“صيد الكواكب” قد يُصبح هوايتك المُفضلة.. فكيف نتعلم رصد السماء ونتأملها؟

“صيد الكواكب” قد يُصبح هوايتك المُفضلة.. فكيف نتعلم رصد السماء ونتأملها؟ 40643

في عام 2009 وصل لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا بلاغ من أحد الفلكيين الهواة “أنتوني ويسلي” أسترالي الجنسية عن رؤيته لشيء غريب يحدث في النصف الجنوبي لكوكب المشتري أثناء رحلته في صيد الكواكب ورصده الخاص للكوكب؛ الذي اتضح فيما بعد أنه اصطدم به بالفعل نيزك أو مذنب ليبتلعه الغلاف الجوي الكثيف للكوكب ويترك أثرًا واضحًا عليه، يقول العلماء إن اكتشاف أنتوني هو واحد من أهم الاكتشافات التي وصل إليها الفلكيون الهواة في وقتها. في عالم مفتوح كالذي نعيش فيه الآن أصبحت فرصة التواصل بين فئاته أكبر من ذي قبل مما ساعد الجهات المسؤولة في مجال الفضاء أن تتيح الفرصة للجمهور أن يساهموا في اكتشاف الكون يدًا بيد مع العلماء، ليبحثوا سويًا عن الكواكب البعيدة التي لم يصل إليها أحد بعد خاصةً تلك الشبيهة بالأرض، وعن المجرات الغريبة والنجوم والكويكبات، ومن يدري فربما قد تكتشف أنت جرمًا سماويًا ما على مسافة سحيقة من كوكبنا لتتم تسميته باسمك فيما بعد!
الفلكي الهاوي Amateur Astronomer
مصطلح الفلكي الهاوي هو ما يتم إطلاقه على كل من هو هوايته التمتع بالنظر للسماء وملاحظة ورصد أجرامها السماوية سواء كان بعينيه فقط أو باستخدام نظارات معظمة أو تليسكوب بدون دوافع أساسية وراء ذلك كالدراسة أو العمل، فقد يكون هذا الفلكي الهاوي هو طبيب أو مهندس أو فنان أو معلم بالصباح لكنه يجد في سماء الليل شغفه! ستجد في كل مدينة تجمعًا لهؤلاء الفلكيين الهواة ليرصدوا سويًا أهم الأحداث المهمة في السماء على مدار العام كزخات الشهب وخسوف القمر واصطفاف الكواكب ويتشاركوا حب تعلم المزيد عن علم الفلك، يمكنك العثور عليهم في منصات التواصل الاجتماعي كالفيسبوك، فمثلًا مجموعة نادي هواة الفلك بالدلتا هو أحد أهم الروابط الفلكية في مصر.
هل تعجز التقنيات الحديثة في اكتشاف السماء حتى يحتاجوا للهوّاة؟

“صيد الكواكب” قد يُصبح هوايتك المُفضلة.. فكيف نتعلم رصد السماء ونتأملها؟ 40644[img]

حسب تصريحات العلماء تلتقط لنا التليسكوبات آلاف الصور للسماء وللكون الشاسع وكل تلك الصور تحتوي على تفاصيل مهولة قد تُخطئ أنظمة السوفت وير في التعرف على أحد منها وكذلك العلماء لن يسمح وقتهم أن يحللوا كل سنتيمتر في تلك الصور بأنفسهم، ولذلك تم إطلاق بعض المبادرات البحثية التي تستعين بالمتطوعين من كل أنحاء العالم وكل ما يلزمك لتكون منهم هو أن تملك المعرفة لأساسيات علم الفلك فأنت لا تحتاج لكل تلك التفاصيل المعقدة الخاصة بالدراسة.ابدأ أولًا بالتعرف على السماء!“النيتروجين في الحمض النووي، والكالسيوم في أسناننا، والحديد في دمنا، والكربون في فطائر التفاح خاصتنا كلها صُنعت في قلب النجوم المنهارة. نحن مصنوعون من مادة النجوم” كارل ساجانإذًا كفلكي هاوي كيف يمكنك أن تكتشف السماء من حولك وتسبر أغوارها؟ فقط اختر ليلة مظلمة بدون قمر أو مصادر أضواء صناعية كأعمدة الإنارة وأضواء المنازل والسيارات، وصافية بدون غيوم واترك لعينيك بعض الوقت لتعتاد الظلام ثم استمتع بالمشهد من فوقك، عشرات النجوم ستزين تلك المساحة المظلمة في جمال مهيب! بعد أن تستوعب المنظر ابدأ بالتعرف على الكوكبات والكواكب بالاستعانة بأي خريطة سماء متوفرة لديك، وهي عبارة عن مخطط يوضح مواقع النجوم بدقة ولأي كوكبة تنتمي كل منها وكيف تجدها من مكانك، يمكنك أن تطلع على كل النصائح المتعلقة بالرصد من خلال هذا المقال:عندما يكون رصد السماء أكثر من مجرد هواية.. استعد لعطلة الصيف بألوان علم الفلك هذا العام!

“صيد الكواكب” قد يُصبح هوايتك المُفضلة.. فكيف نتعلم رصد السماء ونتأملها؟ 40645

إذا بدأت التمكن من الرصد بالعين المجردة يمكنك بعد ذلك الاستعانة بنظارة معظمة فهي ستوضح لك المشهد أكثر، فستسطيع رؤية تضاريس القمر وبعض المجرات والسدم ولو كنت محظوظًا أكثر فستُمكنك النظارات من رؤية أقمار كوكب المشتري الأربعة. في حال كانت إمكاناتك المادية تسمح لشراء تليسكوب بعد ذلك فسيمنحك تجربة عظيمة لم تشهد مثلها من قبل، بشرط أن تكون تعرفت على السماء جيدًا وقضيت وقتًا طويلًا في رصدها حتى لا تُشوشك الرؤية بالتليسكوب، وإن لم تكن إمكاناتك المادية تسمح فيمكنك صنع واحد خاص بك بالاستعانة بهذا المقال:لمحبي السماء: اصنع تلسكوب في المنزل بمعدات بسيطة وتكاليف منخفضة جدًاالجاهزية التامة لصيد الكواكب!ها أنت ذا جاهز للخطوة التالية، فخريطة السماء أصبحت محفوظة لك أكثر من خريطة منزلك فمع الوقت لن تحتاج للاستعانة بأي مصادر خارجية في الرصد، يمكنك إذًا البدء في مهمتك كصائد للكواكب عن طريق المشاركة في الأبحاث الخاصة بالعلماء للبحث عن الكواكب الخارجية وخاصة تلك الشبيهة بكوكبنا الأم، يوجد أكثر من مشروع في هذا المجال فيمكنك الولوج إليهم عن طريق مواقع إلكترونية يتم فيها عرض صور لمناطق في الفضاء وعليك أن تبحث في تلك الصور على أي دليل يشير لوجود أي كوكب، لا بد وأنك تسأل نفسك: وكيف من المفترض بي أن أعلم كيف أبحث عن كوكب؟! هنا تكمن سهولة العملية، حيث سيتم إمدادك ببيانات بسيطة لا تحتاج لأي خلفيات دراسية وستتبعها من أجل نجاح المهمة.فمثلًا ستجد صورة مزدحمة بنقاط كثيرة جدًا وكل ما عليك فعله هو أن ترصد النقاط التي تتحرك وتميزها عن الساكنة في مكانها، في بعض الصور الأخرى ستجد مخططات للضوء الصادر من إحدى النجوم ومهمتك أن تعرف هل لهذا النجم كوكب يدور حوله أم لا؟ إذا كان هناك كوكب يدور حول هذا النجم فسيتسبب في حجب جزء ضئيل جدًا ولكن قابل للقياس من ضوء النجم الواصل لنا، وبالتالي إذا كان هناك أي دلالة على خفوت الضوء في المخطط فهذا يدل على وجود كوكب وهذا هو ما عليك فعله، أن تُحدد مكان تلك المناطق في المخطط وإذا نجحت في ذلك فأنت إذًا نجحت في اصطياد أول كوكب لك.

“صيد الكواكب” قد يُصبح هوايتك المُفضلة.. فكيف نتعلم رصد السماء ونتأملها؟ 4169

بعض المشاريع البحثية تكمن مهمتها في البحث عن كوكب تاسع في المجموعة الشمسية والبعض الآخر يبحث عن الكويكبات وعن المجرات وعن الأقراص المكونة للكواكب وغيرها، يمكنك أخذ جولة في بعض منهم واختيار ما يجذبك لتبدأ به رحلتك:
Backyard Worlds: Planet 9
Exoplanet Explorers
Planet Hunters TESS
Planet Patrol
Disk Detective
اكتشافات مهمة توصل لها فلكيون هوّاة!

“صيد الكواكب” قد يُصبح هوايتك المُفضلة.. فكيف نتعلم رصد السماء ونتأملها؟ 40648

في عام 2009 تطوع مجموعة من الفلكيين الهواة في أحد مشاريع Galaxy Zoo والتي كانت مهمتهم فيه أن يصنفوا المجرات كلها في مجموعات، وأثناء ذلك اكتشفوا أن عددًا قليلًا جدًا من المجرات -نحو 250 مجرة من مجموع مليون- يملكون نفس الصفات من حيث حجمها الصغير جدًا فهي أصغر بعشر مرات من مجرتنا درب التبانة، كما أن لونها كان أخضر لامعًا ولذلك تم إطلاق تسمية خاصة بها وهي مجرات “البازلاء الخضراء” نظرًا للتشابه بينها وبين البازلاء، واتضح بعد ذلك أنها بالفعل مجرات نادرة جدًا ونشطة جدًا فهي بالرغم من صغر حجمها إلا أن فيها تتكون النجوم بمعدل أسرع بـ 10 مرات عن مجرتنا. تقول كارولين كاردمون الطالبة في جامعة يال وأحد القائمين على هذا الاكتشاف “لم يكن لشخص واحد فقط أن يحقق ذلك، فحتى لو تمكنا من فحص 10,000 صورة كنا سنمر بعدد قليل من مجرات البازلاء الخضراء وسوف لن نعتبرها نوعًا نادرًا من المجرات”.
في عام 2021 تم الإعلان عن أول قمر لكوكب يتم اكتشافه بواسطة فلكي هاوي حيث عثر “كيا لي” على قمر لكوكب المشتري اكتشفه بعد فحصه لعدد من الصور القديمة التي تم التقاطها للمشتري في عام 2003 بواسطة تلسكوب Canada-France-Hawaii Telescope (CFHT) وتلسكوب Subaru، وبالفعل تم تأكيد وجود القمر ولكن لم يتم إطلاق اسم رسمي عليه حتى الآن.
في حين حفزتك تلك الاكتشافات لكي تدرس علم الفلك فعلًا وتتتعمق أكثر في بحاره، فدعني ارشح لك بعض المصادر البسيطة التي ستمهد لك الطريق لذلك والتي ستجدها هنا:



https://www.arageek.com/edu/detect-stars-and-galaxies