التحالف الأوربي ضد مراد - معركة كوسوفو - استشهاد السلطان مراد
التحالف الأوربي ضد مراد - معركة كوسوفو - استشهاد السلطان مراد 2114
ملخص الفقرة السابقة
استطاع مراد الأول أن يخطو بالدولـة خـطـوات واسعة إلى الأمام موطداً نفوذها السياسي في الأناضول وفي أوروبا ؛ فوحد الإمارات التركمانية غربي ووسط الأناضول تحت قيادته ، وساس شئون الدولة بحكمة مستفيداً من التطورات السياسية التي كانت تمر بها بيزنطـة وممالك البلقان .
فقد كانت الإمبراطورية البيزنطية ومملكة البلغـار في طـور الإنهيار . أمـا إمبراطورية صربيا فقد تمزقـت عقـب موتـه (1355م/756هـ)  ، وبينما كان الأمراء اللاتين في اليونان والمورة قد ضعفوا نتيجة لنزاعاتهم الداخلية ، لم يستطع اليونان والبنادقة والجنويون وأمراء رودس توحيد قواهم لمواجهة الزحف العثمـاني .
وفي ظل محاولات ملك المجر الكاثوليكي ليوش(لاوش) نشر مذهبه بالقوة بين سكان البلقـان الأرثوذكس، تمكن العثمانيون باحترامهم لحرية اعتناق الدين وبتطبيق مبادئ الإسـلام السمحة بين الأهالي ؛ تمكنوا من فتح مدن وقلاع البلقان دون أية مقاومة تذكر مـن الأهالي المحليين .
(* د.السيد محمد السيد محمود، تاريخ الدولة العثمانية النشأة والإزدهار ص 99)
تمكن مراد من فتح "أدرنه" عام (1361م/ 762 هـ) و اتخذها  مقراً لحكمه وقاعدة عسكرية إعلانا لرغبته في مد فتوحاته في البلقان ، و الإلتفاف حول ببيزنطة .
وانطلاقاً من أدرنه راحت القوات العثمانية تتقدم في تراقيا خطوة خطوة ، حتي ديمتوقة ؛ ومن هناك أصدر مراد غازي الأمر إلى لالا شاهين بالتوجه إلي "فيليبه" و"زغره" فاجتاز نهر مريج نحو الغرب وفتحهما ، وأمر أورانوس بك بالتوجه إلي تراقيا الغربية ، فسيطر علـي كوملجينـه (1363م/764 هـ) .
وبذلك ، قطعت العلاقة بين البيزنطيين والصرب ؛ وأجبر إمبراطور بيزنطه يوانيس الخامس على الاعترف بالفتوحات العثمانية في البلقان وتعهـد بعدم تحريض أمراء البلقان ضد الدولة العثمانية ، وتقـديم المساعدات للعثمانيين .
دعا بابا روما أوربانوس الخامس ، المسيحيين إلى حملة صليبية كبرى ضد (الأتراك الكفرة )   شارك فيها أمراء قبرص واتحد ملوك المجر و صربيا والبوسنة مع أمير رومانيا (أفلاق) ، واقتربوا إلى مسافة عدة كيلو مترات من أدرنة .(*انظر يلماز أوزتونا ص 98 ومحمد السيد محمود ص 100 )
وقد استطاعت الدول الأعضاء في التحالف الصليبي أن تحشد جيشاً بلغ عدده ستين ألف جندي تصدى لهم القائد العثماني " لالاشاهين " بقوة تقل عدداً عن القوات المتحالفة، وقابلهم على مقربة من "تشيرمن" على نهر مارتيزا، حيث وقعت معركة مروعة وانهزم الجيش المتحالف، وهرب الأميران الصربيان، ولكنهما غرقا في نهر مارتيزا ، ونجا ملك المجر بأعجوبة من الموت....
 أما السلطان مراد فكان في هذه الأثناء مشتغلاً بالقتال في بلاد آسيا الصغرى حيث فتح عدة مدن ثم عاد الى مقر سلطنته لتنظيم ما فتحه من الأقاليم والبلدان كما هو شأن القائد الحكيم   ....
(انظر: محمد فريد تاريخ الدولة العثمانية العلية، ص131. )
وأصبحت مدن وأملاك الدولة البيزنطية وبلغاريا وصربيا تتساقط في أيديهم كأوراق الخريف .   ..
(*انظر اسماعيل باغي الدولة العثمانية في التاريخ الاسلامي الحديث ، ص37.)
لقد أجبرت الفتوحـات العثمانيـة في الأراضي البلغارية أمير البلغار إيفان شيشمان علي عقد إتفاق مع العثمانيين يقضي بفرض الحماية العثمانية علي المناطق المفتوحة ، ودفع الخراج السنوي علي أراضيها ، وتزويج.أخته ماريا لمراد غازي  ( 1370م /769 هـ ) .
ولكن أمير البلغار إيفان خرج علي هذا الإتفاق وتحالف مع أخيه أمير "الصرب و وقاشين" في العام التالي ، و تحركا معاً صوب أدرنه في (سبتمبر 1371م/ صفر 773 هـ) ..
وهناك نشبت معركة ماريتسا Battle of Maritsa أو تشرنومن Battle of Chernomen ‏؛ بالتركية: Çirmen جيرمن .   على ضفاف نهر ماريتسا حيث تمكن مراد الأول من إيقاع هزيمة شديدة بهذا الحلف علي سواحل نهر مريج حيث قتل الأمير الصربي وأخوته في أرض المعركة ، وفتحت أبواب مقدونيا وبلاد الصـرب واليونان أمام الجيوش العثمانية ، وأعلن الكثير من أمراء الصرب التبعية للعثمانيين بشرط دفع الخراج للخزينة العثمانية .
وراحت القوات العثمانية تزحف علي طول نهر "واردار"  لم يوقفهـا شئ ، في شن الهجمات علي غربي شبه جزيرة البلقان . فأجبر  "لازار"  حاكم الصرب العليا وأمراء الصرب الآخرين علي التفاهم مع العثمانيين أيضاً (1372م/761هـ) .
انشغلت الأسرات التركمانية الأخرى الحاكمة في البلقان بنزاعاتها الداخلية في الفترة (1376م /778 هـ) - (1381م/ 783هـ) بينما كانت الإمارة العثمانية تقوي وحدتها الداخلية و تضم المزيد من الأراضي في الروملي فتحولت إلى دولة صاعدة قوية .
و فى عام 1382م ، اعترفت إمارة حميد بالسيادة العثمانية عليها ، وفي السنة التالية اعترفت أيضا إمارة جاندار بالسيادة العثمانية ، وأعقب هؤلاء أمير آماسيا في 1385م .
كانت قره مان تعتمد على مساندة مملكة قبرص اللاتينية و سلطنة مصر المملوكية ولكن عندما عقدت معاهدة صداقة بين السلطانين العثماني والمملوكي في 1368م ، حرمت قره مان من المساندة المملوكية ؛ ورغم ذلك تجاسرت على احتلال بك شهرى التي أخذتها من إمارة حميد العثمانية .
وسار السلطان مراد إلى قرة مان بـسبعين ألف جندی ، وبمناورة عسكرية خاطفة أجراها ولى العهد الشهزاده بايزيد  انهزم القرمانيين بسرعة البرق وشتت الجيش القرة مانى و ذهبت ( نفيسة ملك سلطان خاتون) زوجة قره مان أوغلو علاء الدين بك ، إلى أبيها السلطان مراد وانكبت على قدميه طالبة العفو عن زوجها . وقد  أكسبت هذه المناورة بايزيد  لقب « يلدرم » أي البرق أو الصاعقة . وجاء قره مان أوغلو وقبل يد أبى زوجته مراد ، فعفا عنه .. (*يلماز أوزتونا ص 99 - 100)
كان خروج إلياس ابن حميد على علاء الدين بن قرمان ،من أولي نتائج الإخفاق القرماني في حملة جورجورس  ، حيث إضطر الأمير إلياس لطلب المساعدة من مراد بن عثمان ، وسليمان بن كيرميان .
ولما تولي حسين بك محل أبيـه إلياس آثر الدخول في حماية العثمانيين لمواجهة القرمانيين ،  وتقدم إبن السلطان مراد الأكبر بايزيد للزواج من إبنة سليمان أمير گيرميان " دولت خاتون " ، فقام الأخير بالتنازل عن مدن كوتاهية وطاوشـاني" و"أكري ياوز" و"سيماو" للعثمانيين كمهر لإبنته (1378م/780 هـ) .
وهكذا استطاع مراد ضم جميع المدن التي كانت تقع غربي إمارة أبناء قرمان ، حيث صارت أراضيهم تجاور ممتلكات هذه الإمارة التركمانية من ناحية الشمال والغرب .
و كان توسع العثمانيين في وسط الأناضول علي حساب إمارتي أبناء كيرميان وأبناء حميد علي هذا النحو سبباً في ظهور الشقاق بين العثمانيين والقرمانيين.
و سعى علاء الدين علي بك إبن قره مان لتشكيل جبهة أناضولية ضد العثمانيين ، فاتفق مـع حميد أوغلو كمال الدين حسين بك لإستعادة الأراضي التي تنازل عنها لمـــراد غــازي
مستفيداً من انشغال العثمانيين في الروميلي ، حيث قام بالإستيلاء علي "بكشهر" وبعض المناطق المحيطة بها ( 1386م/788 هـ ) .
وعلي أثر هذه التطورات ، أسرع مراد غازي بالإستعداد للتوجه للأناضـول ، ولما تأكد أمير قرمان بأنه لا طاقة له بجيش مراد، أرسل إليه يعرض عليه السلام . إلا أن مراد رد طلبه متجاوزاً بجيشه حدود قرمان ، حيث وقع صدام شديد بين الطرفين أمام قونية انتهي بهزيمة علـي بك عند موضع يقال له " فرنك ياريسي" وفراره ملتجأ إلي قلعة قونية .
وإذا كانـت القوات العثمانية قد قامت بحصار علي بك لفترة طويلة ، إلا أنها رفعت الحصار عنه بعد أن شفعت له زوجته :
"نفيسة سلطان" إبنة مراد ، حيث وقع بين الطرفين معاهدة صلح عام (1378م/ 789 هـ ).
والحقيقة أن اضطراب الأوضاع في الروميلي ، ورغبة مراد في الإنتقال بجيشه إلي الطرف الأوروبي ، كان هو الدافع الحقيقي لقبول العثمـانيين لهـذا الصلح ..
وقد إعتبر المؤرخون هذه المواجهة بمثابة إعلان قوي عن الوجود العثماني في الأناضول .
 (*محمد السيد محمود المرجع السابق ص١٠٣ - ١٠٨)
برجاء عدم النسخ لأنه سيحذف ويعرضك للمساءلة فهذا منشور خاص بمجموعة جواهر :صفحة التاريخ و النصيحة موجهة للسارق صاحب موقع كل يوم معلومة الذي سرق معظم منشوراتنا ووضعها في موقعه ، اقتربت محاسبتنا لك و ستندم أشد الندم .
-------------------------------------------------------------------

استئناف حركة الفتوحات في البلقان
 أتاحت حركة العصيان التي قام بها ابن إمبراطور بيزنطة يوانيس الخامس ضد أبيه وسيطرته علي مقاليد الحكم في الفترة ما بين (1376- 1381م /778- 783 هـ )، والحرب التي نشبت بين بيزنطة وأهل جنوة في "غلطة" آنئذ ، أتاحت لمراد الأول الفرصة لتوطيد أقدام العثمانيين في الروميلي . 
لذلك كان علي العثمانيين المبادرة بفتح صوفيا حتي يمكنهم السيطرة علي بلاد البلغار ، وفتح نيش لإقتحام بلاد الصرب ، وفتح مناستير للإنطلاق إلي بلاد الأرناؤوط.
وبالفعل ، تمكن تيمورطاش باشا من فتح مناستير ثم برلبه في عام ٧٨٢/١٣٨٠هـ ، ثم استطاع جاندارلي خليل باشا وأورانوس بك من اعادة فتح ســـره ز عـام (1383 م/  785 هـ ).
كما استسلمت صوفيا للقوات العثمانية بعد حصار طويـل لهـا عـام (1385 م/787 هـ) ، وتكللت هجمات ياخشي بك ابن تيمورطاش باشا علي الأطراف الشمالية لبلاد الصرب بالنجاح بفتح نيش عام( 1386 م/788 هـ )، واستطاعت القوات العثمانية الوصول إلي سلانيك التي تحصن فيها مانويل ابن امبراطور بيزنطـة ، حيـث.تمكنت من فتحها بعد تشديد حصار عليهـا في (9 إبريـل 1387 م/ 12 ربيـع الأول 789 هـ) (*1)
------------
التحالف البلقاني الصليبي ضد مراد الأول
مضى السلطان مراد في حركة الجهاد والدعوة وفتح الأقاليم في أوربا، وانطلق جيشه يفتح مقدونيا، وكانت لانتصاراته أصداء بعيدة، ... فتكون تحالف أوربي بلقاني صليبي باركه البابا أوربان الخامس، وضم الصربيين والبلغاريين والمجريين، وسكان إقليم والاشيا.
وقد استطاعت الدول الأعضاء في التحالف الصليبي أن تحشد جيشاً بلغ عدده ستين ألف جندي تصدى لهم القائد العثماني " لالاشاهين " بقوة تقل عدداً عن القوات المتحالفة، وقابلهم على مقربة من "تشيرمن" على نهر مارتيزا، حيث وقعت معركة مروعة وانهزم الجيش المتحالف، وهرب الأميران الصربيان، ولكنهما غرقا في نهر مارتيزا ، ونجا ملك المجر بأعجوبة من الموت....
 أما السلطان مراد فكان في هذه الأثناء مشتغلاً بالقتال في بلاد آسيا الصغرى حيث فتح عدة مدن ثم عاد الى مقر سلطنته لتنظيم ما فتحه من الأقاليم والبلدان كما هو شأن القائد الحكيم   .....(* 2).
لقد كان الشعور المشترك لملك البوسنة وملك الصرب وأمراء الكروات والأرناؤوط بضرورة التصدي للنفوذ المجري من
الشمال والنفوذ العثماني من الجنوب ، دافعاً للبحث عن وسيلة يمكن من خلالها تشتيت القوي العثمانية .
 ولذلك  سعي المتحالفون للإتفاق مع علاء الدين علي بك ابن قـره مان علي فتح جبهة ضد العثمانيين في الأناضول وفي البلقان في وقت واحد .
 وبالفعل ، في الوقت الذي كان فيه مراد غازي يجبر ابن قره مان علي طلب الصلح عقب معركـة فرنك ياريسي ، أمكن لملك الصرب وملك البوسنه إلحاق الهزيمة بـالقوات العثمانيـة
الحدودية عند بولشنيك ( 1387 م/789 هـ ) .
 والحقيقة أن هذه الهزيمة جعلت كافة ملوك البلقان والخروات والأفلاق والمجر وامرائها يتحالفون مع ملوك وأمـراء البلغـار
والصرب والأرناؤوط لخوض مواجهة حاسمة ضد العثمانيين
ولما علم مراد غازي بهذا التحالف ، خطط لإخراج البلغار من هـذا الحـلـف أولاً، حيث أمر الوزير الأعظم جاندارلي زاده علي باشا بالخروج علي رأس قوة قوامها ثلاثين ألف فرد صوب بلاد البلغار ( 1388 م/790 هـ ) ؛ وفي نفس الوقـت وجه الدعوة لأمراء الأناضول للمشاركة في مواجهة هذا التحالف البلقاني .
وهكذا ، تمكـن علي باشا من الإستيلاء علي مركز مملكة البلغار طيرنووا ، ثم علي سلستره ونكبولي علي نهر طونه (*الدانوب) ، حيث أجبر ملك البلغار علي طلب الصلح مع العثمانيين ، ومن ثم  فقد أفقد الحلف البلقاني عنصراً هاماً من عناصره . (*3)
معركة قوصوه "كوسوفو"  (1389 م /791 هـ )
كان السلطان مراد قد توغل في بلاد البلقان بنفسه وعن طريق قواده مما آثار الصرب، فحاولوا في أكثر من مرة استغلال غياب السلطان عن أوروبا في الهجوم على الجيوش العثمانية في البلقان وماجاورها ولكنهم فشلوا في تحقيق انتصارات تذكر على العثمانيين ،....
 فتحالف الصرب والبوسنيون والبلغار وأعدوا جيشاً أوروبياً صليبياً كثيفاً لحرب السلطان الذي كان قد وصل بجيوشه بعد إعدادها إعداداً قوياً الى منطقة كوسفو في البلقان ...
 ومن الموافقات التي تذكر أن وزير السلطان مراد الذي كان يحمل معه مصحفاً فتحه على غير قصد فوقع نظره على هذه الآية:
 {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لايفقهون}  الانفال:  65
 فاستبثر بالنصر واستبشر معه المسلمون ولم يلبث أن نشب القتال بين الجمعين وحمي وطيسه واشتدت المعركة وانجلت الحرب عن انتصار المسلمين انتصاراً باهراً حاسما ً  (*4).
......
*دخل قولا شاهين باشا إلى البوسنة مع 20,000 جندي في عام 1388 م . هزم في بلوشنيك قرب نيش وخسر 000 15 جندي بين شهيد وأسير وجريح . أما الوزير الاعظم جاندارلى – زاده على باشا ، فقد خرج مع 30000 جندي على ضفاف الطونة ، واستولى على آخر ماتبقى لدى ملكية بلغاريا من الاماكن .
*قام الصرب – البوسنويين الذين أثبتوا إمكان الانتصار على الأتراك بواسطة 30,000 جندی ، بمحاولة تنظيم حملة صليبية جديدة . تجمع جيش مسیحی جديد . بقيادة حاكم صربيا لازار ومساعده ملك بوسنه Tvrtko . شارك في هذه
الحملة كل من أمراء المجر ، بولونيا ، رومانيا ( أفلاق ) ، مولدفيا ( بغدان ) وبلغاريا بوحداتهم
*التقى السلطان مراد وابناه الاثنان العدو في صحراء كوسوفا في 20 حزيران 1389 م . دامت الحرب الميدانية الكبرى مدة 8 ساعات ، أبيد العدو عن بكرة أبيه ومعه قائده العام .
(*انظر  يلماز أوزنونا السابق ص 100)
 ........
استعد مراد غازي لمواجهة أخيرة في البلقان ، فعبر إلي الروميلي مصطحباً معه أبنيه بايزيد ويعقوب ؛ و ىصطحب القائدين أورانوس غازي ، وباشا یکیت غازي ، علاوة علي عدد من فرق أمراء الأناضول .
وهكذا صدر القرار بالتوجه إلي " برشتينه" مقر حاكم الصرب ، فأسرع الجيش العثماني باحتلال مواقعه في وادي قوصوه . أما جيش الخلفاء الذي كان يتشكل من قوات الصرب والبوسنة والمجر والأفلاق والأرناؤوط والتشيك فقد كانت تحت قيادة لازار حاكم الصرب وتوارتقو ملك البوسنة .
وفي صباح يوم (28 يونية 1389م/ 25 جمادي الآخرة 791هـ) إصـطف الجيشان ؛ فقام ييلدرم بايزيد بن مراد بشق صف جيش الحلفاء بفرقته ، حيث اشتعلت بين الفريقين معركة حامية الوطيس .
وأخيراً ، تمخضت المواجهة عن هزيمة قاسية لجيش الحلفاء وقتل ملك الصرب لازار نفسه وابنه وعدد كبير من أتباعه وأمرائه .
 وإذا كـان العثمانيون قد حققوا انتصاراً حاسماً في هذه المعركة ، إلا أن مراد غازي قتل أيضـاً في أرض المعركة .(*5)
والحقيقة أن معركة قوصوه راحت تحدد مستقبل ممالـك البلقـان ، حيـث انساحت الجيوش العثمانية في مختلف انحاء البلقان فوطدوا أقدامهم فيها ، وفتح البـاب علي مصراعيه أمام حركة الهجرة التركمانية من الأناضول إلي الروميلي .
فكانت لهـذه الموقعة نتائج بعيدة المدي سواء علي دول البلقان أو علي الفتوحات العثمانيه فيها :
:black_small_square:︎فقد يسرت قوصوه للعثمانيين نجاحاً عسكرياً وسياسياً سريعاً في المنطقة ، حيث لم يعد أمامهم قوة يمكنها مواجهتهم في المناطق الباقية جنوبي نهر طونه سوى المجر
فقط . ففتحت المناطق الشمالية من بلاد الصرب للعثمانيين ، ودخل أمـراءالصرب تحت التبعية العثمانية، وتقدم العثمانيون بجيوشهم صـوب مقـدونيا وبلاد الصرب والأرناؤوط والبوسنة .
:black_small_square:︎وفتحت الطريق لتغييرات هامة في البنـاء الإثـني والاجتماعي والسياسـي والاقتصادي والثقافي في مختلف مناطق البلقان ، حيث انتشر على أثر ذلـك الدين الإسلامي بشكل تدريجي هناك .
:black_small_square:︎و أصبحت المناطق المفتوحة من البلقان ميداناً لإسكان الجماعـات التركمانيـة الأناضولية ، حيث اعتبرت هذه الجماعات الدعامة الأساسية لفتوح مقـدونيا وشمال شرق بلغاريا ، ثم للمحافظة على الكيان العثماني خلال الأزمة التي تعرضت لها الدولة العثمانية في مطلع القرن 15م/9هـ (*6)
وقد خضع موضوع انتشار الإسلام في البلقان خلال هذه الفترة لمناقشات كثيرة بين الباحثين المعاصرين ، حيث أشاروا إلي أن أغلب الذين اعتنقوا الإسلام كانوا تحت الضغوط الكاثوليكية ، وأن هناك أسباباً اقتصادية واجتماعية لعبت دوراً هاماً في ذلك، وأن رغبة العناصر المحلية في البلقان في الحصول علي النفوذ في الإدارة العثمانية في المنطقة كان علي رأس عوامل انتشار الإسلام هناك ، كما كان للجاليات التركية والعشائر التركمانية ولتكايا دراويش الطرق الصوفية دوراً هاماً في ذلك .
وعلي الرغم من ذلك ، فقد حافظت أغلب الأجناس البلقانية علي سماتها الأساسية بعد اعتناقها الإسلام ، ولم تتعرض لأي شكل من عمليات التتريك ، حيث كان للثقافة الإسلامية أثرها العميق في اندماج هذه الأجناس مع العناصر التركية . وذلك في الوقت الذي لم تتعرض فيه الكنائس المختلفة في المنطقة
لأية تغييرات ، بل راحت تباشر فعالياتها بشكل طبيعي في الحياة الاجتماعية معترفة بالمرجعية للعثمانية والعهد بين الطرفين . (*7)
-------------
استشهاد السلطان مراد
بعد الانتصار في قُوصُووَه، قام السلطان مراد يتفقد ساحة المعركة ويدور بنفسه بين صفوف القتلى من المسلمين ويدعوا لهم، كما كان يتفقد الجرحى،...
 وفي أثناء ذلك قام جندي من الصرب كان قد تظاهر بالموت وأسرع نحو السلطان فتمكن الحراس من القبض عليه، ولكنه تظاهر بأنه جاء يريد محادثة السلطان ويريد أن يعلن اسلامه على يديه،....
 وعند ذلك أشار السلطان للحرس بأن يطلقوه فتظاهر بأنه يريد تقبيل يد السلطان وقام في حركة سريعة بإخراج خنجر مسموم طعن به السلطان فاستشهد رحمه الله في 15 شعبان 791هـ .......(*8).
........
*استشهد السلطان مراد وعمره 63.5 سنة بعد سلطنة دامت 27 سنة و3 أشهر أثناء تفقده ساحة الحرب بعد الانتصار على يد أمير صربى جريح أقترب منه بدعوى أن لديه مايعرضه . دفنت أحشاؤه في صحراء كوسوفا في القبر الذي سمی مشهد خذارند كار والذي بقي حتى يومنا هذا مقاما مقدسا بالنسبة لمسلمى البلقان . نقل جثمانه إلى بورصة .
(* يلماز أوزتونا السابق ص 100-101)
------------------------
الكلمات الأخيرة للسلطان مراد
" لايسعني حين رحيلي إلا أن أشكر الله إنه علام الغيوب المتقبل دعاء الفقير، أشهد إن لا إله إلا الله ، وليس يستحق الشكر والثناء إلا هو،...
 لقد أوشكت حياتي على النهاية ورأيت نصر جند الاسلام. أطيعوا ابني يزيد، ولاتعذبوا الأسرى ولا تؤذونهم ولا تسلبوهم ...
وأودعكم منذ هذه اللحظة وأودع جيشنا الظافر العظيم الى رحمة الله فهو الذي يحفظ دولتنا من كل سوء"    (*9)
لقد استشهد هذا السلطان العظيم بعد أن بلغ من العمر 65 عاماً.
  رحم الله السلطان مراد الأول بن أورخان بن عثمان
--------------------------------------------------------------------
لقد أدخل انتصار كوسوفا الساحق البلقان تحت الحكم التركي الاسلامي لمدة 500 سنة .
ترك السلطان مراد إحدى أقوى الامبراطوريات العالمية وخاصة من الناحية العسكرية .
 بلغت مساحة الامبراطورية عند وفاة السلطان مراد ه کم
تقريبا . ( مساحة الاراضي الاوروبية في البلقان ۲۹۱۰۰۰ كم ، والاراضي العثمانية في الأناضول في آسيا تتجاوز ۲۰۸۰۰۰ کم ) .
و تفصيلا على الوجه التالي :
:black_small_square:︎في الأناضول ( بالنسبة إلى التقسيمات الإدارية الحالية ) : ولايات بورصة ، بالكسير ، بيله جك ، قوجاايلى ، سقاريا ، أسكيشهر ، بولو ، كوتاهيه ، أفيون ؛ ولاية جناقلعة عدا مروز وبوزجه آدا ؛ ولاية أنقرة عدا كسكين ، قيريقلعه شرفلي
قوجحصار ؛ ولاية استانبول عدا الجزر ؛ اقضية الشهر التابعة لقونيا ، أقضية بك شهری ، سیدی شهری ، يالواج التابعة لإسبارطه ، شرق قره آغاج ، سوما التابعة لمانيسا ، قرق آغاج ، برغامة التابعة لازمير قينق ، ديكيلى ؛ وكمناطق حماية : امارة
جاندار ( ولايات قسطمونی ، سينوب ، صمصون ، زنغلداق ، جانقرى وقسما جورم ) ، إمارة اماسيا ، إمارة حامد ( ولایتی بوردر واسبارطة ) .
:black_small_square:︎وفى البلقان : شبه جزيرة غاليبولي Gelibolu ولايات أدرنه ، قرقلارایلی ، تکرداغ ، قضاء جتالجه ، كامل بلغاريا الحالية ، تراقيا الغربية عدا جزيرة سمندرك مدينة سلانيك بشبه جزيرة هالكيدكيا ، مكدونيا الجنوبيه عدا جزيرة تاشوز ،
تساليا ، مكدونيا الشمالية ( مكدونيا اليوغسلافية )، كوسوفا ، نيش ( صربيا الجنوبية ) ؛ شرقى ألبانيا ، شرقی قره داغو كمناطق حماية : جمهورية دبروفنك إمارة دوبروجه ، إمارة صربيا .
وهكذا تكون مساحة الامبراطورية التي خلفها السلطان أورخان قد تضاعفت أكثر من 5 أضعاف خلال 27 سنة .
ونورد فيما يلى آراء بعض المؤرخين المسيحيين بشأن السلطان مراد :
كتب أحدهم : « خاض السلطان مراد بنفسه 37 حربا ، انتصر فيها جميعا ، أصبحت له شهرة القائد الذي لايقهر ، تميزت كل تحركاته بأنها كانت تستند إلى خطة ، وحتى في شيخوخته لم يفقد شيئا من قدرته ودهائه»
( المؤرخ البيزنطي المعاصر له Phrantzes ، طبعة بون ، ص ۸۱ ) .
وكتب آخر :
و قاد 37 حربا في روملي والأناضول وانتصر في جميعها . كان جسورا ، رابط الجأش ، فعالا ، شديدا ونشيطا في شيخوخته كما في شبابه ؛ منظما ، لايهمل أي تدبير ، ولا يشرع في عمل ما لم يخططه بكامل وجوهه . يعامل الدول والأشخاص الذين يطيعونه ويقومون بخدمته بالحسنى واللين والكرم مهما كانت أديانهم . كانقاسيا على من يظهر له العداء . لم ينج أحد من قبضته . يصدق في قوله حتى ولو انقلبت الأمور إلى ضده بعد ذلك ، حصل على ثقه الجميع سواء من الأعداء أو الأصحاب ) ( المؤرخ البيزنطي المعاصر له Khalkokondylas طبعة باريس ، ص ۲۹)
وكتب ثالث :
و كان متفوقا على جميع معاصريه من الحكام ورجال الدولة في العالم . فاق الحدود التي تخيلها والده . أمن مصالح الدولة العثمانية التي هي أحد التطورات المذهلة جدا في التاريخ كله ، نال ثقة الروم وربما محبتهم . عامل الأرثوذكس معاملة أفضل بأضعاف من معاملة الكاثوليك للأرثوذكس ) ( المؤرخ الانكليزي Gibbons ، اوكسفورد 1916 ص ٥٢ ) .
وكتب رابع :
و لايمكن أن يعثر على حاكم على مستوى السلطان مراد ، بين معاصريه من الحكام الأوربيين . لم يكن داهية عسكريا وأستاذا استراتيجيا فحسب ، بل كان في ذات الوقت دبلوماسيا مرهفا . كان حاكما بالفطرة . جعل من العثمانيين ، أمة موحدة و عرفهم بالمثل وزودهم بها . كان عند وفاته قد أمن مستقبل هذه الدولة لـ ه قرون »
( المؤرخ الفرنسي Fernard Grenard ، باريس ۱۹۳۸ ص ٥٢ ) .
(*انظر يلماز أوزتونا المرجع نفسه ص101-102)
#جواهر_الأدب_والتاريخ
-------------------------------------------------------------------
يلماز أوزتـونـا ،تاريخ الدولة العثمانية،ترجمةعدنان محمود سلمان.مراجعة وتنقيح  دکتور: محمود الانصاری المجـلد الأول منشـورایـت مـؤسـسـة فـيـصـل للتمـويـلتركيا استانبول ـ 1988 .
تاريخ الدولة العثمانية النشأة والإزدهار ،د. سيد  محمد السيد محمود /جامعة الإسكندرية/مكتبة الآداب القاهرة 2007 ؛ ص 99- 108
الدولة العثمانية عوامل النهوض و أسباب السقوط د. علي الصلابي .
برجاء عدم النسخ لأنه سيحذف ويعرضك للمساءلة فهذا منشور خاص بمجموعة جواهر :صفحة التاريخ و النصيحة موجهة للسارق صاحب موقع كل يوم معلومة الذي سرق معظم منشوراتنا ووضعها في موقعه ، اقتربت محاسبتنا لك و ستندم أشد الندم .
(*1) ... راجع :
D. Nicol, Bizans ve Venedik, trc. G.Ç.Gücen, İstanbul 2000, s. 250; Ì. Demirkent, "14 Yzyıla Kardar Balkan Yarımadasında
Bizans Hakimiyeti", I. Kosova Zaferinin 600 Yıldönümü Sempozyumu, Ankara 1989, s. 8 vd.
(*2) انظر:محمد فريد بك، تاريخ الدولة العثمانية العلية، ص131.
(*3) محمد السيد محمود السابق ص 109
(*4)انظر: محمد الفاتح ،د.سالم الرشيدي ، ص30، الفتوح الاسلامية غبر العصور، ص389.
(*5)فيما يتعلق بالفعاليات الأوروبية التي سبقت معركة قوصوه ، أنظر : ستيفان لإمارة العثمانية ،  الصفحات 183- 230
(Stephan W.Reinert ، "من Nis'ten Kosovo ،     Murad I)
؛ نقلا عن محمد السيد محمود المرجع السابق ص ١١٠
(*6) انظر
F.M. Emecen, " I. Kosova Savaşının Balkan Tarihi
Bakımından Önemi ", Kosova Zaferinin 600 Yıldönümü
Sempozyumu, Ankara 1989, s.35-44; S. Reinert, "A Byzatine
Source On The Battles Of Bileca And Kosova Polje, Keydones
Letter 396 and 398 Reconsidered Studies in Ottoman History in
Honour Of Prof. V. I. Menage, İstanbul 1994,249-272; T.
Emmert, " The Battle Of Kosova Early Reports Of Victory And
Defeat", Kosova, Legacy Of Medieval Battle, ed. W. Vucinich
-T. Emmert, Minneapolis 1991, s.19-40
(*7)* راجع :
*H. Kalesi, " Türklerin Balkanlara Girisi ve
İslamlaştırılma ", terc. Kemal Beydilli, Tarih Enstitüsü Dergisi, sy. 10-11 (1981), 177-194; *Werner, Büyük Bir Devlet'in Doğuşu Osmanlılar (1300-1481), trc. O. Esen-Y. Önen, İstanbul1986, I/190)
(*8)انظر: تاريخ سلاطين آل عثمان للقرماني ، ص16.
(*9) انظر: الفتوح الاسلامية عبر العصور، ص391.
-------------------------------------------------------------------
#تاريخ_الدولة_العثمانية_جواهر