لم تكن علاقة الأمازيغ بأبناء عمومتهم المصريين مقتصرة على تلك التفاعلات الحضارية شرق تمزغا ... بل تعدته ..
فحكاية زواج ملك موريطانيا من ابنة كليوباترا المصرية خير دليل حيت يشير كثير من المؤرخين إلى أن الملك أغسطس وهب يوبا الثاني مملكة، وأهداه زوجةً مَلِكةً أيضًا، وهي كليوباترا سيليني ابنة كليوباترا السابعة آخر ملوك مصر، أنجبتها من القائد الروماني مارك أنطوان، ولِدت سنة 40 ق.م، ووقعت في الأسْر في معركة أكتيوم في سنة 31ق.م، وأوكَلت تربيتها إلى أوكتافيا أخت أوكتافيوس مع ابن الملك النوميدي يوبا الأول ، ثم إن أوكتافيا هي من أشارت على أخيها بتزويجهما ...
ومهما يكن من أمرٍ، فإن هذا الزواج قد تَمَّ قبل تَولية يوبا الثاني على العرش الموريطاني، وقد كان لكليوباترا صلاحياتٌ واسعة، بل ذهب بعض المؤرخين إلى أنها كانت شريكة يوبا الثاني في الحكم، مستدلين على ذلك بتمثيل صورها بالعصبة الملكية التي تمثِّل شعار الملك على وجْه القِطَع النقدية مُرفقة باسمها، إلى جانب الرموز الدينية المصرية التي نجدها بشكل كبير على ظهرها، كما نجد إصدارات باسمها وَحدَها، وهو ما يوحي بحقها في ضرب العُملة، وتَمتُّعها بنوعٍ من السلطة إلى جانب زوجها الملك ...


يوبا الثاني: (52 ق.م- 23م) 1853


لُقِّبت بسليني أو الهلال الذي يُعَدُّ من رموز المعبودة المصرية_الأمازيغية إيزيس؛ لذلك نجد صورة الهلال "أيور "تظهر بشكل كبير مع رمز إيزيس على النقود المضروبة باسمها ... توفِّيت الملكة كليوباترا سيليني في السنة الخامسة قبل الميلاد ودفنت في مقبرة ملكية على طريقة الأمازيغ بناها لها زوجها يوبا الثاني ..
غير أنه يوبا الثاني سيتزوج زواج ثاني من إمرأة تدعى غلافيرا ،، على عكس ما تمليه التقاليد الرومانية التي ترفض ذلك ...
فبعد موت زوجته الأولى كليوباترا سيليني، خرج الملك يوبا الثاني في سفر إلى المشرق، وذلك للتجهيز لحملة عسكرية بقيادة كايوس قيصر حفيد الإمبراطور اغسطس .. 1 قبل الميلاد ، واستمرت إلى 3 للميلاد ..
كانت رحلة يوبا الثاني إلى كابادوسيا بآسيا الصغرى مملكة أرخيلاوس، وهناك تعرَّف على ابنة هذا الأخير التي تُدعى غلافيرا ، وتزوَّج بها سنة 2 ميلادية؛ لأن تقاليد المور الأمازيغ تَسمح بالجمع بين زوجتين، أو بتعبير أكثر دقة الزواج بالثانية عند وفاة الأولى .. على عكس المعتقدات الرومانية التي لا تسمح بالجمع بين زوجتين ..
ولكن زواجهما لم يَدُمْ طويلًا، فسرعانَ ما طلَّقها وأعادها إلى أبيها، وقد توفِّيت في السنة السادسة 6 للميلاد، وعاش يوبا الثاني بعدها أكثر من 16سنة ..

ومما سبق يتبيَّن لنا أن الملك يوبا الثاني قد تزوَّج مرتين: كانت الأولى كليوباترا سيليني المصرية ، وكانت الثانية غلافيرا من آسيا الصغرى ، وهو بذلك قد اتبَع عاداتِ قومه المور والنوميد ، ولم يتَّبع عادات المجتمع الرومانيِّ ..