مركبة فضائية وقمر “الخوف” المريخي يكشف عن هياكل غريبة “مخيفة” داخله
توغلت مركبة الفضاء “مارس إكسبريس” في أعماق قمر المريخ “فوبوس”، أكثر من أي وقت مضى، ووجدت تلميحات عن هياكل غير معروفة يمكن أن تكون أدلة على أصل هذا القمر.وقد حلقت “مارس إكسبريس” (Mars Express)، وهي مركبة فضائية مخضرمة عمرها 19 عاما في مدار حول المريخ، على بعد 51.6 ميلا (83 كيلومترا) من “فوبوس” في 22 سبتمبر 2022، وتمكنت من دراسة ما تحت سطح هذا القمر باستخدام برنامج مطور على أداة MARSIS الخاصة بها ( رادار المريخ المتقدم للأشعة تحت السطحية والغلاف الأيوني).
ويمكن أن يكون فهم البنية الداخلية لقمر “فوبوس” مفتاحا لحل لغز أصله. وأشارت أندريا تشيكيتي، وهي عضو في فريق العلوم MARSIS في المعهد الوطني الإيطالي التابع للمعهد الوطني للفيزياء الفلكية (INAF)، في بيان: “ما زلنا في مرحلة مبكرة من تحاليلنا، لكننا رأينا بالفعل علامات محتملة لميزات لم تكن معروفة من قبل تحت سطح القمر”.
وفي عام 1877، اكتشف عالم الفلك الأمريكي أساف هول قمرين صغيرين يدوران حول المريخ، سُميا فيما بعد “فوبوس” و”ديموس” بمعنى “الخوف” و”الرعب” على التوالي، عند الإغريق.
لكن الإثارة، بعيدا عن “الخوف” و”الرعب”، تكمن في اللقاء الوثيق مع “فوبوس”، الذي قامت به مركبة الفضاء “مارس إكسبريس”، التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، في الفترة التي سبقت عيد الهالوين هذا العام.
وقد أتاح التحليق الأخير بالقرب من قمر المريخ الأكبر هذا، فرصة مثالية لاختبار أحد أقرب تحديثات المركبة الفضائية.
وتم تصميم أداة MARSIS في الأصل، لدراسة الهيكل الداخلي للمريخ. ونتيجة لذلك، تم تصميمه للاستخدام على مسافة نموذجية بين المركبة الفضائية وسطح الكوكب – أكثر من 250 كم.
لكنها تلقت مؤخرا ترقية كبيرة للبرامج تسمح باستخدامها على مسافات أقرب بكثير، يمكن أن تساعد في إلقاء الضوء على الأصل الغامض للقمر “فوبوس”.
وقالت أندريا: “خلال هذا التحليق، استخدمنا MARSIS لدراسة فوبوس من مسافة قريبة تصل إلى 83 كم. ويتيح لنا الاقتراب دراسة هيكله بمزيد من التفصيل وتحديد الميزات المهمة التي لم نكن لنتمكن من رؤيتها من بعيد. وفي المستقبل، نحن على ثقة من أنه يمكننا استخدام MARSIS من مسافة تزيد عن 40 كم. وتم ضبط مدار مارس إكسبرس ليقربنا من فوبوس قدر الإمكان خلال عدد قليل من الرحلات الجوية بين عامي 2023 و2025، ما سيمنحنا فرصا رائعة للمحاولة”.
وتابع سايمون وود، مراقب الرحلة في برنامج مارس إكسبرس في مركز عمليات ESOC التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، والذي أشرف على تحميل البرنامج الجديد إلى مركبة الفضاء: “لم نكن نعرف ما إذا كان هذا ممكنا. واختبر الفريق عددا قليلا من الأشكال المختلفة للبرنامج، مع تحميل التعديلات النهائية الناجحة على المركبة الفضائية قبل ساعات فقط من التحليق”.
أصول غامضة
تشتهر MARSIS بدورها في اكتشاف علامات وجود الماء السائل على الكوكب الأحمر، وترسل موجات راديو منخفضة التردد باتجاه المريخ أو “فوبوس”، باستخدام هوائي يبلغ طوله 40 مترا.
وتنعكس معظم هذه الموجات من سطح الجسم، لكن بعضها يسافر عبره وينعكس عند الحدود بين طبقات المواد المختلفة تحت السطح.
ومن خلال فحص الإشارات المنعكسة، يمكن للعلماء رسم خريطة للبنية أسفل السطح ودراسة خصائص مثل سمك المادة وتركيبها.
وبالنسبة إلى المريخ، يمكن أن يكشف هذا عن طبقات مختلفة من الجليد أو التربة أو الصخور أو الماء. لكن البنية الداخلية لـ”فوبوس” أكثر غموضا، ويمكن أن تقدم الترقية إلى MARSIS رؤية مهمة.
ويقول كولين ويلسون، العالم في برنامج “مارس إكسبريس” في وكالة الفضاء الأوروبية: “إن سؤال ما إذا كان قمرا المريخ الصغيران من الكويكبات التي تم التقاطها أو أنهما مصنوعان من مادة ممزقة من المريخ في أثناء الاصطدام هو سؤال مفتوح. فمظهرهما يشير إلى أنهما كانا كويكبين، لكن الطريقة التي يدوران بها حول المريخ يمكنها قول خلاف ذلك”.
أنتجت الصورة التي حصلت عليها أداة MARSIS، ما يسمى radargram (صورة رادارية لرواسب معدنية أو سطح كوكبي)، أثناء تحليق فوبوس في 23 سبتمبر 2022.
ويكشف radargram عن “أصداء” تنشأ عندما ترتد إشارة الراديو المنبعثة من MARSIS عن شيء ما وتعود إلى الجهاز. وكلما كانت الإشارة أكثر سطوعا، زاد صدى الصوت.
ويُظهر الخط اللامع المستمر صدى سطح القمر. وتكون الانعكاسات السفلية إما “فوضى” ناتجة عن سمات على سطح القمر، أو، بشكل أكثر إثارة للاهتمام، علامات على السمات الهيكلية المحتملة تحت السطح.
ويوضح radargram عبر المسار الضيق على فوبوس خطا لامعا مقسما إلى قسمين: يسمى A-C وD-F.
المصدر:مواقع ألكترونية