شمال إفريقيا فينيقية حقيقة أوخرافة ؟


شمال إفريقيا فينيقية حقيقة أوخرافة ؟ 4064


كما تعلمون أحبائي، أصول سكان شمال إفريقيا كانت محل كثير من النظريات ، من أصول أوروبية إلى مشرقية إلى جنوب صحراوية إلى أن جاء علم الجينات الذي بدأ يوضح لنا الصورة أكثر فأكثر حول أصولنا القديمة .
وعلى الرغم من ذلك فيبقى علم الأركيولوجيا مكمل لعلم الجينات و الذي يحاول إكمال علم الجينات و تفسير هجرات الشعوب.
المشكل هو أنه حتى في العلوم هناك تحيز لفكرة أو لنظرية ما بناءأ على أفكار مسبقة ذو طابع ديني أو حضاري ، وهو عادة في موضوعنا يتمثل في الإعتقاد أن أصول شمال إفريقيا دائما هي المشرق. ونتيجة لهذه الأفكار مسبقة ، يتوجه بحث العلماء في أول وهلة نحو هذا الإتجاه. لكن مع الإكتشافات الأخيرة ، رفات تافوغالت 15000 سنة ، إيفري نعمر موسى7000 سنة، جبل إيرهود 300000 سنة، تغير الوضع و أصبحت نظرية الأصول المحلية تتقوى و الدراسات الأخيرة تضع إحتمال الأصول المحلية من أقوى الإحتمالات،
مثل مشجرة Lazaridis التي تضع النطوفين من أصل شمال إفريقي.
و بالطبع نستطيع أن نتساءل عن مدى صحة المصادر التاريخية مستندين إلى كل ما إكتشف لحد الٱن.
وفي ظل محاولات طمس التاريخ و العناد المجاني الذي يستند فقط على أهواء و ٱماني و أحيانا جهل كلي بتاريخ المنطقة ، سوف أنقل بعض المعطيات و الحقائق التي لا يعلمها الكثير و الهدف ليس تغيير أفكار هؤلاء فنحن في غنى عن إذن منهم أو إعتراف بل الهدف إعلام الأمازيغ بكل ما يخصهم.
الموضوع الذي أريد التكلم عنه هو الوجود الفينيقي في شمال إفريقيا. يصور لنا من خلال التاريخ أن الفينيقين كانوا مسيطرين على شمال إفريقيا بشكل رهيب وأنهم لم يختلطوا مع الأمازيغ و أصلا الأمازيغ كانوا عبيدا لهم.
طيب لنناقش علميا المعطيات و باختصار، زعم أن الفينيقيين على التحور J2 وكنا نربط وجود هذا التحور في شمال إفريقيا بالفينيقيين و لكن بعد ظهور نتائج الرفات سردينيا و إبيزا في إسبانيا ،
نلاحظ عدم وجود رفات على هذا التحور بل أكثر من هذا، الرفات التي إكتشفت في المشرق و التي تعود إلى العصر البرونزي و الحديدي تظهر نسبة قليلة منها على J2 . من هنا نستنتج أن الفينيقيين لم يكونوا على هذا التحور أو على الأقل لا يمثلهم و هذه أول خرافة جينية تظهر.
علما أن أغلب التحورات J1 هي هلالية في شمال إفريقية لحد الٱن ، من حقنا أن نتساءل أين ذهب هؤلآء الفينيقيون و أين ذهبت هذه السيطرة العظيمة ؟
شئ ٱخر لافت هو وجود التحور R1B و Gفي عينات بونيقية مما يدل على تعدد تحورات البونيقيين.
التفسير المنطقي هو إنحلال المهاجرين الٱوائل بسكان شمال إفريقيا الأمازيغ و من هنا تولدت الحضارة البونيقية الي هي عبارة عن خليط كانت فيه السلالة الأبوية للفينيقيين ضعيفة العدد و التأثير لإختفائها الشبه كلي اليوم.


شمال إفريقيا فينيقية حقيقة أوخرافة ؟ 4510


معلومة أخرى،
الفينيقيون كانوا ماهرين في الملاحة البحرية و لم يكن لهم في فينيقيا جيشا بريا و أصلا لم تكن لهم رقعة واسعة فهم لم يتوسعوا برا فكيف توغلوا فجأة في المناطق الداخلية و سيطروا على كل هذه الرقعة بجيش "فينيقي " هذا يتنافى مع كل تاريخهم بحيث كانوا يسطيرون على السواحل فقط و طريقتهم تمثلت في بناء مدن دولة city state و ليس توسع بري. ومن هنا نستنتج أن هذ التغيرليس صدفة بل نتيجة التأثير الأمازيغي حيث أغلب جيش قرطاج هو من الأمازيغ إضافة إلى التحالفات التي كانت موجودة بين قرطاج و الملوك الأمازيغيين ، و لم يقتصر ذلك على الملوك بل أيضا القادة فمثلا أعطى حملقار أب حنبعل يد إبنته للقائد الأمازيغي نارافاس الذي ساهم في شكل كبير في فوز حنبعل في حرب المرتزقة ضد القائد الأمازيغي ماتوس.
ففي كل الصراعات كان هناك أمازيغ مع أو ضد قرطاج ، لأن القرطاجيين لم يكونوا جيشا "وطنيا" و لأنهم إهتموا فقط بالجانب الإقتصادي والتجاري.
أنا لست في صدد سرد مجريات التاريخ لأنها طويلة لكن الذي يهمني هو التأثير الأجيني فقد كان هناك مصاهرات بين أمراء أمازيغ و فينيقيين ، حيث أن الأمراء الأمازيغ أعجبوا بالحضارة الفينيقية و تزوجوا من فينيقيات من الطبقات النبيلة و سموا أبناءهم بأسماء قرطاجية و أصبحت ثقافتهم فينيقية.
شئ ٱخر يجب ذكره و هو الدعارة المقدسة وقد فضل بعض المؤرخون تسميتها بالجنس المقدس بحيث كان معتقد الفينيقيين أن تقديم بناتهم خاصة الطبقة النبيلة كقربان جنسي للغرباء يعتبر تقربا للإله بعل و كسب لمرضاته وبه بركة لخصبة الأرض.و بلا شك لعب ذلك دورا في إختلال التوازن الديموغرافي لقرطاج.
أركيولوجيا الرفات البونيقية المكتشفة تظهر ٱثار واضحة للملامح المشتوية و التي هي خاصية شمال إفريقية بحتة و هذا يعطينا إحتمالين ، إنحلال تام للمهاجرين الفينيقيين في المجتمع الأمازيغي أو لم يكن أي تٱثير جيني للفينيقيين على سكان شمال إفريقيا عامة.
آلطريقة التي إعتمدها الفينيقيون في تسيير إمارتهم و ممتلكاتهم في غرب المتوسط جعلت تأثيرهم الديموغرافي وبالتالي الجيني ضعيف، حيث كان همهم هو الحفاظ على تجارتهم باستعمال جيش جله من المرتزقة مثل هو الحال اليوم في بعض دول و من ناحية أخرى نلاحظ أنه كان إختلاط هؤلاء الفينيقيين مع الحفاظ على ثقافتهم و إبتكآراتهم في ميدان الفلاحة و الملاحة والتي كانت نقاط قوتهم.
فنلاحظ جينيا التكاثر والإنتشار السريع للتحورات الشمال إفريقيا خلال تلك الفترة بسبب إرتفاع كبير للإنتاج الفلاحي لأن الأمراء الأمازيغ الذين تزوجوا من بنات الطبقات النبيلة الفينيقية كانو يعملون بأساليب ماغون الفلاحية ويجبرون رعاياهم بالعمل بها.


شمال إفريقيا فينيقية حقيقة أوخرافة ؟ 4065


فخلاصة القول أن الأثر الجيني للفينيقيين كان ضعيفا على سكان شمال إفريقيا بسبب إختلاطهم بالأمازيغ و أيضا بسبب تأثير الأمازيغ في إزدهار قرطاج حيث أن تعدادهم زاد في الحقبة البونيقية في حين كان الفينيقيون محصورين على عائلات حاكمة بدون قاعدة وطنية.
أحسن دليل هو الإختلاف الجذري في تطور قرطاج و تطور فينيقيا و أيضا في الإنفصال الكلي من طرف قرطاج من كل الإمارات الأم بحيث غلب التأثيرالمحلي .





Sources :
Anthropologie (Partie II) M.-C. Chamla et D. Ferembach
https://journals.openedition.org/encyclopedieberbere/2896
« dominatrice de la contrée » (II, p. 595). ===> sacred prostitution in Carthage
De la prostitution sacrée dans l’Antiquité, et du bon usage de la démonstration en histoire (En écho à Stephanie Lynn BUDIN, The Myth of Sacred Prostitution in Antiquity, Cambridge, University Press, 2008)
D’Astarté à Tanit
Flaubert lecteur de La Déesse Syrienne de Lucien de Samosate
https://journals.openedition.org/flaubert/2233


منقول من صفحة الاستاذSlim Ben
والاستاذ الساسي عابدي يشاطره نفس الطرح