كل يوم بعد المدرسة أسأل ابني الشيء نفسه – « كيف كانت المدرسة؟ »- وكل يوم يجيب بالكلمة نفسها: « جيدة ». هذه الكلمة تعني عادة واحدًا من أمرين، إمّا أن لا شيء مهمًّا قد حدث ويحتاج أن يطلعني عليه في تلك اللحظة بالذات، أو أن شيئًا قد حدث بالفعل لكنّه سينتظر ليخبرني عنه عندما يصبح مستعدًّا.

وقد يكون ذلك في أيّ وقت بين الآن ووقت عشوائي في المستقبل.

لذا فإنّي أقبل ب »جيّدة » وأتمنى أن تكون الأمور تجري بشكل سلس نوعًا ما.

ثم، في مساء أحد الأيّام، حين كنت أضعه في فراشه، حان ذلك الوقت العشوائي.

كنت أبعد شعره عن وجهه وأنحني لأقبّله وأتمنّى له ليلة سعيدة عندما نظر في عينيّ وكشف لي عن جزء من ذاته. أخبرني، بصوت خافت مرتجف، أن صديقه لا يريد أن يتكلّم معه بعد الآن.

بدأ قلبي ينبض بسرعة وشعرت بالحرارة تصعد الى وجهي. عادت الي بقوّة جميع ذكريات طفولتي من نبذ وحزن وجراح سبّبها لي الأصدقاء، وأحسست على الفور بألم حادّ في روحي. شعرت بالغضب والحزن. أردت أن أخلّصه من ألمه، أن أطرح عليه مئة سؤال وسؤال، أن أفهم منه ما حدث…أن أفعل شيئًا. ولكن بدلاً من التصرّف بانفعال، ظللت هادئة وأصغيت اليه.

أخبرني بصوت مرتعش مخنوق أنه الآن وقد أصبحا هو وصديقه في صفّين مختلفين، لم يعد صديقه – وكان صديقه منذ كانا صبيين صغيرين- يلقي عليه التحية أثناء وقوف التلامذة في الصف لتناول وجبة الغداء.

عند ذلك رأيت الدموع تنهمر من عينيه الى مخدّته.

فجأة، كرهت صديقه ذاك بكل جوارحي. نفس الفتى الذي دعوته الى بيتي عشرات المرّات وكنت أحبّه جدًا قد أصبح الآن عدوّي. هو مَن كسر قلب صغيري، وفي تلك اللحظة لم أكن أتصوّر كيف سأسامحه يومًا على ذلك.

تردّدت في إيجاد الكلمات المناسبة لتعزية ابني ومساعدته في التغلّب التعامل مع هذه المشكلة بينه وبين صديقه، وكنت أعلم جيّدًا أنها مشكلة واحدة من المشاكل الكثيرة التي ستواجهه مع أصدقائه في المستقبل. كنت أريد…أحتاج…الكلمات المناسبة التي تصيب الهدف.

أخذته بين ذراعيّ وقبّلت عينيه الممتلئتين بالدموع وقلت له إنه سوف يكون بخير. قلت له إني أحبّه وإن لا عيب فيه وإن صداقته مع صديقه ستكون بخير.

شرحت له أن الأسبوع الأوّل في المدرسة يمكن أن يكون صعبًا وأن صديقه كان يحاول على الأرجح اكتساب الأصدقاء في صفّه الجديد، تمامًا مثله، وأنه في فوضى الأيام الأولى من السنة الدراسية لم يره صديقه على الأرجح واقفًا في الصف. طمأنته الى أن صديقه يحبّه وقلت له إن عليه أن يحاول مجدّدًا في الغد القاء التحية على صديقه.

ثم غطّيته جيّدًا وأعطيته بضع قبلات أخرى وتمنّيت له ليلة هانئة.

فيما كنت خارجة من غرفته، أدركت أنه وإن لم تكن كلماتي مثالية فقد كنت مع ذلك سعيدة لأنّي كنت هنا لآخذ طفلي بين ذراعيّ وأعزّيه عندما قرّر أن الوقت قد حان ليخبرني بمعنى « جيّدة » بالنسبة اليه.


عندما يعاني ابنك او ابنتك في المدرسة من تجاهل رفاقه وعندما ترينه يكبت حزنه ،كيف تتصرفين؟ Oooo510