حقيقة الباديسية النوفمبرية في مذكرات لخضر بن طوبال:


حقيقة الباديسية النوفمبرية في مذكرات لخضر بن طوبال: Z


جاء في مذكرات لخضر بن طوبال أنه كان من الصعب إيجاد جزائري واحد يثق في نفسه قبل إندلاع الثورة التحريرية وقال بأن الجزائريين كانوا يقولون : سيعود الأتراك ليحررونا! وقال أنه لما تأسست المنظمة السرية رفض الأغنياء تمويلها بالمقابل كانوا يمولون جمعية العلماء والأحزاب الأخرى التي كانت فرنسا ترها معتدلة . وقال أن كلّ صوف الكباش خلال عيد الأضحى وكذلك أموال العْشُورْ والهيبات والمساعدات كانت تتّجه لجمعية العلماء المسلمين قصد تمويل مساجدها ومدارسها ولم يكن لحزب الشعب ولا إمام واحد يدافع عنه أو يقف إلى جانبه وكانت مداخيل الحزب من إشتراكات المناضلين البسيطة، بل إن الجميع كان يتحاشى الظهور مع عناصر حزب الشعب المطالبين بالاستقلال التام وقال بن طوبال أن صديقه عبد الحفيظ بوصوف هو الوحيد الذين كان يظهر معه في مدينة ميلة لأنه لم يكن له ما يخسره فقد عُرف عنه كرهه لفرنسا منذ الصغر .
قال كذلك أن الجمعية كان لها تأثير قوي على الشعب الجزائري وقد تلقى مناضلوا حزب الشعب مشاكل كبيرة من هذه الجمعية التي كانت تستعمل الاسلام و العربية عبر مدارسها للاستحواذ على الجزائريين، إلى درجة أن أصبح الجزائري العربي والمسلم محصور فقط في مناضلي هذه الجمعية في نظر أعضاءها . وقال أن المشاكل التي كان حزب الشعب يتلقاها من جمعية العلماء كانت تفوق التي تأتيه من الاستعمار الفرنسي. فقد عملت الجمعية حسبه على معارضة حزب الشعب عبر نواديها و نعتت المناضلين الاستقلاليين بالمغامرين الذين يريدون جر الجزائريين إلى الهلاك ، وبعد حوادث 08 ماي صارت الجمعية تستعمل تلك المجازر التي ارتكبت في حق المطالبين بالاستقلال لتخويف الناس منهم إلى درجة أنه كلما تحدثت مع جزائري حول موضوع الاستقلال رد عليك : هل تريد 08 ماي آخر ؟


حقيقة الباديسية النوفمبرية في مذكرات لخضر بن طوبال: 3328


وتكلم بن طوبال عن أعضاء جمعية العلماء الذين كانوا يشتغلون في المناصب الادارية وقال بشكل عفوي و جازم " لايوجد أحد من أعضاء الجمعية شريف في تسيير المال والأملاك" وأن " أعضاء الجمعية لم يكونوا نزهاء" وقد عُرف عنهم "الكذب" وكانت تصدر منهم فضائح بمعدل مرتين كل سنة . خاصة الفساد الذي كان يتعلق بتسيير صندوق مال الجمعية. وتكلم بن طوبال عن استغلال حزب الشعب لتلك الفضائح لكشف "نفاق" جمعية العلماء التي وصفها وكأنها متأجرة بالدين والعربية والوطنية و إلى جانب هذا كان كذلك حرص الاستقلاليين على نظافة يد و حسن السيرة ومحاربة الادارة الاستعمارية لهم سبيلا مهما لتمرير خطابهم إلى الشعب .
وقال أن قيادات الجمعية و على رأسها عبد الحميد بن باديس و الطيب العقبي و العربي التبسي قاموا بعقد تجمع في ميلة عام 1937، و دعوا لانتخاب الفرنسي جويلي رئيساً للبلدية وكان منافسا للجزائري عبد الكريم بوصوف المنحدر من عائلة كبيرة بميلة كانت تتولى المنصب في المدينة منذ 1919 .وخلال التجمع قال بن طوبال الذي كان مع الحضور أن قادة العلماء تحدثوا عن الدين و العربية و حقوق الجزائريين، لكنهم طلبوا من مرشحهم الفرنسي السيد جويلي الصعود للمنصة وهذا الأخير لم يكن يعرف من العربية إلا عبارة " أنا علماء" التي استعملها في حملته.
وعن موقفها من الاستقلال قال بن طوبال أن الجمعية لم تعلن ولا مرة عن رغبتها في تحقيق استرجاع السّيادة الوطنية. بل و كانت ضد كلّ من يسعى لتحقيق استرجاع هذه السيادة ، لقد جعل بن طوبال الجمعية في نفس جبهة فرحات عباس والحزب الشيوعي . وتحدث عن تحالف الجمعية مع فرحات عباس ضد تيار حزب الشعب الذي كان يسميه بالتيار الاستقلالي ويرفض تسميته بتيار الحركة الوطنية كون هذا الاخير كان يشمل أيضا الإندماجيين والإدماجيين من الجمعية والبيانيين ..
ملاحظة :
نذكر أن لخضر بن طوبال ابن مدينة ميلة ومن القادة الأساسيين مناضل في حزب الشعب، عضو في لجنة 22، مشرف على العمليات العسكرية في جيجل ليلة نوفمبر ، من المؤطرين لهجومات 20 أوت 1955، شارك ضمن وفد المنطقة الثانية في مؤتمر الصومام، عضوا في لجنة التنسيق والتنفيذ، وزير الداخلية في الحكومة المؤقتة، مشارك في مفاوضات إيفيان ومن مؤسسي المخابرات الجزائرية جهاز “المالق MALG” مع صديقه عبد الحفيظ بوصوف .
مصطفى صامت