يناير رأس السنة الفلاحية الامازيغية بين الحقيقة التاريخية والميثولوجيا القديمة-1-


يناير رأس السنة الفلاحية الامازيغية بين الحقيقة التاريخية والميثولوجيا القديمة-1- 40143

إن المتتبع للنقاش والجدل الذي يفتعل حول يناير (رأس السنة الأمازيغية ) عقب حلوله كل سنة، يتجلى له مدى الغموض الذي يحوم حول هذه المناسبة التي مارسها ولازال يمارسها شعب شمال افريقيا منذ زمن موغل في التاريخ يستحيل تحديد بدايتها على الأقل حاليا . فما هو سبب هذا الغموض حول يناير ؟ وهل هو غموض أم سوء فهم أم مجدر توظيف أيديولوجي للفكرة ؟ وما هو الناير وكيف يمكننا فهمه من زاوية علمية و تاريخية ؟ وهل كل ما يروج عن الناير صحيح تاريخيا ؟
إن أفضل وأسهل طريقة لفهم الناير من زاوية علمية وتاريخية هو أن ندرك أنه مركب من ثلاثة عناصر وهي الناير كعيد وتقليد فلاحي قديم ، الناير كميثولوجية (أساطير شعبية ) والناير كإبداع حديث للحركة الأمازيغية . أما الآن فدعونا نتحدث على كل عنصر من العناصر الثلاثة على حدى ونبدأ من العنصر الاول :
1- الناير عيد وتقليد فلاحي :
لكل شعوب العالم تقاليد وأعراف وأعياد تمارسها وتحييها وتتوارثها جيلا بعد جيل ، بعض هذه الأعياد والتقاليد دينية وبعضها فلاحية وبعضها تاريخية … وللأمة الأمازيغية الساكنة في شمال افريقيا منذ آلاف السنين أعيادها كذلك والناير واحد من هذه الأعياد والتقاليد التي ورثوها عن أسلافهم وهو عيد فلاحي ، يمارسه الأمازيغ كل 12 أو 13 أو 14 يناير (حسب المناطق ) وهو علاقة بين الانسان والطبيعة تتم عبر ممارسة بعض الطقوس التي يرجى منها إبعاد شبح الجوع والتماس ورجاء أسباب الخير والسعادة في محصول زراعي وافر للسنة الجديدة التي ستبدأ بعد 12 يناير الذي يعتبر فاصل بين زمنين الأول فيها شتاء قارس وغاضب و”موت الحياة في التربة ” ونفاذ المخزون الغذائي للسنة الماضية والزمن الثاني الجديد و هو بداية الاعتدال وظهور الاخضرار و”الحياة ” في التربة والاستعداد لمباشرة العمل الفلاحي لجني محصول جديد . تختلف الطقوس والعادات التي يتم ممارستها وإحيائها في هذه المناسبة التي تعتبر بداية العام الجديد عند الامازيغ من واحة سيوا بمصر الى غاية جزر الكناري غربا ، لكنه إختلاف شكلي فقط أما من الناحية الأنثروبولوجية فهي نفسها بإعتبرها تشترك في نفس الهدف وهو محاولة ترويض الطبيعة والتماس أسباب الخير والسعادة في محصول زراعي وافر للسنة الجديدة والتعوذ من شبح الجوع والجفاف وكذلك إشتراك كل هذه الطقوس في بعض الواجبات والأحكام التي لا يجب مخالفتها . وهو ما سنراه في بعض هذه الأمثلة :
– في مناطق الشرقية بالاوراس وتونس يتم إحياء هذه المناسبة بالإعداد لأشهى الأطباق التقليدية حيث تحضر الشخشوخة بإستعمال لحم الغنم أو البقر وكذلك طبق إيرشمن وتكثر الأطباق التي تطبخ فيها الحبوب الجافة من قمح وحمص وفول … بعض الأطباق تفرض النساء وتمنع على الرجال ، والنساء ملتزمات في هذا اليوم بتغير الأواني وتجديد الموقد وصباغة الجدران وترقيعها بمادة “ثومليلث” أو “هومليلت” .
– في منطقة القبايل ومنطقة شنوة بتيبازة يتم إعداد طبق بسبعة أنواع من الحبوب يسمى ” سبعا إسوفار ” ويشترط ذبح ديك والذي يوحي انه كان يقدم قديما كقربان ( أسفل) ويشترط على أن يأكل أفراد العائلة حتى يشبعوا جميعا ، فيقال أنه كما وجدك رأس العام سيحل عليك طوال العام بنفس الحال . حتى انه يمنع في ذلك اليوم إعارة الآواني لأنه نذير على الفاقة ، كما يتم نثر بعض حبوب الزرع على زوايا المنزل لتتغذى عليها حشرات المنزل في ذلك اليوم.
– في إقليم الونشريس وغرب الجزائر، إضافة الى ذبح الديك وإعداد الموائد الفاخرة يتم إفراغ كمية كبيرة من الحلوى والمكسرات على رؤوس الأطفال تيمنا بكثرة و وفرة الخير عليهم في المستقبل أو في السنة الجديدة .
– و في المغرب تستحضر ألعاب للأطفال مثل لعبة “تيشقيفين” في هذه المناسبة ويتم أعداد الاطباق ويشترط وفرة الكمية حتى يشبع الجميع بل تترك بعض منها على زوايا الغرفة كنصيب للأرواح المباركة (أعساس ن وخام ) ، كما يشترط تقديم كمية إضافية حتى للحيوانات الأليفة التي يتم تربيتها ،وهي نفس الفكرة التي نجدها عن امازيغ جرجرة كما ذكرنا .
– في ليبيا لوحظ أن الكثير من الطقوس التي كانت تتم في مناسبة الناير ألصقت بأعياد دينية مثل عاشوراء ورمضان بعد ان إندثرت بعض الأعياد الأمازيغية وهو ما حدث مع عادة “ثمشرط” عند القبايل كذلك . لكن الليبيون لازالوا يحيون مناسبة يناير بطريقتهم كذلك . من هنا يتضح لنا ان هدف هذه الطقوس واحد عند جميع سكان شمال افريقيا ومرتبط بالسنة الفلاحية التي تبدأ من يوم 12 او 13 أو 14 حسب المناطق ، والهدف كما رأينا هو التماس سنة جديدة تحل عليهم بمحصول زراعي وافر يحقق لهم الخير والصحة والاستقرار وينجيهم من شبح الجفاف والقحط والجوع الذي يجلب كل الشرور والمآسي .حيث بلغ حتى الإهتمام بالحيوان والأرواح المباركة الإحسان إليها، لكن بما أن الأمازيغ يحتفلون بأبواب السنة ( tiwura useggʷas) أو رأس العام (ixf useggas, aqerru useggas, tawwurt useggas, amenzu useggas) كما تختلف هذه الاسماء بإختلاف المنطاق حتى ولو كان لخا نفس المدلول اللغوي ، فهل هذا يعني ان لهم رزمانة فلاحية مناخية خاصة بهم قسموا فيها السنة الى فصول وشهور … ؟
الجواب هو نعم ، سكان شمال إفريقيا أبدعوا تقويم خاص بهم وقسموه الى فصول وشهور .
التقويم الأمازيغي الذي كان يعمل به في العصور الوسطى (01) :
إسم الشهر المعنى .
01 tayyuret tezwaret القمر العريظ / الكبير
02 tayyuret teggwerat القمر الأخير
03 yardut مجهول المعنى
04 sinwa مجهول المعنى
05 tasra tezwaret القطيع الاول
06 tasra teggwerat القطيع الأخير
07 awdayeɣet yezwaren أبناء الظبي الأول
08 awdayeɣet yeggweran أبناء الظبي الأخير
09 awzimet yezwaren أبناء الغزال الأول
10 awzimet yeggweran أبناء الغزال الأخير
11 ayssi مجهول المعنى
12 nim مجهول المعنى
ملاحظة: هذا التقويم كان يعمل به في العصور الوسطى إلا أننا نجهل تاريخ بداية العمل به وهل ظهر في العصور الوسطى فقط ام أنه أقدم من هذا بكثير مما يجعله التقويم الامازيغي الاصلي القديم قبل ظهور التقويم الجولياني ؟ ، لكن عدم انتشاره في شمال افريقيا مثل التقويم الجولياني وكذلك غياب الأدلة العلمية يجعل احتمال أقدميته ضعيف . لكن الأهم من هذا كله هو اعتماده على 12 شهرا مثل التقويم الجولياني الذي إعتمده الأمازيغ والذي لازال معمول به حتى الآن ، سنتحدث عنه في الاسطر القادمة .
الفصول المناخية عند الأمازيغ مترجمة الى العربية (02):


يناير رأس السنة الفلاحية الامازيغية بين الحقيقة التاريخية والميثولوجيا القديمة-1- 4137

– الليالي السود (14 يناير – 2 فبراير) .
– العزارة (3 – 12 فبراير).
– سلف المعزاة (13 فبراير ويوافق يوم 31 يناير الأمازيغي).
– جمرة الهواء (20 – 26 فبراير).
– جمرة الماء (27 – 5 مارس).
– دخول الربيع “الأمازيغي” –ثافسوث- (28 فبراير).
– جمرة التراب (6 – 10 مارس).
– الحسوم (11-17 مارس) .
– قرّة حيان
– لفطيرة
– دخول الصيف “الأمازيغي” – آنبذو- (30 مايو) .
– لغشات (أيام حارّة أواخر شهر غشت (أغسطس)
– دخول الخريف “الأمازيغي” – ثامنزوث- (30 أغسطس).
– آوسّو (أول أمطار الخريف).
– دخول الشتاء “الأمازيغي” – ثاجْرَسْت- (29 نوفمبر).
بوابات السنة tiwura useggʷas :
الربيع tafsut
الصيف anebdu
الخريف amwal / aməwan
الشتاء tagrest
2 – الناير كميثولوجية (أساطير شعبية ) :
إن يناير الذي قلنا أنه يمثل إحتفال شعبي لبداية السنة والذي كان يخص الفلاحة والمناخ قد إرتبطت به أساطير شعبية ، تناقلها الأجيال مع الوقت ، و من بين هذه لأساطير الشائعة هو إحتفال بعض سكان شمال افريقيا بنصر أجدادهم على “الفرعون بوعو” ، نجهل حاليا إذا كانت هذه الأسطورة التاريخية قد حدثت في نفس الفترة الزمنية (رأس السنة الأمازيغية ) أم انها وقعت في فترة زمنية أخرى في السنة تم ربطها أو الخلط بينها وبين رأس السنة الأمازيغية الفلاحية ، لكن المؤكد منه هو أن شيوخ كبار في مناطق شمال افريقي لازالوا يكررون أسطورة نصر الأمازيغ على الفراعنة خاصة عند أمازيغ آث سنوس بتلمسان غرب الجزائر والاراس التي ينحدر منها المناضل عمار نقاي . كما اننا نجد في المعطى الطوبونيمي أسماء عديدة لمصطلح فرعون ، وفي كل مناطق شمال افريقيا في الاوراس ومنطقة القبايل وجبل فرعون في تلمسان التي يكرر فيها سكان آث سنوس انه الجبل الذي أنهزم فيه الفرعون المصري ضد الامازيغ الذين أطلقوا عليه الأسود كما تقول الأسطورة .ونجد في المعطى اللغوي الشعبي في جرجرة مصطلح ” أس ن-فرعون ” (يوم فرعون) ، وكذلك ” إمحباس نسليمان ” (سجناء سلميان ) … كل هذه المصطلحات المحفوظة في المدونة اللغوية الشعبية التراثية نجد لها دلالة تاريخية في التاريخ الأمازيغي في مصر المتعلق بملك ششناق كما سنرى .
فلابد وأن السؤال الذي بادر أذهانكم بعد هذا السرد البسيط هو : هل هناك معطيات تاريخية تؤكد او تثبت هذه الأسطورة الشعبية التي إرتبطت برأس السنة الامازيغية ؟
الجواب هو نعم : لدينا من الوثائق التاريخية ما يثبت أن أسلاف الأمازيغ قد خاضوا حروبا كثيرة ضد الفراعنة ، أهمها على الحدود المصرية الليبية ويعضها داخل أراضي شمال افريقيا وهي التي تهمنا لنقارنها بالاسطورة الشعبية القديمة . ومن بين هذه الوثائق التاريخية نجد ما يسميه مؤرخو المصريات باللوحة الليبية أو صلاية الجزية الليبية أو لوحة التحنو والتي تظهر في رسوماتها (كما هو متفق عليه في الدوائر الأكاديمية ) أن المصريين دخلوا الى أرض الأمازيغ التي كانت تسمى أنذاك ” ليبيا ” أو أرض التحنو وقاموا خلالها بحرب ضد شعوب التحنو (التسمية المصرية للأمازيغ قديما) عاد المصريين بإنتصار باهر محملين بغنيمة كبيرة رسمت على اللوحة على شكل صفوف من الثيران والحمير والكباش من تحتها أشجار زيتون وكتب بجانبها علامة تصويرية تُعتبر من أقدم العلامات الكتابية وتدل على كلمة ”تحنو“ بمعنى ارض ليبيا اﻟﻤﺠاورة والأهم من كل هذا أنه رسم في نفس اللوحة مجسمات مستطيلة إتفق علماء المصريات على أنها مدن ليبية محصنة ، كانت متحالفة فيما بعضها ضد المصريين ، ورد بداخلها علامات الهيروغليفية فسرها بعض المؤرخون على انها أسماء تلك المدن، وهذا أكبر وأقدم دليل على وجود مدن امازيغة محلية قديمة تأكدت كذلك من خلال صورة الغنيمة التي حصل عليها المصريين بعد الحرب والتي تترجم الثروة الفلاحية من ماشية وعبيد (كثرة السكان) وزراعة الزيتون الذي يترجم الاستقرار والتمدن. (03) .
لوحة الليبيين
هناك لوحة أخرى مهمة وهي قريبة جدا من عهد ششناق وهي لوحة من الجرانيت الاحمر التي عثر عليها في حصن العلمين وتشير الى أن رمسيس الثاني (1301-1235ق.م) قد قام بغزو بلاد الليبو (04)
نستنتج من هذه المعطيات أن أسطورة وقوع معارك بين الأمازيغ والفراعنة داخل التراب الأمازيغي (شمال افريقيا) هي حقيقة حقا ومؤكدة من خلال الكتابات المصرية القديمة المنقوشة على جدران أهرمات مصر ، رغم أنها تسجل لنا انتصارات مصرية على الأمازيغ وليس العكس كما تقول الاسطورة إلا ان احتمال وجود معارك فاز فيها الامازيغ على المصريين وارد جدا ، هذا لان التاريخ المصري–الأمازيغي وصلنا من وجهة نظر المصريين فقط ومن الطبيعي أن ينسب المؤرخ المصري الذي يعتقد بألوهية الفرعون كل الانتصارات له ، فمن المؤرخين من يشكك في صحة أخبار هذه الانتصارات خاصة ما جاء حول انتصار الفرعون منفتاح Menephtah على الجيش الذي قاده القائد الليبي منارياي Maraiou الذي يعرف أيضا باسم مارايابوي ملك اللوبو Lebou الذي هاجم الدلتا (مصر) بجيش مكون من الأفارقة الليبو ،والمشوشا Mashaouasha والقحق Kahaka ومن الأقوام التي عُرفت بشعوب البحر والتي تحالفت مع الليبيين الذين كانوا الاغلبية في هذا التحالف، وكانت لهم القيادة وذلك سنة 1200 ق.م وقد انتصر المصريون في المعركة التي مات فيها 6365 من اللوبيين و222 من الشكلاشا و746 من التورشا.كما وصلنا من خلال النقوش المصرية (05)
فالوثائق المصرية التي تقول بانتصار منفتاح في المعركة تتناقض مع ما تشير اليه الوثائق المؤرخة لما بعد تلك الواقعة ، حيث تظهر الوثائق ان العنصر الأمازيغي أصبح مسيطر على الجيش وعلى الشأن الديني بمصر ، فما هي إلا سنوات حتى يصبح حكم مصر على يد قائد المشوش الامازيغ ششناق سنة 950 ق.م .


يناير رأس السنة الفلاحية الامازيغية بين الحقيقة التاريخية والميثولوجيا القديمة-1- 4357

3 – الناير كإبداع حديث للحركة الأمازيغية :
ما نقصد به في هذا العنوان الفرعي هو أن الحركة الامازيغية والمتمثلة في شخص المناضل الاوراسي عمار نقادي (عمار الشاوي ) إبن مروانة والذي كان ضمن مؤسسي الأكاديمية البربرية ، قام بتركيب العنصر الاول ( السنة الفلاحية الامازيغية ) بالعنصر الثاني ( أسطورة الشعبية لفرعون مع الامازيغ ) من أجل وضع تقويم أمازيغي جديد للأمة الامازيغية وهذا سنة 1980 . أي انه قام بالبحث في التاريخ المصري والأمازيغي عما يتفق مع الأسطورة الشعبية التي تقول بحرب الامازيغ مع الفراعنة أو بفوز الأمازيغ على الفراعنة ، فصادف تاريخ إعتلاء القائد الأمازيغي ششناق عرش الفراعنة وتأسيسه للأسرة الثانية والعشرين وهو حدث تاريخي قريب جدا من الأسطورة الشعبية ، ويمثل خاتمة المعارك بين الامازيغ والمصريين ونهاية المحاولات الكثيرة لشعوب شمال افريقيا من السيطرة على مصر لأسباب يرجعها مؤرخوا مصر الى الجفاف الذي حل في أرض الامازيغ ، وهو أمر مشكوك فيه فلوحة الغنائم او لوحة الليبيين تترجم لنا وفرة الثروة الحيوانية والزراعية (الزيتون) والمدن السبعة الظاهرة فيها … واللباس الفاخر الذي كان يظهر به العنصر الامازيغي في لوحات أخرى ، وكذلك رواية المؤرخ الإغريقي هيرودوت الذي زار ليبيا (برقة) و مصر وفينيقيا ومناطق أخرى في القرن الخامس يقول في كتابه الرابع عن الليبيين (الامازيغ) في الفقرة 178 : “… والحق أنه ليس في المعروف لدينا من الشعوب من هو في مثل صحة الليبيين. ولست استطيع القول بدقة ما إذا كان ذلك بسبب من هذه العادة، لكنهم أصح الناس بالتأكيد…” فلاشك وان هذه الصحة الجسدية كانت بسبب عادة التداوي التي كان يمارسها الليبيين أو لسبب منطقي آخر وهو التغذية الجيدة وهي سبب إكتساب الليبيين لأجسام قوية كما تظهره الرسوم المصرية، والصحة والتغذية الجيد تترجم لنا إستقرار بممارسة الزراعة أي ان الليبيين شعب مستقر في أرضه وهو ما يعطي احتمال كبير أن دوافع الهجمات الامازيغية على مصر لم تكن بسبب الجوع والجفاف بل لأسباب دينية تعلق على الأرجح بمعبد الاله آمون ونيت وهما آلهة أمازيغية عبدها المصريين ونعلم أن واحة سيوة التي كان يعبد فيها آمون إحتلها المصريين في القرن السادس ق.م .
زعماء القبائل الليبية القديمة كما رسمهم فنان مصري حوالي سنة 1300 قبل الميلاد. عُثر على الرسم في ضريح الفرعون ستي الأول (من الأسرة التاسعة عشرة).
زعماء القبائل الليبية القديمة كما رسمهم فنان مصري حوالي سنة 1300 قبل الميلاد. عُثر على الرسم في ضريح الفرعون ستي الأول (من الأسرة التاسعة عشرة).
يظهر العنصر الليبي (الأمازيغي) في المقدمة يضعون ريش النعام على رؤوسهم
إختيار شخصية القائد ششناق كمعلم لبداية التقويم الأمازيغي الفلاحي القديم :
كل أمم العالم تتخذ تاريخ ما من تاريخها كمعلم لبداية التقويم وبداية السنة عندهم ، فالمسلمون جعلوا من تاريخ هجرة نبيهم من مكة الى المدينة بداية تقويمهم والمسيحين جعلوا ميلاد عيسى هو تاريخ البداية ، والكرد جعلوا تاريخ توحيد القبائل الميدية الكردية القديمة تحت قيادة الملك الميدي الكردي Diaoku وتحررها من الحكم الآشوري عام 612 ق.م هي نقطة البداية ، والأقباط في مصر جعلوا تقويمهم يبدا من عام 284 ميلادي وهو العام الذي استشهد فيها الأقباط المسيحيين من طرف الإمبراطور الروماني DIOCLETIANVS واطلقوا عليها “سنة الشهداء” …
أما المناضل الامازيغي عمار نقادي فقد جعل تاريخ وصول القائد الأمازيغي ششناق الى حكم مصر وتأسيسه للأسرة الثانية والعشرين هي نقطة بداية التقومي الأمازيغي الفلاحي القديم الذي سبق ششناق وسبق فرنسا وتاريخ اجدادهم الجولوا ، ويبدو ان فكرة عمار نقادي صائبة وذكية ، فتاريخ ششناق منقوش ومدون بشكل لا يقبل النكران والتزيف فإسمه وارد في لوحة “حور باسن” المحفوظة الآن بمتحف اللوفر والتي أثبتت نسبه الامازيغي ، و كذلك جدار معبد الكرنك الشهير ، كما جاء ذكره في الكتب السماوية على أن الله عاقب وأدب اليهود بتسليط ششناق عليهم ، بعدما عصوا الله، حيث جاء في التوراة أخبار الأيام الثاني، الإصحاح 12 الفقرات 01-12 : ” … وَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلْخَامِسَةِ لِلْمَلِكِ رَحُبْعَامَ صَعِدَ شِيشَقُ مَلِكُ مِصْرَ عَلَى أُورُشَلِيمَ، لِأَنَّهُمْ خَانُوا ٱلرَّبَّ، ٣ بِأَلْفٍ وَمِئَتَيْ مَرْكَبَةٍ وَسِتِّينَ أَلْفَ فَارِسٍ، وَلَمْ يَكُنْ عَدَدٌ لِلشَّعْبِ ٱلَّذِينَ جَاءُوا مَعَهُ مِنْ مِصْرَ: لُوبِيِّينَ وَسُكِّيِّينَ وَكُوشِيِّينَ. ٤ وَأَخَذَ ٱلْمُدُنَ ٱلْحَصِينَةَ ٱلَّتِي لِيَهُوذَا وَأَتَى إِلَى أُورُشَلِيمَ. فَجَاءَ شَمْعِيَا ٱلنَّبِيُّ إِلَى رَحُبْعَامَ وَرُؤَسَاءِ يَهُوذَا ٱلَّذِينَ ٱجْتَمَعُوا فِي أُورُشَلِيمَ مِنْ وَجْهِ شِيشَقَ، وَقَالَ لَهُمْ: «هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: أَنْتُمْ تَرَكْتُمُونِي وَأَنَا أَيْضًا تَرَكْتُكُمْ لِيَدِ شِيشَق.
وجاء الانجيل سفر الملوك الأول 14: ” … {25} وَفِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ لِلْمَلِكِ رَحُبْعَامَ، صَعِدَ شِيشَقُ مَلِكُ مِصْرَ إِلَى أُورُشَلِيمَ،{26} وَأَخَذَ خَزَائِنَ بَيْتِ الرَّبِّ وَخَزَائِنَ بَيْتِ الْمَلِكِ، وَأَخَذَ كُلَّ شَيْءٍ. وَأَخَذَ جَمِيعَ أَتْرَاسِ الذَّهَبِ الَّتِي عَمِلَهَا سُلَيْمَانُ.
ويرجح ان ششناق هو المقصود في القرآن بسورة الإسراء هذا في حالة ما إذا سلمنا بما جاء في التوراة من أن الله عاقب اليهود بأناس أشد بأسا وان القرآن جاء تكملة للكتب السابقة له ، حيث وردت في الآيتين 4 و5 منها : “ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا {4} فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا {5} .
كما أن ششناق كان قائد قبائل المشوش التي كانت تسكن حسب هيردوت غرب نهر تريتونيس Tritonis بتونس وليس على الحدود المصرية الليبية كما يدعي البعض حيث يتفق أغلب المؤرخين على أن الماشوش هم انفسهم المازيغ الذين ذكرهم هيردوت بإسم المازيس Mazyes وهي الصيغة الاغريقية المحرفة لمازيغ . يقول المؤرخ الفرنسي استفيان غزال : ” أن الكثير من العلماء يرون ان الماشوش هم المازيس Mazyes الذين ذكرهم هيردوت أنهم في غرب نهر تريتون (06). أي في الجزائر ،و يقول المؤرخ البريطاني إريك بيتس O .BATES . في كتابه “الليبيون الشرقيون” أن المشواش هم انفسهم الأمازيغ كذلك (07) ، وكذلك المؤرخ الكندي دونالد ريدفورد Donald B. Redford وهو عالم مصريات الذي أكد ان المازيس Mazyes هم انفسهم الماشوش . (08) .



يتبع البقية في الجزء الثاني



https://tafat.net/%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%8A%D8%B1-%D8%B1%D8%A3%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%A7%D8%AD%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D8%B2%D9%8A%D8%BA%D9%8A%D8%A9-%D8%A8/?fbclid=IwAR0RlZH_fQ6nogE0K_Usx8Vrxmh2JKy_GlpLHQj3ZPuQ1LgBtPWnlLpDPYI