بعثات المريخ.. ستون عاما من التخطيط لغزو الكوكب الأحمر

بعثات المريخ.. ستون عاما من التخطيط لغزو الكوكب الأحمر

اقترنت رحلات المريخ واستكشافه مع بدء عصر الفضاء في ستينيات القرن الماضي، ولم يحظ أيّ كوكب باهتمام المستكشفين والمهندسين كما وقع للكوكب الأحمر. ومنذ الإعلان عن أوّل مهمة وحتى اليوم انطلقت 47 رحلة نحو المريخ، إلا أنّ ما يقارب نصف هذا العدد تمكن من إتمام المهمة سواءً بشكل جزئي أو بشكل كامل، وفق وكالة ناسا الأمريكية. وقلّة من الدول استطاعت أن تحظى بشرف الوصول إلى توأم الأرض ابتداءً بأمريكا وروسيا (الاتحاد السوفياتي سابقا) ثمّ الصين ووكالة الفضاء الأوروبية والهند، وآخر المنضمين إليهم دولة الإمارات.
كما أجابت الرحلات الأولى إلى الكوكب الأحمر عن الكثير من الأسئلة التي استعصت على التلسكوبات الإجابة عليها من الأرض، وأهمها طبيعة التضاريس ودرجة الحرارة وكثير من الألغاز التي كانت تحوم حوله. ولا ضير في القول إننا ما زلنا في طور التعلّم والاستكشاف على الرغم من ذلك الكم الكبير من الرحلات والنفقات الضخمة، فما نعرفه عن المريخ هو الربوة التي في أعلى قمّة الجبل الجليدي، وما لا ندركه هو ما توارى تحت الماء.

وكان سباق الفضاء أحد المضامير التي لعب عليها طرفا النزاع -الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية- في الحرب الباردة بينهما، وقد خلّفت إرثا علميا ضخما لا غنى عنه اليوم، ولربّما ما كان لاستشكاف الفضاء أن يتنامى بتلك السرعة لولا أنّ صراعا متأججا كان يحثّ الطرفين على المضي قدما وتجاوز العقبات.
كان استكشاف المريخ على قائمة الأولويات للقوتين، وسجل التسلسل التاريخي للرحلات الفضائية يظهر لنا مدى احتدام المنافسة بين صدٍ ورد، وبين إنجاز علمي يتلوه إنجاز آخر، وعلى من الرغم من المنافسة الشرسة، فقد كان هناك بعض التعاون بين الحكومتين في هذا الملف، من تبادل المعلومات والخبرات، وفق ما أعلنت عنه وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) بعد نشرها لوثائق تعود إلى تلك الحقبة مؤخرا.1
وقبل الخوض في الحديث عن موجز رحلات المريخ التي مهدت للإنسان اليوم أن يرى ما هو أبعد من الأفق المحدود؛ من المهم تناول الأسباب والمبررات التي تحث الإنسان اليوم على الذهاب إلى الكوكب الأحمر، وفق ما يراه صنّاع القرار والعاملون في هذا المجال من شركات فضائية ضخمة.
توأم الأرض.. نظريات الحياة على الكوكب الهالك
كان السباق نحو المريخ -كما أسلفنا- بمثابة قفزة علمية ومحاولة إرضاخ للخصم في الحرب الباردة، إلا أنّ الحرب قد انتهت منذ فترة طويلة، وما زال العمل البحثي جاريا على قدم وساق في هذا الصدد، وبالنسبة للعلماء والباحثين، فثمّة أسباب مقنعة تدفعهم لذلك.
تُظهر الدراسات القائمة على الأدلة "المريخية" من تحليل التربة ودراسة طبقات القطبين بأنّ الكوكب الأحمر كان في ما سبق قادرا على احتضان منظومة بيئية حيّة، وإمكانية توفر شروط عيش الميكروبات ما زالت مطروحة على سطح الكوكب.

عشرات المركبات الفضائية زارت كوكب المريخ ودارت حوله أو هبطت عليه من عصر الفضاء الأول
وفي علم الفلك، فإنّ المريخ يقع في النطاق الصالح للحياة (Habitable Zone)، حيث تكون الحرارة والطاقة القادمة من النجم مناسبة وملائمة لازدهار الحياة بشتى أنواعها على سطح الكوكب، فالمريخ هو رابع الكواكب المجموعة الشمسية من حيث قربه من الشمس، ويبلغ حجمه تقريبا نصف حجم كوكب الأرض، بتسارع جاذبية نحو 40% فقط. وبسبب بعده عن الشمس، فإنّ سنته تستغرق 687 يوما أرضيا، أي سنتين أرضيتين. ولكن الأمر الإيجابي والمشترك هو أنّ اليوم على سطح المريخ أطول بأربعين دقيقة فحسب مما هو عليه في الأرض.
إن النظر إلى المريخ على أنه بيئة كانت حاضنة للحياة قد يمنح البعض دافعا في نقل البشرية إلى تلك البقعة النائية المترامية، ويستشهد العلماء بالجداول المتفرعة والأنهار والأحواض على وجود الماء في ما سبق، ولعلّ منهم من رأى بأنّ محيطا شاسعا كان يغطي نصف المريخ الشمالي.
وهناك سبب آخر يدفع الباحثين إلى دراسة المريخ، وهو فهم الأسباب التي قادت الكوكب إلى الهلاك، وذلك ما قد يدفعنا بشكل أو بآخر إلى توخي الحذر قبل وقوع الكارثة، كما أننا لسنا هنا بصدد الحديث عن محاولة أو كيفية إعادة إحياء الكوكب الأحمر، فالحديث هنا مقتصر على الرحلات التي مرّت ودارت وحطّت على المريخ فحسب.
"مارينر4".. رسول الإنسان الأول إلى المريخ
أطلق الاتحاد السوفياتي القمر الاصطناعي الأوّل "سبوتينك" عام 1957 في سابقة تاريخية على مستوى البشرية، لكن سريعا ما تحوّل الاهتمام وتوسعت أقطاره، حتى شملت البقعة الحمراء النائية والواقعة على متوسط مسافة 145 مليون كم، أي كوكب المريخ، ومع بداية الستينيات بدأ العمل على برنامج يهدف إلى الوصول إليه، أو المرور به (Flyby) إن صح التعبير كما يُقال في الأوساط العلمية.
وكانت ثمّة 7 رحلات على الأقل من قبل الروس في الستينيات نحو المريخ، لكنها جميعها باءت بالفشل، إما أنها تدمّرت أثناء عملية الإقلاع، أو لم تتمكن من الهروب من مدار الأرض، أو أنها واجهت أعطابا ومشاكل تقنية خلال الرحلة.

أوّل صورة ملتقطة للمريخ بواسطة مسبار "مارينر4" في عام 1965
وفي ذات الحين ما كان للأمريكيين أن يقفوا مكتوفي الأيدي في هذا السباق، فجرى تأسيس برنامج "مارينر" في ذات الحقبة كذلك، ورغم فشل أولى المحاولات فقد نجحت الرحلة الرابعة من البرنامج، إذ استطاع مسبار "مارينر4″، في يوليو/تموز 1965 أن يصل سالما إلى المريخ بعد رحلة استمرت نحو 8 أشهر، وقد مرّ بالكوكب والتقط 21 صورة، وكانت المرة الأولى التي نرى بها الكوكب من هذا القرب.2
وفي عام 1969 أعادت وكالة ناسا الكَرّة مطلقة مسباري "مارينر6" و"مارينر7″، وقد تمكنا من إرسال مجموع 201 صورة لسطح المريخ، بعد أن حلّقا فوق خط الاستواء للمريخ وقطبه الجنوبي، لتغطي الصور حوالي 20% من الكوكب. ولاحقا استطاع مسبار "مارينر9" أن ينال وصف أوّل قمر صناعي يدور حول كوكب آخر بعيدا عن الأرض، ليغطي الكوكب الأحمر بأسره بمجموع صور بلغت 7329 صورة، وفق مختبر الدفع النفاث (Jet Propulsion Laboratory) التابع لوكالة ناسا.3
في تلك اللقطات المرسلة، اتضح بعد لأي لسكان الأرض بأنه ما من قنوات مائية صناعية على سطح المريخ كما كان معتقدا لمدة قرنين من الزمن، كما اكتشف كثير من المعالم المريخية، مثل جبل أوليمبوس أضخم جبل وبركان في المجموعة الشمسية، والكثير من الأخاديد، ووادي "مارينر" العملاق الذي يتجاوز طوله 4 آلاف كم.
"مارس3".. أول تماس مباشر مع سطح كوكب آخر
ما لبث أن عاد مجددا الاتحاد السوفياتي إلى الواجهة بإعلان مشروع الهبوط على سطح الكوكب الأحمر، بالرغم من سوء الأجواء والعواصف الرملية الشديدة، ففي 1971 أطلق "مارس2" كأولى المحاولات، لكنه تدمّر في أثناء عملية الهبوط. ولاحقا في نفس العام أطلق "مارس3" ليدخل التاريخ من أوسع أبوابه، إذ حدث أوّل تماس مباشر مع سطح كوكبٍ آخر، بعد أن أتمت مركبة الإنزال هبوطا ناعما (Soft Landing) باستخدام مظلة لتخفيف السرعة، لكن سرعان ما انقطع الاتصال لأسباب فنية.
وعلى الجانب الآخر، كانت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا تعمل على إطلاق بعثة مشابهة ضمن برنامج "فايكنيغ" (Viking) الفضائي في منتصف السبعينيات، وقد تضمّن المشروع مركتبي إنزال ومكوكين فضائيين مداريين (المكوك المداري هو القمر الصناعي الذي يدور حول جسمٍ ما).

إحدى أشهر الصور الملتقطة للمريخ بواسطة مسبار "فايكنغ"، ويظهر فيها تضاريس جبلية على شكل وجه إنسان
وصل المكوكان "فايكينغ1″ و"فايكينغ2" إلى المريخ عام 1976 بعد أن تمت عملية الهبوط بسلام في النصف الشمالي من الكوكب، واستمر عملهما لفترة طويلة، أملا في العثور على معلومات تفيد بوجود أيّ علامات للحياة، ومع إرسال البيانات بشكل مستمر نحو الأرض، تبددت آمال العلماء، وبدا أنّ الكوكب ليس عليه ما يستحق الاهتمام، إلا أنّ معلومات مثيرة أعلن عنها تصف تشابها متطابقا لتركيبة المريخ بتركيبة بعض النيازك على كوكب الأرض، وهو ما يضع كثيرا من علامات الاستفهام عن كيفية وصول هذه النيازك.4
وفي العقد اللاحق لم يشهد المريخ كثيرا من النشاط الاستكشافي كالسابق، إذ وقعت محاولتان فقط من قبل الروس للذهاب إلى قمر "فوبوس" أحد أقمار الكوكب الأحمر، وقد فقدتا الاتصال لحظة وصولهما. وذلك تزامنا مع ترنّح حكومة الاتحاد السوفياتي التي أعلن عن سقوطها عام 1991، وهو ما أثّر بشكل مباشر على عمل الروس البحثي وربما خسارتهم لسباق الفضاء، إلا أن حقبة جديدة لاستكشاف المريخ قد بدأت للتو.
"سوجورنر".. أول متجول على سطح المريخ
شهدت برامج الفضاء في التسعينيات نموا حقيقيا على عدة أصعدة، فبعد الخسارة الباهظة التي تعرضت لها وكالة ناسا في مهمتها "مارس أوبزيرفر" والتي قدّرت تكاليفها نحو 813 مليون دولار، وهو 4 أضعاف الميزانية الأولية للمشروع؛ انتهجت الحكومة الأمريكية حملة جديدة في الوكالة تعتمد على أحدث الأجهزة الإلكترونية بدلا من تلك التقليدية، وبتعيين إدارة جديدة، مطلقين عليها برنامج "أسرع وأفضل وأرخص".

"سبيريت" و"أبورتشيونيتي" عربتان سارتا على سطح كوكب المريخ سنة 2004 والتقطتا مئات الصور الواضحة للكوكب
وكانت ثمرة ذلك إطلاق مسبار "الماسح الشامل للمريخ" (Mars Global Surveyor) عام 1996 بتكلفة 154 مليون دولار فقط، وقد ساعد على تمشيط سطح الكوكب من القطب إلى القطب، كاشفا عن عدد من المعالم والتجاويف المائية القديمة، كما ساهم في تحديد أماكن هبوط المركبات الفضائية المستقبلية.5
وفي السنة التالية أعلنت وكالة ناسا عن وصول أوّل متجوّل (روفر) متحرك إلى المريخ، روفر "سوجورنر" (Sojourner)، بواسطة مركبة الإنزال "مارس باثفايندر" (Mars Pathfinder)، مستخدمة تقنية حديثة للهبوط، وهي الوسائد الهوائية لتخفيف شدّة الارتطام.
كما سجّلت اليابان أولى محاولاتها للوصول إلى المريخ، وتعد دخيلا على سباق كان محتكرا بين روسيا وأمريكا منذ انطلاقه، إلا أنّ مسبار "نازومي" (Nazomi) لم يصل لهدفه بعد أن ضل طريقه.
عصر المتجولات.. صناعات أمريكية تغزو الكوكب الجار
مع مطلع القرن الواحد والعشرين كان العالم على موعدٍ مع بداية حراك واسع وإقبال قلّ نظيره في البرامج الفضائية، فجاء تأسيس شركات سياحة الفضاء، وكذلك شركات النقل التجاري والسفر عبر الفضاء مثل "بلو أوريجين" و"فيرجين غالاكتيك"، وبكل تأكيد شركة "سبيس اكس" الشهيرة، ومع ارتفاع ملحوظ واهتمام أكبر ببعثات المريخ.
كانت الرحلة الأولى في الألفية الجديدة من نصيب المسبار الفضائي "مارس أوديسي" (Mars Odyssey) التابع لوكالة ناسا، وقد أُرسِل عام 2001 في مهمة استطلاعية حول الكوكب الأحمر، وبعد مضي عقدين من الزمن ما زال المسبار يعمل حتى هذه اللحظة، فضلا عن أكثر من مليون صورة أرسلها إلى الأرض.

وبعد طول انتظار قررت وكالة الفضاء الأوروبية الخوض في غمار هذا البحث، والعمل على تنقيب سطح المريخ، ففي 2003 أرسلت مركبة إنزال "إكسبرس" (Express) ومسبار مداري "بيغل" (Beagle) في رحلة واحدة لدراسة جيولوجيا المريخ. ولسوء الحظ تدمّرت مركبة الإنزال، لكن بقي المسبار المداري يمد الوكالة بالبيانات إلى اليوم.
ولعلّ أكثر ما يميّز الألفية الحديثة هو اعتماد المتجوّلات المتحركة (روفر) عنصرا أساسيا وجوهريا في عملية الاستكشاف، فقد أرسلت متجولتا "سبيريت" (Spirit) و"أوبرتشيونيتي" (Opportunity) في 2004 بواسطة وكالة ناسا، وقد تمكنتا من الحصول على أدلة لعيّنات تشير إلى وجود الماء في ما سبق في تلك المنطقة. ولم تصمد "سبيريت" طويلا بسبب سوء الأجواء المريخية، وأما "أوبرتونيتي" فقد ظلت صامدة حتى صيف 2018، بعد أن حلّت عاصفة رملية شديدة عطّلت عمل الألواح الشمسية، وهو ما استدعى المسؤولين لإعلان انتهاء المهمة.
وفي 2005 أرسلت وكالة ناسا مكوكها المداري "مارس ريكونيسنس" (Mars Reconnaissance)، فأظهر كفاءة فاقت جميع أقرانه الذين سبقوه، وما زال يعمل حتى اليوم.
أما في 2007 فقد وقعت المفاجأة الكبرى والاستكشاف الأعظم بالنسبة للفلكيين، بعد إرساء مركبة الإنزال "فينيكس" (Phoenix) بالقرب من القطب الشمالي عند "الوادي الأخضر" (Green Valley)، وقد استطاعت "فينيكس" بعد معاينة التربة اكتشاف وجود ماء متجمد تحت سطح الكوكب. ومجددا لذات السبب، لم ترحمها الأجواء القاسية وتعرضت للعطب وفقدت الاتصال.
علامات الحياة.. أدوات التنقيب والحفر العابرة للكواكب
أثناء الانشغال بالمريخ كانت وكالة الفضاء الروسية "روسكوسموس" تعمل على إعادة محاولة الهبوط على سطح القمر "فوبوس" عبر رحلة الفضاء " فوبوس غرونت" (Phobos-Grunt)، وكانت تضم أيضا المسبار الصيني "ينج هو-1" بأوّل مشاركتها في هذا العمل، لكن الفشل في توجيه الصاروخ نحو مسار المريخ حال دون إتمام المهمة، وعلقت المركبة الفضائية في مدار الأرض.
وفي 2012 أرسلت وكالة ناسا متجولة "كريوسيتي" (Curiosity) رابع متجوّلة لها، إلى فوهة "غالي"، لغاية واحدة وهي التحقق من وجود أيّ دلائل أو علامات على وجود بيئة كانت صالحة للحياة على سطح المريخ. وللإجابة على ذلك يحمل " كريوسيتي" بعض أدوات التنقيب والحفر، وأجهزة للتحليل الطيفي وتحليل المواد العضوية وتحليل الصخور. وبعد 10 سنوات كانت الإجابة "نعم، كان المريخ فيما سبق صالحا للحياة" كما أشارت نائبة مدير برنامج "كيوريوسيتي" الباحثة "أبيجيل فريمان".7

مركبة كيريوسيتي التي هبطت على سطح المريخ سنة 2012 داخل فوهة غالي
وفي هذه الأثناء، يطل علينا عضو جديد، وينضم إلى نادي مستكشفي المريخ، وهو الهند، إذ تمكنت من إرسال مسبار "إم أو إم" (MOM) بنجاح حول الكوكب في 2014، مانحا صورا إضافية ومعلومات محدّثة عن طبيعة المناخ. وفي نفس العام كذلك أرسلت ناسا مكوكها المداري "مافن" (MAVEN) لدراسة الأسباب وراء ضآلة الغلاف الجوي وتغيّره عبر السنوات. ولذات الغرض، ولدراسة الغلاف الجوي، أرسلت وكالة الفضاء الأوروبية بالتعاون مع وكالة الفضاء الروسية، مسبار "تي جي أو" (TGO) لفحص الغلاف الجوي المريخي في 2016.
وفي 2018 أرسلت وكالة ناسا مركبة الإنزال "إنسايت" (InSight)، وكانت تستهدف بها دراسة الهيكل الداخلي للكوكب لأول مرة، وعلى عكس ما بدا للمهندسين، فإنّ تربة المريخ كانت قاسية أكثر مما اعتمد في الحسابات الأولية، لذا لم تحقق المهمة الكثير من النتائج.
وفي كتابه "ما وراء الأرض"، يتحدث مؤرخ الفضاء البنغالي عاصف عزام صديقي بإسهاب عن كافة الرحلات الفضائية التي مرّت بالكوكب الأحمر بين عامي 1956-2016.
رحلات اليوم.. حضور عربي وأوّل هليكوبتر مريخي
ما ينبغي التنويه به أنّ 5 متجوّلات أمريكية الصنع تمكنت من الهبوط على سطح المريخ والعمل بشكل سليم، وآخرها متجولة "برسيفيرنس" التي أرسلتها وكالة ناسا إلى فوهة "جيزيرو" في عام 2020. وفي ذات الحين رافقت المركبة طائرة هليكوبتر "إنجينويتي" (Ingenuity) صغيرة الحجم، وهي أول مرّة تحلّق فيها آلة في سماء المريخ، وكان للعرب نصيب في صناعتها إذ شارك المهندس الفلسطيني لؤي البسيوني في تحقيق هذا الإنجاز المبهر. ووفقا لما صرح به المهندسون، فإن الهليكوبتر تمكنت من اجتياز 19 عاصفة حتى الآن، وعاشت عمرا أكبر مما قُدّر لها.

مسبار الأمل أول مركبة فضاء عربية تصل إلى كوكب المريخ
ولاحقا التحقت دولة الإمارات بثلّة الدول التي قهرت الصعاب ووصلت إلى إحدى المحطات المرتقبة للإنسان في المستقبل القريب، إذ استطاع مسبار "الأمل" في عام 2021 أن يصل إلى المريخ، وأن يلتقط صورا للشفق القطبي المتقطّع لكوكب المريخ، وقد كان إيجاده صعبا، بسبب ضعف الغلاف المغناطيسي للكوكب.
وفي آخر بعثات المريخ -حتى كتابة هذا المقال- أرسلت الصين مركبة إنزال ومكوكا مداريا ضمن مهمة "تيانوين-1" (Tianwen-1) في 2021، لدراسة المحتوى والمخزون المائي في التربة، كما أنّها لم تكتفِ بذلك فحسب، بل كان من ضمن البعثة أوّل متجولة غير أمريكية تسير على كوكب الأحمر، وهي روفر "زورونغ" (Zhurong).10
وبالمرور على ذلك التاريخ الطويل من استكشاف المريخ والتواصل غير المباشر بيننا، فإننا اليوم بتنا أقرب مما كنّا لتحط أقدامنا على الكوكب الأحمر. ويعود الفضل إلى كلّ إسهام ومشاركة حققت فائدة في هذه المسيرة الطويلة، ولا عجب أن تتجرأ كبرى الشركات في الوقت الراهن على التخطيط للذهاب إلى تلك النقطة، فالمخزون المعرفي لدينا أصبح قادرا على أن يمنحنا بعدا إضافيا لفهم طبيعة الحياة على سطح كوكب المريخ.



المصادر:
[1] لانجلوا، كريستا (2019). "مغناطيس جذّاب": الحرب الباردة واستكشاف المريخ وجذب الكوكب الأحمر. تم الاسترداد من: https://www.readex.com/blog/%E2%80%9C-alluring-magnet%E2%80%9D-cold-war-martian-exploration-and-pull-red-planet
[2] محررو الموقع (التاريخ غير معروف). مارينر4. تم الاسترداد من: https://www.jpl.nasa.gov/missions/mariner-4
[3] فيلمر، جوشوا (2014). تاريخ موجز لبعثات المريخ. تم الاسترداد من: https://futurism.com/a-brief-history-of-martian-missions
[4] محررو الموقع (التاريخ غير معروف). مركبة فايكينج الفضائية. تم الاسترداد من: https://www.britannica.com/topic/Viking-space-probe
[5] هويل، إليزابيث (2016). الماسح الشامل للمريخ: جيل جديد من المسابير الفضائية. تم الاسترداد من: https://www.space.com/18403-mars-global-surveyor.html
[6] هويل، إليزابيث (2018). مارس أوديسي: مهمة حطمت أرقاما قياسية في المريخ. تم الاسترداد من: https://www.space.com/18270-mars-odyssey.html
[7] ستافيني، والديك (2022). تعمل مركبة كيوريوسيتي على استكشاف المريخ منذ 10 سنوات. هذا ما تعلمناه. تم الاسترداد من: https://www.space.com/curiosity-mars-rover-10-years-of-science
[8] هويل، إليزابيث وستاين، فيكي (2022). بعثات المريخ: تاريخ موجز. تم الاسترداد من: https://www.space.com/13558-historic-mars-missions.html
[9] كوبر، كيث (2022). مسبار الأمل الإماراتي يكتشف تنوعا جديدا للشفق القطبي فوق الكوكب الأحمر. تم الاسترداد من: https://www.space.com/emirates-mars-hope-mission-patchy-aurora
[10] [8] هويل، إليزابيث وستاين، فيكي (2022). بعثات المريخ: تاريخ موجز. تم الاسترداد من: https://www.space.com/13558-historic-mars-missions.html





https://doc.aljazeera.net/%d8%aa%d9%82%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%b1/%d8%a8%d8%b9%d8%ab%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b1%d9%8a%d8%ae-%d8%b3%d8%aa%d9%88%d9%86-%d8%b9%d8%a7%d9%85%d8%a7-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ae%d8%b7%d9%8a%d8%b7-%d9%84%d8%ba%d8%b2%d9%88/?fbclid=IwAR1h9lOOCwPmZPsuj55PI9SX4JkgprMfxPokVsDQl5uAR3isXE-xsMXl1JU