المحيطات كانت موجودة على كوكب الزهرة قبل أن يصبح كوكبًا من الجحيم!
ربّما كان كوكب الزَُهرة صالحاً للسّكن منذ أكثر من 3 مليارات عام مع وجود ماء سائل على سطحه، لكنه تحوّل إلى عالَم سامّ وحارق وغير صالح للحياة كما نعرفها.
وضع علماء الكواكب نموذجاً لتاريخ الغلاف الجوّي لكوكب الزهرة، وقرّروا أن نقص الأكسجين في الغلاف الجوي الحالي لكوكب الزهرة يمكن تفسيره إمّا بفقد الأكسجين في الفضاء أو احتجازه ضمن الصّهارة القابلة للأكسدة.
عدم وجود بيانات حول تكوين سطح كوكب الزهرة والنّشاط البركاني السّابق فيه، يجعل من الصعب تأكيد نتائج النموذج، لكنّ البعثات المستقبليّة يمكن أن تساعد في تضييق الظروف المحتملة المبكّرة للسكن.
أظهرت دراسة حديثة أنّ كوكب الزُّهرة، على الرّغم من كونِه عالَمَاً سامّاً وحارقاً، ربّما كان لديه ظروف صالحة للسكن في الماضي.
قام عالما الكواكب ألكسندرا وارين وإدوين كايت من جامعة شيكاغو بنمذَجة تاريخ الغلاف الجوّي لكوكب الزّهرة لتحديد معدّل وآليّات فقدان الأوكسجين. كشفت الدّراسة أنّه إذا كان الكوكب يحتوي على مياه سائلة، فقد مضى أكثر من 3 مليارات عام، ولم يستمرّ إلّا لفترة وجيزة قبل أن يتحوّل إلى عالَم جافّ كما هو عليه اليوم.
أثار نقص الأوكسجين في الغلاف الجوّي لكوكب الزّهرة حيرة العلماء، حيث كان من المُفتَرض أن يبقى الأوكسجين في الغلاف الجوّي بعد تسرّب الهيدروجين إلى الفضاء عندمّا تبخّر الماء. وكشفت الدّراسة أنّ الأوكسجين ربّما يكون محتجزاً في الحمم البركانيّة القابلة للأكسدة، مثل البازلت، على سطح الكوكب أو قد تسرّب إلى الفضاء.
يمكن تقييد حجم النشاط البركاني السابق لكوكب الزهرة بكمية الآرغون المشعّ الذي لا يزال موجود في الغلاف الجوي للكوكب. من خلال تحديد مدى فعّالية النّشاط البركاني للزُّهرة في الماضي، تمكّن الباحثون من تقدير كمّية المياه التي يمكن أن يمتلكها الكوكب. الجواب هو أنّ محيطات كوكب الزهرة لا يمكن أن يزيد عمقها عن 300 متر، وهو أقلّ من 10 في المائة من متوسّط عمق المحيط على الأرض البالغ 3688 متراً.
يمكن التوفيق بين نقص الأكسجين في الغلاف الجوّي الحالي لكوكب الزهرة مع الظّروف الصّالحة للسّكن في وقت مبكّر. ومع ذلك، فإنّ الثّغرة ضيّقة. كانت نسبة أقلّ من 0.4 في المئة من عمليّات تشغيل النّموذج ناجحة عند أخذ النّطاق الكامل للغلاف الجوّي الحاليّ لكوكب الزهرة في الاعتبار. قد تحاول البعثات المستقبليّة قياس تكوين سطح كوكب الزّهرة للمساعدة في تحديد ما إذا كان الكوكب قد وقع بالفعل في هذه الثّغرة الضّيّقة جدّاً.
يريد علماء الكواكب معرفة كيف ولماذا وصل كوكب الزهرة إلى حالته الحاليّة؛ نظراً لأنّ كوكب الزُّهرة يشبه الأرض إلى حدٍّ كبير، فإنّ معرفة تاريخه يمكن أن يساعدنا في معرفة مدى احتمالية اتباع كوكبنا الأصلي للمسار نفسه.
في الختام، أظهرت هذه الدّراسة المنشورة في مجلّة Proceedings of the National Academy of Sciences أنّ كوكب الزّهرة ربّما كان يمتلك ظروف صالحة للسّكن في الماضي، لكنّ هذه الظروف كانت قصيرة وحدثت منذ أكثر من 3 مليارات سنة. لا يزال نقص الأكسجين في الغلاف الجوي لكوكب الزهرة لغزاً، لكنّ الدراسة تشير إلى أنّ الأكسجين ربما يكون محتجزاً في الصّهارة القابلة للأكسدة أو يتسرب إلى الفضاء.
المصدر:مواقع ألكترونية