الحرب اليوغرطية (105 ق.م-112 ق.م) باللاتينية Bellum Iugurthinum والحملة الأولى:
بعد أن قتل الملك يوغرطة العميل أدربال و التجار الإيطاليين في سيرتا و وحد نوميديا من جديد تم إعلان الحرب عليه من قبل مجلس الشيوخ الروماني على الرغم من أنه لم يخطَط لذلك فعليا بل كان ذلك لإرضاء الغضب الشعبي المتزايد ، و مع ذلك لمجرد إعلان المجلس الحرب على يوغرطة لا يعني أنها ستكون حربا ضارية و واسعة النطاق بل كانت حملة عقابية لإخضاع يوغرطة و ضمان بقاءه و مملكته حلفاء لروما خصوصا أن يوغرطة لربما كان لديه طموحات أكبر من توحيد نوميديا ، لكن حصل العكس وتحولت الحملة العقابية إلى حرب طويلة و خطيرة كلفت روما الكثير من الأرواح و الموارد إستمرت 7 سنوات لتحديد مستقبل المنطقة و كان لها تأثيرات دراماتيكية على السياسة الرومانية و الصراع بين الأرستقراطيين و العامة حيث يقول سالوستيوس: "سأكتب عن الحرب التي خاضها الشعب الروماني ضد يوغرطة ملك النوميديين أولا لأنها كانت كبيرة و خطيرة و ظل النصر فيها محل شك ثم لأنها لأول مرة تم مواجهة طغيان النبلاء بالقوة ، لقد أدت الحرب إلى الفوضى في الأشياء الإلهية والبشرية حتى سببت المعارك الأهلية التي أدت لخراب إيطاليا " ، ويقول فلوروس: " بعد تدمير قرطاج ، من كان يتوقع حربا جديدة في إفريقيا ؟ و مع ذلك إهتزت نوميديا بعنف ، و وجدت روما في يوغرطة عدوا خطيرا بعد حنبعل ، هذا الملك الداهية عندما رأى أن الشعب الروماني لا يقهر في المعارك ، شن عليهم حربا بالذهب لكن الثروة ستحظى عكس التوقعات بأن يكون أذكى الملوك هو نفسه ضحية الحيلة "
_ حملة كالبورنيوس بيستيا سنة 112 ق.م:
بعد إعلان الحرب ضد يوغرطة تم إنتخاب بيستيا قنصلا للقيادة في نوميديا و بعد تجهيز الجيش و إختيار القادة من بينهم سكاوروس إنطلق نحو إفريقيا ، عندما سمع يوغرطة بهذه الأخبار الغير متوقعة أرسل مبعوثين لروما و هم إبنه و إثنان من أصدقائه و أمرهم بشراء أعضاء المجلس لكن رفض إستقبالهم إذا لم يأتوا لتسليم يوغرطة والمملكة و هكذا غادروا دون نتيجة ، خلال ذلك عبرت الجيوش الرومانية إلى إفريقيا و بدأ بيستيا هجومه و سيطر على بعض المدن و أسر عددا من السكان لكنه لم يتوغل في الداخل ، لذلك أرسل له يوغرطة مبعوثين لتجربة تأثير الأموال و بالفعل نجح في إقناعه بقبول الهدنة و التفاوض حول شروط السلام ، لذلك أرسل بيسيتا الصراف سكستيوس لمدينة فاجا التابعة ليوغرطة لإستلام القمح الذي طلبه كدليل على حسن النية ، بعدها وصل الملك يوغرطة إلى المعسكر الروماني وفقا للإتفاق و تحدث قليلا أمام المجلس (المجلس الحربي وليس مجلس الشيوخ) ثم رتب عدة قضايا مع بيستيا وسكاوروس و هكذا في اليوم التالي تم قبول الإتفاقية و تم تسليم 30 فيلا وعدد من الماشية و قليل من الفضة ، بعدها غادر بيستيا إلى روما و ساد السلام المنطقة
_ نتائج إتفاقية يوغرطة مع بيستيا:
بعد وصول أخبار إتفاقية السلام كان الغضب الشعبي عارما و مجلس الشيوخ في حيرة مما سيتم فعله ، كان في ذلك الوقت منبر العوام (التريبون) غايوس ميميوس و قد كان معادي بشدة للطبقة الأرستقراطية و يتمتع بقوة خطابية مؤثرة في روما ، بمجرد عودة بيستيا ألقى خطابا تحريضيا و أقنع فيه الشعب أن إتفاق السلام كان مشينا و أيضا بمحاسبة المتورطين في الرشوة و أن يكون يوغرطة شاهدا على تلك الجريمة ، و تمت دعوة يوغرطة للحضور إلى روما عن طريق البريتور كاسيوس بضمان سلامته على الدولة ، في نوميديا تم رشوة القادة الذين تركهم بيستيا هناك و سلموا الفيلة والهاربين ليوغرطة ونهبوا القبائل المجاورة ، بعد أن حضر يوغرطة إلى روما حصل على تأييد الرجال المشهورين الذين رشاهم من قبل و قام أيضا بشراء منبر العوام غايوس بايبوس لحمايته من أي إعتداء ، بعدها دعا ميميوس إلى لقاء شعبي لكن الجمهور كان غاضبا من يوغرطة و كان هناك من طالب بسجنه ، و بعد أن قام بتهدأتهم حضر يوغرطة إلى الإجتماع وأخبره ميميوس بكل أفعاله في نوميديا و طلب منه الرد لكن بايبوس إستعمل حقه في التدخل و قال ليوغرطة أن يظل صامتا بالرغم من الحشد الشعبي الغاضب والتهديدات إنتصرت شجاعة يوغرطة في النهاية و غادر الجمهور الإجتماع
_ إغتيال الأمير النوميدي ماسيفا:
في ذلك الوقت كان يعيش في روما أمير نوميدي إسمه ماسيفا و هو إبن الملك غولوسا و حفيد ماسينيسا و قد كان معاديا ليوغرطة خلال الحرب الأهلية النوميدية و هرب إلى روما بعد سقوط سيرتا و قتل أدربال ، و قد قام القنصل ألبينوس بإقناعه بطلب الوصول للحكم في نوميديا بحجة إنحداره من ماسينيسا و لأن يوغرطة كان مكروها بسبب جرائمه فقد أراد ألبينوس إستئناف الحرب ، بعد أن بدأ ماسيفا بتنفيذ خططه أمر يوغرطة الملازم وأكثر رجاله ثقة بوميلكار بقتل ماسيفا بأي طريقة لأن وصول ماسيفا لحكم نوميديا سيضع يوغرطة في موقف كارثي و سيعود إلى نقطة الصفر وتصبح المملكة النوميدية مقسمة من جديد ، و قد تمكن بوميلكار من رشوة العديد من المتخصصين و راقب يوميا رحلات قدومه و خروجه و أماكن تواجده المعتادة ، عندما حانت الفرصة المناسبة وقع ماسيفا في الفخ و هاجمه أحد الرجال الذين رشاهم و قتله ، لكن تم بعدها القبض على بوميلكار و إعترف بمسؤوليته عن مقتل ماسيفا و قد أدين و سيتم معاقبته لكن يوغرطة أرسله سرا لنوميديا لأنه إهتم بمملكته بالدرجة الأولى فقد كان يخشى أن يتلكأ النوميديون في طاعته إذا ما تم تسليم بوميلكار ، بعدها بأيام غادر الملك النوميدي الجزائري يوغرطة و قبل رحيله قال جملته الشهيرة عن روما:
" مدينة للبيع مصيرها الدمار إذا وجدت من يشتريها "
" Urbem Venalem et Matura Perituram si Emptorem Invenerit "
الصورة تعبيرية ليوغرطة و هو يغادر روما
المراجع:
1_ Sallust , The War Against Jugurtha XXVII.... XXXV
2_ Annius Florusa , Abridged Roman History P 209 , 210
المصدر:مواقع ألكترونية