التحاق هيئة أمازيغية بحزب سياسي يثير جدلا في المغرب
في خطوة وصفها الطرفان بـ"التاريخية"، أعلن حزب "التجمع الوطني للأحرار" المغربي، و"جبهة العمل السياسي الأمازيغي"، الأسبوع الماضي، عن اتفاق يفضي إلى انضمام نشطاء الجبهة إلى الحزب.
وخلفت هذه الخطوة ردود فعل متباينة، حيث انقسمت الآراء بشأنها بين مؤيدين لها ولفكرة انخراط النشطاء الأمازيغ عموما في الأحزاب السياسية على أساس أن "العمل من داخل المؤسسات سيخدم القضية الأمازيغية"، وموقف آخر لا يرى أن تلك الخطوة ستكون مفيدة للقضية.
التحاق "جماعي"
في كلمة له خلال حفل توقيع البلاغ المشترك بين "التجمع الوطني للأحرار" و"جبهة العمل السياسي الأمازيغي"، يوم الثلاثاء الماضي، قال منسق الجبهة، محيي الدين حجاجي "كنا دائما نمارس السياسة، ولكن كانت سياسة من نوع خاص، سياسة الرفض المطلق لكل شيء، وسياسة تقوم على مقاطعة كل ما يمت للمؤسسات وللدولة بصلة".
وأوضح حجاحي أن "الغياب عن المجال المؤسساتي لم يكن من منطلق رغبة ذاتية أو نفور عبثي بقدر ما كان مبنيا حينها على مجموعة من المعطيات من قبيل أنه لا يمكننا أن نشتغل من داخل مؤسسات لا تعترف أصلا بالأمازيغية".
ولكن، يضيف المتحدث، "بعد التعديل الدستوري لسنة 2011 طرأت مستجدات، لسنا راضين عليها مئة بالمئة، ولكنها على الأقل تتيح أرضية يمكن أن نطورها لنشتغل من داخل الأحزاب والمؤسسات عموما".
وأبدى حجاجي ارتياحا لنظرة التجمع للقضية الأمازيغية، حيث قال "أشد ما كنت أخشاه أنا وإخواني وأخواتي في الجبهة، أن يكون الفاعل الحزبي -حسب تصورنا السابق- ينظر إلى القضية الامازيغية من زاوية ضيقة ولكن كلمة الرئيس (يقصد رئيس التجمع عزيز أخنوش) ربما طمأنتني وطمأنت الكثير من الإخوة".
وشدد حجاجي على أن "مشروع جبهة العمل السياسي الأمازيغي هو أكثر من مجرد دفاع عن ثقافة ولغة" مضيفا أن "الثقافة واللغة جزء أساسي سنناضل من أجله وفي سبيله من داخل الحزب" ولكن إلى جانب قضايا أخرى تدخل في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية.
"خطوة فردية"
وإذا كان مجموعة من نشطاء "جبهة العمل السياسي الأمازيغي"، اختاروا الالتحاق بحزب التجمع الوطني للأحرار بشكل جماعي وباسم تلك الهيئة، فإن رئيسة "التجمع العالمي الأمازيغي"، أمينة بن الشيخ، قررت بدورها الالتحاق بالحزب مؤخرا، ولكن باسمها الشخصي وليس باسم التجمع الذي ترأسه، وذلك وفق ما أكدته في تصريح لـ"أصوات مغاربية".
وتعرضت بن الشيخ إثر هذا القرار لانتقادات عديدة، غير أنها دافعت عن موقفها، وشددت ضمن بيان لها على أنه "لا يوجد في القانون الأساسي لمنظمة التجمع العالمي الأمازيغي ولا في ميثاق تامازغا ما ينص على استقلالية أعضائه عن الأحزاب السياسية، ولا ما يمنعهم عن الانضمام إليها وفق قناعاتهم".
وتؤكد بن الشيخ اقتناعها بـ"جدوى الترافع عن القضية الأمازيغية من داخل المؤسسات"، وتقول بهذا الخصوص "الفكرة التي لطالما كانت حاضرة لدي هي أنه ما دامت الأمازيغية هُمشت بقرارات سياسية فلابد أيضا من قرارات سياسية لرفع التهميش عنها والنهوض بها".
وتتابع المتحدثة موضحة "لقد كنا دائما نمارس السياسة، ولكن ليس من داخل الأحزاب"، مبرزة ضمن تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أنه "بعد دسترة الأمازيغية وإخراج القوانين التنظيمية سواء المتعلقة بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية أو قانون المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، صار يتحتم علينا أن نشارك بفعالية أكبر ليتم تنزيل هذه القوانين على أرض الواقع".
من هذا المنطلق، تضيف بن الشيخ "أصبح انخراطنا في المؤسسات ضروريا، والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك، هي الممارسة السياسية من داخل الأحزاب".
"استقطاب انتخابي"
من جانبه، لفت الكاتب والناشط الأمازيغي، عبد الله بوشطارت، إلى أن "مسألة انضمام نشطاء أمازيغ في الأحزاب السياسية ليس بالأمر الجديد"، حتى إن "قيادات في الحركة الأمازيغية كانوا ينتمون إلى أحزاب كالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية والحركة الشعبية".
ورغم أن بوشطارت، الذي يعد من مؤسسي "الحزب الديمقراطي الأمازيغي"، الذي تم إبطاله وحله بقرار قضائي سنة 2008، يتشبث بفكرة تأسيس حزب بمرجعية أمازيغية، فإنه يؤكد أنه ليس ضد انخراط نشطاء أمازيغ في الأحزاب الموجودة حاليا، ولكن "كأفراد"، مشددا انطلاقا من ذلك على رفضه "تسويق" حزب التجمع لاتفاقه مع الجبهة، و"كأنه يعني الحركة الأمازيغية كلها".
وبالنسبة للمتحدث فإن التحاق نشطاء جبهة العمل السياسي الأمازيغي بحزب التجمع الوطني للأحرار لا يعدو كونه "عملية استقطاب انتخابي"، معتبرا أن تلك العملية "لن يكون لها أي أثر في الزخم النضالي الأمازيغي".
ويرجع بوشطارت موقفه هذا إلى عدة أسباب، بعضها يرتبط بطبيعة الحزب الذي اختارت الجبهة الالتحاق به والذي يؤكد بأنه "لا يمكن أن يكون حاملا سياسيا يستوعب القضية الأمازيغية أو الخطاب السياسي الأمازيغي".
أما الأسباب الأخرى فتتعلق بحسب المتحدث نفسه بطبيعة الجبهة كتنظيم، إذ يقول إنها "وبغض النظر عن أعضائها الذين توجد من بينهم شخصيات مناضلة في الحركة الأمازيغية"، فهي تبقى "هيئة حديثة، ليس لها تراكم نضالي" كما أن "أرضيتها السياسية ضعيفة".

• المصدر: أصوات مغاربية

التحاق هيئة أمازيغية بحزب سياسي يثير جدلا في المغرب  Io10