هل الكركم يرفع الضغط؟
 هل الكركم يرفع الضغط؟ 2578
يعتَبر الكُركُم أحد التوابل الأكثر استخدامًا في المطابخ العالمية، إلى جانب كونه أيضًا غنيًا بمضادات الأكسدة. وبينما يزيد عدد المُصابين بارتفاع ضغط الدم في العالم على واحد من بين كل 5 بالغين، وهو ما يتسبّب في نحو نصف جميع الوفيات الناجمة عن السكتات الدماغية وأمراض القلب، تزداد الحاجة لإجابات دقيقة حول تأثير النظام الغذائي ومكوناته على ضغط الدم، فهل الكركم يرفع الضغط؟ وما هي أبرز فوائد الكُركُم؟
 
ما هو الكُركُم؟
نظرًا لكونه كالعديد من التوابل، فإن للكُركُم تاريخٌ طويلٌ من الاستخدام في الطب التقليدي، حيث يُستخرج الكُركُم بشكل أساسي من جذور نبات مُزهر، ينتشر في الهند وإندونيسيا ويعرف علميًا باسم كركوما لونجا (Curcuma longa). يتكون الكُركُم بشكل أساسي من الكربوهيدرات، ومعظمها من النشا والألياف. وبالإضافة إلى ذلك، مثله مثل جميع التوابل، يحتوي الكُركُم على العديد من المركبات النباتية والعناصر الغذائية، وهذه المساحيق غنية بالكُركُمينويدات (Curcuminoids)، وهي المركبات المسؤولة عن اللون البرتقالي المائل للأصفر المميز للكركم.
الكركم عنصر أساسي في الكاري الهندي، ويُوصف طعمه بالحار والمُر بعض الشيء. ومن أكثر أنواع الكركمينويد التي تمت دراستها على نطاق واسع هو الكُركُمين، والذي قد يشكل حوالي 3٪ من الكُركُم، بالإضافة إلى ذلك، تحتوي مساحيق الكركم أو الكركمين التجارية عادةً على مواد مضافة، وتشمل هذه المواد ثاني أكسيد السيليكون، وهو عامل مضاد للتكتل يمنع تكتّل حبيبات الكركم مع بعضها.
ما هو الكُركُمين (Curcumin)؟
يعتبر الكُركُمين المُكوّن النّشط الأساسي في الكُركُم، والذي يُعطي التوابل لونها الأصفر أو البرتقالي المميز. وفي الواقع، يمكنك الاعتماد على الكُركُمين كمُركب مسؤول عن معظم الفوائد الصحية المُحتملة للكُركُم، فالكُركُمين هو أحد مضادات الأكسدة الطبيعية التي لها فوائد مضادة للالتهابات، بالإضافة إلى الفوائد المحتملة المتعلقة بإبطاء عملية الشيخوخة والوقاية من مرض الزهايمر واحتمال الإصابة بالاكتئاب.
 
هل الكركم يرفع الضغط؟
يرتبط ارتفاع ضغط الدم ارتباطًا وثيقًا بوظيفة البطانة التي تتحكم في انقباض واسترخاء الأوعية الدموية والقلب، وقد أظهرت الدراسات أن مضادات الأكسدة كالكركمين قادرة على استعادة التوازن البطاني. على سبيل المثال، ذكرت دراسة على مرض السكري أنّ الذين تناولوا 150 ملغم من الكركمين مرتين يوميًا لمدة 8 أسابيع، اكتشفوا أن الكُركمين يقلل من وجود السيتوكينات الالتهابية ويقلل من الإجهاد التأكسدي، ووجدت دراسة أخرى أن الكركم قد يحسن تدهور الجهاز البطاني الناجم عن الشيخوخة، ويثبّت ضغط الدم لدى النساء بعد انقطاع الطمث، وحتى أنّ البالغين الأصحاء أظهروا تحسناً في وظيفة البطانة عند تناول 200 ملغ من الكركمين يوميًا. كما أنّ هناك الكثير من الدراسات التي تؤكد فوائد الكركم لعلاج ارتفاع ضغط الدم، حيث تتراوح الجُرعات المستخدمة في الدراسات من 66 ملغم من الكركمين يوميًا إلى 2000 ملغم يوميًا، وكانت جميعها مفيدة. لكن الجرعة الجيدة من حبوب الكُركُم هي من حبة إلى 3 حبات يوميًا، حيث تقدم معظم حبوب الكركم من 200 ملغم إلى 500 ملغم من الكركمين، والتي يبدو أنها جرعة جيدة من الكركمين لعلاج ارتفاع ضغط الدم.
 
فوائد الكُركُم
على الرغم من أنّ الكُركُم يستخدم كصبغة توابل وطعام، مما يضيف نكهةً ولونًا للطعام والتوابل، لكن تم استهلاكه أيضًا لفوائده الصحية، وكلها تُعزى إلى الكُركمين، ذلك المكون النشط الرئيسي، فمُكمّلات الكركمين التي يمكن اعتبارها فوائد الكركم تتلخص بالتالي:
    انخفاض الالتهاب
الكركمين مضاد قوي للالتهابات، وفي الواقع، إنه قوي جدًا لدرجة أنه يُضاهي فعالية بعض الأدوية المضادة للالتهابات دون آثار جانبية تُذكر، حيث إنه يحجب NF-kB، وهو جزيء ينتقل إلى نوى الخلايا ويقوم بالاتحاد مع الجينات المرتبطة بالالتهاب، ويُعتقد أن NF-kB يلعب دورًا رئيسيًا في العديد من الأمراض. ودون الخوض في التفاصيل، فإن الأبحاث أثبتت أنّ الكركمين مادة نشطة بيولوجيًا تحارب الالتهاب على المستوى الجزيئي.
    مضادات الأكسدة المحسنة
يُعتقد أن الضرر التأكسدي هو أحد الآليات الكامنة وراء الشيخوخة والعديد من الأمراض، ويعود السبب الرئيسي لفائدة مضادات الأكسدة هو أنها تحمي جسمك من الجذور الحرة، والكركمين هو أحد مضادات الأكسدة القوية التي يمكن أن تحيّد الجذور الحرة بسبب تركيبتها الكيميائية. بالإضافة إلى ذلك، يعزز الكركمين نشاط إنزيمات الجسم المضادة للأكسدة، وبهذه الطريقة، يقدم الكركمين لكمة واحدة أو اثنتين ضد الجذور الحرة، حيث إنه يمنعها مباشرة، ثم يحفز دفاعات الجسم المضادة للأكسدة.
    تحسين وظيفة الأوعية الدموية
تشير الدراسات إلى أن مكملات الكركمين قد تعزز تمدد الأوعية الدموية، وتزيد من تدفق الدم وتقلل من ضغطه.
    تقليل مخاطر النوبات القلبية
قد تقلل الكركمينويدات أيضًا من خطر الإصابة بالنوبات القلبية، ربما من خلال آثارها المضادة للالتهابات.
أعراض فرط استعمال الكُركُم
بالرغم من الفوائد الصحية الجمّة للكُركُم، إلا أنّه بفرط استخدامه بكميات كبيرة، قد تعاني نسبة صغيرة من الأشخاص من بعض الآثار الجانبية الخفيفة، وقد تشمل هذه الآثار:
    مشاكل في الجهاز الهضمي
 قد يعاني الناس من مشاكل هضمية خفيفة مثل الانتفاخ وارتجاع الحمض وانتفاخ البطن والإسهال إذا تم استهلاك الكركم بجرعات يومية تزيد عن 1000 ملغم.
    الصداع والغثيان
قد تسبب الجرعات التي تبلغ 450 ملغم  من الكركم أو أكثر صداعًا وغثيانًا لدى عدد قليل من الأشخاص.
    الطفح الجلدي
فقد أبلغ العديد من الأشخاص عن ظهور طفح جلدي بعد تناول جرعة 8000 ملغم من الكركمين أو أكثر، ولكن يبدو أن هذا الأثر هو أحد الآثار النادرة جدًا.
ما الكمية المناسبة لتناول الكُركُم؟
لا توجد توصيات رسمية لتناول الكركم، ولم يتم تحديد الحد الأقصى المسموح به منه. ومع ذلك، كقاعدة عامة، يجب ألا تتجاوز توصيات الجرعة التي تجدها على ملصقات التوابل. ومن ناحية أخرى، هناك بعض الإرشادات الرسمية لتناول الكركمين، فقد حددت لجنة الخبراء المشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية بشأن المضافات الغذائية (JECFA)، المدخول الغذائي المقبول من الكركم على أنه 3 ملغم لكل كيلوغرام من وزن الجسم يوميًا، فبالنسبة لرجل يبلغ وزنه 80 كغم، فإن هذا يُترجم إلى 240 ملغم من الكركم يوميًا.

هل الكركم يخفض السكر؟
هذا صحيح، الكركم يخفض السكر بالفعل. فقد توصل علماء وباحثون إلى عدد كبير من فوائد الكركم، من بينها أن الكركم يخفض السكر في الدم. ويعتبر ارتفاع السكر في الدم أحد النتائج المباشرة المترتبة على الإصابة بمرض السكر بأنواعه المختلفة. هذا بالإضافة إلى عدد من المضاعفات الأخرى طويلة المدى.
يُعتبر الكركم من النباتات الواعدة من الناحية الطبية، ولا يُعتبر استخدام الكركم للأغراض الطبية أمرًا محصورًا بالطب التقليدي فقط. فقد تم إجراء العديد من الدراسات العلمية التي تهدف إلى اكتشاف أهمية وفوائد الكركم الطبية، من أجل الاستفادة منه في نطاق الطب الحديث، وقد اتضح أن للكركم مجموعة من التأثيرات الإيجابية فيما يخص مرض السكر، من بينها أن الكركم يخفض السكر في الدم، لكنها ليست الفائدة الوحيدة التي يُمكن أن يقدمها الكركم لمرضى السكر.
قام العلماء بإجراء مراجعة لمجموعة من الدراسات التي تناولت الكركم والنتائج التي توصلت إليها تلك الدراسات، بهدف الربط بينها، وإيضاح تأثير الكركم على مرض السكر تحديدًا. فيما يلي تلخيص لأهم النتائج التي توصل إليها العلماء من خلال تلك المراجعة:
    الكركم يخفض السكر: ارتفاع السكر في الدم هو النتيجة الرئيسية لمرض السكر في حال لم يَكُن المرض تحت السيطرة. وبشكل رئيسي، يحدث ارتفاع السكر إذا كان إنتاج الجسم من الأنسولين غير كافٍ، أو إذا كان هُناك كمية كافية من الأنسولين إلا أن الجسم غير قادر على توظيفها بالشكل المطلوب. وتُشير نتائج الدراسة المذكورة أعلاه إلى أن الكركم يخفض السكر، بالرغم من أنه لا زال هُناك حاجة لإجراء المزيد من الدراسات والأبحاث في هذا المجال.
    الكركم يخفض الدهون: ارتفاع الدهون في الدم هو أحد الحالات الطبية المُرتبطة بمرض السكر، حيث يُعتبر الأشخاص المُصابون بالسكر أكثر عُرضةً للإصابة بارتفاع الدهون في الدم. ومن المعروف أن ارتفاع الدهون في الدم بدوره مُرتبط بعدد من الأمراض الخطيرة مثل أمراض القلب والشرايين والجلطات. وقد تبين أن الكركم يُمكن أن يعمل على خفض الدهون في الدم.
    الكركم يُكافح مقاومة الأنسولين: يُشير مُصطلح مقاومة الأنسولين إلى حالة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمرض السكري وكذلك بارتفاع السكر في الدم. والذي يحدث عند الإصابة بمقاومة الأنسولين هو أن البنكرياس يقوم بمهمته فعلًا وهي إنتاج الأنسولين، إلاّ أن الخلايا تكون غير قادرة على استخدام ذلك الأنسولين من أجل تحويل الجلوكوز الموجود في الدم إلى طاقة. وقد اتضح أن الكركم يخفض السكر كما أنه يكافح مقاومة الأنسولين، مما يعني أن الكركم يمكن استخدامه للسيطرة على مرض السكر والمضاعفات الناتجة عنه.
إضافةً إلى ما سبق، يُمكن للكركم أن يُعطي نتائج إيجابية للسيطرة على عدد من المُضاعفات الأخرى لمرض السكر والتي يُمكن أن تحدث على المدى البعيد، مثل اعتلال الكلية (Nephropathy) وكذلك اعتلال الشبكية السكري، وهو أحد أمراض شبكية العين الذي ينتج عن الإصابة بمرض السكري.
الكركم والضغط
هُناك رابط قوي بين الكركم والضغط تم إثباته من خلال عدد من الأبحاث والدراسات التي تناولت الكركم، من أجل اكتشاف خصائصه العلاجية، وكذلك إثبات صحة الفوائد الطبية للكركم، والتي جعلت منه أحد النباتات الهامة في الطب الشعبي أو الطب البديل. والحقيقة أنه يجب التفكير جيدًا في الرابط بين الكركم والضغط. إذ أن اعتبار الكركم مُجرد نبات يُمكن أن يؤدي إلى خفض ضغط الدم وبالتالي الإفراط في تناوله، يُمكن أن ينطوي على عدد من الآثار الجانبية التي تتفاوت في خطورتها، وخصوصًا بالنسبة للأشخاص المُصابون بمرض ارتفاع ضغط الدم.
العلاقة بين الكركم والضغط يُمكن تلخيصها في حقيقة أن الكركم يُمكن أن يعمل على خفض ضغط الدم، وتحديدًا ضغط الدم الانقباضي (Systolic blood pressure). وهو الرقم العُلوي عند كتابة ضغط الدم في صورة بسط ومقام، والذي يبلغ متوسط قيمته الطبيعية 120 mm Hg. هذه حقيقة علمية توصلت إليها مجموعة من الأبحاث، وقد تم إجراء مراجعة علمية وتحليلية لنتائج أحد عشر دراسة حول الكركم والضغط، وتوصل القائمون على تلك المراجعة إلى أن الكركم يُمكن أن يخفض ضغط الدم الانقباضي بالفعل. إلاّ أن هُناك بعض المُلاحظات حول إمكانية وكيفية استخدام الكركم للضغط العالي.
كيف يُمكن استخدام الكركم للضغط العالي؟
من أهم الملاحظات التي تم تسجيلها حول إمكانية استخدام الكركم للضغط العالي هي حقيقة أن مؤشر التوافر الحيوي للكركم يُعتبر مُتدنيًا نسبيًا. والتوافر الحيوي (Oral bioavailability) هو مصطلح في علم الصيدلة والتصنيع الدوائي يُعبر عن الكمية الفعلية من جُرعة الدواء التي تصل إلى العضو المُستهدف بالعلاج، وبالتالي يستفيد المريض فعليًا منها. بعبارة أخرى، الكمية التي يستفيد الجسم منها فعليًا عند تناول الكركم للضغط العالي، تُمثل جُزءًا بسيطًا من كمية الكركم التي تم تناولها. وهو الأمر الذي يُشكل أحد العقبات أمام شركات الأدوية، فيما يخص تصنيع الكركم كدواء للضغط العالي.
بالإضافة إلى ما سبق، هناك بعض التحذيرات حول استخدام الكركم للضغط العالي سواء في صورته الطبيعية، أو في صورة مسحوق يُضاف للطعام كأحد أنواع البهارات، أو حتى في صورة مُمكلات غذائية. من بين هذه التحذيرات:
    يُمكن للكركم أن يؤدي إلى خفض ضغط الدم، كما يُمكن أن يُؤدي إلى خفض السكر في الدم، مما يعني أن المرضى الذين يتناولون أدوية ضغط أو أدوية سكر، يجب عليهم التعامل بحذر مع الكركم، واستشارة الطبيب قبل استخدام الكركم للضغط العالي. وذلك لتفادي التداخل بين تأثير الكركم وتأثير الأدوية التي تم وصفها لهم من قبل الطبيب.
    يُمكن للكركم أن يؤثر على عملية تجلط الدم، لذا يُنصح أيضًا باستشارة الطبيب قبل استخدام الكركم للضغط العالي في حال كان المريض سيخضع لعملية جراحية في وقتٍ قريب.
    يُمكن للكركم أن يؤثر على طريقة عمل بعض الأدوية في الجسم، وعلى رأسها أدوية الضغط بطبيعة الحال، وقد يؤدي هذا التأثير إلى زيادة تركيز المواد الفعالة في أدوية الضغط في الدم، مما يرفع احتمال التعرض للأعراض الجانبية التي يُسببها الدواء.
بالرغم من الفوائد الطبية للكركم وخصوصًا للضغط العالي، والنتائج الإيجابية للدراسات التي تناولته، إلا أنه يجب استشارة الطبيب قبل استخدام الكركم للضغط العالي والالتزام بما يوصي به، سواء كان استخدامه بكمية قليلة أو الامتناع عن استخدامه تمامًا والاكتفاء بالأدوية الموصوفة.
 
 
https://misbar.com/qna/2020/10/12/%D9%87%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%83%D9%85-%D9%8A%D8%B1%D9%81%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%BA%D8%B7?fbclid=IwAR2u-7DwLnsVjHN8-iBroyds8A9o63RX37wNEseJ7BnmJlCHU6t5gSdRykw