5طقوس جزائرية للاحتفال بـ"يناير".. ما هي؟
حين تُشرق شمس الثاني عشر من كانون الثاني/جانفي، فإن ذلك يُعتبر إعلان بداية يوم منذور للفرح، فهو عند الجزائريين بداية لرأس السنة في التقويم الأمازيغي، يوم يرتبط بأساطير وحكايات كثيرة، هناك من يربطه بالموسم الفلاحي فيما يُرجعه آخرون لذكرى انتصار الملك شيشناق في حربه بمصر، لكن القاسم المشترك هو أن "يناير" عيد عائلي بامتياز.
جزائريون يستقبلون "يناير" بطقوس قديمة ويحاولون بعثها عبر الأجيال الجديدة للمحافظة عليها
تختلف طريقة الجزائريين في الاحتفال بهذا اليوم، على اختلاف عادات وتقاليد البلد عبر جهاته الأربع، نلخّص هنا أبرز خمس طقوس للاحتفال برأس السنة الأمازيغية.
نسوة منطقة القبائل يستقبل "يناير" بحلقات غنائية جماعية
أسقاس أمقاز
في يوم الاحتفال بيناير، تتردّد عبارة "أسقاس أمقاز" وتسمعها أينما ولّيت وجهك، حتى من طرف الجزائريين غير الناطقين بالأمازيغية، وهي عبارة يرادفها في اللغة العربية "عام سعيد"، وهي التحية الرسمية للعيد الذي غدا رسميًا بعدما أقره الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة عام 2018 .
وتحمل هذه العبارة أيضًا في ثناياها، تفاؤلًا بأن تكون السنة عام خير وبركة، عام تتهاطل فيه الأمطار وتنمو الغلال، لذلك يتم استقبال العام الجديد بالغناء والرقص والأهازيج، خاصة من طرف النسوة في منطقة القبائل، حيث تسير قوافل النسوة في طرق القرى الضيقة مُطلقات من حناجرهن أغاني خاصة باليوم السعيد.
طعام شهي وديك بَلَدِي
في غالب المنازل الجزائرية تحضّر العائلات لعشاء "يناير" طبقًا خاصًا، ففي منطقة القبائل تفضّل بعض العائلات التضحية بديك بلدي ليزيّن مائدة العشاء، بينما تضع ربّة البيت حبّات بيض مسلوق فوق الكسكس، ليكون العام ناصعًا كحبات الكسكس والبيض، فيما تختار عائلا أخرى تحضير "كسكس الحبوب السبع" وهو كسكس يحضّر مرقه باستعمال سبعة أنواع من الحبوب والبقول.
طبق "الشرشم" تشتهر به مدينة سطيف في احتفالات رأس السنة الأمازيغية "يناير"
أما في منطقة سطيف شرق البلاد، يتم تحضير طبق "الشرشم"، أو"إيركمن" وهي كلها تسميات لطبق معروف منذ القدم يحضر من الحبوب والبقوليات، وتستقبل به العائلات مناسبات عدة وعلى رأسها "يناير" كما يحضر الطبق أيضًا لما يظهر أول سن للطفل الصغير، أو لما تنصب أعمدة "المنسج" لحياكة الزرابي وبعض الأغطية التقليدية.
فيما تفضّل عائلات أخرى أن تحضّر في ليلة "يناير" أطباق "الرشتة" بلحم الدجاج أو الشخشوخة أو التريدة أو أطباق تقليدية أخرى، فالجميع يحرض على أن يكون عشاء يناير مميّزا.
لحم "الوزيعة" يوزّع على المحتاجين والفقراء بمنطقة القبائل
الوزيعة.. لحم لكل الناس
قد تكون الوزيعة من بين أكبر مظاهر استقبال العام الجديد، فيعمَدُ سكان المدن والقرى إلى تنظيم هذه العادة القديمة لإحياء مناسبة "يناير"، فيتم تعيين أشخاص للذهاب للسوق من أجل اختيار أفضل العجول، بعد أن تم تأمين ثمنها من طرف المشاركين فيها ومن المتطوعين وأهل الخير.
في اليوم الموعود، يجتمع المنظمون والمشاركون في مكان معلوم من أجل نحر تلك العجول، ويشارك الجميع في العملية.
وتوكل لكل مجموعة مهمّة معيّنة، فمجموعة تقوم بالنحر وأخرى بالقطع وأخرى بالتنظيف، وبعد كل ذلك يتم توزيع اللحم على المشاركين مع تخصيص حصص للفقراء والمحتاجين، فمغزى الوزيعة ألّا يكون فرق بين عشاء الغني والفقير في ليلة "يناير".
"أيراد" كرنفال احتفالي تشتهر به منطقة بني سنوس بتلمسان غرب الجزائر
كرنفال "أيراد"
يعد كرنفال "أيراد" من العادات والطقوس التي تتوارثها الأجيال بمنطقة بني سنوس، بولاية تلمسان، المتاخمة للحدود الغربية للاحتفال بحلول السنة الأمازيغية الجديدة، وهي عادة قديمة تصارع من أجل البقاء وسط زخم الحداثة.
ويعود تاريخ هذا الكرنفال الذي تشتهر به مدينة بني سنوس إلى 1250 سنة قبل الميلاد وهو يحمل عدة تسميات وطقوس احتفالية فسكان منطقة "تفسرة" يسمونه "الشاخ" و"حمار الكرموس" و"الأيرادية الكبرى".
وتعني كلمة "أيراد" الأسد، الذي يعد رمزًا للقوة، وحكاية هذا الكرنفال الفريد ترتكز على صناعة شباب بني سنوس لأقنعة الحيوانات قبل عدة أيام من الاحتفال بحلول السنة الأمازيغية ويلبسونها للتظاهر بها ليلة "يناير".
والعملية مجرد تمثيل درامي لا تحمل طقوس ولا شعائر دينية لكن شيوخ السلفية الوهابية منحوها صبغة دينية وراحوا يصدرون فتاوي متطرفة حسب هواهم ومستواهم الثقافي المحدود.
خلطة "التراز" من الحلويات والمكسرات في أسواق الجزائر
"التراز".. للكبار والصغار
أيامًا قبل "يناير" تزدهر تجارة الحلويات والمكسّرات والفواكه الجافة، فقد أجمعت كل العائلات أن تكون تحلية ما بعد العشاء طبقًا مكوّنًا من أبهى أنواع المكسرات وهو ما يطلق عليه اسم "التراز" وهو خليط من اللوز والجوز والبندق والحلويات ومكونات أخرى.
في مناطق بغرب البلاد، تقوم العائلات بتحضير طبق كبير مصنوع من مادة "الدوم" وتقوم بملئه بالمكسرات والحلويات وفواكه مجففة ليتم وضعه وسط مائدة الطعام، ليتم توزيع حصة من هذه المكسرات لكل فرد من العائلة من طرف شخص كبير في السن بالعائلة أو الأم التي تحرص على إعطاء كل طفل نصيب من المكسرات والحلويات داخل كيس.
وفي مناطق أخرى، يتم وضع طبق فارغ وسط الدار ليتم وضع أصغر فرد في العائلة داخله ويتم صب "التراز" فوق رأسه وهو بمثابة فأل خير بأن تتهال الخيرات عليه وعلى عائلته كحبّات الجوز والحلويات.
المصدر:مواقع ألكترونية