جرائم عقبة بن نافع في ميزان الإسلام
أولا : جريمة "فرض جزية بيع الأولاد على الأهالي"وهي بدعة في الاسلام اول من اخترعها هم الأمويين ووقعت تحت امارة عقبة بن نافع عند غزوهم لشمال افريقيي فهل سمعتم في شريعة الاسلام جزية او ضريبة تدفع بشرا من ابناء الاحرار المستضعفين؟ طبعا لا فالإسلام يحرم هذا وكما جاء في الحديث القدسي :"ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ ، ذكر منهم : رَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ) رواه البخاري ( 2227)
ثانيا: "جريمة الغدر بالمعاهدين و المسالمين و التنكيل والتمثيل باجسامهم"
جريمة التنكيل وتشويه اجسام المعاهدين و المسالمين ثابتة على عقبة فيقول "إبن عبد الحكم" في كتابه "فتح مصر و المغرب" قدم عقبة "ودان" فافتتحها ، وأخذ ملكهم فجدع أذنه فقال : "لماذا فعلت هذا بي وقد عاهدتني؟" فقال عقبة :"فعلت هذا بك أدبا لك فإذا مسست أذنك ذكرته فلم تحارب العرب"
فمضى عقبة غازيا فوصل قصور ( كوار) فافتتحها حتى وصل أقصاها وفيه ملكُها فأخذه وقطع إصبَعه فقال:"لمَا فعلتَ هذا بي؟" قال:" أدبا لك إذا أنت نظرت إلى إصبعك لم تحارب العرب" ، وفرض عليهم ثلاثمائة وستين عبدا
وهذه الأفعال كلها مخالفة لحكم الله تعالى و سيرة نبيه حيث قال عليه أزكى الصلاة و التسليم :" اغْزُوا بِسْمِ اللهِ وَفِي سَبِيلِ اللهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَلاَ تَغُلُّوا وَلاَ تَغْدِرُوا وَلاَ تُمَثِّلُوا وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيدًا"
وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له:"مثل بهم يا رسول الله "( يعني قتلى الكفار) فقال عليه الصلاة والسلام:" لا أمثل بهم فيمثل الله بي ولو كنت نبياً"
ثالثا :"جريمة اذلاله بالمعاهدين"
و يوضح هنا المؤرخ "ابن عبد الحكم" حيث يقول : هكذا ومن ودان سار إلى "جرمة" بليبيا وهي مدينة فزان العظمى ، فدعاهم إلى الإسلام فأجابوا وخرج ملكهم يريد عقبة وأرسل عقبة خيلا حالت بين ملكهم وبين موكبه ، فأمشوه راجلا حتى أتى عقبة وقد اخذ منه التعب والإعياء وكان ناعما فجعل يبصق الدم فقال له : "لم فعلت هذا وقد أتيتك طائعا ؟" فقال عقبة :" إذا ذكرته لم تحارب العرب "، وفرض عليهم ثلاثمائة وستين عبدا يدفعون رقيقا
وهذا حرام محرم شرعا حيث قال الله تعالى : { وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون} النحل 91
ويقول ايضا عز و جل : { وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً } الإسراء34
رابعا: جريمة "الحقد على الناس و اذلالهم"
يقول إبن خلدون:وكان عقبة في غزواته للمغرب يستهين كسيلة ويستخف به وهو في إعتقاله وأمره يوماً بسلخ شاة بين يديه فدفعها إلى غلمانه وأراده عقبة على أن يتولاها بنفسه وإنتهره فقام إليها كسيلة مغضباً وجعل كلما دس يده في الشاة يمسح بلحيته والعرب يقولون: "ما هذا يا بربري؟" فيقول:" هذا جيد للشعر" فيقول لهم شيخ منهم:" إن البربري يتوعدكم" وبلغ ذلك أبا_المهاجر_دينار رحمه الله فنهى عقبة عنه وقال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستألف جبابرة العرب، وأنت تعمد إلى رجل جبار في قومه قريب عهد بالشرك فتفسد قلبه" وأشار عليه بأن يوثق منه وخوف فتكه فتهاون عقبة بقوله.
وما قام به عقبة هنا مخالف للإسلام فقد قال عز و جل : وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ....سورة آل عمران159
وقد منع صلى الله عليه وسلم الاعتداء على المسلم من الناحية المعنوية أو الجسديَّة فقال : ” لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابرُوا ولا يبيع بعضُكم على بيعِ بعض وكُونُوا عباد الله اخوانًا ، المسلمُ أخو المسلم لا ظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى ها هنا ويُشير إلى صدره ثلاث مرات ، بِحسْب امرئٍ من الشرِّ أن يحقر أخَاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه ” . ( رواه مسلم )
خامسا: جريمة "الغزو غيلة وغدر للمستضعفين و القرى الامنة"
يقول المؤرخ ابن عبد الحكم في كتابه ثم رجع عقبة إلى مدينة "خاور" التي فشل في حصارها سابقا من غير طريقه التي كان أقبل منها، فلم يشعروا به حتى طرقهم ليلا فوجدهم مطمئنين قد تمهدوا في أسرابهم ، فاستباح ما في المدينة من ذرياتهم وأموالهم وقتل مقاتله
وما فعله عقبة هنا هو الحقارة و الدناءة و الخساسة بأتم معانيهم فغدر المستضعفين الآمنين المدنيين وهم نيام حرام محرم شرعا حيث يقول تعالى:" لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة -8-.
و كذلك قوله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) البقرة -190
(ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين )
و في هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من قتل نفسًا معاهدًا لم يَرُح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما»
وقال كذلك: " اغزوا في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، اغزوا ولا تغلوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليدا ، ولا أصحاب الصوامع " . رواه الإمام أحمد
و عن أبي عبدالله (ع) عن رسول الله (ص) قال: (إن أعق الناس على الله تعالى من قتل غير قاتله ومن ضرب من لم يضربه)
سادسا :"جريمة اكراه الناس على الدخول في الاسلام تحت عقوبة السبي او القتل"
تاكد من المراجع التاريخية على عقبة الإكراه في المعتقد او السبي والقتل وهذا الاكراه منكر في كتاب الله ، قال تعالى:
﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(256﴾(سورة البقرة)
﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272﴾( سورة البقرة )
﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56﴾( سورة القصص)
﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(125
سابعا: جريمة "السبي واسترقاق الاحرار و المستضعفين"
فقد ثبت على عقبة أنه استعبد الناس و سبى النساء المدنيات وهذا محرم في الإسلام (كما وضحنا من قبل)
انظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 348 - 350)، دار إحياء التراث العربي بيروت ، ورد في الكتاب ما يلي: عن المهلب بن أبي صفرة قال: "حاصرنا "مناذر" فأصبنا سبيا فكتبوا إلى عمر أن مناذر قرية من قرى السواد، فردوا إليهم ما أصبتم.
عن عبد الرحمن بن عائذ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث بعثا قال: تألفوا الناس ولا تغيروا عليهم حتى تدعوهم فما على الأرض من أهل بيت ولا مدر ولا وبر إلا تأتوني بهم مسلمين أحب إلي من أن تأتوني بنسائهم وأولادهم وتقتلوا رجالهم.
لا يحل لأحد من المسلمين شيء من غنائم المشركين قليل ولا كثير خيط ولا مخيط، لا آخذ ولا معط إلا بحق (ع عن ثوبان).
من أخذ أرضا بجزيتها فقد استقال هجرته، ومن نزع صغار كافر من عنقه فجعله في عنقه فقد ولى الإسلام ظهره.
(د عن أبي الدرداء) (رواه أبو داود باب ما جاء في الدخول في أرض الخراج رقم (3065)
انظر كذلك كتاب: "كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال" (باب في أحكام الجهاد) . فصل في الأحكام المتفرقة
لتفهم من خلال الاحاديث المذكورة فيه على ان المدنيين العزل لا يعتدى عليهم اطلاقا
بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى اللات والعزى بعثا فأغاروا على حي من العرب فسبوا مقاتلتهم وذريتهم، فقالوا: "يا رسول الله أغاروا علينا بغير دعاء" فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أهل السرية؟ فصدقوهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ردوهم إلى مأمنهم، ثم ادعوهم"
فالرسول عليه أزكى التسليم لم يعتد ولم يهاجم ولا مرة قوما آخر وفي كل فتوحاته كانت يا إما دفاعية أو هجوم من أجل صد الاعتداء أو إعادة مسروقات ، كما قال تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ...) البقرة
وقال عز و جل كذلك:(وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ، ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم ، واتقوا الله)
فالرسول قال للإمام علي ومن قبله لمعاذ: "لا تقاتل أعداءك إلا لو قاتلوك، فإن قاتلوك فلا تقاتلهم حتى يقتلوا منكم رجلًا، فإن قتلوا منكم رجلًا فلا تقاتلهم حتى تريهم القتيل، وتقول هل إلى خير من ذلك؟ فلأن يهدى الله بك رجلًا واحدًا خير مما طلعت عليه الشمس".
فالإسلام يَنهى عن قتلِ النفس – أيّ نفس كانت ( أنهُ من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً … ” ( سورة المائدة /32)
يكون أساس الدعوة الاسلامية هو اللين والحكمة والموعظة الحسنة، وليس بالسيف و القتل و السبي و النهب كما أمر الله تعالى بذلك نبيهم، وأمره أمر لأمته ، قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} النحل(125)
المصدر: مواقع ألكترونية