الشعب القبائلي و الربيع المستمر
الشعب القبائلي و الربيع المستمر 1506
“الأمازيغ السكان الأصليون للجزائر", هكذا بدأ حواري مع آمال محندي, صحافية جزائرية و ناشطة اجتماعية من أصل قبائلي. كبرت آمال في الجزائر العاصمة لكنها "تروج منذ صغرها" للثقافة الأمازيغية.
مقاومة وإصرار الشعب القبائلي من أهم العوامل التي أدت للاعتراف بالهوية الأمازيغية في الدستور الجزائري: هذه هي قصته.
نص الحلقة :
ليلى :"ماذا تعرفون عن أقدم سكان شمال أفريقيا
جاليات منسيه أو مهمله من قبل التاريخ والثقافات العامه سوف أخذكم معي إلى مناطق منسية من التاريخ وقصصها المجهوله سوف نسمع كلامهم وقصصهم ليست المبنيه علي قواعد وخرافات لكن الحقيقة والتي نابعه منهم .
في عام 2016, سافرت إلى مدينة قسنطينة, بالجزائر, لأحضر ملتقى نسوي و بهذه المناسبة, أعجبت بصناعة مجوهرات الفضة, التي تشتهر بها منطقة القبائل. أكيد, ما تركت البلد قبل ما أحصل على حلقات فضة من التراث الأمازيغي.
تفاجأت عند اظهار اي رمز للهوية الأمازيغية, بفرح.
خلق الفضاء لي بالنسبة الى ذكرى من أيام حلوة قضيتها بمدينة الجسور المعلقة, قسنطينة, ينظر لها كرمز للحفاظ على هويتها. لأنه الشي الوحيد الي يترك شعب على قيد الحياة, هو الفن والثقافة.
و صناعة المجوهرات واللباس التقليدي,مثل الغناء أو الرقص, هو فن.
حلقة اليوم سوف تاخذكم على منطقة أمازيغية جبلية في شمال الجزائر, تسمى بلاد القبائل أو تمورنت إقبايلين و هي منطقة مشهورة بمناضليها و شهامتهم.
بعض الباحثين يعتبرون ان شعب القبائل يتبع النظام الأمومي(احترام المرأة) و هي الفكرة نابعة عن أسطورة قبائلية مهمة: الملكة ديهيا.
كاهنا أو ديهيا بالأمازيغي, هي أخر ملكة أمازيغية ,يقال أنها حكمت بين عام 688 و 703 حسب التقويم الميلادي.
الملكة ديهيا اشتهرت بمقاومتها ضد التوسع الأموي.
أسمها يعني الرؤيا بالتمازيغت و يقال أنها كانت تتمتع بقدرة الاستبصار. بدأ عهدها و عمرها 17 سنة, بعد مقتل والدها, الملك تابيتا.
الأمازيغ يعتبرون ملكتهم ديهيا رمز لحامية هويتهم التي هددت مرات عديدة عبر التاريخ و إلى اليوم.
الشعب القبائلي, مثل كتير من الأمازيغ بشمال إفريقيا, رفض نسيان هويته.
أمل :" والله أنا لا أحب كتير كلمة جاريات لأنه يعني هم سكان أصليين للجزائر ۔"
ليلي :"بهل جملة, بدأ حواري مع أمل, صحافية جزائرية أمازيغية و ناشطة اجتماعية كبرت بالجزائر العاصمة لكن أصلها من مدينة تيزي وزو , ثاني أهم مدينة قبائلية أثبتت شجاعتها ضد الاستعمار الفرنسي.
أمل :" أنا من أصول أمازيغية من منطقة القبائل بالتحديد من مدينة تيزي وزو وقضيت واشتغلت في الجزائر العاصمة لهذا عندي مزيج من الثقافة القبائلية العاصمية في البيت العائلي مع الجد والجدة والوالدين كانوا باللغة الأمازيغيه واللهجة القبائلية في المنزل وأكيد تلقين أساسيات الثقافة الأمازيغيه كان بطبيعة الحال المركز لدي وفي البيت لهذا كان شئ طبيعي جدا أنه نتكلم باللغة الزمازيغيه ونكبر بتلك الثقافة وأيضا نواجهها مع الأصدقاء لأنني كبرت في بيئه لا يتكلمون فيها اللغة الأمازيغيه كانوا يعني يتكلمون الدارجة الجزائرية واللغة العربية ولهذا منذ صغري يعني وأنا نروج بطريقتي للثقافة الامازيغية ۔"
الشعب القبائلي و الربيع المستمر 1-269
ليلي :" مثل ما أسأل كل ضيوفي أردت أن أفهم من أمل كيف وضع الأمازيغ بمنطقتها ؟"
أمل :" كانت نظرة المجتمع هي نظرة غريبة للمكون الأمازيغي بحكم التعريب والتهميش اللي لاقته هذه الثقافة في أواخر الستينيات والسبعينيات وعدم سماح لذلك المكون الذي هو مكون أساسي للهوية الوطنية بأن يدرس وأن يروج له في وسائل الاعلام وفي المدارس في الجامعات لكن بالنضال العديد من الكتاب والمثقفين المفكريين أصبحت اللغة الأمازيغية لغة رسمية مدسترة في الدستور الجزائري وأيضا ليس هناك نقاش علي هذا المكون ۔"
ليلي :"في ملاحظة مهمة جدا, لازم أحكي لكم عنها.
الجزائر, هي الدولة الأفريقية الوحيدة التي تعترف بأصلها و هويتها الأمازيغية نتيجة إصرار و نشاط أمازيغ الجزائر. "
أمل :" والتصالح أبعد من ذلك لأنه نحن البلد الوحيد في شمال افريقيا الذي أيضا نرسم اليوم من يناير اليوم يوم الاحتفال بالسنة الأمازيغية كعيد وطني وكعطلة مدفوعة الأجر هذا يعني أنه اليوم الجزائرين ما عندهم أيضا حتي مشكلة مع هذا المكون من مكونات الهوية الوطنية التي هي الأمازيغية ،"
ليلي :"يناير, أو رأس السنة الأمازيغية, هو عيد أمازيغي وطني بلجزائر.
في عام 1980, الناشط و المفكر الأمازي الجزائري, عمار نجادي أسس تقويما أمازيغيا , و قرر أن يثبت اليوم الأول للسنة الأمازيغية 12 يناير وهو يوم اعتلاء عرش الفرعون شيشينق في مصر القديمة.
بحسب المفكر عمار الشاوي, شيشنق كان فرعون من أصول ليبية أمازيغية و هو أول فرعون من السلالة الثانية و العشرين.
المؤرخين يعترفون فعلا بحكم الليبيين الأمازيغ بمصر القديمة و سموها الفترة الليبية.
في يناير 2021, تفاجأ سكان تيزي وزو بتمثال لشيشنق, بنص ساحة المدينة و الذي أدى إلى جدال كبير.
من جهة, بعض سكان المدينة اشتكوا من موقع التمثال,و من جهة أخرى, برز إخواننا المصريين بحملة معارضة على تويتر, هاشتاغ #شيشنق_مصري.
ما لحقنا ننسى المباراة الفاصلة في تصفيات كأس العالم 2009 و وقعت على رأسنا قصة شيشنق …
لنتكلم بأكثر جدية, لماذا موضوع الحفاظ على الهوية الأمازيغية هل هذا مهم ؟ و كيف تم تهميش الهوية سابقا ؟
أمل :" تهميش بدأ من الاستعمار الفرنسي الذي حاول طمس الهوية الجزائرية بكل ما أوتي من إمكانيات يعني للتواجد في الجزائر كان هدفة الأساسي هو طمس الهوية الأمازيغية وأيضا المكون الديني اللي هو الدين الإسلامي
الاحتلال الفرنسي للجزائر كان في سنه 1830 لكنه لم يصل إلى منطقة القبائل إلا بعد أكثر من 20 سنه بسبب المقاومة الشرسة التي كانت في تلك المنطقة ولما دخل لاحظ أنها تتميز بخصوصيات لسكان تلك المنطقة خصوصيات لغوية خصوصيات ثقافية عرقية دينية فحاول أنه يستثمر في كل تلك الخصوصيات ويحاول يطمسها ويخلق تشنج وأيضا خلاف بين كل الجزائرين يعني هناك أهداف الاستعمار وهي ضرب الوحدة واستقلال لوحدة الوطن بعد الاستقلال أكيد لا وجود للانفصال في ارادة سياسية لأنه الخلاف بدأ بعد الاستقلال لكن عند خروج الاستعمار لا وجود في ارادة سياسية احتوت ذلك النزاع الذي ولد منه اختلاف واستمر عدة سنوات لكن في أواخر سنوات التسعنيات كما قلت لك بعد التراكم النضالي أصبح المكون الأمازيغي لا جدال فيه۔"
ليلي :"بعام 1996, دخلت الهوية الأمازيغية في الدستور الجزائري و تم الاعتراف بها رسميا و قانونيا كهوية جزائرية. لكن قبل التطبيع, كان الوضع مختلف جدا…
أمل :" لما نتحدث علي التهميش يعني تهميش ثقافي لما نقول أنه ما كان فيه تعليم للغة الأمازيغيه ما كان أعتراف باللغة الأمازيغيه العديد من مفكرين منعوا من تنشيط ندوات للتحدث عن الثقافة الأمازيغية لم يكن في تواجد لأي مكون من الثقافة هذه في وسائل الإعلام يعني كان في طمس للهوية هذا هو نوع التهميش الذي عانوا منه الأمازيغ في الجزائر كما قلت لك في السبعينات والتمانينات لم نكن نحس انذاك بالانتماءحين نتكلم يكون لأن لغته وثقافته غير معترف بها هذا نوع التهميش الذي عاشوه الأمازيغ ككل لأنه لما نتحدث علي الأمازيغ ونقصد بذلك الامازيغ في الجزائر هم القبائل ، الشاويه ، الشنوه ، الطوارق يعني كل هذه اللهجات تكون المكون الأمازيغي أو اللغة الأمازيغية۔"
ليلي :" لحد ما أمازيغ الجزائر قرروا أن يضعوا حدا لكل تهميش, و انطلق ما يسمى الربيع الأمازيغي…"
أمل :" في سنة 1980 حاول المفكر الأمازيغي وليد معمري الذي عمل جاهدا علي ترقية الثقافة الأمازيغيه وحتي طرح كتابة خاصه باللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني اللي هو مولود معمري وأصبحت تسمي تلك الكتابة معمري هو كاتب في ذلك الوقت كان يتأهب لتنظيم ندوه من أجل التكلم علي الثقافة الأمازيغيه فقام النظام آنذاك بمنعه فأدى هذا المنع إلى مسيرة سلمية شعبية بتاريخ 20 أفريل 1980 م .ومنذ ذلك الوقت أصبحنا نحي المناسبة بمسيرات سلمية في كل تظاهرة وقد تعرضنا إلى القمع البوليسي بالقتل والسجن والتعذيب لكننا صامدون ولم نستسلم . ومنذ ذلك الحين أصبحت منطقتنا تعني محطة تاريخيه في محطات النظام من أجل الثقافة الأمازيغية ۔"
ليلي :"لكن الربيع الأمازيغي التحق بربيع أسود بعام 2001…"
أمل :" تم إغتيال أزيد من 128 متظاهر نجم عن ذلك يعني تشنج كبير ما بين الطبقة السياسية والمواطنين مواطنين سكان منطقة القبائل لكن بعدها مباشرة احتوي النظام تلك المسأله وأصبحت في تشاورات وتمثيل من قبل المناضلين والنظام الرئيس الراحل السابق عبدالعزيز بوتفليقة وإن كان الإعتراف باللغة الأمازيغية لغة رسمية مسجلة في الدستور إنشاء أيضا مفاوضة سامية للغة الأمازيغيه التي تعمل علي ترقية وكتابة اللغة الأمازيغية ۔"
ليلي :"مع كل حملات التوعية التي أدت للاعتراف بالهوية الأمازيغية في الجزائر, لكن هناك فئة من الجزائريين يرفضون إلى الأن الهوية الأمازيغية ۔"
أمل :"هذا الشئ طبيعي نحن نلاحظه بحكم التراكمات التي عرفتها شمال افريقيا من حقابات استعمارية منذ الوندال والرومان والبيزنطين والرومان والأتراك والعرب فهذا الخليط جعلنا نقول:أن تلك التراكمات والحقابات خلقت من سكان شمال افريقيا تمازج ثقافي. اليوم اذا كان شخصا لا يعترف باللغة الأمازيغية وثقافتها أعتقد أن هذا الشخص ضحية منظومات تعليمية تخص أنظمة بعثية ديكتاتورية .كانت تلك الأنظمة تمارس الطمس وتزييف التاريخ والأحداث والتعتيم الإعلامي والكثير من يفسرها حسب هواه وعن جهل والبعض يعتبرها صناعة أجنبية لتمزيق الوحدة الوطنية وآخرون يربطونها بالدين .ومع ذلك هناك من يتعمد في تزييف الحقائق لإقصاء الآخرين .ومهما يكن فالأمازيغية حاضرة بقوة ومهما زيفت وطمست وزورت فالتاريخ يبقى شاهدا بالمراجع والمصادر الأجنبية وبالمنطق العقلي والحجج العلمية التي تدحض كل الخرافات والأقاويل البعثية .
تاريخنا ليس في حاجة إلى اعتراف ومع ذلك لا نجبر المتطرفين على الاعتراف لكن أجبره على الاحترام والتعايش السلمي بفرضه للقانون.
ليلي :"أردت أن أسألك أمل كيف يمكن الحفاظ على الهوية الأمازيغية ؟"
الشعب القبائلي و الربيع المستمر 1-270
أمل:"كنا نناضل قصد الحصول على الاعتراف ونحن تجاوزنا هذه المرحلة يعني لما نتجاوز مرحله الاعتراف ننتقل إلى مرحله الترويج والكتابه ولا ننسى أن كل أمازيغي معني بترويج ميراث الأجداد يحمل هذه القضيه في قلبه ويساهم في نشرها ويستمرفي الترويج للثقافة وكتابتها والعمل علي البحث العملي وخدمة تلك الثقافة بالانتاج في كل إنتاج سمعي وبصري أنا اليوم نلاحظ أن أهداف النضال تغيرت من مرحله الاعتراف إلى مرحلة التوثيق۔"
ليلي :" حاليا كيف الوضع الاقتصادي والاجتماعي في منطقة القبائل؟"
أمل :" والله يعني الحال المداشر بحكم خروج الشباب للعمل والهجرة بغرض مستوي معيشي مريح دعنا نقول مريح لكن تبقي في مناطق لازال تعاني من عدم توفر الغاز توفر الكهرباء وهذا لا يقتصر فقط علي المناطق الأمازيغية لأن في مناطق نائيه في كل الولايات أما عن المساعدات دعنا نقول في منطقة القبائل خاصة بأنه منحصره كل نظام اجتماعي خاص بالمنطقه والقائم علي نظام شوري لأنها قري صغيرة ومداشر صغيرة كل الناس تعرف بعضها البعض وكل الناس تستشير بعضها في خدمة تلك القرية وطريقة العيش في منطقة القبائل هي طريقة خاصة وهذا رأيناه وما تجلي أيضا في جائحة كورونا حين بادر سكان المنطقة يعني قاموا بمبادرات رائعة في التصدي للوباء بغلق القري بفرض قوانين داخلية فرض غرامات لمن لا يحترم القوانين وهذا النظام قائم منذ الاستعمار يعني قبل الاستعمار كانت مداشر منطقة القبائل تعيش في ما بينها بتشاور باحترام القوانين بسن القوانين أيضا ۔"
ليلي :" تجمعت, هي من أقدم الأنظمة الديمقراطية في التاريخ و هدفها تنظيم الحياة الاقتصادية والقانونية والاجتماعية, ممكن يشارك فيها فقط الرجل الي وصل لسن الرشد. في معظم الدول المتوسطية, من لاحظ أنظمة شعبية قريبة للتجمعات الأمازيغية.

لأختم هذه الحلقة, لأسأل أمل اذا كنت تؤمنين بوحدة أمازيغية بمنطقة شمال أفريقيا و الجواب هو…"
أمل :"والله هذا يعني مشروع كبير ودعنا نقول حلم كبير لأنه كان في عدة محاولات من قبل من أجل لم شمل أمازيغ شمال أفريقيا في كل بقعة من جزر القمر الي سيوا في مصر يعني في عوامل مشتركة في تاريخ موحد في اللغة أيضا تجمع سكان شمال أفريقيا لكن ان لم تتحقق الإرادة السياسية فهذا يبقي هذا العمل حبرا على ورق يعني مجرد فكرة اليوم العمل الشبكي والعمل المشترك لابد منه من أجل ترقية الثقافة الأمازيغيه يجب الابتعاد عن المطالبة بالاعتراف والذهاب الي مرحله أخري التي تساهم في خدمة هذه الثقافة ۔"

المصدر:مواقع ألكترونية