موتَ الفلسفة
موتَ الفلسفة 1-261
قبل سنوات، أعلن الفيزيائي البريطاني الشهير ستيفين هوكينج في مُفتتح كتابه "التصميم العظيم"، موتَ الفلسفة، وقد ردّد الباحثون والأكاديميون تلك المقولة بين مؤيدٍ ومعارض، واعتقد كثيرون أنّ واقع الفلسفة الآن يعارض تمامًا تلك المقولة، وأنّ ما يقصده هوكينج هو موت دور الفلسفة في تفسير الكون المادي والظواهر الطبيعية بعد أن قام العلم بذلك، فقديمًا حملت الفلسفة على عاتقها مهمة البحث عن الحقيقة والخوض في شتَّى مباحث المعرفة؛ حتى أطلقوا عليها "أم العلوم"، وكان الفيلسوف يقوم بدور العالِم، من يمتلك المعرفة والحكمة. لكن مع الثورة العلمية التي بدأت تأخذ منحى جديدًا وتتسارع وتيرة اكتشافاتها بشكلٍ غير مسبوق، بداية من نظرية داروين في علم الأحياء، مرورًا بسيجموند فرويد وتأسيسه لعلم النفس التحليلي، وصولًا إلى فيزياء أينشتاين ثم ميكانيكا الكم، وليس انتهاء بالذكاء الاصطناعي. بدأت الفلسفة تتراجع وتحل محلها الإبيستيمولوجيا باعتبارها منهجًا نقديًّا يتيح لها مقاربة كل ما ينتجه العقل البشري من علوم إنسانية وعلوم بحتة، وأصبح العلم التجريبي من خلال التطور التقني والتكنولوجي قادرًا على سبر أغوار الكون بفاعلية كبيرة، ويُستدل على الكثير من أسراره بشكلٍ دقيق، وذلك ما كان مستحيلًا على الفلسفة في ظل أدواتها المحدودة سابقًا المتمثلة في مناهج الملاحظة والتأمل ومحاولات التفسير، لذا نتساءل ما الحاجة إلى استعادة الفلسفة؟ لماذا يجب أن نعاود طرح الأسئلة الفلسفية الكبرى في ظل اتجاه ما بعد الحداثة الذي يرفض طرحها، خصوصًا بعد إعلان ليوتار أحد أبرز منظري هذا الاتجاه "سقوط السرديات الكبرى".
نُجيب عن ذلك كله من خلال مجموعة من المشاركات المهمة لأبرز الفلاسفة المعاصرين.. والتي يتعرف عليها القارئ العربي للمرة الأولى بترجمة الناقدة الكبيرة والمترجمة د. هويدا صالح