“التجمع العالمي الأمازيغي” يُراسل “البنك الدولي” بشأن تدريس الأمازيغية لإنقاذ المدرسة والطفولة في المغرب
طالب التجمع العالمي الأمازيغي، في رسالة وجهها إلى جيسكو هنتشل، المدير الإقليمي لدائرة المنطقة المغاربية ومالطا بالبنك الدولي، ووضع نسخة منها في مقر البنك الدولي بالعاصمة الرباط، (طالب) بتدريس اللغة الأمازيغية لإنقاذ المدرسة والطفولة المبكرة في المغرب.
وقال رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، رشيد الراخا في رسالته عقب موافقة الدولي (BM) مؤخراً على تمويل إضافي بقيمة 250 مليون دولار لتمويل برنامج دعم التعليم في المغرب، والذي يهدف إلى دعم تنفيذ برنامج طموح لإصلاح التعليم، ويتعلق بالطفولة الصغيرة والتعليم في المرحلة الابتدائية والثانوية إن “هذا البرنامج الطموح والضروري سيكون مآله، للأسف الشديد، الفشل الذريع لا محالة. وهذا التمويل، سيكون مجرد استمرار لعملية سكب الماء في الرمل”.
وأضاف “اسمحوا لي، إن ألححت على لفت انتباهكم للمرة الثالثة. وإذ أقوم بذلك، فإن الغاية هي إخطاركم، مرة أخرى، من مغبّة إهدار محتمل ومؤسف للموارد المالية الثمينة المخصصة من طرف بنككم للمدرسة المغربية، إذ لا نريد بأي حال من الأحوال أن يكون مصير هذا البرنامج التعليمي لدعم الطفولة المبكرة كمصير “البرنامج الاستعجالي 2009-2012″ في عهد الوزير الأسبق المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، السيد أحمد أخشيشن، الذي أقرّ المجلس الأعلى للحسابات مسؤوليته عن تبديد ميزانية ضخمة قدرها 3.3 مليار درهم لم تستفد منها المدرسة المغربية ولو مقدار ذرة واحدة”.
وأعرب رشيد الراخا عن “رفضه بالسماح لما يسمى بـ “المسؤولين السياسيين” بالاستمرار في اللعب بمستقبل أطفالنا، واستغلالهم في مشاريع تعليمية يتم تقديمها على أنها تخدم أهدافا نبيلة، ولكنها في الواقع تخفي أهدافًا أيديولوجية خبيثة، من خلال إصرارهم على الاستمرار في تنفيذ سياسة “تعريب أيديولوجي” مهووسة وهدامة منذ استقلال المغرب عام”.
وطالب ب”التعجيل بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية في مرحلة التعليم الأولي والابتدائي، في انتظار أن تشمل المرحلة الثانوية”، معتبرا أن ذلك “هو الطريقة الأكثر فاعلية وملاءمة لإنقاذ المدرسة والطفولة في المغرب”.
في ما يلي نص الرسالة كاملا:
التجمع العالمي الأمازيغي
الرباط 10 أبريل2023/2973
إلى سعادة السيد جيسكو هنتشل
المدير الإقليمي لدائرة المنطقة المغاربية ومالطا بالبنك الدولي
الموضوع : تدريس اللغة الأمازيغية لإنقاذ المدرسة والطفولة المبكرة في المغرب
سعادة المدير،
وافق بنككم الدولي (BM) مؤخراً على تمويل إضافي بقيمة 250 مليون دولار لتمويل برنامج دعم التعليم في المغرب، والذي يهدف إلى دعم تنفيذ برنامج طموح لإصلاح التعليم، ويتعلق بالطفولة الصغيرة والتعليم في المرحلة الابتدائية والثانوية(1) ووقع الاتفاق معكم الوزير المنتدب المكلف بالموازنة السيد فوزي لقجع وبحضور وزير التربية الوطنية شكيب بن موسى في الرباط يوم الأربعاء 5 أبريل. وفي هذا الصدد، صرحتم بأن “هذا التمويل الإضافي يدعم تفعيلَ النموذج التنموي الجديد، وتحديداً خارطة الطريق الإستراتيجية للتعليم التي تقودها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة. وتستخدم خارطة الطريق نهجاً ثلاثياً يشمل التلاميذ والمدرسين والمؤسسات التعليمية لتنفيذ أجندة إصلاحاتٍ ذات أثرٍ ملموس على كل من بيئة التعلم والحكامة وأيضاً على نتائج التعلم في نهاية المطاف” (2).
اسمحوا لي أن أصارحكم، كما أعربت في مراسلتي السابقة لنائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السيد فريد بلحاج ولكم شخصيا(3)، بأن هذا البرنامج الطموح والضروري سيكون مآله، للأسف الشديد، الفشل الذريع لا محالة. وهذا التمويل، سيكون مجرد استمرار لعملية سكب الماء في الرمل. لماذا؟
إن السيد فريد بلحاج، الذي يدعو دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) إلى الشروع في الانكباب، اليوم أكثر من أي وقت مضى، على الاهتمام بمستقبل الأجيال القادمة، يلحّ على ضرورة التعلم، بدءا بالقراءة والكتابة ومبادئ الحساب حتى اكتساب المهارات الأساسية والتفكير النقدي، حيث أكد على أن: “نسبة الأطفال غير القادرين على قراءة وفهم نص بسيط في سن العاشرة وصلت إلى60٪ رقم غير مقبول وهو رقم ينذر بالخطر” (4). ووفقًا لتصريحات وزير التربية الوطنية الحالي، المنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار، السيد شكيب بن موسى، فقد ارتفع معدل فقر التعلُّم هذا للأسف إلى 76 ٪ وأن حوالي 330،000 تلميذة وتلميذ ينقطعون عن الدراسة سنويًّا. والأسوأ من ذلك، أن ما لا يقل عن 4.3 مليون شابة وشاب ما بين سن 15 و34 سنة خارج نطاق المدرسة والتكوين وسوق الشغل، حسب ما أعلن عنه رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، السيد أحمد رضى الشامي، في شهر فبراير 2023 (5). .
اسمحوا لي، إن ألححت على لفت انتباهكم للمرة الثالثة. وإذ أقوم بذلك، فإن الغاية هي إخطاركم، مرة أخرى، من مغبّة إهدار محتمل ومؤسف للموارد المالية الثمينة المخصصة من طرف بنككم للمدرسة المغربية، إذ لا نريد بأي حال من الأحوال أن يكون مصير هذا البرنامج التعليمي لدعم الطفولة المبكرة كمصير “البرنامج الاستعجالي 2009-2012” في عهد الوزير الأسبق المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، السيد أحمد أخشيشن، الذي أقرّ المجلس الأعلى للحسابات مسؤوليته عن تبديد ميزانية ضخمة قدرها 3.3 مليار درهم لم تستفد منها المدرسة المغربية ولو مقدار ذرة واحدة (6)!
اسمحوا لي أن أعرب لكم عن رفضنا الكامل للسماح لما يسمى بـ “المسؤولين السياسيين” بالاستمرار في اللعب بمستقبل أطفالنا، واستغلالهم في مشاريع تعليمية يتم تقديمها على أنها تخدم أهدافا نبيلة، ولكنها في الواقع تخفي أهدافًا أيديولوجية خبيثة، من خلال إصرارهم على الاستمرار في تنفيذ سياسة “تعريب أيديولوجي” مهووسة وهدامة منذ استقلال المغرب عام 1956، وهو ما شجبْتُه بشكل صريح في مراسلتي إلى منظمة اليونسكو (7) وفي تقريري الأخير حول العلاقة الوطيدة بين الفقر وتجاهل القضية الأمازيغية (8). إن التجمع العالمي الأمازيغي تعارض بشدة تحويل مواردكم المالية خدمة لأهداف تبشيرية دينية، كما اكتشفْتُ ذلك في بعض الكتب التعليمية المخصصة للأطفال من 4 إلى 5 سنوات (9)، على غرار الحكومات الإسلاموية السابقة لحزب العدالة والتنمية، التي استفادت من أموال الاتحاد الأوروبي لتنفيذ نفس الأهداف عبر برامج لتعليم القراءة والكتابة لفائدة الكبار (10).
ومهما يكن الأمر، يمكنني أن أؤكد لكم أن إصلاح خارطة الطريق الجديدة للوزير بن موسى 2022-2026 محكوم عليه بالفشل لا محالة (11) لسبب بسيط، وهو أنه لا يحترم قط توصيات أو مبادئ مؤسستكم، البنك الدولي. وكما أكد بكل وضوح السيد خايمي سافيدرا، مدير قطاع الممارسات العالمية للبنك الدولي لشؤون التعليم، فإن “الرسالة مدوية وواضحة. فالأطفال يتعلمون على نحو أفضل عندما يتعلمون بلغة يفهمونها، وهذا يتيح أفضل أساس للتعلم بلغة ثانية، وتتطلب أزمة التعلم العميقة والجائرة اتخاذ إجراءات سديدة، فالاستثمارات في أنظمة التعليم في جميع أنحاء العالم لن تسفر عن تحسينات كبيرة في التعلم إذا كان التلاميذ لا يفهمون اللغة التي يتعلمون بها، ومن الممكن إدخال تحسينات كبيرة للحد من فقر التعلم من خلال تعليم الأطفال باللغة التي يتحدثونها في المنزل”(12).
لكن، هناك لحسن الحظ في شمال إفريقيا، في المغرب تحديدا، تجربة نموذجية وجديرة بالثناء، والتي تميزت بما حققته من نتائج ناجحة، والتي تتمثل في المدارس الجماعاتية “مدرسة كوم” Medersat.com التابعة لمؤسسة بنك إفريقيا، (- والتي ندعوكم لزيارتها والتعرف عليها عن كثب)، لماذا ؟ لأن هده المؤسسة بكل بساطة هي الوحيدة التي تطبق النهج الجديد والمبادئ الخمسة التي اعتمدها البنك الدولي في يوليو 2021 من حيث لغة التدريس (13) ، وقد تم تطبيقها فعليا منذ عشرين عامًا:
المبدأ 1 : تعليم الأطفال بلغتهم الأولى بدءا من خدمات التعليم والرعاية في مرحلة الطفولة المبكرة خلال السنوات الست الأولى على الأقل من التعليم الابتدائي.من الضروري أن يتم توفير التعلمات باللغة التي يتحدث بها معظم المتعلمين والتي يفهمونها بشكل أفضل.
المبدأ 2 : استخدام اللغة الأولى للتلميذ في تدريس المواد الأكاديمية بعد تعلم القراءة والكتابة. يحتاج المتعلمون إلى إتقان القراءة والكتابة في مجموعة واسعة من التخصصات وفي جميع المواد الدراسية.
المبدأ 3 : إذا كان للتلاميذ أن يتعلموا لغة ثانية في المدرسة الابتدائية، يتم تدريسها كلغة أجنبية مع التركيز المبدئي على مهارات اللغوية الشفوية.
المبدأ 4 : الاستمرار في تعليم اللغة الأولى حتى بعد أن تصبح اللغة الثانية هي اللغة الرئيسية للتعليم.يستمر تعليم اللغة الأولى في تحسين أداء اللغة الثانية بشكل كبير، حتى بعد أن تصبح هده الأخيرة لغة التدريس.
المبدأ 5 : تخطيط تنفيذ سياسات لغة التعليم الفعالة وتطوير هذا التنفيذ وتكييفه بحسب الظروف المحيطة وتحسينه على نحو مستمر بما يتماشى مع سياق كل بلد على حده وأهدافه التعليمية.
في الختام، إذا كنا نرغب بأي ثمن تفادي الاستمرار في سكب المياه في الرمل، فإن مطلبنا المشروع يتجلى، كما تم التعبير عنه للسيد الحبيب المالكي، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي (CSEFRS) ) (14) – في دعوتكم إلى الحرص وبشدة على لفت انتباه السلطات التعليمية بالمملكة المغربية، ومطالبتها باحترام توصيات ومبادئ مؤسستكم المحترمة “البنك الدولي”.
إننا نصبو إلى أن يكون الوزير الحالي واقعيًا وبراغماتيا وفعالًا حتى ينهج سياسة إرادية وصارمة ضد هذا التمييز العنصري في حق اللغة الرسمية والوطنية والأم، ألا وهي اللغة الأمازيغية، إذا أردنا جميعا أن تتوج أهداف الإصلاح الخاصة بخريطة الطريق الجديدة 2022-2026 ، المدعومة بتمويلكم الضخم (750 مليون دولار) ، وكذا تمويل البنك الأوروبي للاستثمار (EIB) والاتحاد الأوروبي (102.5 مليون يورو) (15) ، بالنتائج الإيجابية المرجوة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن من شأن هذه السياسة ان تساهم لا محالة في إنجاح العقد الدولي للغات الشعوب الأصلية 2022-2032، (www.unesco.org/fr/decades/indigenous-languages) ، الذي أطلقته اليونسكو رسميًا في 13 ديسمبر 2022 ، وضمان بقاء اللغة الأمازيغية الأصلية الضاربة في القدم.
وختاما، فإن التعجيل بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية في مرحلة التعليم الأولي والابتدائي، في انتظار أن تشمل المرحلة الثانوية، هو الطريقة الأكثر فاعلية وملاءمة لإنقاذ المدرسة والطفولة في المغرب (16).
تقبلوا فائق التقدير والاحترام.
توقيع السيد رشيد الراخا
رئيس التجمع العالمي الأمازيغي
نسخ موجهة إلى:
– رئيس حكومة المملكة المغربية
– وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة
– المديرة العامة لليونسكو
– مكتب يونيسف المغرب
– برنامج الأمم المتحدة الإنمائي / المغرب
– بعثة الاتحاد الأوروبي في المغرب
– أعضاء البرلمان الأوروبي
– المرصد الوطني لحقوق الطفل
– المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي
– اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة.
المصدر:مواقع ألكترونية