تيفيناغ.. الحرف الأمازيغي


تيفيناغ.. الحرف الأمازيغي 7154


"تيفيناغ" أبجدية استخدمها الأمازيغ بمنطقة شمال أفريقيا في عصور ما قبل الميلاد لكتابة لغتهم والتعبير عن طقوسهم وشعائرهم الدينية، واختفت لاحقا قرونا طويلة فانحسرَ وجودها إلى الفضاء الثقافي والعرقي لشعب الطوارق بالصحراء الكبرى، ثم أحياها مثقفون جزائريون بإنشائهم "الأكاديمية الأمازيغية" في باريس 1966.
وفي ثمانينيات القرن العشرين اعتمِد حرف تيفيناغ لكتابة الأمازيغية في الجزائر، ثم في المغرب إثر تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية عام 2005.
الأصول اللسانية
تذهب أغلب الدراسات اللسانية والأنثروبولوجية إلى القول بأن تيفيناغ شكلت منذ القدم حرف الكتابة الأهم لمجموعات الأمازيغ التي استوطنت شمال أفريقيا منذ فجر التاريخ، وترجع أقدم وثيقة مكتوبة بهذا الحرف إلى قرون قبل الميلاد.
وهو ما يُؤكد قدم استخدام هذا الحرف لدى مجموعات الأمازيغ التي كانت تُعبر به عن طقوسها وشعائرها الدينية، كما تشي بذلك النقوش والرسومات المنتشرة في المنطقة التي كانت موضع دراسات أركيولوجية كثيرة، تواترت جميعها على أن تيفيناغ خضعت لتحولات كبيرة على مر العصور، لتستقر على شكلها المعروف منذ أقل من 500 سنة.
وأرجع باحثون كثر أصل تيفيناغ إلى اللغة الليبيكية ، التي سادت اليونان وأرجاء من شمال أفريقيا منذ الفترة الإغريقية.
وتنقسم تيفيناغ إلى قسمين غربي وشرقي، وقد أفلحت دراسات لغوية في تفكيك شفرات القسم الشرقي، بينما لا يُعرف شيء كثير عن تيفيناغ القسم الغربي الذي كان استعماله شائعا في منطقة وهران والمغرب الأقصى، مقابل شيوع تيفيناغ الشرقي في وسط وشرق الجزائر حاليا وتونس وليبيا.
رغم أن تيفيناغ ساد الفضاء الأمازيغي في شمال أفريقيا فإن للطوارق دورا كبيرا في الحفاظ عليه وصيانته من الضياع جراء موجات التغريب والطمس الثقافي والحضاري التي عرفتها المنطقة في عصورٍ مختلفة، لا سيما في الحقبة الاستعمارية الغربية بين القرنين التاسع عشر والعشرين.
ويُعتقد أن عوامل عزلة الطوارق في الصحراء الكبرى ومحافظتهم وانغلاقهم النسبي أمام غيرهم كان لها الفضل في الحفاظ على أبجدية تيفيناغ ولغات الطوارق نفسها وأبرزها "تماشيغت".
وتُؤكد الدراسات الأركيولوجية التي أجريت في منطقة الصحراء الكبرى وشمال أفريقيا أن أبجدية تيفيناغ وُجدت في فضاء الطوارق منذ عام 93 قبل الميلاد، وتشهد على ذلك نقوش وتحف عُثر عليها وتبين من تفكيك رموزها أن تيفيناغ كانت تستخدم أساسا في تدوين الرسائل الغرامية وشهادات الإعجاب بين المتحابين، كما استُخدمت في أداء الشعائر الدينية.
وتجد محدودية نطاق استخدام تيفيناغ تفسيرها في شيوع الثقافة الشفاهية بهذا الفضاء الاجتماعي والثقافي، وفي محيطه الأكبر (أفريقيا والمنطقة العربية) الذي تلعب فيه الرواية والمحكيات دورا أساسيا في المنظومة الثقافية، في حين ظلت الكتابة والتدوين على هامش الحياة الثقافية.
وقد أصبح استخدام حرف تيفيناغ محصورا في الفضاء الطارقي مع حلول القرن الثامن عشر، وظل الأمر كذلك إلى سبعينيات القرن العشرين.
جهود الإحياء
برزت محاولات إحياء حرف تيفيناغ مع تبلور المطالب الثقافية المتعلقة بالهوية التي رفعتها الحركة الأمازيغية بالجزائر في ستينيات القرن العشرين، وحينها كان الاهتمام بالقضية الأمازيغية محصورا في نخب أمازيغية جزائرية، أسست جمعية ثقافية أطلقت عليها الأكاديمية البربرية (الأمازيغية) واتخذت من باريس مقرا لها.
ومن أبرز المثقفين الجزائريين المؤسسين لهذا الإطار الأكاديمي: طاووس عمروش، ومحند عرب بسَّعود، ويوسف عاشور، وبعض هؤلاء شارك في ثورة التحرير الوطني من الاستعمار الفرنسي.
كان هدف الأكاديمية نشر الثقافة والتراث الأمازيغي، لكن التجربة دفعت السلطات الجزائرية -رغم مناوأتها للأكاديمية- إلى استخدام تيفيناغ في كتابة الأمازيغية على لوحات الإرشاد في الشوارع، ونحو ذلك من الاستخدامات الثانوية.
ثم تزايد اهتمام السلطات الجزائرية بأبجدية تيفيناغ مع تعاظم المطالب الثقافية والسياسية للأمازيغ في منطقة القبائل، خاصة بعد اندلاع الربيع الأمازيغي عام 1981، واعتُمدت هذه الأبجدية رسميا إثر أحداث أكتوبر/تشرين الأول 1988 المطالبة بالتعددية، وتعززت مكانتها بعد ترسيم الأمازيغية بموجب التعديلات الدستورية التي أجريت في 2016.



درس حروف التيفيناغ أو الأبجدية الأمازيغية

مؤسسات رسمية
أسست المحافظة السامية للأمازيغية عام 1995 كمؤسسة جزائرية رسمية، تعنى بترقية ودمج اللغة والثقافة الأمازيغية في النسيج التنموي والاجتماعي الجزائري، ونجحت في تحقيق مكتسبات متعددة للقضية الأمازيغية.
وفي المملكة المغربية أسس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كمؤسسة أكاديمية حكومية مغربية، وأُنشئت بمرسوم أصدره الملك محمد السادس في أكتوبر/تشرين الأول 2001، من أجل تقديم المشورة بشأن سبل تطوير وصيانة اللغة والثقافة الأمازيغية، والإسهام في هذا الجهد عبر برامج للبحث العلمي تتناول الثقافة واللغة الأمازيغية وتسعى لإعادة تثمينها ودمجها في المنظومة التربوية والثقافية والإعلامية للبلد.
وقد لجأت السلطات المغربية إلى حرف تيفيناغ ليكون حلا وسطا بين النخب الأمازيغية المطالبة برسم الأمازيغية بالحرف العربي كما كان الشأن في القرون الماضية، وتيارات الفرانكفونية المعادية للعربية التي تتمسك بكتابة الأمازيغية بالحرف اللاتيني.
وانتهى هذا النقاش بشأن اعتماد حرف تيفنياغ بمصادقة الملك محمد السادس عليه حرفا رسميا وحيدا لكتابة الأمازيغية بالمغرب، وذلك في العاشر من فبراير/شباط 2003.
وعدا هذا الجدل، كانت القناعة السائدة يومها أن ترقية الأمازيغية ترتبط عضويا بتميزها بصريا بحرف خاص بها يضاف إلى خصائصها اللسانية والسيميائية المتميزة والغنية، ووجد القائمون على المشروع ضالتهم في حرف تيفنياغ الذي هو حرف أمازيغي يعود الفضل للطوارق في الحفاظ عليه.





مقدمة في الحروف الامازيغية - ⵉⵙⴽⴽⵉⵍⵏ ⵏ ⵜⴼⵉⵏⴰⵖ









https://www.aljazeera.net/encyclopedia/conceptsandterminology/2016/9/25/%D8%AA%D9%8A%D9%81%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%BA-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A7%D8%B2%D9%8A%D8%BA%D9%8A?fbclid=IwAR300LeTEBIQqfiY1vBc0QJh_he5Dv1x2xaZU51WukyVB16P-Wv-RSaypbw