"أدنو منك وتتباعد مني؟"... الشبق والخطيئة في قصة "زليخة" وعشيقها النبي يوسف
تحظى قصة النبي يوسف مع زليخة زوجة العزيز، بمكانةٍ مهمةٍ في النصوص الدينية والأدبية، فبالإضافة إلى ورود أخبار تلك القصة في الإصحاح الثلاثين في سفر التكوين بالتوراة، وفي سورة يوسف في القرآن الكريم، فقد انتشرت تلك القصة في الأشعار منذ فترةٍ بعيدة.
ففي كتابه "قصة يوسف وزليخا في الأدب الفارسي ومصادرها في التوراة والقرآن الكريم"، يقول رمضان رمضان متولي أنّ عدد الآثار المنظومة لهذه القصة بلغ "في الأدب الفارسي، ثمانية وعشرين أثراً، اندثر معظمها مع الزمن، وبقي منها ثماني منظومات".
تمكّنت القصّة (دينية وأدبية)، من رسم صورةٍ عميقةٍ في الوجدان الجمعي الإسلامي، إذ ارتبطت ببعض الأحداث الخارقة والعجيبة، وببعض الرؤى في البلاد الإسلامية عبر القرونزليخة ذات الجمال الساحر وفوطيفار الـ"خصيّ"
إذا كان النبي يوسف يظهر في القصة في دور البطل الرئيس الذي تتمحور حوله الأحداث، فأن زليخة كانت هي الأخرى الشخصية النسائية المقابلة التي لعبت دور البطولة، وأسهمت من خلال أفعالها المُحمّلة بالغيرة والشهوة والانتقام ثم الندم، في إثراء الحبكة الدرامية في القصة، وإضفاء الطابع الوعظي عليها.رغم شهرته وذيوعه، لم يرد اسم زليخة في النصوص الدينية الكتابية أو الإسلامية على الإطلاق، ففي حين يذكرها النص التوراتي باسم امرأة فوطيفار، فأن القرآن قد سماها امرأة العزيز.
بحسب ما يذكر الطبري في تفسيره، اسم امرأة العزيز كان راعيل بنت رعائيل، ابن الجوزي فقد سماها في كتابه "زاد المسير في علم التفسير"، بـ "زليخا بنت تمليخا"، وهو الاسم الذي سيشتهر مع مرور الوقت في الثقافة الإسلامية، وسينتقل إلى ميادين الأدب والقصص والمنظومات الشعرية.
عموماً، يكاد العهد القديم يتوافق بشكل كامل مع القرآن، في السكوت عن ذكر أي من التفصيلات المتعلقة بشخصية زليخا، غير أننا نلاحظ أن بعض المعلومات التي أوردتها كتب التفسير، كتوصيف زوجها الوارد في العهد القديم، إذ ورد في سفر التكوين وصف فوطيفار، بأنه "خصي فرعون، رئيس الشرط.".
مصطلح "ساريس"، وهي اللفظة التي اختارتها الرواية الكتابية لتوصيف فوطيفار، والتي تُرجمت فيما بعد في الترجمات العربية بـ"خصي فرعون"، أثارت الكثير من الجدل بين الباحثين ومفسّري الكتاب المقدس، إذ رفض الكثيرون الأخذ بالمعنى الحرفي للكلمة، والذي يشير إلى انتفاء القدرة الجنسية، وقالوا بأن ذلك المصطلح كان لقباً لبعض الوظائف المعروفة في القصور الفرعونية في ذلك العصر، وأيّدوا هذا القول بأن فوطيفار كان مصرياً، ولم تكن عادة الإخصاء معروفة ومنتشرة بين المصريين، وإنما كانت تُمارس بين العبيد والأرقاء الأجانب فحسب.
هذا الجدل، تلقفه مفسرو القرآن الكريم فيما بعد أثناء عملهم على شرح سورة يوسف، فوظفوه في سبيل تشكيل سياقٍ درامي يتماشى ويتسق مع الصورة العامة للقصة في سورة يوسف، إذ قال هؤلاء المفسرون، ومنهم على سبيل المثال، أبو اسحاق أحمد النيسابوري الثعالبي في كتابه "عرائس المجالس"، إن فوطيفار (العزيز) كان قد تعرّض للإخصاء في صغره، وعلى الجهة المقابلة، فقد بالغ الثعالبي في وصف جمال وأنوثة زليخة، لا لشيء سوى تبيان وإظهار التعارض الصارخ بين الفحولة الجنسية المفقودة والشبق الأنثوي الدائم، وهو الأمر الذي سيستخدم فيما بعد لتبرير ما قامت به زليخة من إغواء يوسف، ومراودته عن نفسه.
"لولا أن رأى برهان ربه"لحظة الذروة تأتي مع مشهد مراودة زليخة للنبي يوسف، حينما عرضت عليه نفسها وهيئت السبل لذلك، ولكنه يرفض الوقوع في الخطيئة ويتعفّف عن اقتراف الفاحشة. بحسب الصياغة التوراتية للقصة، فأن يوسف قد ردّ على امرأة فوطيفار، بقوله "فكيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله" ثم انطلق من فوره، إذ "ترك ثوبه في يدها وهرب إلى الخارج".
ردُّ فعل يوسف المباشر والقاطع على مراودة زليخة، تم تأويله في التفسير المسيحي على كونه إشارة إسقاطية وبشارة روحية لما سيقوم به المسيح بعد ذلك بعدة قرون، فعلى سبيل المثال، يذكر أوستريوس أسقف أماسيا، في تفسيره لسفر التكوين "أمسكت امرأة مصرية بيوسف، فترك لها ثيابه ورحل، والمسيح رحل من الموت الذي أمسك به، تاركا الثياب في القبر، أمسكت المصرية بثياب يوسف، ولم يكن ممكناً أن تمسك به هو، وكانت الأكفان في القبر الذي لم يعق الرب، إذ لم يكن ممكنا أن يمسك به"، وذلك بحسب ما يذكر القمص تادرس يعقوب في كتابه "من تفسير وتأملات الآباء الأولين".
على الجهة الأخرى، فأن النص القرآني يقدم صياغة مختلفة -نوعاً ما- لما جرى في ذلك المشهد، إذ ورد في الآية رقم 23 من سورة يوسف "وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك، قال معاذ الله، إنه ربي أحسن مثواي، إنه لا يفلح الظالمون"، قبل أن يصل المشهد المتخيل للذروة "ولقد همت به وهم بها، لولا أن رأى برهان ربه، كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء، إنه من عبادنا المخلصين".
على الرغم من التشابه الواضح بين ما ورد في العهد القديم والقرآن الكريم، في هذا الموضع، إلا أن ما أورده النص القرآني من تأكيد على مراودة امرأة العزيز ليوسف، وهمّ يوسف بها، قد فتح الباب أمام عدد كبير من التفسيرات والتأويلات التي شاعت في كتب التفسير.
على سبيل المثال، يصف القرطبي في تفسيره، بعض المشاهد المتخيلة لحادثة المراودة، والتي يتم استغلالها للتأكيد على إظهار قرب النبي يوسف من الله وخوفه منه، ومن ذلك أن زليخة لما اقتربت منه، قالت "يا يوسف، ما أحسن صورة وجهك، قال: في الرحم صورني ربي، فقالت: يا يوسف، ما أحسن شعرك، قال: هو أول شيء يبلى مني في قبري، فقالت: يا يوسف، ارفع بصرك فانظر في وجهي، قال: إني أخاف العمى في آخرتي، فقالت: أدنو منك وتتباعد مني؟ قال: أريد بذلك القرب من ربي...".
"يا يوسف، ارفع بصرك فانظر في وجهي"... كيف تحولت قصة العهد القديم والقرآن عن "زليخا" وعشيقها النبي يوسف إلى مشاهد شيّقة عن الإغواء والخطيئة والإعجاز
لم يرد اسم "زليخة" في النصوص الدينية، ولكن تككر وصفها بالجمال المثير، أما زوجها "العزيز"، فقد اعتبرته بعض المصادر "خصي فرعون" وبذلك نفت عنه القدرة الجنسية
غير أن تلك الصورة المخيالية سرعان ما ستتعرّض للتشويش، عند تفسير همّ يوسف بزليخة وبرهان الله الوارد ذكره في الآية، فعلى سبيل المثال، يذكر أبو نعيم الأصبهاني في كتابه "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" أن النبي يوسف قد استكان لرغبة زليخة، وأنه كاد أن يوافقها على ما ترغب به، ولما "قامت إلى صنم مكلل بالدر والياقوت في ناحية البيت، فسترته بثوب أبيض بينها وبينه، قال لها يوسف: أي شيء تصنعين؟، فقالت: استحي من إلهي أن يراني على هذه السوءة، فقال: تستحين من صنم لا يأكل ولا يشرب، ولا أستحي أنا من إلهي الذي هو قائم على كل نفس بما كسبت؟ ثم قال: لا تناليها مني أبداً".
أما الطبري، فقد قدم في تفسيره صورةً صادمةً لذلك المشهد، عندما عرض في لأقوال بعض أهل العلم في تلك الواقعة، فنقل عن عبد الله بن العباس قوله "إن يوسف حل الهميان -أي السراويل- وجلس منها مجلس الخاتن"، وأنه -أي النبي يوسف- قد كاد أن يقع في معصية الزنا عندما هم بزليخة، لولا أن رأى البرهان، وهو الذي يورد فيه الطبري مجموعة من الآراء، ومنها أن يعقوب قد ظهر ليوسف وضرب بيده على صدره "فخرجت الشهوة من أنامله"، أو أن بعض الملائكة قد نادى على يوسف فنبهه.
التفت الطبري في تفسيره إلى أن تلك الروايات من شأنها أن تقدح في عصمة الأنبياء، فقال: "فإذا قيل، كيف يوصف يوسف بهذا وهو من الأنبياء، قيل كان من ابتلي من الأنبياء بخطيئة، فإنما ابتلاه الله بها، ليكون من الله عز وجل على وجل، إذا ذكرها، فيجد في طاعته إشفاقاً منها، ولا يتكل على سعة عفو الله ورحمته... وقيل بل ابتلاهم بذلك ليجعلهم أئمة لأهل الذنوب في رجاء رحمة الله، وترك الإياس من عفوه عنهم إذا تابوا".
ورغم شيوع تلك الأقوال في العقل السنّي الجمعي، إلا أن هناك نظرة تفسيرية أخرى ظهرت في النسق الشيعي الإمامي، والذي يركز على مسألة العصمة المطلقة للأنبياء والرسل والأئمة.
في ثقافات الأديان السماوية، والثقافة العربية الكلاسيكية من ضمنها، تتحول حالة النساء كـ"فاعلات" في العشق، إلى قصص عن الإغواء أو التوبة، فلا مكان للنساء كعاشقات إلا في الخطيئة أو الروحانية
على سبيل المثال، يعمل العالم الشيعي الإمامي الشريف المرتضى، المشهور بعلم الهدى، في كتابه "تنزيه الأنبياء"، على نقد الروايات السنية التي فسرت همّ النبي يوسف على كونه نوعاً من الاقتراب من الخطيئة والزلل، فيقول "إن الهم في اللغة ينقسم إلى وجوه، منها العزم على الفعل... ومنها خطور الشيء بالبال، وإن لم يقع العزم عليه... فإذا كانت وجوه هذه اللفظة مختلفة متسعة على ما ذكرناه، نفينا عن نبي الله ما لا يليق به، وهو العزم على القبيح، وأجزنا باقي الوجوه، لأن كل منها يليق بحاله".
ويستكمل المرتضى حديثه، فيقول إنه لو افترضنا أن الهم الوارد في الآية، يعني العزم على الفعل، فيكون تفسيره "همه بضربها أو دفعها عن نفسه"، ويكون المقصود من البرهان المذكور في الآية حينذاك "أنه لما هم بدفعها وضربها، أراه الله تعالى برهاناً على أنه إن أقدم على ما هم به أهلكه أهلها وقتلوه...".
وفي السياق نفسه يرجّح المرتضى أن البرهان لم يكن ذا طبيعة حسية مادية، كما ورد في الروايات السنية، فلم يكن صورة ليعقوب أو صوت لملاك، بل إنه في الحقيقة "دلالة الله تعالى ليوسف على تحريم ذلك الفعل، وعلى أن من فعله استحق العقاب..."، أي أن العلم كان هو البرهان، وهي النظرة التي تتسق مع أصول المذهب الشيعي الإمامي، والتي ترى أن الأنبياء والأئمة قد حظوا بقدرٍ هائلٍ من المعارف والعلوم الإلهية الغيبية، والتي تمنحهم القدرة على ممارسة أدوارهم في كونهم حجج الله الناطقة بين الناس.
الشاهد والقميص: "ليس بإنس ولا بجن"
إذا كان الخط الدرامي لقصة يوسف وزليخة قد وصل لنقطة الذروة مع أحداث المراودة والبرهان، فأنه مع ذلك قد استمر محافظاً على زخمه وحمولته التشويقية فيما تبع ذلك من وقائع ومجريات.
تفصل الرواية الكتابية ما قامت به زليخة لإلصاق تهمة الغدر والخيانة بيوسف "فوضعت ثوبه بجانبها حتى جاء سيده إلى بيته، فكلمته بمثل هذا الكلام قائلة: دخل العبد العبراني الذي جئت به إلينا ليداعبني، وكان لما رفعت صوتي وصرخت، أنه ترك ثوبه بجانبي وهرب إلى خارج"، وفي السياق نفسه جاءت السردية القرآنية، وإن نزعت الأخيرة إلى إظهار براءة يوسف أمام العزيز من خلال شهادة أحد أتباعه المقربين، والذي قال بأن وضع وهيئة القميص المُمزق تدل على أن يوسف صادق، وعلى أن زليخة هي الكاذبة.
على الرغم من وضوح مغزى تلك الشهادة، وهامشية تأثير صاحبها على مجرى الأحداث، إلا أن العقل الروائي الإسلامي قد انشغل بتعيين وتحديد شخصه، فكان مما قاله المفسرون في ذلك الشاهد، إنه كان ابن عم زليخة، كما وردت في شأنه العديد من الأقوال الإعجازية أو التأويلية، فمثلاً، يذكر الإمام أحمد بن حنبل في مسنده، أن ذلك الشاهد كان صبياً نطق في المهد، بينما يذكر القرطبي في تفسيره، أن الشاهد كان القميص نفسه "فإن لسان الحال أبلغ من لسان المقال، وقد تضيف العرب الكلام إلى الجمادات وتخبر عنها بما هي عليه من الصفات"، وفي سياق أخر فإن كلاً من الكسائي والثعالبي والطبري، قد اقترحوا أن يكون الشاهد مخلوقاً عجيباً من مخلوقات الله تعالى: "ليس بإنس ولا بجن".
القميص الممزق الذي ارتداه يوسف أيضاً حظي بقدر كبير من الاهتمام والعناية في الذاكرة التفسيرية الإعجازية عند المسلمين، وذلك لكونه قد تسبب في تبرئة النبي الصديق، ومن هنا فإن شهاب الدين الألوسي في كتابه "روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني"، قد ذكر أن العديد من الروايات القديمة تنسب ذلك القميص إلى النبي إبراهيم، فقد تسلمه أبو الأنبياء من الملاك جبريل، الذي ألبسه إياه قُبيل إلقائه في النار، وكان هذا القميص هو السبب في إنقاذ إبراهيم من الاحتراق.
ولما طعن أبو الأنبياء في السن، جعل القميص ميراثاً في ذريته، فأعطاه لإسحاق، ومن بعدها وصل إلى يعقوب، ثم ليوسف، وتستمر معجزات هذا القميص وخوارقه عندما يعطيه يوسف لإخوته ليلقونه على وجه أبيهم الضرير، ليرتد بصيراً وتنفرج عنه كربته وهمه.
زليخة ترفض يوسف: "لما ذقت محبة الله تعالى، شغلني ذلك عن كل شيء"
على الرغم من أن النص القرآني والسنة النبوية الصحيحة، لم يتكلما عن مصير زليخة في نهاية القصة، إلا أن التفسيرات القرآنية ومنظومات الأدب الشعبي أصرت على أن تحفظ لها مكانة في ختام تلك الحكاية المشوقة، بما يتسق مع أهدافها الدينية وغاياتها الوعظية فضلاً عن مخيلتها الإبداعية.
إذا ما تطرقنا لنهاية القصة بحسب سفر التكوين، فسنجد أنه يؤكد على أن يوسف قد تولى واحداً من أهم المناصب في الدولة المصرية بعد تفسيره لرؤيا الفرعون، وبعدما تمكن من ضبط الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وأعد العدة لتوفير المحاصيل الزراعية والمؤن والأغذية، اتقائاً لشر المجاعة.
تذكر التوراة أن مكافأة فرعون ليوسف، قد تعدت المنصب الإداري المهم "ودعا فرعون اسم يوسف، صفنات فعنيح، وأعطاه أسنات بنت فوطي فارع كاهن أون، زوجة..."، ومع تلك الزوجة وُلد ليوسف ابنيه منسى وإفرايم.
تلك النهاية الجافة لم تكن لتحظ بإعجاب الإخباريين والمؤرخين المسلمين، الذين اعتادوا في مروياتهم على ربط مآلات الأمور ببداياتها ومقدماتها، ومن هنا فقد روّجوا للقول بإن يوسف قد تزوج من زليخة بعد أن توفى عنها فوطيفار، وأنها –أي زليخة- قد عادت إلى شبابها ونضارتها، بعدما دعا لها يوسف أو يعقوب، بل والأعجب من ذلك أنها عادت بكراً من جديد، وذلك بحسب ما يذكر القرطبي في تفسيره.
عملت السردية الروائية الإسلامية أيضاً على استغلال البعد الصوفي الروحاني الذي كان حاضراً بقوة في المجتمع الإسلامي، لتصبغ به نهاية القصة وخاتمتها، إذ تذكر الكثير من المصادر أن يوسف لما أقترب من زليخة بعد زواجها، تمنعت عنه وانشغلت بالعبادة وأعمال الطاعات، فلما قال لها "ما شأنك لا تجيبيني كما في أول مرة؟" قالت له "لما ذقت محبة الله تعالى، شغلني ذلك عن كل شيء".
هذه الخاتمة الروائية، التي تخلط بين زليخة ورابعة العدوية شهيدة العشق الإلهي، وجدت لها أصداء مهمة في المنظومات الشعرية التي خلدت قصة يوسف وزليخة، فعلى سبيل المثال، ورد في أشعار الفردوسي أن صدر يوسف لما ضاق ببعد حبيبته عنه، نزل الملاك جبريل من السماء، فأصلح بينهما، وأنجبت زليخة مع يوسف ثلاثة أولاد، أما الشاعر الفارسي عبد الرحمن الجامي، والمتأثر بالقيم والأعراف الصوفية المنتشرة في زمنه (القرن التاسع الهجري)، فقد حافظ على الطابع الروحي للخاتمة، فأكد على إقبال زليخة على العبادة والزهد، وأن النبي يوسف قد بنى لها معبداً مخصصاً لعبادة الله، ومات هو بعد فترة قصيرة، ليتملكها الأسى ولوعة الفراق، فتموت هي الأخرى حزناً عليه.