إطلالة على معرض -غرناطة الزيرية والكون البربري- La Granada Zirí y el niverso Beréber



La Granada Zirí y el Universo Beréber (Museo Municipal de Algeciras)





على مدار ثلاث سنوات، أشرف أستاذ تاريخ العصور الوسطى في جامعة غرناطة "أنطونيو مالبيكا" Antonio Malpica Cuello على الإعداد والتحضير لمعرض "غرناطة الزيرية والكون البربري" La Granada Zirí y el Universo Beréber، وهو المعرض الذي تم تنظيمه من طرف مجلس الثقافة والتراث التاريخي بالتعاون مع مؤسسة الدكتورة ليلي مزيان، وبمساهمة عدة مؤسسات وهيئات إسبانية عملت على إثراء هذه التظاهرة التي افتتحتها ملكة إسبانيا "ليتيزيا" "Ortiz Letizia " يوم 05 ديسمبر 2019، بقصر كارلوس الخامس داخل المجمع الضخم للحمراء بمدينة غرناطة الإسبانية.
يجمع المعرض بين التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، ويأتي اعترافا بدور البربر في الحضارة الأندلسية عامة، ودور الزيريين في التأسيس لواحدة من أهم معاقل هذه الحضارة في شبه الجزيرة الإيبيرية، فقد بنيت مدينة غرناطة سنة 403هـ / 1013م من طرف "زاوي بن زيري"، وتوسعت أكثر في فترة حكم خليفته "حبوس بن ماكسن"، والكثير من معالم المدينة التي لا تزال قائمة شيدت خلال الحكم الزيري لغرناطة كربض البيازين الشّهير Albaicin.
وإلى جانب استهداف المعرض المنتظم بين 05 ديسمبر 2019 و21 أفريل 2020، الكشف عن التأثير العميق الذي تركه البربر في غرناطة والأندلس، فإنه يسعى كذلك لأن يكون نقطة تفاهم بين ثقافتين من ثقافات حوض المتوسط، في وقت يحتاج العالم أكثر من أي وقت مضى إلى إيجاد فضاءات وقواسم مشتركة للتواصل والحوار والتفاهم. وجاء في المطوية التعريفية بالمعرض أنه لا يمكن تصور غرناطة في شكلها الراهن لولا بصمة الزيريين الأمازيغ، الذين جعلوا منها لأول مرة عاصمة طائفة سياسية مستقلة ومدينة إسلامية شهدت لاحقا تطورا مذهلا، لذلك فإن المدينة تُدين بإرث ضخم من الأصالة التي تميز مشهدها الحضري من طرق وشبكات خنادق وأرباض... وحسب المنظمين دائما، فإن المعرض يهدف أيضا إلى إعطاء صوت للشعوب التي لها ماض عريق وغني وكثيرا ما يتم إسكاته، وحاضر مليء بالصراعات، ومستقبل على الرغم من أنه ليس من دون صعوبات، لكنه على الأقل واعد ورائع. وينبغي أن نشير إلى أن الاهتمام بالثقافة واللغة الأمازيغية في المؤسسات الجامعية والبحثية الإسبانية بدأ في الاتساع، حيث شهدت السنوات الأخيرة تنظيم عديد الندوات والملتقيات والورش العلمية في جامعة غرناطة وغيرها.
كنت محظوظا بزيارة المعرض خلال شهر فيفري 2020، والطواف بأجنحته الأربعة التي احتضنها قصر كارلوس الخامس، والذي ضم أكثر من ثلاثمائة (300) قطعة من مجموعات عامة وخاصة تم تجميعها من عدد من المتاحف في إسبانيا والعالم، توزعت على أربعة أجنحة، وهي في مجملها تتعلق بأصل العالم البربري، وتأثير البربر في شبه الجزيرة الإيبيرية وبصمة الزيريين في غرناطة، كما تم تخصيص حيز لا بأس به لآثار الدولة الحمادية ولقعلة بني حماد تحديدا، حيث كان المتحف العمومي للآثار سطيف حاضرا في هذا المعرض من خلال بعض التحف والأواني الفخارية والبقايا المعمارية والصور الفوتوغرافية والنقوش. وتضمن المعرض إلى جانب ذلك الكثير من القطع التي تعود إلى فترة السلالات البربرية التي حكمت بلاد المغرب كالمرابطين والموحدين.
تم تخصيص جناح كامل لتمثيل نمط حياة الأمازيغ، وهو الجناح الذي تقوم عليه مؤسسة ليلي مزيان، المعروفة بنشاطها في دعم جهود التعليم في المغرب، كما أنها صاحبة مبادرات مهمة للتعريف بالثقافة الأمازيغية وترقيتها، وقد نالت عديد الجوائز والأوسمة بالمغرب وخارجه تثمينا لمبادراتها. والحقيقة أن المؤسسة كانت موفقة إلى حد بعيد في اختيار ما تعرضه على الزوار من قطع مادية كالمجوهرات والأعمال الخزفية والسجاد والألبسة، كما أن المواد السمعية البصرية التي تنبعث منها الموسيقى الأمازيغية استطاعت أن تعكس ثراء الثقافة الأمازيغية وتبرز تمثلاتها الاجتماعية والطقوسية.
المكان الذي اختير ليكون مقرا لإقامة المعرض وهو قصر كارلوس الخامس، استراتيجي جدا، لأنه يقع في مكان يستقطب الكثير من السيّاح من داخل إسبانيا ومن كل المعمورة، حيث يقع ضمن المجمع الضخم للحمراء، الذي يضم القصور والحدائق الأندلسية والحصون والكنائس، وهو ما جعل أجنحة المعرض تحقق نسبا عالية من الزيارات حيث بلغت في الأربعة أيام الأولى فقط (بين 05 و 08 ديسمبر 2019) 3048 زائر، في انتظار الإعلان عن العدد الإجمالي للزوّار، علما أنه يجري التحضير لإطلاق متحف دائم للثقافة الأمازيغية في مجمع الحمراء بغرناطة.



Inauguración en la Alhambra la exposición La Granada Zirí y el Universo Berébe

بقدر الغبطة التي تشعر بها وأنت تتجول بأجنحة معرض غرناطة الزيرية -التي احتفلت قبل سنوات بمرور ألف سنة على وجودها كمدينة تاريخية- وتشاهد تراث الإنسان الشمال-إفريقي، هذا الإنسان الذي برع في تقديم نفسه للآخر سواء من خلال إسهاماته التاريخية الجليلة في حضارة كبيرة أو من خلال تراثه المتنوع والثري، الذي يعبّر عن عراقته وتجذّره في التاريخ وارتباطه بالأرض والحياة، بقدر ما تتهاطل على ذهنك تساؤلات تنغّص عليك فرحة هذا المحفل الكبير، والسؤال ببساطة: أين الجزائر من هذا؟
صحيح أن المتحف العمومي للآثار بسطيف كان حاضرا من خلال بعض القطع، لكننا نتطلع إلى حضور على مستويات أكبر، فأين هي المحافظة السامية للأمازيغية من هذا الحدث مثلا؟ أين هي الهيئات الديبلوماسية الجزائرية بإسبانيا من كل هذا وأين هو الملحق الثقافي؟، لماذا لا يتم التفكير في عقد توأمة بين مدينة غرناطة وعواصم الحماديين -في الجزائر- ولتكن مدينة بجاية مثلا؟. الغياب الجزائري الذي لاحظته في إسبانيا لم يكن مقتصرا على هذا الحدث فحسب، أذكر أنه في شهر رمضان (2019) نظمت بلدية مدريد بالتنسيق مع عدد من الهيئات والمؤسسات والجمعيات سلسلة من النشاطات على امتداد شهر ونصف، وهو تقليد دأبت على ترسيخه. وللأسف الشديد، فمن بين عشرات الأنشطة الثقافية والفنية الموزعة على الكثير من جهات العاصمة كان التمثيل الجزائري ضعيفا ولا يقارن بحضور جيراننا، بل ولا يمكن مقارنته حتى بمشاركات دول مشرقية، وهو ما يمكن ملاحظته أيضا على نشاطات البيت العربي Casa Árabe.
حريّ بالقائمين على الشأن الثقافي والديبلوماسي في الجزائر الاهتمام بالديبلوماسية الثقافية، إذ لا يعقل أن تغيب الجزائر على محطات ثقافية كبيرة، فإلى متى نبقى نراقب من بعيد؟ أو بالأحرى نتفرج في أحسن الحالات، لأن الذي يراقب يدرك ما يجري من حوله.



La Granada zirí












https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=731542&fbclid=IwAR1fAirP7G0b4cUGBlEPPqUZuCQ1ROLoSten-ZHAkGKSBcT5pq_aT6jgJD8