اكتشاف كون اخر موازى لكوننا
اكتشاف كون اخر موازى لكوننا 1439
في العام 2018 م بدأت التجربة " أنيتا " في تلقي إشارات راديوية شاذة عن المتوقع منها ، بدت وكأنها حدثت بسبب جسيمات مرت عبر الأرض إلي القارة الجنوبية ثم إلي أنيتا ، وليست منعكسة من الغلاف الجليدي للقارة القطبية الجنوبية ، فتح ذلك الباب لمجموعة من التأويلات التي تتضمن القول إن ذلك فقط متعلق بطبيعة الجليد نفسه في القارة القطبية الجنوبية ، لكن البعض أشار إلي أن ذلك قد يكون دليلا  علي شئ آخر يقع في أبعد جوانب خيالاتنا .
في تلك النقطة تدخل فرضية تتصدرها ورقة بحثية صدرت في الوقت نفسه تقريباً ، تقترح تلك الفرضية أن الكون الذي نعرفه أشبه ما يكون بصورة مرآة لكون  آخر ، وكلا الكونين بدأ من النقطة نفسها ، وهي الإنفجار العظيم .
لفهم الأمر دعنا نبدأ من النموذج الأكثر قبولاً لعلم الكونيات حالياً ، (يسمي إختصاراً نموذج " لامبدا - سي دي إم " والذي يفترض أن كوننا بدأ من الإنفجار العظيم ، نحن نلاحظ ذلك حينما ننظر إلي الكون فنري أنه يتوسع  بمعدلات متسارعة ، بالتالي لو تخيلنا أن الكون فيلم يعرض الأن وأردنا إعادة المشاهد للخلف مدة نحو 13.8 مليار سنة فإن هذا التمدد سينعكس لنصل إلي نقطة واحدة يبدأ منها الكون كله .
لا نعرف بعد الكثير عن هذه النقطة ، ولا يمكننا رصد أي شئ حدث خلالها أو خلال الأربعمائة سنة الأولي من تاريخ الكون ، حيث كان معتماً لا يمرر أي ضوء ، وما إن تكونت الذرات الكونية الأولي حتي إنطلق أول فوتونات الضوء ، لكننا فقط نفترض وجودها بناء علي الكثير من الدلائل الدامغة .
يجب أن نوضح أن المشكلة ليست في فرضية إرتباط نتائج تجارب أنيتا بالكون المعكوس ، بل في الحديث عن أن نتائجها هي تأكيد أو حتي إشارة إلي وجود هذا الكون المعكوس ، بينما هي في أقصاها مجرد تخمين ، وحتي مع إكتشافنا لتلك الجسيمات يبقي تخمينا ، لأنها يمكن أن تشير أيضاً إلي أشياء أخري .
إلا أن فرضية وجود كون معاكس لكوننا الذي نعيش فيه قائمة بالفعل ، بل وكان فريق بحثي من جامعة أوكسفورد قد أشار قبل عدة أعوام إلي فرضية شبيهة ، في دراسة نشرت بدورية "Physics Letters" تقول إن الإنفجار العظيم لم يكن ، بالصورة التي نتخيلها ، نقطة البداية لكل من الزمن والمكان ، لكنه كان اللحظة التي تغير فيها توجه الفضاء .
مثل سابقه ، هذا النموذج الجديد لا يتجنب الإنفجار العظيم ، بل يواصل حلوله مباشرة من خلال الإنفجار العظيم إلي ما حدث قبله ، بالتالي لا يقدم أي مبادئ جديدة ، ولا يقدم أي تعديلات علي نظرية أينشتاين للنسبية العامة التي تشرح تطور الكون بدقة ، ويبني نفسه فقط ، مثل سابقه أيضاً علي مشكلة يكون هو حلها ، هذه المرة تسمي بمشكلة الأفق ( Horizon Problem )  .

حيث نعرف أنه في وقت مبكر للغاية من تاريخ الكون كانت سرعة التمدد الكوني أكبر من سرعة الضوء ، ما يعني أن هناك جسيمات أولية ظهرت بعد الإنفجار العظيم مباشرة لكن لم تتسنَّ لها الفرصة لتلتقي ببعضها بعضاً أبداً ، لفهم ذلك تخيل أن لدينا كوب ماء ساخن وكوب ماء بارد قمنا بإبعادهما عن بعضهما البعض فور تكونهما ، هنا سيظل أحدهما بارداً والآخر ساخناً لفترة ، لكن حينما نتركهما بعض الوقت ملتصقين ثم ننقلهما إلي اليمين واليسار ، فإن كلاً منهما سيكون بدرجة الحرارة نفسها تقريباً .  
هنا تظهر مشكلة الأفق ، حيث من المفترض للجسيمات التي إنفصلت سريعاً في بداية الكون أن تختلف في صفاتها عن بعضها بعضاً ، لكن أثر ذلك لا يظهر في الكون الذي نراه أمامنا ، فهو متجانس ، أجزاؤه تشبه بعضها بعضاً في كل الإتجاهات ، هنا يظهر السؤال الرئيسي : ما الذي جعل مناطق من الكون لم تتصل ببعضها بعضاً أبدا متجانسة بهذا الشكل ؟
في تلك النقطة يظهر طريقان للإجابة ، الأول له علاقة بفيزياء ما بعد الإنفجار العظيم ، يتصور هذا الحل أن شيئاً ما حدث في اللحظات الأولي من عمر الكون ، وتسبب في هذا الإتصال المستحيل ، ربما كان الفضاء نفسه مختلفاً عما نعهده الأن ، وربما كانت سرعة الضوء أكبر ، أما الطريق الثاني فيقول إن كما يبدو الإنفجار العظيم لم يكن بداية الزمن أصلا بل إمتلكت تلك الجسيمات بشكل ما وقت ما قبل الإنفجار العظيم لتختلط ببعضها بعضاً ، ثم جاء الإنفجار العظيم .
كل تلك الفرضيات لم تظهر من فراغ بل هي حلول لمشكلات قائمة بالفعل في النماذج الحالية التي تشرح الكون ، خذ مثلا تلك الورقة البحثية التي أثارت الجدل في الوسط البحثي في العام 2017 م حينما أشارت إلي إمكانية تصادم كون آخر بكوننا في مرحلة مبكرة جداً من تاريخه ، إعتمدت فرضية تلك الورقة البحثية علي منطقة في إشعاع الخلفية الميكروي لا يمكن للنماذج الحالية تفسيرها إلا مع فكرة مستعارة من فرضية " الأكوان الفقاعة " التي جاءت نتيجة لفرضية التضخم الدائم       ( Eternal Inflation ) .
• هل هناك أكوان أخري بالفعل ؟

لكن هذه الفرضيات عن الأكوان الأخري تواجه مشكلة أساسية وهي مقدرتنا علي التأكد من صحتها تجريبياً إن السؤال عن " هل هناك أكوان أخري بالفعل ؟ " صعب الإجابة في وضعنا العلمي الحالي ، وربما لا نتمكن من إجابته أبداً ، لكن من يدري ربما نفعل ، كل ما نحتاج إليه الأن هو مواصلة العمل لتطوير أدوات أكثر دقة ونماذج أكثر وضوحاً وقبولاً للتكذيب لكي نستطيع من خلالها ربما يوماً ما من التأكد من تلك الفكرة .
إلي أن تحين تلك اللحظة لا يمكن أن نتعامل مع تلك النماذج كواقع علي الأرض ، نحن ما زلنا في أرض أقرب للخيال لكنه خيال يستحق التأمل والعمل عليه ، ربما يوماً ما نجيب عن أسئلتنا الأكثر إلحاحاً : ما الطاقة المظلمة ؟ وما المادة المظلمة ؟ ما الذي حدث لحظة الإنفجار العظيم ذاتها ؟
ما الزمن ؟ ما الحياة ؟
 

   
https://www.masa-pro.com/2022/09/parallel%20universe..html?fbclid=IwAR3PAq1aTpk76GdJHR6_xIElOdmiT62vhslglxtXANaU19BjcGFRsSIdH14