من اثنين، انتظار لقاء الشاوية واجتماعهم وهذا الأمر مستحيل نوعا ما لضرورة وعيهم وقناعتهم بالمسألة، وثانيا نحن لا نملك وقتا كافيا للانتظار علينا التحرك كل من جانبه خاصة بعد فقداننا للعديد من القامات كل في مجاله، وما دفعنا للنهوض هو الوازع الأنطولوجي الوجودي لإعادة بعث لساننا وعدم السماح بموته، فنحن نبدأ عندنا لنصل إلى التفكير العلمي الممنهج لصناعة شاوية معيارية.
هناك جهود متواضعة من قبل بعض المؤرخين والباحثين في التراث للحفاظ على اللسان الشاوي الماسيلي، هل تراها مكملة لبعضها البعض وكيف يمكنها الاستمرار؟
نعم هناك العديد من الجهود والأعمال التي برزت مؤخرا، فهناك من يخشى على تراثه من الاندثار، فالشاوي ونتيجة الآلام الكثيرة التي مر بها انطلاقا بمعاناته من الاستعمار على مختلف أشكاله لم يعد يثق في أحد، لذلك نحن بحاجة للصبر فالميراث النوميدي شيء واسع جدا في الجزائر ويحتاج للصبر والمزيد من الجهود.
بالحديث عن المتغير الشاوي، كيف يمكن توحيد الاختلاف في الألسن والكلمات في مختلف أعراش الشاوية وتوجيهه لقالب واحد يعبر عن متغير شاوي واحد؟
فكرنا في المسألة سابقا، وقمنا باستدعاء بعض المؤرخين حول كيفية كتابة التراث العربي، فهذه المسألة تعتبر عقدة كبيرة وفي الوقت نفسه حلها بسيط جدا، متغير الصوت نعتبره مثل القراءات السبع للقرآن الكريم، اما المتغير اللفظي فقاعدته بسيطة وهي الترادف من خلال جمع الكلمات التي تملك المعنى ذاته وتمثل رؤية واحدة، ونعتبرها تنوعا في اطار المعنى الواحد، فالشاوية لها غنى لغوي فحتى الشخص الواحد ينعتونه بنعوت مختلفة وهذا من خلال مدخل منهجي، أن نعتبر التنوع الصوتي لهجات أي طريقة في نطق الكلمة، الترادف والتنوع لتقديم المعنى، واتفقنا عند الانتهاء من عمل المعجم إلى الانتقال للعمل الثاني وهو إغناء الامازيغية الخاصة وذلك في حال لم نجد لفظا عند بعض الألسن ونقوم باستخدامه باستقدامه من لسان آخر.
وأرى أن التوزع الجغرافي للأمازيغ يضرنا وينفعنا في الوقت ذاته، فهو ينفعنا لأن مختلف الجهات تحافظ على أبعادها الخاصة، فاختلاف الألسن في الأعراش بما فيها بباتنة من آيث منعة، آيث سلام، أيث فاطمة، آيث سلطان وآيثأوجانة وغيرهم يعبر عن غنى لغوي كبير جدا، وبعد مدة سنكتشف أننا مكتفون لغويا ولسانيا.
ماذا نحتاج في الأوراس لنحافظ على لساننا الشاوي؟
الشاوية هم عظماء التاريخ ولكن للأسف هناك فقدان للثقة، فالشاوي معني باستعادة الثقة في تاريخه وامتداده من مملكة ماسيليا وماسيسيليا ونوميديا العظيمة وهو الذي قهر الاستعمارات التسع التي مرت على هذه الأرض وهو الذي قهر الحلف الأطلسي، إعادة الثقة تقتضي خلق لحظة الانتماء وإعادة إحياء الموروث التاريخي العمراني واللغوي ولنعطي مثال عن الذين بنوا ضريح ايمدغاسن، فإن كانوا قد شيدوا ضريحا ضخما مثل ذلك للموت فكيف كانوا يمارسون حياتهم؟ أي أنهم يملكون تراثا عظيم جدا.
نحن شعب نتعايش مع الجميع ونتقبل كل الاختلافات، وهناك يقظة مؤخرا تحتاج لتأطير بالصبر والتوعية، فهناك من يعتقد أننا خطر على الوطن وأننا انفصاليون ولكن بالعكس لو يعلم البعض ما نقوم به مجهودات لمحاربة الحركة الماكية فنحن أعداءها الوجوديين بالرغم من الهجومات الشرسة التي تطالنا مؤخرا فالكثيرون غير مدركين أننا نحارب من أجل تفادي وقوع أعظم منطقة عند الامازيغ في يد التطرفات والمواقف الاختزالية، فنحن شاوية مع الأمازيغ ومع بقية الجزائريين والأفارقة والعالم ككل.
كيف يمكن القضاء على التطرف والتعصب في ظل تعارض الأفكار في مثل هذه الفترات الحساسة التي تؤدي مباشرة للتخوين والتصنيفات العشوائية؟
هناك احتكار للأمازيغية وهناك احتكار للدين، فالإسلامويون يعتقدون أن الإسلام ملكهم، والمتمزغة يعتقدون أن الامازيغية ملكهم مثلما هناك من العرب من يظنون أن العربية ملكهم وليست ملكا للجميع، هناك ما يسمى بالتركيب أو التجميع، وللقضاء على ذلك يجب التحاور وإعادة اكتشاف الأبعاد الإنسانية في ديننا وهو الدين العالمي الذي حولوه إلى دين فرقة، وذلك من خلال اكتشاف الابعاد الإيجابية في الثقافة الإسلامية وتذكير الناس بما نسوه وهي البحث عن الإسلام المنفي، كما توجد ثقافات منسية أيضا.
نحتاج لإعادة تأويل وقراءة أخرى استئنافية واستذكارية للموروث الديني الثقافي الإسلامي المتنوع، ووضعه في خارطة الادراك في شبابنا من خلال أساسيات القراءة، العلم، العمل، الأمل والأخلاق والحريةبمستوياتها الفكرية، الشخصية، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، حيث نعيد اكتشاف الذات الإسلامية والذات الأمازيغية في تركيباتهاالمبدعة العبقرية وليست المعادية، وهذا لا يعني الإنتقاصأو تفضيل أحد على آخر سوى بالأخلاق الراقية التي تجعل الإنسان إنساني.
ما ردك على حملة التشويه والتخوين التي تطالك مؤخرا؟
هناك صنفين من هؤلاء، الصنف الذي يعرف ماذا يفعل ويدرك خطر الأفكار المخالفة له على فكره، ويعتقد أن تفكيرنا يشكل عليه خطر وهو الذي صنع ديباجة التخوين ويصنف من يشاء على أنه عنصري وأنه انفصالي أو يهدد الاسلام وفي حالة سوء الفهم يتهمه بالاعتداء والتخوين، وهناك الفئة الأوسع أعذرها لأنهم يخافون على أنفسهم ويحسون بالخطر وهو سلوك طبيعي استثمروهبالخوف بقلة الاطلاع والمعرفة، وبالنسبة لي اعتبر تفكيري ممكن من الممكنات في المجتمع الجزائري في إطار التأويلات العديدة.
ولكن ما نحتاجه في مثل هذه المواقف هو الإنصات والاصغاء والفهم الذي يحتاج لتدقيق في الاستماع، وأظن أننا بحاجة لتوظيف عقائد الإسلام في إطار قراءة متجددة فإذا لم نمارسها سندخل في البدائية القديمة، حيث يجب العمل على التوافق في إطار تركيبة ذكية نسترجع فيها الأمل في الشاوية والأمازيغية والجزائرية مع الحفاظ على الإسلام الحقيقي القديم قبل مجيء الإسلاميين وقبل ظهور البدعة.

 
على الشاوية استئناف الحفاظ على لسانهم الشاوي الماسيلي 997