اكتشاف فوهة صدمية جديدة.. تزامنت مع اصطدام الكويكب الذي تسبب بانقراض الديناصورات
قبل 66 مليون عام، وقبالة العصر الطباشيري والباليوجيني، تسبب اصطدام كويكب “تشيكسولوب” (Chicxulub) بالأرض بأحد أهم أحداث الانقراض في تاريخ الأرض؛ وهو انقراض الديناصورات، والذي يعد أكبر أحداث الاصطدام المؤكدة.
تصادمات متواترة
على الرغم من أن الأجسام الخطرة التي يبلغ قطرها حوالي 50 مترا، تصطدم بالأرض كل 900 عام تقريبا، وتلك التي يزيد حجمها على كيلومتر واحد (والتي تتسبب في عواقب إقليمية أو عالمية كارثية) كل مليون سنة تقريبا؛ فإن نسبة صغيرة فقط من آثار تلك التصادمات فائقة السرعة قد تم اكتشافها أو بقيت محفوظة، وعددها يقترب من 200 حفرة مؤكدة على الأرض.
وبما أن معظم سطح الأرض (71% حاليا) مغطى بالمياه، فإنه من المنطقي أن تشكل الحفر الصدمية البحرية غالبية الحفر على الأرض.
ورغم ذلك فقد تم اكتشاف من 15 إلى 20 فقط من الحفر الناتجة من تصادم الفائق السرعة في البحار، حيث يوجد معظمها في بحار قارية ضحلة، ومعظمها الآن مكشوف على الشاطئ ولم يتم الحفاظ عليها إلا جزئيا.
والآن، وجد العلماء دليلا على وجود فوهة اصطدام كويكب تحت شمال المحيط الأطلسي يبلغ عرضها 8.5 كيلومترات، مدفونة على عمق 300-400 متر من سطح البحر، وعلى بعد 400 كيلومتر قبالة ساحل غينيا، غرب أفريقيا.
وقد نشر الفريق البحثي نتائجه في دورية “ساينس أدفانسيز” (Science Advances) في 17 أغسطس/آب الجاري.
ويذكر البيان الصحفي الذي نشر على موقع جامعة “هيريوت وات” في إدنبرة بالمملكة المتحدة أن الفريق يعتقد أن الحفرة كانت ناجمة عن اصطدام كويكب يبلغ عرضه 400 متر بالأرض منذ حوالي 66 مليون سنة، وهو نفس الوقت تقريبا الذي ضرب فيه كويكب تشيكسولوب الأرض وقضى على الديناصورات، إلا أنهم سيحتاجون إلى الحفر في قاع البحر وجمع العينات لإثبات نظريتهم.
تسبب اصطدام كويكب تشيكسولوب بالأرض في انقراض الديناصورات قبل 66 مليون عام (جامعة تكساس)
بيانات زلزالية وراء الكشف
ويذكر البيان الصحفي أيضا أن الدكتور أويسدين نيكلسون -الجيولوجي بجامعة هيريوت وات- قد عثر على الحفرة من خلال الفحص الزلزالي لقاع المحيط الأطلسي، ويشرح قائلا “لقد فسرت الكثير من البيانات الزلزالية، لكنني لم أر شيئا كهذا من قبل. فبدلا من العديد من الرسوبيات المسطحة التي كنت أتوقعها، وجدت انخفاضا بطول 8.5 كيلومترات تحت قاع البحر، بخصائص غير عادية للغاية”.
وأضاف “إن لها سمات خاصة تشير إلى كويكب. فلها حافة مرتفعة ورقعة مركزية بارزة للغاية، والتي تتوافق مع الفوهات التصادمية الكبيرة”.
ويكمل نيكلسون “لديها أيضا ما يشبه المقذوفات التي تخرج من فوهة البركان، مع رواسب مشتتة تمتد لعشرات الكيلومترات خارج الحفرة. وهذه الخصائص لا تتفق مع الأشكال الأخرى لتشكيل فوهة مثل سحب الملح أو انهيار البركان”، وقد أطلق عليها نيكولسون اسم “فوهة نادير” (Nadir Crater)، على اسم جبل بحري قريب.
ويذكر البيان أيضا أن البيانات الزلزالية تشير إلى أن عمر الفوهة هو نفس عمر فوهة تشيكسولوب التي قضت على الديناصورات، ويعتقد الفريق أن الكويكب الذي أنشأ فوهة نادير قد يكون تشكل بسبب تحطم كويكب رئيسي أو بسبب تدفق كويكبات في تلك الفترة الزمنية.
اكتشاف مثير
ويقول الدكتور شين جوليك، خبير الأجسام التصادمية في جامعة تكساس والباحث المشارك في البحث “في حين أنه جسم تصادمي أصغر بكثير من كويكب تشيكسولوب الذي تسبب في انقراض الديناصورات، إلا أن وجوده ذاته يتطلب منا التحقيق في إمكانية حدوث عدة تصادمات في العصر الطباشيري الأخير. وعلى الرغم من مرور 4 مليارات سنة من الاصطدامات التي ضربت الأرض، فقد تم اكتشاف 200 فوهة فقط، وبالتالي فإنه من المثير اكتشاف اصطدام محتمل جديد، لا سيما في البيئة البحرية التي يصعب استكشافها”.
تشير عمليات المحاكاة إلى أن هذه الحفرة نتجت عن اصطدام كويكب بعرض 400 متر (جامعة هيريوت وات)
ويشير البيان الصحفي إلى أن العلماء استخدموا المحاكاة الحاسوبية لتحديد نوع الاصطدام الذي حدث ولمعرفة الآثار المحتملة.
وتقول الدكتورة فيرونيكا جيه براي، عالمة الكواكب في جامعة أريزونا والمشاركة في البحث “تشير عمليات المحاكاة التي أجريناها إلى أن هذه الحفرة نتجت عن اصطدام كويكب بعرض 400 متر في 500-800 متر من الماء، ومن المحتمل أن يكون قد تسبب في حدوث تسونامي يزيد ارتفاعه على كيلومتر واحد، بالإضافة إلى حدوث زلزال بقوة 6.5 درجات أو نحو ذلك.
ويقول الباحثون في ورقتهم البحثية إن البيانات الزلزالية تسمح لهم ببناء إطار للعمر التقريبي للفوهة وبيئتها القديمة، وإنهم يستخدمون نماذج عددية لمحاكاة حدث التصادم واختبار ما إذا كانت هندسة الحفرة متوافقة مع حدوث التصادم أم لا.
كما أنهم يجمعون بين الملاحظات الزلزالية ونتائج النموذج لبناء نموذج افتراضي لتشكيل فوهة البركان والعواقب البيئية المحتملة لمثل هذا الحدث، مع الأخذ في الحسبان ارتباط هذا التصادم المحتمل بأحداث أرضية أخرى من نفس العمر.
وتقول براي إن “هذه محاكاة أولية لا تزال تحتاج إلى تدقيق عندما نحصل على المزيد من البيانات، لكنها توفر رؤى جديدة مهمة حول أعماق المحيطات المحتملة في هذه المنطقة في وقت الاصطدام”.
المصدر: مواقع إلكترونية