أشاور: الدراما الأمازيغية تنافس الناطقة بالدارجة بالمغرب وهذا سر نجاح "بابا علي"
المخرج المغربي مصطفى أشاور أثناء تصوير الجزء الثالث من المسلسل الأمازيغي "بابا علي"
باتت الدراما الأمازيغية بالمغرب تحظى باهتمام واسع خلال السنوات الأخيرة إثر نجاح عدد من الأعمال التلفزيونية، بينها مسلسل "بابا علي" الذي واصل جزؤه الثالث الذي بث خلال رمضان المنصرم تحقيق نسب مشاهدة عالية على غرار الجزأين الأول والثاني.
في هذا الحوار مع "أصوات مغاربية"، يتحدث مخرج مسلسل "بابا علي"، مصطفى أشاور، عن سر نجاح المسلسل وتقييمه للدراما الأمازيغية بالمغرب ومدى منافستها لباقي الإنتاجات الناطقة بالدارجة المغربية أو العربية أو حتى اللغات الأجنبية
المخرج المغربي مصطفى أشاور
إليكم نص الحوار:
ما هو تقييمكم للدراما الأمازيغية في المغرب؟
الدراما الأمازيغية قامت بخطوة كبيرة لتنتزع أولا الاعتراف بها على الساحة الوطنية، حيث تم الاعتراف بالثقافة الأمازيغية في النسيج الدرامي والتلفزي بالمغرب، وهذه الخطوة كانت بارزة في بعض الإنتاجات التي استقطبت جمهورا واهتماما حتى من خارج المغرب.
ويمكن القول بأن الدراما الأمازيغية تسير نحو الطريق الصحيح، فهي تُظهر أن هناك كفاءات ومواضيع ورؤية جديدة وهي تحتاج فقط أن توفر لها الإمكانيات وتتاح لها الفرصة لكي تنتقل نحو الأفضل.
قمتم بإخراج المسلسل التلفزيوني الأمازيغي "بابا علي" الذي حقق في أجزائه الثلاثة نسب مشاهدة عالية على القناة "الثامنة"، فما السر في ذلك؟
أعتقد أن السر في نجاح هذه السلسة يكمن في قربها من المشاهد لأنه بغض النظر عن كونها تظهر كسلسلة كوميدية إلا أنها في العمق تعالج مواضيع من صميم الحياة اليومية، وهذا سبب التفاعل الكبير للمشاهدين معها لأن كل واحد منهم يجد جزءا من معاناته أو مشاكله أو تفكيره وفلسفته فيها.
وإلى جانب قوة السيناريو، نجد أيضا دور الفريق التقني الذي استمر في الاشتغال على السلسلة منذ جزئها الأول رغم الصعوبات التي واجهها بسبب الظروف الجوية، يضاف إلى ذلك دور الفنانين الكبار الذين جسدوا أدوارهم كما يجب وربما تجاوزوا التقمص الكلي للشخصيات لدرجة أنها لا تزال مرتبطة بهم في حياتهم اليومية حتى أصبح البعض ينادونهم في الشارع بأسمائها.
ما هي أبرز القضايا التي حرصت السلسلة على طرحها خلال أجزائها الثلاث؟
بداية أود أن أشير إلى أن التحدي كان كبيرا من أجل مواصلة النجاح الذي حققه الجزء الأول وكان هناك تخوف من عدم بلوغ ذلك المستوى، ولكن لله الحمد استطعنا حتى في الجزء الثالث تقديم إضافة نوعية للسلسلة وتحقيق نجاح كبير ونسبة مشاهدة عالية.
أما بالنسبة للمواضيع والرسائل التي تناولتها السلسلة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فقد تمثلت في الدعوة إلى الاعتدال الديني من خلال الصراع الذي كان في "الدُّوار" (القرية) بين فقيهين أحدهما معتدل وآخر يمارس الظلامية والقمع والتسلط الديني، ووضعية المرأة في المجتمع الأمازيغي حيث كانت لها على الدوام مكانة خاصة ورفيعة لدرجة أنها تولت الحكم، إضافة إلى القضايا الراهنة كأزمة غلاء المعيشة.
وقد تم التطرق أيضا إلى قضية الإعدام التي يثار النقاش حولها بالمغرب، وأظهرنا من خلال السلسلة أن المجتمع الأمازيغي كان من المجتمعات الأولى التي ألغت حكم الإعدام في التاريخ وكان بدل ذلك يتم نفي المجرم من "الدوار" بطريقة تسمى بالأمازيغية "أزواك"، حيث يربط بالسلاسل ويقدم له القليل من الأكل كعقوبة جنائية بديلة للإعدام.
كيف ترون مستقبل الإنتاجات الدرامية باللغة الأمازيغية في المغرب؟
يجب أن تكون هناك إرادة من طرف المسؤولين على القطاع الفني من أجل النهوض بالإنتاج الأمازيغي، لأنه لا يمكن أن نصل إلى جودة كبيرة والإنتاج الأمازيغي لا يزال ضعيفا جدا، فالإنتاج السنوي هو ثلاثة مسلسلات في السنة وأربعة أفلام قصيرة واثنان أو ثلاث سلسلات قصيرة.
هذا يطرح إشكالا كبيرا بالنسبة لنا كمتتبعين وكعاملين أمازيغيين في الميدان بسبب ما يسببه ذلك من قطيعة بين المشاهد والدراما الأمازيغية خلال السنة بخلاف الإنتاجات الأخرى.
لذلك يجب إعادة النظر في التقسيم الجائر لدعم الإنتاجات المغربية، إذ أنه ينطوي على نوع من الحيف في حق الدراما الأمازيغية بسب عائق دعم إنتاجاتها، بمعنى أنه يجب تقسيم المنتوجات بشكل عادل لضمان منافسة الدراما الأمازيغية لنظيرتها الناطقة بالدارجة.
هل تقصد بأنه لا توجد منافسة بين الدراما الأمازيغية وباقي الإنتاجات الناطقة بالدارجة المغربية؟
رغم ضعف الإنتاج فإن الدراما الأمازيغية تنافس اليوم نظيرتها الناطقة بالدارجة وذلك وفق نسب المشاهدة العالية التي حققتها سواء في التلفزيون أو على "يوتيوب" حيث استطاعت أن تثير اهتمام المشاهدين من خارج المغرب، ولهذا نقول بأنه يجب إعادة النظر في تصنيف الدراما الأمازيغية لأنهم يعتبرونها من الدرجة الثانية في حين أنها تتوفر على كل مكونات الدراما من إبداع إخراجي وفني.
وإذا قارنا المسلسلات الأمازيغية مع نظيرتها الناطقة بالدارجة نلاحظ أن هناك حيفا في الميزانية المرصودة للإنتاج الأمازيغي، إضافة إلى أنه لم يتم تفعيل نسبة 30٪ من الإنتاج الأمازيغي التي قررها دفتر التحملات للقناة "الأولى" المغربية.
هذا على مستوى التلفزيون، أما بشأن السينما فهي تواجه مشكلا عويصا يتجلى في عدم دعم المركز السينمائي المغربي للسينما الأمازيغية بمبرر أن ليس لها جمهور وغياب هامش الربح في الفيلم الأمازيغي، وهي مبررات غير مقبولة وواهية.
هذا يعني أن السينما الأمازيغية غائبة عن المنافسة في المهرجانات المحلية والوطنية وحتى الدولية، لأن المشاركة في مسابقة ما تتطلب أن يكون الإنتاج الأمازيغي على الأقل ثلاثة أو أربعة أفلام في السنة، بينما الواقع يسجل إنتاج فيلم أمازيغي واحد في السنة وأحيانا ينعدم، فآخر فليم أمازيغي جرى إنتاجه كان عام 2019 أو قبلها بسنة.
المصدر:مواقع ألكترونية