ثورة الملك الامازيغي يوغرطة الماسيلي الذي عجزت روما على إركاعه-1-


ثورة الملك الامازيغي يوغرطة الماسيلي الذي عجزت روما على إركاعه-1- %D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83-%D9%8A%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%B7%D8%A9


هو يوغورطة بن منستابعل بن مصينيسا. المؤرخين يسميه يوغرطة. وأنا اختار يوغورطة لأنه أفخم وأليق بشخصيته القوية. وكان والد يوغورطة هو منستابعل. وقد عينه والده مصينيسا وزير للعدل في دولة مصيبسا. فتوفي في سنة 145 ق.م فترك ابنه يوغورطة في عنفوان الرجولة وفورة الشباب. وكان سن يوغورطة لما توفي والده حوالي سبع وعشرين سنة كما يدل رسمه الذي وضع أيام ملكه. ان رسمه أيام ملكه ينبئ بأنه في العقد الخامس أو أكثر، وفي آخر أيام الشباب، وعلى أبواب الكهولة. وكان يوغورطة قد اعتنى والده بتربيته وتثقيفه، وعلمه الفروسية، وفنون الحرب، واعتنى به في كل نواحيه، ورباه تربية الحكيم الذي يعرف كل مواهب ابنه نواحيه، ورباه تربية الحكيم الذي يعرف كل مواهب ابنه فيستخرجها كلها بالأسلوب الحكيم في التربية، وينميها فيه كلها بالتدريب والتعليم.
    وكان منستابعل معجبا بذكاء يوغورطة وبشجاعته وإقدامه، وطموحه، وبغيرته على قومه، وبالشخصية الحربية الاجتماعية القوية فيه. فأيقن انه هو الذي يخلف جده مصينيسا في صفاته، ويقوم بعمل كبير في المغرب، فغرس فيه أحسن المثل العليا، وأنشأه على الإخلاص لامته، وعلى الغيرة على دولته، وعلى الاعتداد بجنسه وعلى العناية بشئون المغرب كلها، وارضعه وهو طفل كره الرومان، ونقش في قلبه العداوة لهم، واراه نواياهم السيئة للمغرب، وأطماعهم فيه. فنشأ يوغورطة وهو مستعد ليكون كاهل أمته يحمل أثقالها، وعميدا للدولة ينوء بأحمالها، وسيف المغرب البتار يجالد أعداءه، ويمزق في التراب كل مستعمر يريد استعباد أمته، وإذلال الأمازيغ الأحرار.
شخصيته العظيمة
    وكان يوغورطة شجاعا، جريئا، قوي الجسم، خفيف الحركة، فاغرم بفنون الحرب والفروسية فبرع فيه. فكان فارسا مغوارا لا يشق له غبار في الفروسية، مقاتلا ماهرا لا يقف إمامه قرن في المعركة. فنضجت شخصيته الحربية القوية، وبدت فروسيته فأعجب به البربر والتفتت إليه الأنظار من كل أنحاء الدولة وعلقوا فيه آمالا كبيرة. وكان يوغورطة إلى شجاعته وفروسيته، وقوة بنيانه، جميل الجسم، بهي القسمات، رائع الطلعة، مع قوة تنبئ ببطولته، فزاد جمال خلقته في جمال شخصيته وقوتها، فتفتحت له القلوب، وأقبلت عليه نفوس قومه. وكان ذكيا بالغ الدهاء، واسع الحيلة، عليما بالوسائل التي تحقق له أغراضه وتحبط كيد الأعداء والمنافسين له، ويقضي بها على مناوئيه بدون معركة، ويصل بها أهدافه البعيدة بأهون سعي.
حرص يوغورطة على توحيد المغرب الكبير ومقته للرومان
    وكان يوغورطة غيورا على البربر كلهم، يحب الخير لهم جميعا، ويعمل جاهدا ليكون المغرب كله قويا، سعيدا، متصفا بكل ما يورثه الصدارة بين الشعوب، ويبوئه المكانة العليا التي تليق بعرقه ازكي ، واستعداده الكبير. وكان مخلصا لدولته كلها وللمغرب كله فأعطاهما حياته، وقصر عليهم جهوده، فأحبه البربر وأعطوه قلوبهم، ودانوا بزعامته ورئاسته. وكان قوي الإرادة لا ترده العقبات، ولا تضعف تصميمه وإصراره المحن والصعوبات. يزيده الفشل قوة فيكر على مراده، والخيبة وإصرارا فيهجم على غايته، وإذا انسدت أبواب للنجاح في وجهه طرق أبوابا أخرى، لا ييأس ولا يفشل. ان الانهزام هو الموت عنده، فتراه يفر منه ويتنزه عنه وكان يوغورطة يكره الرومان ويمقتهم. لقد عاشرهم واختلط بهم، ودرس نفوسهم، فعرف طموحهم لامتلاك المغرب، وعلم إنهم كالوحوش الضارية، لا يتسلطون على امة إلا مزقوا أوصالها، وقتلوها، وصيروها فرثا في أحشائهم، وعظاما بالية تحت أقدامهم! وكان يعلم ان الرومان يتمنون ان يمزق المغرب إلى ممالك عديدة ليغزوا بينها العداوة والبغضاء، فتتقاتل، فيضعف بعضها بعضا للرومان، فيكروا عليها جميعا، فيفترسوها. وأيقن ان قوة المغرب في اتحاده، وجعله دولة واحدة متماسكة الأطراف.
    ان الاتحاد هو القوة. فالرومان لم يكتسبوا قوتهم فيكونوا دولة كبرى إلا لما وحدوا ايطاليا وجعلوا ممالكها العديدة دولة واحدة. ان المغرب كله وطن واحد، وجنس واحد، لا اختلاف بين أجزائه وسكانه. ان الاتحاد بين المغاربة أسهل، وهو اوجب. فما لم يتحدوا لا يستطيعون الوقوف في وجه الرومان.  ان الرومان الذين احتلوا افريقية هم الحية القتالة التي تساكن أهل المغرب في دارهم. لابد من القضاء عليها. لابد من تهشيم رأسها وقذفها في اليم! ان توحيد المغرب في دولة واحدة هو وسيلته الكبرى لبلوغ هذا الغرض لينجو من الاستعمار الروماني الأثيم. ان توحيد المغرب واجب عليه. لابد ان يحققه. ان أمته مقبلة على خطر عظيم يكمن لها في الولاية الرومانية. يجب ان يكون ملك دولته قويا شجاعا بالغ الدهاء. انه ليس في عائلة مصينيسا من تجمع فيه هذه الأوصاف كلها غيره. ان قيادة دولته ورئاستها واجب عليه. ان تبوأ عرش الملك بعد عمه هو الذي يفتح له المجال لخدمة المغرب وتوحيده، وحفظه من الرومان. كان هذا الشعور يملأ قلب يوغورطة وكان هذا الرأي عقيدة راسخة فيه، تؤثر في شخصيته، وتوجهه في سلوكه؛ كان توحيد المغرب وتنظيفه من الرومان هو المثل الأعلى الذي يستولي على نفسه، ويدفعه في أعماله.
إعجاب الملك مصيبسا بيوغورطة وتبنيه
      وكان الملك مصيبسا معجبا بيوغورطة، فضمه إليه، ثم تبناه في سنة 120 وصار كأحد أبنائه من صلبه. وكان يستكفي به في مهمات الدولة، ويعتمد عليه في الشئون الكبرى، ويستشيره في المشاكل، فيقوم بكل هذه المهمات كما يريد مصيبسا. فرشحه للملك من بعده، ولكن لا بد من إشراك واديه هيمصال وآدربعل معه في الملك. أنهما ابناه لا يمكن حرمانهما منه.
إشراك مصيبسا لابنيه مع يوغورطة في الملك
    وطغت غريزة الوالدية على مصيبسا، ورانت على عقله وحكمته، فلم يحسن الاختيار للدولة، ولم يتقيد بالقانون المعهود عند آل نارفاس في وراثة الملك. ان العادة ان يتولى الملك أسن رجل في العائلة. قد يكون الآسن الصالح للملك هو يوغورطة. كان يجب ان يترك له الملك، ولكن مصيبسا جعل الملك إرثا لعقبه، فأوصى به لابنيه، وضم إليهما يوغورطة. فصارا ابناه هما الأصل في وراثة الملك ويوغورطة فرع لهما.
    وكان هيمصال وآدربعل ضعيفين لا يستطيعان مصارعة الرومان، والقضاء على دسائسهم في المغرب. سيكونان سببا لتقسيم الدولة إلى دولتين أو ثلاث دول. ان هذا ما يعمل له الرومان سيحققه هيمصال وآدربعل. ان الدولة لفي خطر. لابد من إنقاذها، ولا يكون ذلك إلا بمنع تقسيمها، وتوحيد الرئاسة فيها. فجد يوغورطة لتحقيق هذا الغرض.
تقسيم الدولة البربرية الكبرى
    وكانت وفاة مصيبسا في سنة 118 فاجتمع ابناه ومعهما يوغورطة في مدينة دقة في الجناح الشرقي لدولتهم. فلم يتفق الثلاثة. ان الابنين يردان ان تكون الرئاسة لهما ويوغورطة تابع لهما، ويوغورطة يراهما ضعيف لا يستطيعان القيام بما يستطيع هو ان يقوم به. ان الرئاسة العليا يجب ان تكون له هو. فاختلفوا. ثم اتفقوا على تقسيم الأموال والدولة. فاخذ هيمصال وآدربعل نوميديا وتركا موريطانيا الشرقية ليوغورطة. فابتهج الرومان بهذا الصنيع، ولكن يوغورطة ساءه ورآه هلاكا للدولة، فعزم على التخلص من ابني عمه الضعيفين وتوحيد الدولة.
اغتيال هيمصال والهجوم على آدربعل
     وكان هيمصال بعد ان قسم المملكة ذلك التقسيم قد آوى إلى مدينة (اثمدة ) بجوار دقة  فأقام فيها للاستجمام. فدس إليه يوغورطة من قتله، فاستراحت منه الدولة. فبقي آدربعل. وكان اضعف من هيمصال. وكانت قرطة هي عاصمة آدربعل فأسرع إليها ليتحصن فيها. لقد كان مصرع أخيه نذيرا بما سيقع له. لابد من سحقك أيها الضعيف الجبان لتستريح الدولة من شر التقسيم! فجهز يوغورطة في سنة 114 ق.م جيوشه في موريطانيا الشرقية فداهم آدربعل في عاصمته. وكان آدربعل جبانا. ففر إلى رومة يستغيث بها، ويسألها ان تعينه على حفظ مملكته، وترسل معه جيشا يحارب له يوغورطة! !
دهاء يوغورطة وإحباط كيد الأعداء
    وكان يوغورطة قد أرسل وفدا منه إلى رومة. فاستمالوا بالهدايا جماعة من كبار مجلس الشيوخ الروماني. فلما وصل آدربعل إلى روما، فذرف الدموع في مجلس الشيوخ واستعداه على يوغورطة، كان يوغورطة قد افرغ مجلس الشيوخ من باروده يعد مستعدا للانفجار. وكان الرومان بودهم ان يتدخلوا في شئون الدولة البربرية، ويهجموا على يوغورطة، ولكنهم يعلمون قوة الدولة البربرية، وكره البربر لهم. سينضمون كلهم إلى يوغورطة ليحاربوهم فيكون ذلك ليوغورطة. ان هجومهم على الدولة البربرية لا تحمد عقباه. انها لا زالت في شبابها وقوتها، لا يمكن التغلب عليها! فآثر مجلس الشيوخ الوسائل الهادئة للإبقاء على دولة آدربعل. ان انقسام المغرب وتشققه هو الذي سيخلق فيه الديدان فيسقط! لابد من بقاء دولة آدربعل. فأرسل الرومان إلى نوميديا وفدا للصلح.
حكمة يوغورطة ودهاؤه
    كان ذلك في سنة 114 . فجمع الوفد بين يوغورطة وآدربعل . فرأى يوغورطة من الحكمة ان يرد إلى آدربعل مملكته نوميديا ليرجع إلى قرطة، فيبتعد عن الرومان الذين يمكن ان ينجدوه، فيقع في حرب لم يستعد لها. ان محاربته آدربعل تجر له حروب الرومان، فلابد من الاستعداد الكبير ليستطيع الوقوف في وجه الرومان أيضا. فرضي يوغورطة برجوع آدربعل إلى مملكته فرجع إليها إلى حين.
هجوم يوغورطة على آدربعل وقتله جزاء خيانته وإضراره بالدولة
   لابد من سحقك أيها الخائن الجبان الذي يستنجد بأعداء دولته، ويفتح الأبواب الواسعة لدخول الذئاب العاتية إلى وطنه! ولابد من توحيد الدولة فإنها على خطر بالتقسيم! فعكف يوغورطة يستعد لحرب آدربعل ولحرب الرومان الذين قد ينجدونه. فنظم شئون مملكته، وعقد الصلات الحسنة مع جيرانه بوكوس أجليد- ( أجليد كلمة بربرية معناها الملك. أجليد بالجيم وليس الاقليد كما ذكر الأستاذ صفر الذي نقل هذه الكلمة من الكتب الإفرنجية التي حرفتها) ملك موريطانيا الغربية، ثم أكد صداقته له بالمصاهرة، فتزوج ابنته، ليأمن ظهره ا حارب الرومان. ولما أتم يوغورطة استعداده، كشر لآدربعل وعزم على سحقه. لن تفلت مني هاربا إلى رومة أيها النعجة السمينة. لابد من سحقك في قرطة! فسار يوغورطة في جيوشه إلى نوميديا ليحتلها. كان ذلك في سنة 112 ق.م بعد ثماني سنين من ولاية يوغورطة للملك. فهجم على نوميديا فاحتل غربها كله فقرب من قرطة، فخرج إليه آدربعل فوقعت بينهما معركة انهزم فيها آدربعل ففر هاربا إلى عاصمته قرطة فاعتصم بها. وكانت مدينة قرطة شديدة الحصانة بأسوارها العالية، وحصونها الطبيعية فعصمت آدربعل. فحاصره يوغورطة حصارا شديدا، وصمم على استنزاله، وشدد الرقابة عليه لكي لا يفر إلى الولاية الرومانية في افريقية أو إلى الرومان. ودام حصار يوغورطة لآدربعل في قرطة عامين. وكان في قرطة جماعة كبيرة من الرومان يحترفون فيها الصناعة والتجارة والفلاحة.
   وكانوا طابورا خامسا لدولتهم. وكانوا يكرهون يوغورطة لقوته، ويؤثرون آدربعل لضعفه. إنهم الانداء التي يرسلها الرومان على جدران الدولة لتوهنها ثم يفيضون عليها، وهم مقدمة الغزو التي يخلق بها الرومان جيشا سريا في داخل الدولة ليسهل عليهم فتحها من الخارج. فتعصب هؤلاء العمال الرومانيون لآدربعل فلبسوا السلاح فوقفوا معه وراء أسوار قرطة يدافعون يوغورطة. وكانوا يذكون الحماس في آدربعل ويحثونه على الدفاع، ويمنونه بمسير جيش من روما فيفك عنه الحصار. فتصلب آدربعل في الدفاع، وطال صبره على الحصار. وكان الرومان يقنون بان يوغورطة سيقضي على آدربعل فيوحد الدولة فيقع ما يخشونه. «فأرسلوا إليه في رفع الحصار والكف عن آدربعل مع ثلاث من النواب (وأبى ان يخاشنهم لكي لا يستفز روما للدخول في الحرب ضده) فاظهر لهم احترامه لروما، ولكنه لم يمتثل أمرها، فاستمر محاصرا لقرطة. فأرسلت إليه روما رسلا آخرين، وتعين الاجتماع بعوتيقة (عاصمة الولاية الرومانية بافريقية) فذهب إليها، وأوعز إلى جنوده بتشديد الحصار، ولما اجتمع برسل رومة اكتفى بإظهار احترامها أيضا  (تاريخ الجزائر للميلي ج 1 ص 139 ط بيروت.)
   عن محاصرة ملكها. أنا أجنبية. ليس لها حق في التدخل في شئون البربر. فرجع الوفد الروماني خائبا إلى رومة. ورجع يوغورطة إلى محاصرة آدربعل. وكان قد شدد عليه الحصار، فمنع عن قرطة الأقوات وكل المواد. فأودى بأهل المدينة الجوع. وكان كثير منهم شيعة ليوغورطة فسئموا من الحرب، وضاقوا ذرعا بالحصار، والجأوا آدربعل لمفاوضة يوغورطة، والعدول عن عناده. وأيس آدربعل من تدخل الرومان لنقاده، فاستسلم إلى يوغورطة. ودخل يوغورطة قرطة فملكها، فتتبع الرومانيين الذين كنوا في قرطة طابورا خامسا لدولتهم فقتلهم. ان مستقبله دهور قراع مع الرومان. فليبدأ بالعدو الداخلي ليأمن ظهره إذا صارعهم. إنهم قد رفعوا السلاح ضده، وحرضوا عليه. لو اقتصروا عللا الكيد لنفاهم. ولكن وجدهم في السلاح يحاربونه مع آدربعل. وكان يوغورطة يوقن بان آدربعل مريض القلب لا يمكن انم يصفو له. سيثور عليه إذا وجد الفرصة. سيثيره الرومان إذا حاربهم فيضر به من خلفه، انه عدو للدولة وخطر عليها. ثم انه قد ذهب إلى روما، واستنجد بالرومان، وهم أعداء المغرب، ففتح الأبواب للتدخل في شئونه، وفرض سلطانهم عليه ! ! ان هذه خيانة كبرى للدولة وللمغرب كله تستوجب العقاب، وليس عقابها إلا الإعدام.
   وكان البربر على حنق وغيظ على آدربعل. إنهم يتمنون ان يلاقي جزاء خيانته ويلك أيها الحمل الذي يستغيث بالذئاب، ويدعو الصلال إلى وطنه! ان جزاءك شيء براق مهول في يد الجلاد إذا هوى به عل الأعناق. فأمر يوغورطة جلاده فأهوى بسيفه على عنق آدربعل، فاستراحت الدولة، واطمأن يوغورطة.
توحيد يوغورطة للدولة واعتناؤه بالقوة العسكرية
   كان ذلك سنة 112 ق.م. وقضى يوغورطة ست سنين وهو يجاهد بتوحيد الدولة، فتم له ما أراد وأراده كل البربر المخلصين. فضم يوغورطة نوميديا وتوابعها من افريقية وطرابلس إلى موريطانيا الشرقية فصارت كلها دولة واحدة كعهدها أيام جده مصينيسا وعمه مصيبسا. وكان حد الدولة من الشرق خليج سرت الأكبر، ومن الغرب وادي ملوية، ولا يخرج عن دولته يوغورطة من افريقية إلا الولاية الرومانية. وعادت للدولة البربرية الكبرى قوتها لما اتحدت، وراجعها شبابها لما تولى يوغورطة رئاستها، ورأى الرومان في عينيها بريق الاعتزاز والاعتداد الذي يفيض من عيون الأسود الواثقة بنفسها. فخرجت قرطة وفرحت نوميديا كلها بانضمامها إلى دولة يوغورطة. وانتقل يوغورطة إلى قرطة فجعها عاصمة ملكه. فاخذ بأزمة الدولة في عبقرية وإخلاص ليندفع بها في طريق القوة والعظمة والرخاء التي تركها مصينيسا، ويحقق أمل مصينيسا، فيضم موريطانيا الغربية إليه، ويحتل الولاية الرومانية ويقذف بالرومان في البحر ويصبح المغرب كله دولة واحدة تقف سورا حديديا في وجه الرومان لا يستطيعون اختراقه، وتصير هي المنافس الأكبر القوي للرومان في البحر الأبيض المتوسط لا يستطيعون التغلب عليه بالقوة، فاعتنى بالجيش والأسطول، وأكد في نفوس البربر ما كان قد غرسه فيها جده مصينيسا من تمجيد القوة، والتجرع بها في الأخلاق، وفي الجيش والأسطول، وفي كل نواحي الدولة. وكان يوقن بان مستقبل البربر دهور نضال وحروب مريرة مع الرومان الجشعين المعتدين الأقوياء. فلفت أنظار شعبه إلى الناحية العسكرية، ومجد البطولة والفروسية وجعلها سببا للتقدم في الدولة والنباهة في المجتمع. ورسم على احد الوجهين في نقوده صورة لبطل بربري قوي ومعه جعبة سهامه، وكنانة ذخيرته الحربية، كما رسم في نقوده الفيل وهو اكبر عدة للحروب في ذلك الزمان. انه كالدبابة الثقيلة يغني غناءها في الهجوم والدفاع. ورسم في نقوده الفرس تمجيدا للفروسية، وتحبيبا لها إلى البربر.
   كانت القوة هي شعار دولة يوغورطة. انه نزاع إلى الاعتناء بدولته في كل النواحي، ولكنه رأى بنظره البعيد شر الرومان والغزو الروماني يحيق بدولته فاعتنى بالقوة أكثر ومجدها، وعلم البربر حب القوة وتعظيمها والحرص عليها في كل نواحيهم في أخلاقهم، وأجسامهم، وفي كل نواحي حياتهم. واراهم بما رسم في نقوده من شعارات القوة مع رسمه ان الملك إذا كان هو الرأس الذي تحيا به الدولة فالجيش وأبطالها وقوتها العسكرية هي الجهاز العظمي الذي لا تحيا بدون سلامته وقوته. وكان يوغورطة كما اعتنى بالناحية العسكرية في دولته قد اعتنى كثيرا من الاعتناء بنواحيها الأخرى. سيما الفلاحة. فقد اعتنى بها كل الاعتناء ورسم النخلة في نقوده تمجيدا للفلاحة وإشعارا للبربر بأنها سبب الغنى، وهي الأم الولود للنقود الكثيرة، سيما النخلة التي عرف البربر فضلها فاستكثروا منها في المغرب. وكانوا أكثر الأمم اعتناء بها.وقد ضرب الملك يوغورطة النقود باسمه، واعتنى بكل ما يسعد الدولة ويقويها. وكان ملكا عظيما، ومن الأفذاذ الذين أورثوا المغرب عزته فرفع رأسه.
   كان أمل يوغورطة امن يوحد المغرب كله في دولة واحدة متحضرة، غنية قوية متحابة متحدة كل الاتحاد ان المغرب وطن واحد، وأمة واحدة، ودين واحد. فلم انقسامه إلى دول تتناطح، وجهات تتنابذ، وتجزئته إلى أجزاء صغيرة يسهل على الأعداء ابتلاعها ! لابد من توحيد المغرب لينجو من خطر الرومان، ويسعد ويهنأ ويسود. هذا هو أمل يوغورطة، وهو أمل مصينيسا من قبله. فابتدأ يستعد ويتأهب، ولكن الرومان كانوا بالمرصاد. فعاجلوه قبل ان يستعد. فجهزوا جيوشهم الجرارة فأرسلوا عليه. فوقعت في المغرب الزلازل الكبرى، فلمن تكون الدائرة يا ترى؟
حروب يوغورطة مع الرومان 111 – 105 ق.م
    كان الرومان في النصف الأخير من القرن الثاني قبل الميلاد قد عزموا على القضاء على الدولة البربري الكبرى التي تجاورهم، وتقف في وجوههم ليتأتى لهم غزو المغرب وامتلاكه. ولكن القضاء عليها بالسيف لا يمكن لأنها دولة قوية، شجاعة، واسعة الأرجاء، كثيرة الجند، والبربر كلهم سيهبون لقتالهم، وهم في الشجاعة، والثبات في درجة كبيرة لا يمكن معها إخضاعهم بالقوة. فعولوا علي الكيد لهذه الدولة ليضعفوا فيسهل القضاء عليها. ولما قسم أبناء مصيبسا تلك الدولة وتولى الملك في القسم الذي يجاورهم آدربعل الضعيف ابتهجوا وسروا. فرأوا في ذلك التقسيم ضعفا للدولة وفي ولاية آدربعل سببا كبيرا للهرم الذي سيسرع إليها، فيستطيعون التحكيم فيها، والقضاء عليها. وهب يوغورطة فوحد الدولة، وأعادها إلى حالها في عهد مصينيسا، وشمر لتوحيد المغرب كله ليكون دولة واحده فيغزو بها الولاية الرومانية في افريقية فيظهرها من الرومان، ويغلق المغرب في وجوههم إلى الأبد. فارتاع الرومان باتحاد الدولة، وتولي يوغورطة الملك فيها. وكانوا يعرفوا كفاءته وعبقريته، وما سيورثه للدولة وللمغرب كله من قوة وشباب فيتعذر التغلب عليه؛ ويعرفون عداوته لهم، وعزيمته فيهم. لقد قتل الرومانيين الذين وجدهم في قرطة، ولم يبال بطلب روما التي تضرعت إليه ان يكف عن مقاتلة آدربعل الذي طلب حمايتها فواعدته بها. ان يوغورطة عدو اللدود يجب القضاء عليه. وهو شباب الدولة وقوتها، فلا بد من القضاء عليه ليتأتي لهم أضعاف الدولة البربرية والقضاء عليها ! يجب ان يعاجلوه بالحرب قبل ان يستعد لحربهم.
   لا تزال جروح دولته بحروبه مع آدربعل دامية لم تندمل، ولا يزال الإعياء الذي أصابها في تلك المعارك يوهن قوتها، ولا يزال التصدع الذي أحدثته في دولته مصيبة التقسيم، وبلاء الفتن لم يرأب. إنهم إذا أمهلوا يوغورطة سنين أخرى، وأصلح شئون دولته ووحد المغرب كله تحت رايته لم يستطيعوه. فاتفق مجلس الشيوخ الروماني على محاربة يوغورطة وإزالته من الملك.
   وكان النظام الجمهوري الذي تقوم عليه الدولة الرومانية يقضي بان تختار الدولة كل عام رجلين يقومان بالسلطة التنفيذية فيها. ومن وظيفتهما رئاسة مجلس الشيوخ، وقيادة الجيش. ويسمون الرجلين بالقنصلين. وكان الرومان اكبر دولة في ذلك الزمان. وكانت دولتهم قوية شجاعة، كثيرة الجند، قد استعدت منذ زمن طويل لامتلاك دول البحر الأبيض المتوسط كله. وكانت قد استجمت من حروبها الكبيرة، واستطاعت ان تؤلف اكبر جيش من خيرة أبنائها المدربين الأقوياء، فأرسلته مع القنصل بستيا ليحارب يوغورطة.
    كان ذلك في سنة 111 ق.م. فلم بشعر يوغورطة إلا والجيش الروماني يزحف من الولاية الرومانية إلى حدود دولته الشرقية، فأسرع إليه ليصده عن دولته، فوقع اللقاء حول مدينة باجة في الشمال الشرقي للدولة البربرية. فوقعت حرب كبيرة بين يوغورطة والرومان. انتهت بفوز الرومان وتغلبهم لأنهم كانوا أكثر استعداد لهذه الحرب من يوغورطة. وكانت روما تريد من قائدها القنصل بستيا ان يضرب يوغورطة في المعركة الحربية ضربة كبرى ثم يقيده بشروط ثقيلة، وغرامات حربية باهضة توهنه، وتقيده ليقضوا عليه متى شاءوا. ولكن يوغورطة كان داهية. فما ان رأى كفة الرومان ترجح في المعركة وأيقن ان الغلبة لهم حتى سعى لإيقاف الحرب ليستعد الاستعداد اللازم لمواجهة الرومان في معركة أخرى، ويحفظ دولته من توغل الرومان فيها. فطلب الصلح من بستيا فأجابه إليه، لأنه يوقن انه يمكن التغلب على يوغورطة في جولة واحدة، وخاف ان ترجح كفة يوغورطة في الحرب إذا استمرت لما يعرف من شجاعة البربر واستماتتهم في الحروب.
     وكان يوغورطة داهية قد عاشر الرومان وعرف نفوسهم، وعلم حبهم للمال وعبادتهم له، ودرس نفس بستيا قائد الرومان فعلم انه يستطيع رشوته بالمال، فيخفف شروط الصلح. فدس إليه البدر الثقيلة، والهدايا النفيسة، فأجابه لما أراد. فانسحب من تراب الدولة البربرية الذي احتله. وتساهل معه في شروط الصلح فكانت شيئا خفيفا لا يهبط يوغورطة ولا يضعفه. لقد اشترط عليه ان يدفع إليه أفيالا، وخيلا، وأنعاما وأموالا. فخرج يوغورطة من الحرب التي لم يستعد لها. وكان ينكسر فيه انكسارا كبيرا. ونجا بدهائه وحسن تصرفه، فعكف على جيشه يقويه، وعلى دولته يعدها للقراع الطويل. وسمع مجلس الشيوخ الروماني بنجاة يوغورطة من قبضتهم، وانتصاره بدهائه. عليهم، فعزموا على امتحانه وإدانته، لينقضوا الصلح الذي ابرمه معه بستيا، فيجددوا الكرة عليه. فنهض يوغورطة فخاض معركة ديبلوماسية كبيرة مع الرومان فانتصر عليهم انتصارا كبيرا. ما هي هذه المعركة وأين وقعت؟
انتصار يوغورطة على الرومان في المعركة الديبلوماسية الكبرى
   كان مجلس الشيوخ الروماني يتتبع أنباء جيوشه التي أرسلها لمحاربة يوغورطة بكل اهتمام. وكان يعلق فيها آمالا كبرى. ولما بلغه نبأ انتصار بستيا على يوغورطة، امتلأ سرورا، ورقص للبشرى. ولكنه لما عرف ان بستيا قد أوقف الحرب قبل ان يحتل باجة، وهي العاصمة في الناحية التي وقعت فيها المعركة، ويتوغل في الدولة البربرية حتى يطأ ارض نوميديا، وعرف شروط الصلح الخفيفة التي وضعها بستيا على يوغورطة، خابت آماله في بستيا في الجيش، فاستشاط غضبا، وشعر بالرشوة التي استمال بها يوغورطة قائدهم وقناصلهم بستيا، فقامت قيامة أعضاء مجلس الشيوخ، وعزموا  على محاكمة بستيا، وعلى نقض الصلح، وتجديد الكرة على يوغورطة. فأرسلوا إلى يوغورطة يستدعونه إلى رومة ليناقشوه في الصلح. وكانوا يعتقدون انه سيمتنع عن القدوم فيجعلون ذلك سببا لإبطال الصلح، وشن الحرب عليه.
    وكان يوغورطة لدهائه يتظاهر بالصداقة لروما، ويخفي عداوته الشديدة لها. وأشاع ان بستيا لم يوقف الحرب، ولم يخفف شروط الصلح إلا لعلمه بنواياه الحسنة للرومان، وصداقته القوية لروما. ولما استدعوه إلى روما عزم على الذهاب رغم ما في وقوعه في أيدي مجلس الشيوخ الروماني من خطر القبض عليه، وخطر اغتيال أعدائه الكثيرين له في روما. لقد رأى بذكائه ان امتناعه عن الذهاب إثبات للتهمة التي يحرص مجلس الشيوخ على إثباتها في بستيا الذي أحسن إليه، وخفف شروط الصلح عليه، ونقض لما يتظاهر به من صداقة للرومان وحسن نيته لهم. ان أعدائه من شيعته آدربعل ومن الرومان في روما كثيرون. سيجدون في امتناعه عن الذهاب الحجة لما يؤكدونه من عداوة يوغورطة للرومان، ويجد فيه مجلس الشيوخ سببا لإثارة حرب كبيرة عليه وهو لم يستعد لها بعد. وكان الرومان يرونه الخطر الكبير الذي يهددهم من المغرب. ان الذهاب إلى رومة هو ما تدعو إليه الحصافة والدهاء فركب يوغورطة في حاشيته فاقلع إلى روما.



يوغرطة-الملك الأمازيغي الذي قهر الرومان 20 سنة

   وكانت أيدي يوغورطة التي سيصافح بها مجلس الشيوخ الروماني ما زالت تقطر بدماء أبنائهم الذين قتلهم في قرطة، وفي الحرب التي خاضها معهم في افريقية، ولكنه مع ذلك ذهب إلى عاصمتهم اعزل لا جيش معه، وهو واثق بأنه سينتصر بدهائه لى مجلس الشيوخ الروماني، ويحبط كيد كل أعدائه، وينال كل أغراضه في روما، ويرجع إلى عاصمته قرطة مكللا بالفوز الباهر. ووصل يوغورطة إلى روما فوجد مجلس الشيوخ متأهبا لإدانته والقبض عليه، وإدانة بستيا والحكم عليه بالإعدام. ولكن يوغورطة كان قد عاشر الرومان فعرف نفوسهم. إنهم يعبدون المال، ويقدسون بريق الذهب ! ان بدر الدنانير البربرية الوهاجة هي الدلاء التي ستطفئ النار المتأججة عليه. فاتصل بنائب من نواب الشعب في مجلس الشيوخ اسمه بابيوس، وكان كثير الأتباع في المجلس، ذا لسن ونفوذ، فرشاه بمال كثير، وبهدايا نفيسة من طرف المغرب، فواعده بالدفاع عنه في مجلس الشيوخ، وسد كل الأبواب التي سيحرجه بها أعضاؤه، والوقوف بجانبه في كل الأزمات التي تعترضه في روما. وانعقد مجلس الشيوخ. فدخل يوغورطة في لباسه الملوكي، وفي هيئته المهنية، وهو رافع الرأس، مشرق الطلعة، لا يهاب احد ولا يخاف شيء. فابتدأ الأعضاء المتصلبون المتضرمون الكلام ليقدوا عليه صدور المجلس، ويثبتوا فيه عداوة روما، ورشوة لبستيا، فيقيض الرومان عليه، فانبرى لهم بابيوس، فدافع عن يوغورطة، وقال انه صديق روما.
    لقد حارب بجانبها في اسبانيا، وهو الذي فتح للرومان مدينة نومنسة. لولاه ما فتحوها، وما انتصروا ذلك الانتصار الكبير ! ان بستيا قد أحسن صنعا بمجاملة هذا الصديق ! ان محاربة الملك يوغورطة غلط من روما قد أدركه بستيا لما وصل المغرب فأوقف الحرب، وان ما عرفه من حسن نوايا الملك يوغورطة للرومان هو الذي جعله يخفف شروط الصلح عليه. ان بستيا قد أحسن صنعا بذلك ولم يفعل إلا ما توجبه مصلحة الدولة العليا. ان الإخلاص والنصح لروما هو الذي دفعه لإتيان ما أتى ! ان يوغورطة صديق الرومان. لولا صداقته وحسن نيته ما حضر إلى عاصمتنا. ثم وجه الكلام إلى يوغورطة قائلا: لا تجب عن الأسئلة التي وجهها إليك المجلس. إنما يستجوب المتهم، ويناقش المذنب. أما أنت فبرئ وعار على روما ان تعامل ضيفها الكبير معاملة المجرمين ! فاستطاع بابيوس بدفاعه وكثرة أتباعه في المجلس ان يشل مجلس الشيوخ فلم يدن يوغورطة بشيء. فخرج منه يوغورطة كما دخل شامخ الرأس، مشرف الوجه بالانتصار الذي حازه على شيوخ روما، وصفوتها المختارة. وأحس شيوخ روما بيوغورطة يمرغهم في التراب، ويمشي بنعليه على رؤوسهم ! فخرجوا من مكان الاجتماع منكسين كاسفين.
قضاء يوغورطة على مصيفا الذي يخون دولته

   وكان في روما مصيفا بن غولوسة. وهو من شيعة آدربعل. وكان يثير الرومان على يوغورطة، ويسألهم ان يبعثوا جيوشا للقضاء عليه، ليتولى هو الملك فيكون لهم كما يريدون في المغرب. وكان الرومان يدخرونه لوقت الحاجة. فدس إليه يوغورطة من قتله في قلب روما. فازداد حنق الرومان على يوغورطة. ان يقينهم ان يوغورطة هو الذي قتله، ولكنهم لا يجدون دليلا يثبت جريمته. من يدري. لعل يوغورطة قد احتج وثار واتهم الرومان بقتل ابن عمه، فخاف الرومان من بقاء هذا الداهية الجرئ في روما. فد يكيد لهم كيدا يعرض دولتهم للخطر، فأمروه بالخروج من روما. فخرج يوغورطة من روما. وقبل ان يغادرها نظر إليها وعلامات الاحتقار والازدراء تفيض من وجهه فقال قولته المشهورة: »روما ! مدينة مباعة لمن يريد شراءها ! » فركب سفنه ورجع إلى المغرب فعكف على جيشه يعد للملاحم الكبرى، وعلى شعبه يهيئه للصراع الطويل. ان الرومان لا يمهلونه طويلا. ثم وقعت الحروب الهوجاء مع الرومان فانتصر عليهم يوغورطة انتصارا رائعا ومرغهم في التراب؟ ومتى وقع ذلك، وفي أي مكان؟




يوغرطة ... الملك الأمازيغي الذي عرَض روما للبيع!



تابعوا الجزء الثاني :ثورة الملك الامازيغي يوغرطة الماسيلي الذي عجزت روما على إركاعه-2-



https://tafat.net/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A7%D8%B2%D9%8A%D8%BA%D9%8A-%D9%8A%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%B7%D8%A9/?fbclid=IwAR1oChDswX3XqpRKBInVKVC-XCvEvlnDAP5YjW30JL8x8gLqCn8pYAe0I-I