العبودية والإحتقار في موريتانيا...وموقف الأمازيغ منه.
=============================
العبودية والإحتقار في موريتانيا...وموقف الأمازيغ منه. 161
مما لاشك أن العبودية مفهوم قديم رافق الجنس البشري منذ عصور،وليس وليد اليوم ولم يكن مرتبط بجدلية (الأبيض/الاسود) ،بل اتخذ ذلك المنحى نتيجة ظهور نزعة الاستعمار والإيديولوجيا الدينية الموروثة من المسلمين ...
العبودية قبل كل شيء هي استعباد إنسان لآخر وحرمانه من كينونته البشرية،بغض النظر عن لونه وعرقه اسودا كان أم أبيضا أو أصفرا أو أحمرا . الخ و كافة المجموعات البشرية مارست العبودية بدون أدنى شك ...
فالانسان الأبيض مارس صنوف العبودية في حق إخوانه من البيض وفي حق إخوانه من السود على مر العصور وعبر الزمان والمكان،وكذلك الإنسان الأسود مارس بعضهم العبودية على بعض ،نتيجة الغطرسة البشرية وأنانيتها وحبها للتملك والسيطرة كلما توفرت لها الوسائل المسيطرة على الآخر.
من هذا المنطلق،لاشك أن أجدادنا الأمازيغ الجرمنتيون(سادة الصحراء) ،مارسوا أيضا هذه الظاهرة على إخوانهم السود جنوب الصحراء منذ عصور غابرة،ونسشف هذا من أحاديث هيرودوتس الذي قال عنهم أنهم(الوحيدون القادرون على اختراق الصحراء بعرباتهم لمطاردة الإثيوبيين) أي السود وممارسة الإستعباد في حقهم،وإذ نذكر بهذا ليس افتخار منا بهذا السلوك المشين ،والذي لم يكن مختصا بالأمازيغ،بل مارسه العرب واللاتينيون والجنس الأصفر والسود مارسوه هم أيضا في حق بعضهم البعض،وكما أسلفنا فهو ليس سلوكا خاصة بلون معين بل مرتبط بثقافة السيطرة على الآخر وفقط...
لكن مع الوقت اتخذت الظاهرة أبعاد أخرى دينية وثقافية واجتماعية وغيرها،نتيجة ظهور نزعة تفوق العنصر الأبيض وشرعنة الاستعباد بواسطة الموروث الديني الإسلامي،الذي مازالت موريتانيا تعيش تداعياته على المستوى الاجتماعي،الثقافي ،السياسي والاقتصادي...
إن إنكار وجود العبودية و الإحتقار تجاه الانسان الاسود في موريتانيا لإثم عظيم،فالظاهرة مازالت في الموروث الثقافي والاجتماعي،لم يستطع بعد التخلص منها،ولم تستطيع الدولة المورتانية ورغم بعض القوانين المجرمة للإستعباد،الضرب بيد من حديد،لمن يمارسونها ومن يشرعنونها "دينيا" من الفقهاء الذين يحترمون وراء الكتب الفقهية .
فبدل أن تضع الدولة الموريتانية ذات الغالبية البيضاني حدا لهذه الجريمة ومعاقبة من يشرعنونها او من يمارسونها،لجأت إلى صناعة نخبة حرطانية موالية متقبلة نوعا ما للظاهرة،في تحالف عجيب للنخبة المثقفة البيضانية-الحرطانية التي تميل إلى السيطرة على المكونات البيضانية-الزنجية الأقل شأنا (زناگة،لمعلمين،إكاون...الخ) وهذا عمق إيجاد توافق اجتماعي مورتاني حول الظاهرة،نتيجة تداخل المصالح بين المنطق الديني القبلي والاجتماعي للمجموعة الحاكمة وزمرتها الايديولوجية من فقهاء ،زعماء سياسيين،قبليين،زعماء حراطن...الخ.
إننا كأمازيغ أحرار اليوم،ونحن في القرن 21,عصر الديموقراطية وحقوق الانسان واستناد إلى مبادئ ديننا الإسلامي في تحرر الإنسان كما قال عمر ابن الخطاب (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار) ،واستنادا للحديث النبوي(لافرق بين عربي ولا عجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى)، واستنادا كذلك إلى مبادئ حقوق الإنسان العالمي،لايمكننا إلا رفض العبودية بكافة أشكاله وتحت أي ذريعة،ونجد اليوم أي تبرير ديني لها في مورتانيا سواء من بني جلدتنا البربر أو العرب أي (البيضان) ،جريمة يجب أن يعاقب عليها القانون،ولايشرف الأمازيغ كل من يمارس هذه الظاهرة في حق الانسان المورتاني ،ونعتبر الموروث الديني والثقافي المتوارث عن القبائل الصنهاجية الأمازيغية في هذا الشأن تخلف مثله مثل تخلف الإنتساب للعرب زورا.
إن أول مرحلة نقترحها نحن كأمازيغ للتعايش الحقيقي بين أبناء مورتانيا هو الصراحة والشجاعة في مناقشة الطابوهات بدون أي عقدة،وأول مطالبنا هي تجريم استعمال مصطلح(البيضان) وهي أول كلمة عنصرية تؤكد أن رواسب العنصرية مازالت سارية المفعول،فلا يمكن محاربة التمييز العرقي والدولة ومؤسساتها الثقافية،الدينية والإعلاميةوالمجتمع يمجد مصطلح تمييزي بين مكونات مورتانيا على أساس اللون الأبيض .
تغيير هذا المصطلح (البيضان) ،وجب أن يكون أولى خطوات إقامة دولة مورتانية ديموقراطية،تخرج من عمق زجاجة التاريخ المظلم الذي لم يظلم فقط السود بل ظلم أيضا الأمازيغ في جانبهم الثقافي والهوياتي واللغوي،حيث رسخت العقلية الدينية المشرقية باسم الدين ،كل الآثام،سواء شرعنة ملكية العبيد،أو شرعنة الانتساب للعرب وشرعنة التنكر لنسب الأجداد.
التسمية الجامعة للشعب الموريتاني هي(الموريتانيون) ،وليس" البيضان" المؤسس على خلفية عرقية تنحاز للأبيض الحاكم ،فلن يتقبل موريتاني واحد وصف الموريتانيين ب(الكحلان) أبدا لو طلب به السود.
نحن كأمازيغ دائما وكأحفاد المرابطين المتحررين من قيود التراث والرواسب الدينية السلبية،نجدد رفضنا لاي شكل من أشكال استعباد أو احتقار الانسان الموريتاني مهما يكن ژناگيا،عربيا،أو زنجيا من أي طرف كان،وعلى المثقفين المساهمة في كسر الطابوهات،والتخلص من الموروث الثقافي والاجتماعي الذي يحتقر الانسان وينقص من قيمته ،ووحب على الدولة تسخير أدواتها الإعلامية ومؤسساتها الدينية للتخلص من الكم الهائل من التراث الديني الفقهي والثقافي الذي يشجع على التمييز العرقي و النيل من كرامة الإنسان.
من أجل مورتانيا ديموقراطية متنوعة الهوية ومتعددة الأعراق ومن أجل دستور عادل وضامن الحريات والكرامة تجب القطيعة مع التراث الديني والثقافي القبلي السلبي ،وإنصاف المكونات ولغاتها وثقافتها والانفتاح عليها خاصة المكون الژناكي الأمازيغي والسود ونشر ثقافة التسامح والتعايش.
لا مشكلة لدينا نحن الأمازيغ أن يحكم مورتانيا رئيس أسود ديموقراطي يعمل على اجتثاث كل موروث ثقافي يمس كرامة الإنسان المورتاني وينفتح على الهوية الأمازيغية المورتانية ببعدها اللغوي والثقافي كهوية وطنية مورتانية أصيلة.
التعايش ليس مجرد شعار،بل وجب أن يتحول إلى أفعال شجاعة على أرض الواقع،ولولا شجاعة السود في أمريكا لما أصبحت الولايات المتحدة ديموقراطية ولولا شجاعة الأمازيغ لطمست هويتهم الأمازيغية في شمال إفريقيا إلى الأبد.
الموروث الذي لا ينتقذ (بضم الياء) ،ولا يحترم كرامة الإنسان يجب رميه إلى مزبلة التاريخ....


بقلم aghilas n saghro